تفسير سورة يونس الصفحة 219 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 219 من المصحف


قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)


القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (89)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عن إجابته لموسى صلى الله عليه وسلم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم. يقول جل ثناؤه: (قال) الله لهما : (قد أجيبت دعوتكما) ، في فرعون وملئه وأموالهم.* * *فإن قال قائل: وكيف نسبت " الإجابة " إلى اثنين و " الدعاء "، إنما كان من واحد ؟قيل: إن الداعي وإن كان واحدًا ، فإن الثاني كان مؤمِّنًا، وهو هارون، فلذلك نسبت الإجابة إليهما، لأن المؤمِّن داعٍ. (1) وكذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:17847- حدثني محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن رجل، عن عكرمة في قوله: (قد أجيبت دعوتكما) ، قال: كان موسى يدعو، وهارون يؤمن، فذلك قوله: (قد أجيبت دعوتكما).* * *وقد زعم بعض أهل العربية ، أن العرب تخاطب الواحد خطاب الاثنين، وأنشد في ذلك: (2)فَقُلْتُ لِصَاحِبي لا تُعْجَلانَابِنزعِ أُصُولِهِ وَاجْتَزَّ شِيحَا (3)* * *17848- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زكريا بن عدي، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح قال: (قد أجيبت دعوتكما) قال: دعا موسى، وأمن هارون.17849- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي وزيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب قال: دعا موسى، وأمَّن هارون.17850-. . . . قال: حدثنا أبو معاوية، عن شيخ له، عن محمد بن كعب قال: دعا موسى وأمّن هارون.17851- حدثنا المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قال: (قد أجيبت دعوتكما) ، قال: دعا موسى، وأمن هارون.17852- قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد، وعبد الله بن أبي جعفر، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: دعا موسى وأمَّن هارون، فذلك قوله: (قد أجيبت دعوتكما).17853- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري، عن رجل، عن عكرمة في قوله: " قد أجيبت دعوتكما " قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمّن، فذلك قوله : (قد أجيبت دعوتكما).17854- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (قد أجيبت دعوتكما) لموسى وهارون ، قال ابن جريج: قال عكرمة: أمّن هارون على دعاء موسى فقال الله: (قد أجيبت دعوتكما فاستقيما).17855- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: كان هارون يقول: آمين فقال الله: (قد أجيبت دعوتكما) فصار التأمين دعوة صار شريكه فيها.* * *وأما قوله: (فاستقيما) ، فإنه أمرٌ من الله تعالى لموسى وهارون بالاستقامة والثبات على أمرهما ، من دعاء فرعون وقومه إلى الإجابة إلى توحيد الله وطاعته، إلى أن يأتيهم عقاب الله الذي أخبرهما أنه أجَابَهما فيه ، (4) كما:-17856- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال ابن عباس: (فاستقيما) : فامضيا لأمري، وهي الاستقامة ، قال ابن جريج : يقولون: إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة. (5)* * *وقوله: (ولا تتبعانّ سبيل الذين لا يعلمون) ، (6) يقول: ولا تسلكانّ طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي، فتستعجلان قضائي، فإن وعْدي لا خلف له، وإن وعيدي نازلٌ بفرعون وعذابي واقع به وبقومه.-------------------------الهوامش :(1) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 478 .(2) هو مضرس بن ربعى الأسدي .(3) الصاحبي : 186 ، ابن يعيش 10 : 49 ، واللسان ( جزز ) ، وسيأتي في التفسير 26 : 103 ، ( بولاق ) . من كلمة له ، لم أجدها مجموعة في مكان ، ومنها أبيات في حماسة ابن الشجري 27 ، 204 ، يقولها في الشواء ، يقول قبل البيت :وَفِتْيَانٍ شَوَيْتُ لَهُمْ شِوَاءًسَريعَ الشَّيِّ كنْتُ بِهِ نَجِيحَافَطِرْتُ بِمُنْصُلِي في يَعْمَلاَتٍدَوَامِي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحَاوقُلْتُ لِصَاحِبي : لا تَحْبِسَانَا. . . . . . . . . . . . . . . . . . .ويروى " لا تحبسنا " ، ولا شاهد فيها ، ويروى " واجدز " ( بتشديد الزاي ) وقلب " التاء دالا ، ورواية الطبري الآتية : " لا تحبسانا " أيضًا ." النجيح " : المجد السريع . واليعملات : النوق . و" الدوامي " : قد دميت أيديها من طول السير وشدته . و" السريح " : خرق أو جلود تشد على أخفاف الإبل إذا دميت . ويقول لصاحبه : لا تحبسنا عن الشيء ، أو : لا تجعلنا نعجل عليك بالدعاء ، بطول تلبثك في نزع الحطب من أصوله ، بل خذ ما من تيسر قضبانه وعيدانه ، وائتنا به لنشوي .(4) انظر تفسير " الاستقامة " ، فيما سلف من فهارس اللغة ( قوم ) .(5) هكذا في المطبوعة والدر المنثور : " بعد هذه الدعوة " ، وفي المخطوطة : " بعد هذه الآية " ، إلا أن " الآية " سيئة الكتابة .(6) انظر تفسير " اتبع " و " السبيل " فيما سلف من فهارس اللغة ( اتبع ) ، ( سبل ) . وما سيأتي بعد قليل في تفسير الآية التالية .

وَجَٰوَزْنَا بِبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُۥ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِىٓ ءَامَنَتْ بِهِۦ بَنُوٓا۟ إِسْرَٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ (90)


القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقطعنا ببني إسرائيل البحر حتى جاوزوه (7) ، (فأتبعهم فرعون) ، يقول: فتَبعهم فرعون (وجنوده) .، يقال منه " أتْبَعته " و " تبعته "، بمعنى واحد.وقد كان الكسائي فيما ذكر أبو عبيد عنه يقول: إذا أريد أنه أتبعهم خيرًا أو شرًّا فالكلام " أتبعهم " بهمز الألف، وإذا أريد : اتبع أثرهم ، أو اقتدى بهم ، فإنه من " اتّبعت " مشددة التاء غير مهموزة الألف.* * *(بغيًا)على موسى وهارون ومن معهما من قومهما من بني إسرائيل (8) ، (وعدْوًا) ، يقول: واعتداء عليهم،* * *وهو مصدر من قولهم: " عدا فلان على فلان في الظلم ، يعدو عليه عَدْوًا " مثل " غزا يغزو غزوا ". (9)* * *وقد روى عن بعضهم أنه كان يقرأ: (بَغْيًا وَعُدُوًّا)، وهو أيضًا مصدر من قولهم: " عَدَا يَعدُو عُدُوًّا " ، مثل : " علا يعلو عُلُوًّا ". (10)* * *، (حتى إذا أدركه الغرق) يقول: حتى إذا أحاط به الغرق (11) ، وفي الكلام متروك ، قد ترك ذكره لدلالة ما ظهر من الكلام عليه ، وذلك: " فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا فيه " ، فغرقناه (حتى إذا أدركه الغرق).* * *وقوله: (قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) ، يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل فرعون حين أشفى على الغرق ، (12) وأيقن بالهلكة: (آمنت) ، يقول: أقررت، (أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل).* * *واختلفت القراء في قراءة ذلك.فقرأ بعضهم ، وهو قراءة عامّة المدينة والبصرة: (أَنَّهُ) بفتح الألف من " أنه "، على إعمال "آمَنْتُ" فيها ونصبها به.* * *وقرأ آخرون: (آمَنْتُ إِنَّهُ) بكسر الألف من " إنه " على ابتداء الخبر. وهي قراءة عامة الكوفيين. (13)* * *والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، وبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:17857- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شداد قال: اجتمع يعقوب وبنوه إلى يوسف، وهم اثنان وسبعون، وخرجوا مع موسى من مصر حين خرجوا وهم ست مائة ألف، فلما أدركهم فرعون فرأوه قالوا: يا موسى أين المخرجُ؟ فقد أدركنا ، قد كنا نلقى من فرعون البلاء؟ فأوحى الله إلى موسى: أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فِرْق كالطود العظيم ، (14) ويبس لهم البحرُ، وكشف الله عن وجه الأرض، وخرج فرعون على فرس حِصان أدهَم على لونه من الدُّهم ثمان مائة ألف سوى ألوانها من الدوابّ، وكانت تحت جبريل عليه السلام فرسٌ ودِيق ليس فيها أنثى غيرها ، (15) وميكائيل يسوقهم، لا يشذُّ رجل منهم إلا ضمّه إلى الناس. فلما خرج آخر بني إسرائيل ، دنا منه جبريل ولَصِق به، فوجد الحصان ريح الأنثى، فلم يملك فرعون من أمره شيئًا ، وقال: أقدموا ، فليس القومُ أحقَّ بالبحر منكم! ثم أتبعهم فرعون ، حتى إذا همّ أوّلهم أن يخرجوا ، ارتطم ونادى فيها: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) ، ونودي: آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ .17858- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ،، وعن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: يرفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن جبرائيل كان يدسُّ في فم فرعون الطين مخافة أن يقول لا إله إلا الله. (16)17859- حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جعل جبرائيل عليه السلام يدسُّ ، أو: يحشو ، في فم فرعون الطين ، مخافة أن تدركه الرحمة.17860- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن كثير بن زاذان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل: يا محمد ، لو رأيتني وأنا أغطُّه وأدسُّ من الحَالِ في فيه ، مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له! ، يعني فرعون. (17)17861- حدثني المثنى قال ، حدثنا حجاج قال ، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما أغرق الله فرعون قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل)، فقال جبريل: يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حَالِ البحر وأدَسِّيه في فيه، مخافة أن تدركه الرحمة . (18)17862- حدثني المثنى قال ، حدثني عمرو، عن حكام قال ، حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما قال فرعون " لا إله إلا الله "، جعل جبريل يحشو في فيه الطين والتراب. (19)17863- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: أخبرني من سمع ميمون بن مهران يقول في قوله: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل)، قال: أخذ جبرائيل من حمأة البحر فضرب بها فاه ، أو قال: ملأ بها فاه ، مخافة أن تدركه رحمه الله.17864- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا الحسين بن علي، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: خطب الضحاك بن قيس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن فرعون كان عبدًا طاغيًا ناسيًا لذكر الله، فلما أدركه الغرق قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين)، قال الله: آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ .17865-. . . . قال، حدثني أبي، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن فرعون لما أدركه الغرق جعل جبريل يحشو في فيه التراب خشية أن يغفر له. (20)17866-. . . . قال، حدثنا محمد بن عبيد، عن عيسى بن المغيرة، عن إبراهيم التيمي: أن جبريل عليه السلام قال: ما حسدتُ أحدًا من بني آدم الرحمة إلا فرعون، (21)فإنه حين قال ما قال ، خشيت أن تصل إلى الربّ فيرحمه، فأخذت من حَمْأة البحر وزَبَده ، فضربت به عينيه ووجهه.17867-. . . . قال، أخبرنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن يعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال جبريل عليه السلام: لقد حشوت فاه الحمأة مخافة أن تدركه الرحمة.-----------------------الهوامش :(7) انظر تفسير " جاوز " فيما سلف 5 : 345 / 13 : 80 .(8) انظر تفسير " البغي " فيما سلف ص : 53 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(9) انظر تفسير " العدوان " فيما سلف 14 : 151 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .(10) انظر ما سلف 12: 35 ، 36 .(11) انظر تفسير " الإدراك " فيما سلف 12 : 13 - 21 .(12) في المطبوعة : " أشرف على الغرق " ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت . " أشفى على الموت أو غيره " ، أشرف عليه ، وهو من " الشفى " ، وهو حرف كل شيء وحده .(13) انظر هاتين القراءتين في معاني القرآن للفراء 1 : 478 .(14) تضمين آية سورة الشعراء : 63(15) " وديق " : مريدة للفحل تشتهيه ، وانظر ما سلف 2 : 52 .(16) الأثران : 17858 ، 17859 - خبر ابن عباس رواه أحمد من هذا الطريق ، طريق شعبة ، عن عدي بن ثابت ، وعطاء بن السائب ، في مسنده رقم : 2144 ، 3154 . ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص : 341 رقم : 2618 .ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 340 ، وقال : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه إلا أن أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عباس " ، وواقفه الذهبي . وانظر الموقوف فيما سيأتي : 17865 ، ورواه الترمذي في كتاب التفسير وقال : " حسن غريب صحيح " .وانظر ما سيأتي رقم : 17862 .(17) الأثر : 17860 - " حكام " ، هو " حكام بن سلم الكناني " ، ثقة ، ولكن قال أحمد فيه : " كان حسن الهيئة قدم علينا ، وكان يحدث عن عنبسة أحاديث غرائب " ، مضى مرارًا . " وعنبسة " ، هو " عنبسة بن سعيد الضريس " ، ثقة ، لا بأس به . مضى مرارًا . " وكثير بن زاذان النخعي " ، قال ابن معين : " لا أعرفه " ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة ، " هذا شيخ مجهول " ، لا نعلم أحدًا حدث عنه إلا ما روى ابن حميد ، عن هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عنه " . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 151 ، ، وميزان الاعتدال 2 : 353 ، وقال : " عن عاصم بن ضمرة ، له حديث منكر " .و " أبو حازم " ، هو " سلمان الأشجعي " ، ثقة . مضى برقم : 7616 .فهذا خبر ضعيف جدا ، لضعف كثير بن زاذان . وخرج نحوه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 : 36 ، عن أبي هريرة وقال : " رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : قيس بن الربيع ، وثقه شعبة والثوري ، وضعفه جماعة " .وقوله : " أغطه " ، أي : أغطسه في الماء وأغمسه . و " الحال " ، الطين الأسود والحمأة ، وهو " حال البحر " . وكان في المطبوعة " وحمئة " ، غير ما في المخطوطة ، لأنه لم يعرف معناه ، فظنه خطأ .(18) الأثر : 17861 - " علي بن زيد بن جدعان " ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 17154 - 17516 ، وثقه أخي السيد أحمد رحمه الله في المسند رقم 783 ، وفيما مضى من تعليقه على بعض أحاديث الطبري . ولكني رأيت الأئمة يضعفونه ، - لا أنهم يكذبونه - ويرونه إلى اللين أدنى ، وأنه كان يقلب الأحاديث وكان يحدث بالحديث اليوم ثم يحدث غدا ، فكأنه ليس بذاك ، وكان يسوء حفظه ، فأخشى أن يكون أخي جازف في توثيقه ، ولكني أرجح أنه يعتبر بحديثه ، ويكتب حديثه ، ولكن لا يحتج به ، وإنما روى له مسلم مقرونًا بغيره . فهذا غاية علي بن زيد فيما أرى ، والله أعلم . " ويوسف بن مهران " ، مضى مرارًا رقم : 13494 . وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم : 2203 من طريق يونس ، عن حماد بن سلمة ، ورقم : 2821 من طريق سليمان بن حرب ، عن حماد . وصححه أخي رحمه الله في الموضعين . وخرجه الترمذي في كتاب التفسير من سننه ، من هذه الطريق نفسها ، وقال : " هذا حديث حسن " وكان في المطبوعة : " آخذ من حمأة البحر " ، وأثبت ما في المخطوطة ،وقوله : " وأدسيه في فيه " ( بتشديد السين ) من قولهم " دساه " إذا غيبه أو أخفاه . وأصله " دسسه " مضعفا ، ثم توالت السينات ، فقلبت أخراهن ياء . وكذلك جاء في المسند رقم : 2821 ، وهو في المطبوعة " أدسه " ، وفي المخطوطة كما أثبتها ، إلا أنها غير منقوطة .(19) الأثر : 17862 - سلف تخريجه في رقم : 17858 ، 17859 .(20) الأثر : 17865 - هذا الخبر الموقوف على ابن عباس ، كما سلف في تخريج رقم : 17858 ، 17859 . وكان في المطبوعة : " يحثو " بالثاء ، وأثبت ما في المخطوطة .(21) في المطبوعة : " ما خشيت على أحد " ، غير ما في المخطوطة ، وهو الصواب المحض ، وأساء في التغيير .

ءَآلْـَٰٔنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ (91)


القول في تأويل قوله تعالى : آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره ، معرِّفًا فرعون قبح صَنيعه أيّام حياته وإساءته إلى نفسه أيام صحته، بتماديه في طغيانه ، ومعصيته ربه ، حين فزع إليه في حال حلول سَخطه به ونزول عقابه، مستجيرًا به من عذابه الواقع به ، لما ناداه وقد علته أمواج البحر ، وغشيته كرَبُ الموت: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ له، المنقادين بالذلة له، المعترفين بالعبودية ، الآن تقرُّ لله بالعبودية، وتستسلم له بالذلة، وتخلص له الألوهة، وقد عصيته قبل نزول نقمته بك ، فأسخطته على نفسك ، وكنت من المفسدين في الأرض ، الصادِّين عن سبيله؟ فهلا وأنت في مَهَلٍ ، وباب التوبة لك منفتح ، أقررت بما أنت به الآن مقرٌّ؟* * *

فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ (92)


القول في تأويل قوله تعالى : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لفرعون: اليوم نجعلك على نَجْوةٍ من الأرض ببدنك، ينظر إليك هالكًا من كذّب بهلاكك ، (لتكون لمن خلفك آية)، يقول: لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك، ، فينزجرون عن معصية الله ، والكفر به والسعي في أرضه بالفساد.، و " النجوة "، الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض، ومنه قوله أوس بن حجر:فَمَنْ بِعَقْوَتِهِ كَمَنْ بِنجْوَتِهِوَالمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِقِرْوَاحِ (22)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر قال ذلك:17868- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي السليل، عن قيس بن عباد وغيره قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: إنه لم يمت فرعون! قال: فأخرجه الله إليهم ينظرون إليه مثل الثور الأحمر.17869- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية، عن سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن قيس بن عباد قال ، وكان من أكثر الناس ، أو : أحدث الناس ، عن بنى إسرائيل؛ قال: فحدّثنا أن أول جنود فرعون لما انتهى إلى البحر ، هابت الخيلُ اللِّهْبَ . (23)قال: ومثل لحصان منها فرس وَديق، (24) فوجد ريحها ، أحسبه أنا قال: ، فانسلَّ فاتَّبعته . قال: فلما تتامّ آخر جنود فرعون في البحر ، وخرج آخرُ بني إسرائيل ، أُمر البحر فانطَبق عليهم، فقالت بنو إسرائيل: ما مات فرعون، وما كان ليموت أبدًا! فسمع الله تكذيبهم نبيَّه، قال: فرمى به على الساحل كأنه ثور أحمرُ، يتراءاه بنو إسرائيل.17870- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شداد: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: " بدنه " ، جسده ، رمى به البحرُ.17871- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد،: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: بجسدك.17872- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.17873- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.17874- حدثنا تميم بن المنتصر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا الأصبغ بن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب قال ، حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما جاوز موسى البحرَ بجميع من معه، التقى البحرُ عليهم ، يعني على فرعون وقومه ، فأغرقهم، فقال أصحاب موسى: إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق، ولا نؤمن بهلاكه! فدعا ربّه فأخرجه فنبذه البحر ، حتى استيقنوا بهلاكه.17875- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) ، يقول: أنكر ذلك طوائف من بني إسرائيل، فقذفه الله على ساحل البحر ينظرون إليه.17876- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (لتكون لمن خلفك آية) ، قال: لما أغرق الله فرعون لم تصدِّق طائفة من الناس بذلك، فأخرجه الله آيةً وعظةً.17877- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن التيمي، عن أبيه، عن أبي السليل ، عن قيس بن عباد ، أو غيره، بنحو حديث ابن عبد الأعلى، عن معمر.17878- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: بجسدك.17879- قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال، بلغني عن مجاهد: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: بجسدك. (25)17880- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: كذّب بعض بني إسرائيل بموت فرعون، فرمى به على ساحل البحر ليراه بنو إسرائيل، قال أحمر: كأنه ثور . (26)* * *وقال آخرون: تنجو بجسدك من البحر ، فنخرجه منه. (27)*ذكر من قال ذلك:17881- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) ، يقول: أنجى الله فرعون لبني إسرائيل من البحر، فنظروا إليه بعد ما غرق.* * *فإن قال قائل: وما وجه قوله: (ببدنك)؟ وهل يجوز أن ينجيه بغير بدنه، فيحتاج الكلام إلى أن يقال فيه (ببدنك)؟قيل: كان جائزًا أن ينجيه بهيئته حيًّا كما دخل البحر. فلما كان جائزًا ذلك قيل : (فاليوم ننجيك ببدنك) ، ليعلم أنه ينجيه بالبدن بغير روح، ولكن ميّتًا.* * *وقوله: (وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا لغافلون)، يقول تعالى ذكره: (وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا) ، يعني: عن حججنا وأدلتنا على أن العبادة والألوهة لنا خالصةٌ (28) ، (لغافلون) ، يقول: لساهون، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها. (29)----------------------الهوامش :(22) ديوانه ، قصيدة : 4 ، بيت : 15 ، يصف السحاب والمطر بالشدة ، يغشي كل مكان وكل أحد . " عقوة الدار " ، ساحتها وما حولها . و" المستكن " ، الذي اختبأ في كن . و "القرواح " ، البارز الذي ليس يستره من السماء والشمس شيء .(23) في المخطوطة : " اللهث " ، والذي في المطبوعة هو الصواب إلا أن ضبطه بكسر اللام وسكون الهاء . و " اللهب " المهواة بين الجبلين ، وهو الصدع الذي صدع في البحر ، وانظر قوله تعالى : فكان كل فرق كالطود العظيم .(24) "فرس وديق "، مريدة للفحل تشتهيه ، انظر ما سلف ص : 190 ، تعليق : 2 .(25) الأثر : 17879 - " محمد بن بكر بن عثمان البرساني " ، مضى مرارًا ، وروايته عن ابن جريج ، وفي المطبوعة : " محمد بن بكير " ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة .(26) في المطبوعة : " قال : كأنه ثور أحمر " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب محض .(27) في المطبوعة : " فتخرج منه " ، وأثبت ما في المخطوطة .(28) انظر تفسير " الآية " فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .(29) انظر تفسير " الغفلة " فيما سلف ص : 80 ، ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ فَمَا ٱخْتَلَفُوا۟ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُوا۟ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93)


القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أنزلنا بني إسرائيل منازلَ صِدْق. (30)* * *قيل: عني بذلك الشأم وبيت المقدس.وقيل: عُنِي به الشأم ومصر.*ذكر من قال ذلك:17882- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا المحاربي ، وأبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك: (مبوّأ صدق) ، قال: منازل صدق، مصر والشأم.17883- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (مبوَّأ صدق) ، قال: بوّأهم الله الشأم وبيت المقدس.17884- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) ، الشام. وقرأ: إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ [سورة الأنبياء: 71]* * *وقوله: (ورزقناهم من الطيبات) ، يقول: ورزقنا بني إسرائيل من حلال الرزق ، وهو (الطيب). (31)* * *وقوله: (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم) ، يقول جل ثناؤه: فما اختلف هؤلاء الذين فعلنا بهم هذا الفعل من بني إسرائيل، حتى جاءهم ما كانوا به عالمين. وذلك أنهم كانوا قبل أن يبعث محمد النبيّ صلى الله عليه وسلم مجمعين على نبوّة محمدٍ والإقرار به وبمبعثه ، غير مختلفين فيه بالنعت الذي كانوا يجدونه مكتوبًا عندهم، فلما جاءهم ما عرفوا كفر به بعضهم وآمن به بعضهم، والمؤمنون به منهم كانوا عددًا قليلا. فذلك قوله: فما اختلفوا حتى جاءهم المعلوم الذي كانوا يعلمونه نبيًّا لله ، فوضع (العلم ) مكان (المعلوم).* * *وكان بعضهم يتأول (العلم ) ههنا ، كتابَ الله ووحيَه.*ذكر من قال ذلك:17885- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم) ، (32) قال: (العلم)، كتاب الله الذي أنزله ، وأمره الذي أمرهم به، وهل اختلفوا حتى جاءهم العلم بغيًا بينهم ؟ أهل هذه الأهواء، هل اقتتلوا إلا على البغي قال: و " البغي" وجهان: وجه النفاسة في الدنيا ومن اقتتل عليها من أهلها، وبغى في " العلم " ، يرى هذا جاهلا مخطئًا ، ويرى نفسه مصيبًا عالمًا، فيبغي بإصابته وعلمه عَلَى هذا المخطئ.* * *وقوله: (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن ربَّك ، يا محمد ، يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل فيك يوم القيامة ، فيما كانوا فيه من أمري في الدنيا يختلفون، بأن يدخل المكذبين بك منهم النار ، والمؤمنين بك منهم الجنة ، فذلك قضاؤه يومئذ فيما كانوا فيه يختلفون من أمر محمد صلى الله عليه وسلم. (33)------------------------الهوامش :(30) انظر تفسير " بوأ " فيما سلف ص : 171، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(31) انظر تفسير " الطيب " فيما سلف من فهارس اللغة ( طيب ) .(32) في المطبوعة والمخطوطة : " . . . حتى جاءهم العلم بغيا بينهم " ، وليس هذا من تلاوة هذه الآية ، ولا هو في تفسيرها ، فحذفته . وأشباهها من الآيات التي ورد فيها ذكر العلم والبغي فيه في سورة آل عمران : 19 / سورة الشورى : 14 / سورة الجاثية : 17 ، وآثرت حذف هذه الزيادة من هذا الموضع ، لأني لم أجد أبا جعفر ذكر هذا الخبر في تفسير شيء من هذه الآيات ، والظاهر أن المعنى أخذ بعضه ببعض ، فزاد ابن زيد في التفسير من نظائر الآية في السور الأخرى .(33) انظر تفسير " القضاء " فيما سلف من فهارس اللغة ( قضى ) .

فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْـَٔلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ (94)


القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإن كنت يا محمد في شك من حقيقة ما اخترناك فأنزلنا إليك ، (34) من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوّتك قبل أن تبعث رسولا إلى خلقه، لأنهم يجدونك عندهم مكتوبًا ، ويعرفونك بالصفة التي أنت بها موصوف في كتابهم في التوراة والإنجيل (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك ) ، من أهل التوراة والإنجيل ، كعبد الله بن سلام ونحوه ، من أهل الصدق والإيمان بك منهم ، دون أهل الكذب والكفر بك منهم.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:17886- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس في قوله: (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: التوراة والإنجيل، الذين أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فآمنوا به، يقول: فاسألهم إن كنت في شك بأنك مكتوب عندهم.17887- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: هو عبد الله بن سلام، كان من أهل الكتاب ، فآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.17888- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) قال: هم أهل الكتاب.17889- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول: (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، يعني أهل التقوى وأهلَ الإيمان من أهل الكتاب، ممن أدرك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.* * *فإن قال قائل: أوكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكٍّ من خبَرِ الله أنه حقٌّ يقين ، حتى قيل له: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ؟قيل: لا وكذلك قال جماعة من أهل العلم.17890- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) ، فقال: لم يشك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل.17891- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا سويد بن عمرو، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: ما شك وما سأل.17892- حدثني الحارث قال ، حدثنا القاسم بن سلام قال ، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير ، ومنصور، عن الحسن في هذه الآية، قال: لم يشك صلى الله عليه وسلم ولم يسأل.17893- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أشك ولا أسأل.17894- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أشك ولا أسأل.* * *فإن قال: فما وجه مخرج هذا الكلام ، إذنْ ، إن كان الأمر على ما وصفت؟ قيل: قد بيّنا في غير موضع من كتابنا هذا ، استجازة العرب قول القائل منهم لمملوكه: " إن كنت مملوكي فانته إلى أمري" والعبد المأمور بذلك لا يشكُّ سيدُه القائل له ذلك أنه عبده. كذلك قول الرجل منهم لابنه: " إن كنت ابني فبرَّني" ، وهو لا يشك في ابنه أنه ابنه، وأنّ ذلك من كلامهم صحيح مستفيض فيهم، وذكرنا ذلك بشواهده، وأنّ منه قول الله: وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، [سورة المائدة: 116] ، وقد علم جل ثناؤه أن عيسى لم يقل ذلك. (35) وهذا من ذلك، لم يكن صلى الله عليه وسلم شاكًّا في حقيقة خبر الله وصحته، والله تعالى ذكره بذلك من أمره كان عالمًا، ولكنه جل ثناؤه خاطبه خطاب قومه بعضهم بعضًا، إذْ كان القرآن بلسانهم نزل.* * *وأما قوله: (لقد جاءك الحق من ربك) الآية، فهو خبرٌ من الله مبتدأ.يقول تعالى ذكره: أقسم لقد جاءك الحق اليقين من الخبر بأنك لله رسولٌ، وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون صحّة ذلك، ويجدون نعتك عندهم في كتبهم ، (فلا تكونن من الممترين) ، يقول: فلا تكونن من الشاكين في صحة ذلك وحقيقته. (36)* * *ولو قال قائل: إن هذه الآية خوطب بها النبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد بها بعضُ من لم يكن صحَّت ، بصيرته بنبوته صلى الله عليه وسلم ، ممن كان قد أظهر الإيمان بلسانه، تنبيها له على موضع تعرف حقيقة أمره الذي يزيل اللبس عن قلبه، كما قال جل ثناؤه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ، [سورة الأحزاب: 1] ، كان قولا غيرَ مدفوعةٍ صحته.-----------------------الهوامش :(34) في المطبوعة : " ما أخبرناك وأنزل إليك " ، وأثبت الصواب من المخطوطة .(35) انظر ما سلف 11 : 236 ، 237 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 479 .(36) انظر تفسير " الامتراء " فيما سلف 12 : 61 ، تعليق : 2، والمراجع هناك .

وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ (95)


القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (95)قال أبو جعفر: ويقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تكونن يا محمدُ، من الذين كذَّبوا بحجج الله وأدلته، فتكون ممن غُبن حظه ، وباع رحمةَ الله ورضاه ، بسَخَطه وعقابه. (37)------------------الهوامش :(37) انظر تفسير " الآية " فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .، وتفسير " الخسران فيما سلف من فهارس اللغة ( خسر ) .

إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96)


القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذين وجبت عليهم يا محمد ، " كلمة ربك "، هي لعنته إياهم بقوله: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ، [سورة هود: 18]، فثبتت عليهم.* * *يقال منه: " حق على فلان كذا يحقُّ عليه "، إذا ثبت ذلك عليه ووجب. (38)------------------------الهوامش:(38) انظر تفسير " حق " فيما سلف ص : 85

وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا۟ ٱلْعَذَابَ ٱلْأَلِيمَ (97)


وقوله : (لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية ) ، يقول: لا يصدقون بحجج الله، ولا يقرُّون بوحدانية ربهم، ولا بأنك لله رسول ، (ولو جاءتهم كل آية) ، وموعظة وعبرة ، فعاينوها ، حتى يعاينوا العذاب الأليم، كما لم يؤمن فرعون وملؤه، إذ حقَّت عليهم كلمة ربّك حتى عاينوا العذاب الأليم، فحينئذ قال: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ، [سورة يونس: 90] ، حين لم ينفعه قيلُه، فكذلك هؤلاء الذين حقت عليهم كلمة ربك من قومك من عبدة الأوثان وغيرهم، لا يؤمنون بك فيتبعونك ، إلا في الحين الذي لا ينفعهم إيمانهم.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:17895- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون) ، قال: حقّ عليهم سَخَط الله بما عصوه.17896- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة : ( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ) ، حقّ عليهم سَخَط الله بما عصوه.

الصفحة السابقة الصفحة التالية