تفسير سورة الأعراف الصفحة 165 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 165 من المصحف


قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ (121)


يخبر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله موسى ، عليه السلام ، في ذلك الموقف العظيم ، الذي فرق الله تعالى فيه بين الحق والباطل ، يأمره بأن يلقي ما في يمينه وهي عصاه ، ( فإذا هي تلقف ) أي : تأكل ( ما يأفكون ) أي : ما يلقونه ويوهمون أنه حق ، وهو باطل .قال ابن عباس : فجعلت لا تمر بشيء من حبالهم ولا من خشبهم إلا التقمته ، فعرفت السحرة أن هذا أمر من السماء ، وليس هذا بسحر ، فخروا سجدا وقالوا : ( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون )وقال محمد بن إسحاق : جعلت تبتلع تلك الحبال والعصي واحدة ، واحدة حتى ما يرى بالوادي قليل ولا كثير مما ألقوا ، ثم أخذها موسى فإذا هي عصا في يده كما كانت ، ووقع السحرة سجدا ( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) لو كان هذا ساحرا ما غلبنا .وقال القاسم بن أبي بزة : أوحى الله إليه أن ألق عصاك ، فألقى عصاه ، فإذا هي ثعبان فاغر فاه ، يبتلع حبالهم وعصيهم . فألقي السحرة عند ذلك سجدا ، فما رفعوا رءوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما .

رَبِّ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ (122)


يخبر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله موسى ، عليه السلام ، في ذلك الموقف العظيم ، الذي فرق الله تعالى فيه بين الحق والباطل ، يأمره بأن يلقي ما في يمينه وهي عصاه ، ( فإذا هي تلقف ) أي : تأكل ( ما يأفكون ) أي : ما يلقونه ويوهمون أنه حق ، وهو باطل .قال ابن عباس : فجعلت لا تمر بشيء من حبالهم ولا من خشبهم إلا التقمته ، فعرفت السحرة أن هذا أمر من السماء ، وليس هذا بسحر ، فخروا سجدا وقالوا : ( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون )وقال محمد بن إسحاق : جعلت تبتلع تلك الحبال والعصي واحدة ، واحدة حتى ما يرى بالوادي قليل ولا كثير مما ألقوا ، ثم أخذها موسى فإذا هي عصا في يده كما كانت ، ووقع السحرة سجدا ( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) لو كان هذا ساحرا ما غلبنا .وقال القاسم بن أبي بزة : أوحى الله إليه أن ألق عصاك ، فألقى عصاه ، فإذا هي ثعبان فاغر فاه ، يبتلع حبالهم وعصيهم . فألقي السحرة عند ذلك سجدا ، فما رفعوا رءوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما .

قَالَ فِرْعَوْنُ ءَامَنتُم بِهِۦ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِى ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا۟ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)


يخبر تعالى عما توعد به فرعون ، لعنه الله ، السحرة لما آمنوا بموسى ، عليه السلام ، وما أظهره للناس من كيده ومكره في قوله : ( ( 126 ) إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها ) أي : إن غلبه لكم في يومكم هذا إنما كان عن تشاور منكم ورضا منكم لذلك ، كقوله في الآية الأخرى : ( إنه لكبيركم الذي علمكم السحر ) [ طه : 70 ] وهو يعلم وكل من له لب أن هذا الذي قاله من أبطل الباطل ; فإن موسى ، عليه السلام ، بمجرد ما جاء من " مدين " دعا فرعون إلى الله ، وأظهر المعجزات الباهرة والحجج القاطعة على صدق ما جاء به ، فعند ذلك أرسل فرعون في مدائن ملكه ومعاملة سلطنته ، فجمع سحرة متفرقين من سائر الأقاليم ببلاد مصر ، ممن اختار هو والملأ من قومه ، وأحضرهم عنده ووعدهم بالعطاء الجزيل . وقد كانوا من أحرص الناس على ذلك ، وعلى الظهور في مقامهم ذلك والتقدم عند فرعون ، وموسى ، عليه السلام ، لا يعرف أحدا منهم ولا رآه ولا اجتمع به ، وفرعون يعلم ذلك ، وإنما قال هذا تسترا وتدليسا على رعاع دولته وجهلتهم ، كما قال تعالى : ( فاستخف قومه فأطاعوه ) [ الزخرف : 54 ] فإن قوما صدقوه في قوله : ( أنا ربكم الأعلى ) [ النازعات : 24 ] من أجهل خلق الله وأضلهم .وقال السدي في تفسيره بإسناده المشهور عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة ، في قوله تعالى : ( إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة ) قالوا : التقى موسى ، عليه السلام ، وأمير السحرة ، فقال له موسى : أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي ، وتشهد أن ما جئت به حق ؟ قال الساحر : لآتين غدا بسحر لا يغلبه سحر ، فوالله لئن غلبتني لأؤمنن بك ولأشهدن أنك حق . وفرعون ينظر إليهما ، قالوا : فلهذا قال ما قال .وقوله : ( لتخرجوا منها أهلها ) أي : تجتمعوا أنتم وهو ، وتكون لكم دولة وصولة ، وتخرجوا منها الأكابر والرؤساء ، وتكون الدولة والتصرف لكم ، ( فسوف تعلمون ) أي : ما أصنع بكم .

لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَٰفٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)


ثم فسر هذا الوعيد بقوله : ( لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ) يعني : يقطع يد الرجل اليمنى ورجله اليسرى أو بالعكس . و ( لأصلبنكم أجمعين ) وقال في الآية الأخرى : ( في جذوع النخل ) [ طه : 71 ] أي : على الجذوع .قال ابن عباس : وكان أول من صلب ، وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف ، فرعون .

قَالُوٓا۟ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (125)


وقول السحرة : ( إنا إلى ربنا منقلبون ) أي : قد تحققنا أنا إليه راجعون ، وعذابه أشد من عذابك ، ونكاله ما تدعونا إليه ، وما أكرهتنا عليه من السحر ، أعظم من نكالك ، فلنصبرن اليوم على عذابك لنخلص من عذاب الله

وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلَّآ أَنْ ءَامَنَّا بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)


لما قالوا : ( ربنا أفرغ علينا صبرا ) أي : عمنا بالصبر على دينك ، والثبات عليه ، ( وتوفنا مسلمين ) أي : متابعين لنبيك موسى ، عليه السلام . وقالوا لفرعون : ( فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلا ) [ طه : 72 - 75 ] فكانوا في أول النهار سحرة ، فصاروا في آخره شهداء بررة .قال ابن عباس ، وعبيد بن عمير ، وقتادة ، وابن جريج : كانوا في أول النهار سحرة ، وفي آخره شهداء .

وَقَالَ ٱلْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُۥ لِيُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَٰهِرُونَ (127)


يخبر تعالى عما تمالأ عليه فرعون وملؤه ، وما أظهروه لموسى ، عليه السلام ، وقومه من الأذى والبغضة : ( ( 129 ) وقال الملأ من قوم فرعون ) أي : لفرعون ( أتذر موسى وقومه ) أي : أتدعهم ليفسدوا في الأرض ، أي : يفسدوا أهل رعيتك ويدعوهم إلى عبادة ربهم دونك ، يالله للعجب ! صار هؤلاء يشفقون من إفساد موسى وقومه ! ألا إن فرعون وقومه هم المفسدون ، ولكن لا يشعرون ; ولهذا قالوا : ( ويذرك وآلهتك ) قال بعضهم : " الواو " هنا حالية ، أي : أتذره وقومه يفسدون وقد ترك عبادتك ؟وقرأ ذلك أبي بن كعب : " وقد تركوك أن يعبدوك وآلهتك " ، حكاه ابن جرير .وقال آخرون : هي عاطفة ، أي : لا تدع موسى يصنع هو وقومه من الفساد ما قد أقررتهم عليه وعلى تركه آلهتك .وقرأ بعضهم : " إلاهتك " أي : عبادتك ، وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد .وعلى القراءة الأولى قال بعضهم : كان لفرعون إله يعبده . قال الحسن البصري : كان لفرعون إله يعبده في السر . وقال في رواية أخرى : كان له جمانة في عنقه معلقة يسجد لها .وقال السدي في قوله تعالى : ( ويذرك وآلهتك ) وآلهته ، فيما زعم ابن عباس ، كانت البقر ، كانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم فرعون أن يعبدوها ، فلذلك أخرج لهم عجلا جسدا .فأجابهم فرعون فيما سألوه بقوله : ( سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم ) وهذا أمر ثان بهذا الصنيع ، وقد كان نكل بهم به قبل ولادة موسى ، عليه السلام ، حذرا من وجوده ، فكان خلاف ما رامه وضد ما قصده فرعون . وهكذا عومل في صنيعه [ هذا ] أيضا ، إنما أراد قهر بني إسرائيل وإذلالهم ، فجاء الأمر على خلاف ما أراد : نصرهم الله عليه وأذله ، وأرغم أنفه ، وأغرقه وجنوده .

قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوٓا۟ إِنَّ ٱلْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ وَٱلْعَٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)


ولما صمم فرعون على ما ذكره من المساءة لبني إسرائيل ، ( قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ) ووعدهم بالعاقبة ، وأن الدار ستصير لهم في قوله : ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)

قَالُوٓا۟ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِنۢ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِى ٱلْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)


"قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا" أي : قد جرى علينا مثل ما رأيت من الهوان والإذلال من قبل ما جئت يا موسى ، ومن بعد ذلك . فقال منبها لهم على حالهم الحاضرة وما يصيرون إليه في ثاني الحال : ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم [ ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ] ) وهذا تحضيض لهم على العزم على الشكر ، عند حلول النعم وزوال النقم .

وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)


يقول تعالى : ( 131 ) ولقد أخذنا آل فرعون ) أي : اختبرناهم وامتحناهم وابتليناهم ) بالسنين ) وهي سني الجوع بسبب قلة الزروع ( ونقص من الثمرات ) قال مجاهد : وهو دون ذلك .وقال أبو إسحاق ، عن رجاء بن حيوة : كانت النخلة لا تحمل إلا ثمرة واحدة . ( لعلهم يذكرون )

الصفحة السابقة الصفحة التالية