تفسير سورة الزمر الصفحة 465 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 465 من المصحف


أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِى لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ (57)


( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) أي : تود أن لو أعيدت إلى الدار فتحسن العمل .قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس : أخبر الله سبحانه ، ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه ، وقال : ( ولا ينبئك مثل خبير ) [ فاطر : 14 ] ، ، ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) فأخبر الله تعالى : أن لو ردوا لما قدروا على الهدى ، وقال تعالى : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] .وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة " . قال : " وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! " قال : " فيكون له الشكر " .ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش ، به .

أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ (58)


( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) أي : تود أن لو أعيدت إلى الدار فتحسن العمل .قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس : أخبر الله سبحانه ، ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه ، وقال : ( ولا ينبئك مثل خبير ) [ فاطر : 14 ] ، ، ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) فأخبر الله تعالى : أن لو ردوا لما قدروا على الهدى ، وقال تعالى : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] .وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة " . قال : " وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! " قال : " فيكون له الشكر " .ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش ، به .

بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَٰتِى فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ (59)


ولما تمنى أهل الجرائم العود إلى الدنيا ، وتحسروا على تصديق آيات الله واتباع رسله ، قال [ الله سبحانه وتعالى ] ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ) أي : قد جاءتك أيها العبد النادم على ما كان منه آياتي في الدار الدنيا ، وقامت حججي عليك ، فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها ، وكنت من الكافرين بها ، الجاحدين لها .

وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ (60)


يخبر تعالى عن يوم القيامة أنه تسود فيه وجوه ، وتبيض فيه وجوه ، تسود وجوه أهل الفرقة والاختلاف ، وتبيض وجوه أهل السنة والجماعة ، قال تعالى هاهنا : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله ) أي : في دعواهم له شريكا وولدا ( وجوههم مسودة ) أي : بكذبهم وافترائهم .وقوله : ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) أي : أليست جهنم كافية لها سجنا وموئلا لهم فيها [ دار ] الخزي والهوان ، بسبب تكبرهم وتجبرهم وإبائهم عن الانقياد للحق .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا عيسى بن أبي عيسى الخياط ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر في صور الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار ، حتى يدخلوا سجنا من النار في واد يقال له بولس ، من نار الأنيار ، ويسقون عصارة أهل النار ، ومن طينة الخبال " .

وَيُنَجِّى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)


وقوله : ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) أي : مما سبق لهم من السعادة والفوز عند الله ، ( لا يمسهم السوء ) أي : يوم القيامة ، ( ولا هم يحزنون ) أي : ولا يحزنهم الفزع الأكبر ، بل هم آمنون من كل فزع ، مزحزحون عن كل شر ، مؤملون كل خير .

ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ (62)


يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها ، وربها ومليكها والمتصرف فيها ، وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته .

لَّهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ (63)


وقوله : ( له مقاليد السماوات والأرض ) ، قال مجاهد : المقاليد هي : المفاتيح بالفارسية . وكذا قال قتادة ، وابن زيد ، وسفيان ابن عيينة .وقال السدي : ( له مقاليد السماوات والأرض ) أي : خزائن السماوات والأرض .والمعنى على كلا القولين : أن أزمة الأمور بيده ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ; ولهذا قال : ( والذين كفروا بآيات الله ) أي : حججه وبراهينه ( أولئك هم الخاسرون )وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا غريبا جدا - وفي صحته نظر - ولكن نذكره كما ذكره ، فإنه قال :حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا الأغلب بن تميم ، عن مخلد بن هذيل العبدي ، عن عبد الرحمن المدني ، عن عبد الله بن عمر ، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تفسير : ( له مقاليد السماوات والأرض ) فقال : " ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان " ، قال : " تفسيرها : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، أستغفر الله ، ولا قوة إلا بالله ، الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، بيده الخير ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، من قالها يا عثمان إذا أصبح عشر مرار أعطي خصالا ستا : أما أولاهن : فيحرس من إبليس وجنوده ، وأما الثانية : فيعطى قنطارا من الأجر ، وأما الثالثة : فترفع له درجة في الجنة ، وأما الرابعة : فيتزوج من الحور العين ، وأما الخامسة : فيحضره اثنا عشر ملكا ، وأما السادسة : فيعطى من الأجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور . وله مع هذا يا عثمان من الأجر كمن حج وتقبلت حجته ، واعتمر فتقبلت عمرته ، فإن مات من يومه طبع بطابع الشهداء " .ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد ، به مثله . وهو غريب ، وفيه نكارة شديدة ، والله أعلم .

قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُوٓنِّىٓ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَٰهِلُونَ (64)


وقوله : ( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ) ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما أنه قال ] : إن المشركين بجهلهم دعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عبادة آلهتهم ، ويعبدوا معه إلهه ، فنزلت : ( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون)

وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ (65)


( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )وهذه كقوله : ( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) [ الأنعام : 88 ] .

بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ (66)


وقوله : ( بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ) أي : أخلص العبادة لله وحده ، لا شريك له ، أنت ومن معك ، أنت ومن اتبعك وصدقك .

وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦ وَٱلْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّٰتٌۢ بِيَمِينِهِۦ سُبْحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)


يقول تعالى : وما قدر المشركون الله حق قدره ، حين عبدوا معه غيره ، وهو العظيم الذي لا أعظم منه ، القادر على كل شيء ، المالك لكل شيء ، وكل شيء تحت قهره وقدرته .قال مجاهد : نزلت في قريش . وقال السدي : ما عظموه حق عظمته .وقال محمد بن كعب : لو قدروه حق قدره ما كذبوه .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] : ( وما قدروا الله حق قدره ) هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله [ تعالى ] عليهم ، فمن آمن أن الله على كل شيء قدير ، فقد قدر الله حق قدره ، ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره .وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة ، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف ، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف .قال البخاري : قوله : ( وما قدروا الله حق قدره ) حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد : إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع . فيقول : أنا الملك . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ، تصديقا لقول الحبر ، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) الآية .و [ قد ] رواه البخاري أيضا في غير هذا الموضع من صحيحه ، والإمام أحمد ، ومسلم ، والترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما ، كلهم من حديث سليمان بن مهران الأعمش ، عن إبراهيم عن عبيدة ، عن [ عبد الله ] ابن مسعود - رضي الله عنه - بنحوه .وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم عن علقمة ، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب ، فقال : يا أبا القاسم ، أبلغك أن الله [ تعالى ] يحمل الخلائق على إصبع ، والسماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والثرى على إصبع ؟ قال : فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه . قال : وأنزل الله - عز وجل - : ( وما قدروا الله حق قدره ) إلى آخر الآية .وهكذا رواه البخاري ، ومسلم ، والنسائي - من طرق - عن الأعمش به .وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن حسن الأشقر ، حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء عن أبي الضحى ، عن ابن عباس قال : مر يهودي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فقال : كيف تقول يا أبا القاسم : يوم يجعل الله السماء على ذه - وأشار بالسبابة - والأرض على ذه ، والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه - كل ذلك يشير بإصبعه - قال : فأنزل الله - عز وجل - : ( وما قدروا الله حق قدره ) الآية .وكذا رواه الترمذي في التفسير عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن محمد بن الصلت ، عن أبي جعفر ، عن أبي كدينة يحيى بن المهلب ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح ، به ، وقال : حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .ثم قال البخاري : حدثنا سعيد بن عفير ، حدثنا الليث ، حدثنا عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن : أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يقبض الله الأرض ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض " .تفرد به من هذا الوجه ، ورواه مسلم من وجه آخر .وقال البخاري - في موضع آخر - : حدثنا مقدم بن محمد ، حدثنا عمي القاسم بن يحيى ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين على إصبع ، وتكون السماوات بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك " .تفرد به أيضا من هذا الوجه ، ورواه مسلم من وجه آخر . وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر أبسط من هذا السياق وأطول ، فقال :حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هكذا بيده ، يحركها يقبل بها ويدبر : " يمجد الرب نفسه : أنا الجبار ، أنا المتكبر ، أنا الملك ، أنا العزيز ، أنا الكريم " . فرجف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر حتى قلنا : ليخرن به .وقد رواه مسلم ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث عبد العزيز بن أبي حازم - زاد مسلم : ويعقوب بن عبد الرحمن ، كلاهما عن أبي حازم ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن ابن عمر ، به ، نحوه .ولفظ مسلم - عن عبيد الله بن مقسم في هذا الحديث - : أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يأخذ الله سماواته وأرضيه بيده ويقول : أنا الملك ، ويقبض أصابعه ويبسطها : أنا الملك ، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه ، حتى إني لأقول : أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ .وقال البزار : حدثنا سليمان بن سيف ، حدثنا أبو علي الحنفي ، حدثنا عباد المنقري ، حدثني محمد بن المنكدر قال : حدثنا عبد الله بن عمر [ رضي الله عنهما ] ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية على المنبر : ( وما قدروا الله حق قدره ) حتى بلغ : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) ، فقال المنبر هكذا ، فجاء وذهب ثلاث مرات .ورواه الإمام الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث عبيد بن عمير ، عن عبد الله بن عمرو ، وقال : صحيح .وقال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي ، حدثنا حيان بن نافع بن صخر بن جويرية ، حدثنا سعيد بن سالم القداح ، عن معمر بن الحسن ، عن بكر بن خنيس ، عن أبي شيبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جرير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفر من أصحابه : " إني قارئ عليكم آيات من آخر سورة الزمر ، فمن بكى منكم وجبت له الجنة " ؟ فقرأها من عند قوله : ( وما قدروا الله حق قدره ) ، إلى آخر السورة ، فمنا من بكى ، ومنا من لم يبك ، فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك ؟ فقال : " إني سأقرؤها عليكم فمن لم يبك فليتباك " . هذا حديث غريب جدا .وأغرب منه ما رواه في المعجم الكبير أيضا : حدثنا هاشم بن مرثد ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى يقول : ثلاث خلال غيبتهن عن عبادي ، لو رآهن رجل ما عمل سوءا أبدا : لو كشفت غطائي فرآني حتى يستيقن ويعلم كيف أفعل بخلقي إذا أتيتهم ، وقبضت السماوات بيدي ، ثم قبضت الأرض والأرضين ، ثم قلت : أنا الملك ، من ذا الذي له الملك دوني ؟ ثم أريتهم الجنة وما أعددت لهم فيها من كل خير ، فيستيقنوها . وأريهم النار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوها ، ولكن عمدا غيبت ذلك عنهم لأعلم كيف يعملون ، وقد بينته لهم " .وهذا إسناد متقارب ، وهي نسخة تروى بها أحاديث جمة ، والله أعلم .

الصفحة السابقة الصفحة التالية