تفسير سورة النازعات الصفحة 583 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 583 من المصحف


بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ وَٱلنَّٰزِعَٰتِ غَرْقًا (1)


هذه الإقسامات بالملائكة الكرام، وأفعالهم الدالة على كمال انقيادهم لأمر الله، وإسراعهم في تنفيذ أمره، يحتمل أن المقسم عليه، الجزاء والبعث، بدليل الإتيان بأحوال القيامة بعد ذلك، ويحتمل أن المقسم عليه والمقسم به متحدان، وأنه أقسم على الملائكة، لأن الإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة، ولأن في ذكر أفعالهم هنا ما يتضمن الجزاء الذي تتولاه الملائكة عند الموت وقبله وبعده، فقال: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وهم الملائكة التي تنزع الأرواح بقوة، وتغرق في نزعها حتى تخرج الروح، فتجازى بعملها.

وَٱلنَّٰشِطَٰتِ نَشْطًا (2)


وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وهم الملائكة أيضا، تجتذب الأرواح بقوة ونشاط، أو أن النزع يكون لأرواح المؤمنين، والنشط لأرواح الكفار.

وَٱلسَّٰبِحَٰتِ سَبْحًا (3)


وَالسَّابِحَاتِ أي: المترددات في الهواء صعودا ونزولا سَبْحًا

فَٱلسَّٰبِقَٰتِ سَبْقًا (4)


فَالسَّابِقَاتِ لغيرها سَبْقًا فتبادر لأمر الله، وتسبق الشياطين في إيصال الوحي إلى رسل الله حتى لا تسترقه .

فَٱلْمُدَبِّرَٰتِ أَمْرًا (5)


فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا الملائكة، الذين وكلهم الله أن يدبروا كثيرا من أمور العالم العلوي والسفلي، من الأمطار، والنبات، والأشجار، والرياح، والبحار، والأجنة، والحيوانات، والجنة، والنار [وغير ذلك].

يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ (6)


يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ وهي قيام الساعة،

تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ (7)


تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ أي: الرجفة الأخرى التي تردفها وتأتي تلوها،

قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8)


قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أي: موجفة ومنزعجة من شدة ما ترى وتسمع.

أَبْصَٰرُهَا خَٰشِعَةٌ (9)


أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ أي: ذليلة حقيرة، قد ملك قلوبهم الخوف، وأذهل أفئدتهم الفزع، وغلب عليهم التأسف [واستولت عليهم] الحسرة.

يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَافِرَةِ (10)


يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ

أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمًا نَّخِرَةً (11)


يقولون أي: الكفار في الدنيا، على وجه التكذيب: أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً أي: بالية فتاتا.

قَالُوا۟ تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)


قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ أي: استبعدوا أن يبعثهم الله ويعيدهم بعدما كانوا عظاما نخرة، جهلا [منهم] بقدرة الله، وتجرؤا عليه.

فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَٰحِدَةٌ (13)


قال الله في بيان سهولة هذا الأمر عليه: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ينفخ فيها في الصور.

فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ (14)


فإذا الخلائق كلهم بِالسَّاهِرَةِ أي: على وجه الأرض، قيام ينظرون، فيجمعهم الله ويقضي بينهم بحكمه العدل ويجازيهم.

هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ (15)


يقول [الله] تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى وهذا الاستفهام عن أمر عظيم متحقق وقوعه.

الصفحة التالية