تفسير سورة الإنسان الصفحة 580 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 580 من المصحف


وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُۥ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)


وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ أي: أكثر [له] من السجود، ولا يكون ذلك إلا بالإكثار من الصلاة . وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا وقد تقدم تقييد هذا المطلق بقوله: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا الآية

إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)


إِنَّ هَؤُلَاءِ أي: المكذبين لك أيها الرسول بعد ما بينت لهم الآيات، ورغبوا ورهبوا، ومع ذلك، لم يفد فيهم ذلك شيئا، بل لا يزالون يؤثرون، الْعَاجِلَةَ ويطمئنون إليها، وَيَذَرُونَ أي: يتركون العمل ويهملون وَرَاءَهُمْ أي: أمامهم يَوْمًا ثَقِيلًا وهو يوم القيامة، الذي مقداره خمسون ألف سنة مما تعدون، وقال تعالى: يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ فكأنهم ما خلقوا إلا للدنيا والإقامة فيها.

نَّحْنُ خَلَقْنَٰهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَٰلَهُمْ تَبْدِيلًا (28)


ثم استدل عليهم وعلى بعثهم بدليل عقلي، وهو دليل الابتداء، فقال: نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ أي: أوجدناهم من العدم، وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده، فالذي أوجدهم على هذه الحالة، قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم، والذي نقلهم في هذه الدار إلى هذه الأطوار، لا يليق به أن يتركهم سدى، لا يؤمرون، ولا ينهون، ولا يثابون، ولا يعاقبون، ولهذا قال: بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا أي: أنشأناكم للبعث نشأة أخرى، وأعدناكم بأعيانكم، وهم بأنفسهم أمثالهم.

إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا (29)


إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ أي: يتذكر بها المؤمن، فينتفع بما فيها من التخويف والترغيب. فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا أي: طريقا موصلا إليه، فالله يبين الحق والهدى، ثم يخير الناس بين الاهتداء بها أو النفور عنها، مع قيام الحجة عليهم

وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)


وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فإن مشيئة الله نافذة، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا فله الحكمة في هداية المهتدي، وإضلال الضال.

يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِۦ وَٱلظَّٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًۢا (31)


يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ فيختصه بعنايته، ويوفقه لأسباب السعادة ويهديه لطرقها. وَالظَّالِمِينَ الذين اختاروا الشقاء على الهدى أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [بظلمهم وعدوانهم]. تم تفسير سورة الإنسان - ولله الحمد والمنة

الصفحة السابقة