تفسير سورة الجاثية - تفسير السعدي الصفحة رقم 502 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 502 من المصحف
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُوا۟ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ (33)
فهذه حالهم في الدنيا وحال البعث الإنكار له ورد قول من جاء به قال تعالى: وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا أي: وظهر لهم يوم القيامة عقوبات أعمالهم، وَحَاقَ بِهِمْ أي: نزل مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أي: نزل بهم العذاب الذي كانوا في الدنيا يستهزئون به وبوقوعه وبمن جاء به.
وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَىٰكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا وَمَأْوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّٰصِرِينَ (34)
وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ أي: نترككم في العذاب كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا فإن الجزاء من جنس العمل وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ أي: هي مقركم ومصيركم، وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ينصرونكم من عذاب الله ويدفعون عنكم عقابه.
ذَٰلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)
ذَلِكُمْ الذي حصل لكم من العذاب ب سبب أنكم اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا مع أنها موجبة للجد والاجتهاد وتلقيها بالسرور والاستبشار والفرح. وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا بزخارفها ولذاتها وشهواتها فاطمأننتم إليها، وعملتم لها وتركتم العمل للدار الباقية. فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي: ولا يمهلون ولا يردون إلى الدنيا ليعملوا صالحا.
فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلْأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ (36)
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: له الحمد على ربوبيته لسائر الخلائق حيث خلقهم ورباهم وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة.
وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ (37)
وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي: له الجلال والعظمة والمجد.فالحمد فيه الثناء على الله بصفات الكمال ومحبته تعالى وإكرامه، والكبرياء فيها عظمته وجلاله والعبادة مبنية على ركنين، محبة الله والذل له، وهما ناشئان عن العلم بمحامد الله وجلاله وكبريائه. وَهُوَ الْعَزِيزُ القاهر لكل شيء، الْحَكِيمُ الذي يضع الأشياء مواضعها، فلا يشرع ما يشرعه إلا لحكمة ومصلحة ولا يخلق ما يخلقه إلا لفائدة ومنفعة.تم تفسير سورة الجاثية، ولله الحمد والنعمة والفضل