تفسير سورة الإنسان الصفحة 578 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 578 من المصحف


بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلْإِنسَٰنِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْـًٔا مَّذْكُورًا (1)


سورة الإنسانوهي إحدى وثلاثون آيةمكية في قول ابن عباس ومقاتل والكلبي . وقال الجمهور : مدنية . وقيل : فيها مكي ، من قوله تعالى : إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا إلى آخر السورة ، وما تقدمه مدني . وذكر ابن وهب قال : وحدثنا ابن زيد قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقرأ : هل أتى على الإنسان حين من الدهر وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود كان يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له عمر بن الخطاب : لا تثقل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " دعه يا بن الخطاب " قال : فنزلت عليه هذه السورة وهو عنده ، فلما قرأها عليه وبلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أخرج نفس صاحبكم - أو أخيكم - الشوق إلى الجنة وروي عن ابن عمر بخلاف هذا اللفظ ، وسيأتي . وقال القشيري : إن هذه السورة نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - . والمقصود من السورة عام . وهكذا القول في كل ما يقال إنه نزل بسبب كذا وكذا .بسم الله الرحمن الرحيمهل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكوراقوله تعالى : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا هل : بمعنى قد ; قاله الكسائي والفراء وأبو عبيدة . وقد حكي عن سيبويه هل بمعنى قد . قال الفراء : هل تكون جحدا ، وتكون خبرا ، فهذا من الخبر ; لأنك تقول : هل أعطيتك ؟ تقرره بأنك أعطيته . والجحد أن تقول : هل يقدر أحد على مثل هذا ؟ وقيل : هي بمنزلة الاستفهام ، والمعنى : أتى . والإنسان هنا آدم - عليه السلام - ، قاله قتادة والثوري وعكرمة والسدي . وروي عن ابن عباس : حين من الدهر قال ابن عباس في رواية أبي صالح : أربعون سنة مرت به ، قبل أن ينفخ فيه الروح ، وهو ملقى بين مكة والطائف وعين ابن عباس أيضا في رواية الضحاك أنه خلق من طين ، فأقام أربعين سنة ، ثم من حمإ مسنون أربعين سنة ، ثم من صلصال أربعين سنة ، فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة . وزاد ابن مسعود فقال : أقام وهو من تراب أربعين سنة ، فتم خلقه بعد مائة وستين سنة ، ثم نفخ فيه الروح .وقيل : الحين المذكور هاهنا : لا يعرف مقداره عن ابن عباس أيضا ، حكاه الماوردي . لم يكن شيئا مذكورا قال الضحاك عن ابن عباس : لا في السماء ولا في الأرض . وقيل : أي كان جسدا مصورا ترابا وطينا ، لا يذكر ولا يعرف ، ولا يدرى ما اسمه ولا ما يراد به ، ثم نفخ فيه الروح ، فصار مذكورا ; قاله الفراء وقطرب وثعلب .وقال يحيى بن سلام : لم يكن شيئا مذكورا في الخلق وإن كان عند الله شيئا مذكورا . وقيل : ليس هذا الذكر بمعنى الإخبار ، فإن إخبار الرب عن الكائنات قديم ، بل هذا الذكر بمعنى الخطر والشرف والقدر ; تقول : فلان مذكور أي له شرف وقدر . وقد قال تعالى : وإنه لذكر لك ولقومك . أي قد أتى على الإنسان حين لم يكن له قدر عند الخليقة . ثم لما عرف الله الملائكة أنه جعل آدم خليفة ، وحمله الأمانة التي عجز عنها السماوات والأرض والجبال ، ظهر فضله على الكل ، فصار مذكورا . قالالقشيري : وعلى الجملة ما كان مذكورا للخلق ، وإن كان مذكورا لله . وحكى محمد بن الجهم عن الفراء : لم يكن شيئا قال : كان شيئا ولم يكن مذكورا . وقال قوم : النفي يرجع إلى الشيء ; أي قد مضى مدد من الدهر وآدم لم يكن شيئا يذكر في الخليقة ; لأنه آخر ما خلقه من أصناف الخليقة ، والمعدوم ليس بشيء حتى يأتي عليه حين . والمعنى : قد مضت عليه أزمنة وما كان آدم شيئا ولا مخلوقا ولا مذكورا لأحد من الخليقة . وهذا معنى قول قتادة ومقاتل : قال قتادة : إنما خلق الإنسان حديثا ما نعلم من خليقة الله - جل ثناؤه - خليقة كانت بعد الإنسان . وقال مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : هل أتى حين من الدهر لم يكن الإنسان شيئا مذكورا ; لأنه خلقه بعد خلق الحيوان كله ، ولم يخلق بعده حيوانا .وقد قيل : ( الإنسان ) في قوله تعالى هل أتى على الإنسان حين عني به الجنس من ذرية آدم ، وأن الحين تسعة أشهر ، مدة حمل الإنسان في بطن أمه لم يكن شيئا مذكورا : إذ كان علقة ومضغة ; لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له .وقال أبو بكر - رضي الله عنه - لما قرأ هذه الآية : ليتها تمت فلا نبتلى . أي ليت المدة التي أتت على آدم لم تكن شيئا مذكورا تمت على ذلك ، فلا يلد ولا يبتلى أولاده . وسمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلا يقرأ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فقال ليتها تمت .

إِنَّا خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَٰهُ سَمِيعًۢا بَصِيرًا (2)


قوله تعالى : إنا خلقنا الإنسان أي ابن آدم من غير خلاف من نطفة أي من ماء يقطر وهو المني ، وكل ماء قليل في وعاء فهو نطفة ; كقول عبد الله بن رواحة يعاتب نفسه :مالي أراك تكرهين الجنه هل أنت إلا نطفة في شنهوجمعها : نطف ونطاف . أمشاج أخلاط . واحدها : مشج ومشيج ، مثل خدن وخدين ; قال : رؤبة :يطرحن كل معجل نشاج لم يكس جلدا في دم أمشاجويقال : مشجت هذا بهذا أي خلطته ، فهو ممشوج ومشيج ; مثل : مخلوط وخليط . وقال المبرد : واحد الأمشاج : مشيج ; يقال : مشج يمشج : إذا خلط ، وهو هنا اختلاط النطفة بالدم ; قال الشماخ :طوت أحشاء مرتجة لوقت على مشج سلالته مهينوقال الفراء : أمشاج : أخلاط ماء الرجل وماء المرأة ، والدم والعلقة . ويقال للشيء من هذا إذا خلط : مشيج كقولك خليط ، وممشوج كقولك مخلوط . وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : الأمشاج : الحمرة في البياض ، والبياض في الحمرة . وهذا قول يختاره كثير من أهل اللغة ; قال الهذلي :كأن الريش والفوقين منه خلاف النصل سيط به مشيجوعن ابن عباس أيضا قال : يختلط ماء الرجل وهو أبيض غليظ بماء المرأة وهو أصفر رقيق فيخلق منهما الولد ، فما كان من عصب وعظم وقوة فهو من ماء الرجل ، وما كان من لحم ودم وشعر فهو من ماء المرأة . وقد روي هذا مرفوعا ; ذكره البزار . وروي عن ابن مسعود : أمشاجها عروق المضغة . وعنه : ماء الرجل وماء المرأة وهما لونان . وقال مجاهد : نطفة الرجل بيضاء وحمراء ، ونطفة المرأة خضراء وصفراء . وقال ابن عباس : خلق من ألوان ; خلق من تراب ، ثم من ماء الفرج والرحم ، وهي نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظم ثم لحم . ونحوه قال قتادة : هي أطوار الخلق : طور علقة وطور مضغة وطور عظام ثم يكسو العظام لحما ; كما قال في سورة ( المؤمنون ) ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين الآية .وقال ابن السكيت : الأمشاج الأخلاط ; لأنها ممتزجة من أنواع فخلق الإنسان منها ذا طبائع مختلفة . وقال أهل المعاني : الأمشاج ما جمع وهو في معنى الواحد ; لأنه نعت للنطفة ; كما يقال : برمة أعشار وثوب أخلاق . وروي عن أبي أيوب الأنصاري قال : جاء حبر من اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أخبرني عن ماء الرجل وماء المرأة ؟ فقال : ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فإذا علا ماء المرأة آنثت وإذا علا ماء الرجل أذكرت ، فقال الحبر : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . وقد مضى هذا القول مستوفى في سورة ( البقرة ) .نبتليه أي نختبره . وقيل : نقدر فيه الابتلاء وهو الاختبار . وفيما يختبر به وجهان : أحدهما : نختبره بالخير والشر ; قاله الكلبي . الثاني : نختبر شكره في السراء وصبره في الضراء ; قاله الحسن . وقيل : نبتليه نكلفه . وفيه أيضا وجهان : أحدهما : بالعمل بعد الخلق ; قاله مقاتل . الثاني : بالدين ليكون مأمورا بالطاعة ومنهيا عن المعاصي . وروي عن ابن عباس : نبتليه : نصرفه خلقا بعد خلق ; لنبتليه بالخير والشر . وحكى محمد بن الجهم عن الفراء قال : المعنى والله أعلم فجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه ، وهي مقدمة معناها التأخير .قلت : لأن الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة وقيل : جعلناه سميعا بصيرا : يعني جعلنا له سمعا يسمع به الهدى ، وبصرا يبصر به الهدى .

إِنَّا هَدَيْنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)


قوله تعالى : إنا هديناه السبيل أي بينا له وعرفناه طريق الهدى والضلال ، والخير والشر ببعث الرسل ، فآمن أو كفر ; كقوله تعالى : وهديناه النجدين . وقال مجاهد : أي بينا له السبيل إلى الشقاء والسعادة . وقال الضحاك وأبو صالح والسدي : السبيل هنا خروجه من الرحم . وقيل : منافعه ومضاره التي يهتدي إليها بطبعه وكمال عقله .إما شاكرا وإما كفورا أي أيهما فعل فقد بينا له . قال الكوفيون : إن هاهنا تكون جزاء و ( ما ) زائدة أي بينا له الطريق إن شكر أو كفر . واختاره الفراء ولم يجزه البصريون ; إذ لا تدخل إن للجزاء على الأسماء إلا أن يضمر بعدها فعل . وقيل : أي هديناه الرشد ، أي بينا له سبيل التوحيد بنصب الأدلة عليه ; ثم إن خلقنا له الهداية اهتدى وآمن ، وإن خذلناه كفر . وهو كما تقول : قد نصحت لك ، إن شئت فاقبل ، وإن شئت فاترك ; أي فإن شئت ، فتحذف الفاء . وكذا إما شاكرا والله أعلم .ويقال : هديته السبيل وللسبيل وإلى السبيل . وقد تقدم في ( الفاتحة ) وغيرها . وجمع بين الشاكر والكفور ، ولم يجمع بين الشكور والكفور مع اجتماعهما في معنى المبالغة ; نفيا للمبالغة في الشكر وإثباتا لها في الكفر ; لأن شكر الله تعالى لا يؤدى ، فانتفت عنه المبالغة ، ولم تنتف عن الكفر المبالغة ، فقل شكره ، لكثرة النعم عليه وكثرة كفره وإن قل مع الإحسان إليه . حكاه الماوردي .

إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَا۟ وَأَغْلَٰلًا وَسَعِيرًا (4)


قوله تعالى : إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيراقوله تعالى : إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا بين حال الفريقين ، وأنه تعبد العقلاء وكلفهم ومكنهم مما أمرهم ، فمن كفر فله العقاب ، ومن وحد وشكر فله الثواب . والسلاسل : القيود في جهنم طول كل سلسلة سبعون ذراعا كما مضى في ( الحاقة ) . وقرأ نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم وهشام عن ابن عامر سلاسلا منونا . الباقون بغير تنوين . ووقف قنبل وابن كثير وحمزة بغير ألف . الباقون بالألف . فأما قوارير الأول فنونه نافع وابن كثير والكسائي وأبو بكر عن عاصم ، ولم ينون الباقون . ووقف فيه يعقوب وحمزة بغير ألف . والباقون بالألف . وأما قوارير الثانية فنونه أيضا نافع والكسائي وأبو بكر ، ولم ينون الباقون . فمن نون قرأها بالألف ، ومن لم ينون أسقط منها الألف ، واختار أبو عبيد التنوين في الثلاثة ، والوقف بالألف اتباعا لخط المصحف ; قال : رأيت في مصحف عثمان " سلاسلا " بالألف و ( وقواريرا ) الأول بالألف ، وكان الثاني مكتوبا بالألف فحكت فرأيت أثرها هناك بينا . فمن صرف فله أربع حجج : أحدها : أن الجموع أشبهت الآحاد فجمعت جمع الآحاد ، فجعلت في حكم الآحاد فصرفت . الثانية : أن الأخفش حكى عن العرب صرف جميع ما لا ينصرف إلا أفعل منك ، وكذا قال الكسائي والفراء : هو على لغة من يجر الأسماء كلها إلا قولهم هو أظرف منك فإنهم لا يجرونه ; وأنشد ابن الأنباري في ذلك قول عمرو بن كلثوم :كأن سيوفنا فينا وفيهم مخاريق بأيدي لاعبيناوقال لبيد :وجزور أيسار دعوت لحتفها بمغالق متشابه أجسامهاوقال لبيد أيضا :فضلا وذو كرم يعين على الندى سمح كسوب رغائب غنامهافصرف مخاريق ومغالق ورغائب ، وسبيلها ألا تصرف . والحجة الثالثة : أن يقول نونت قوارير الأول لأنه رأس آية ، ورؤوس الآي جاءت بالنون ، كقوله جل وعز : مذكورا ، سميعا بصيرا فنونا الأول ليوقف بين رؤوس الآي ، ونونا الثاني على الجوار للأول . والحجة الرابعة : اتباع المصاحف ، وذلك أنهما جميعا في مصاحف مكة والمدينة والكوفة بالألف . وقد احتج من لم يصرفهن بأن قال : إن كل جمع بعد الألف منه ثلاثة أحرف أو حرفان أو حرف مشدد لم يصرف في معرفة ولا نكرة ; فالذي بعد الألف منه ثلاثة أحرف قولك : قناديل ودنانير ومناديل ، والذي بعد الألف منه حرفان قول الله - عز وجل - : لهدمت صوامع لأن بعد الألف منه حرفين ، وكذلك قوله : ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا . والذي بعد الألف منه حرف مشدد شواب ودواب . وقال خلف : سمعت يحيى بن آدم يحدث عن ابن إدريس قال : في المصاحف الأول الحرف الأول بالألف والثاني بغير ألف ; فهذا حجة لمذهب حمزة . وقال خلف : رأيت في مصحف ينسب إلى قراءة ابن مسعود الأول بالألف والثاني بغير ألف . وأما أفعل منك فلا يقول أحد من العرب في شعره ولا في غيره هو أفعل منك منونا ; لأن ( من ) تقوم مقام الإضافة فلا يجمع بين تنوين وإضافة في حرف ; لأنهما دليلان من دلائل الأسماء ولا يجمع بين دليلين ; قاله الفراء وغيره .وأغلالا جمع غل تغل بها أيديهم إلى أعناقهم . وعن جبير بن نفير عن أبي الدرداء كان يقول : ارفعوا هذه الأيدي إلى الله - جل ثناؤه - قبل أن تغل بالأغلال . قال الحسن : إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار ; لأنهم أعجزوا الرب سبحانه ولكن إذلالا . ( وسعيرا ) تقدم القول فيه .

إِنَّ ٱلْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)


قوله تعالى : إن الأبرار يشربون من كأس الأبرار : أهل الصدق واحدهم بر ، وهو من امتثل أمر الله تعالى . وقيل : البر الموحد والأبرار جمع بار مثل شاهد وأشهاد ، وقيل : هو جمع بر مثل نهر وأنهار ; وفي الصحاح : وجمع البر الأبرار ، وجمع البار البررة ، وفلان يبر خالقه ويتبرره أي يطيعه ، والأم برة بولدها . وروى ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنما سماهم الله - جل ثناؤه - الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء ، كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا " . وقال الحسن : البر الذي لا يؤذي الذر . وقال قتادة : الأبرار الذين يؤدون حق الله ويوفون بالنذر . وفي الحديث : " الأبرار الذين لا يؤذون أحدا " . يشربون من كأس أي من إناء فيه الشراب . قال ابن عباس : يريد الخمر . والكأس في اللغة الإناء فيه الشراب : وإذا لم يكن فيه شراب لم يسم كأسا . قال عمرو بن كلثوم :صددت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليميناوقال الأصمعي : يقال صبنت عنا الهدية أوما كان من معروف تصبن صبنا : بمعنى كففت ; قاله الجوهري .كان مزاجها أي شوبها وخلطها ، قال حسان :كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماءومنه مزاج البدن وهو ما يمازجه من الصفراء والسوداء والحرارة والبرودة . كافورا قال ابن عباس : هو اسم عين ماء في الجنة ، يقال له عين الكافور . أي يمازجه ماء هذه العين التي تسمى كافورا . وقال سعيد عن قتادة : تمزج لهم بالكافور وتختم بالمسك . وقاله مجاهد . وقال عكرمة : مزاجها طعمها . وقيل : إنما الكافور في ريحها لا في طعمها . وقيل : أراد كالكافور في بياضه وطيب رائحته وبرده ; لأن الكافور لا يشرب ; كقوله تعالى : حتى إذا جعله نارا أي كنار . وقال ابن كيسان : طيب بالمسك والكافور والزنجبيل . وقال مقاتل : ليس بكافور الدنيا . ولكن سمى الله ما عنده بما عندكم حتى تهتدي لها القلوب . وقوله : كان مزاجها ( كان ) زائدة أي من كأس مزاجها كافور .

الصفحة التالية