تفسير سورة المعارج - تفسير السعدي الصفحة رقم 570 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 570 من المصحف
فَلَآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ (40)
هذا إقسام منه تعالى بالمشارق والمغارب، للشمس والقمر والكواكب، لما فيها من الآيات الباهرات على البعث
عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41)
وقدرته على تبديل أمثالهم، وهم بأعيانهم، كما قال تعالى: وَنُنْشِئَكُمْ فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ . وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي: ما أحد يسبقنا ويفوتنا ويعجزنا إذا أردنا أن نعيده. فإذا تقرر البعث والجزاء، واستمروا على تكذيبهم، وعدم انقيادهم لآيات الله.
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا۟ وَيَلْعَبُوا۟ حَتَّىٰ يُلَٰقُوا۟ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ (42)
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا أي: يخوضوا بالأقوال الباطلة، والعقائد الفاسدة، ويلعبوا بدينهم، ويأكلوا ويشربوا، ويتمتعوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ فإن الله قد أعد لهم فيه من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم.
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)
ثم ذكر حال الخلق حين يلاقون يومهم الذي يوعدون، فقال: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ أي: القبور، سِرَاعًا مجيبين لدعوة الداعي، مهطعين إليها كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ أي: [كأنهم إلى علم] يؤمون ويسرعون أي: فلا يتمكنون من الاستعصاء للداعي، والالتواء لنداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين للقيام بين يدي رب العالمين.
خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَٰلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِى كَانُوا۟ يُوعَدُونَ (44)
خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وذلك أن الذلة والقلق قد ملك قلوبهم، واستولى على أفئدتهم، فخشعت منهم الأبصار، وسكنت منهم الحركات، وانقطعت الأصوات.فهذه الحال والمآل، هو يومهم الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ولا بد من الوفاء بوعد الله [تمت والحمد لله].