تفسير سورة يونس الصفحة 215 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 215 من المصحف


وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِى ٱلْأَرْضِ لَٱفْتَدَتْ بِهِۦ وَأَسَرُّوا۟ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا۟ ٱلْعَذَابَ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54)


القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (54)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أن لكل نفس كفرت بالله ، و " ظلمها " ، في هذا الموضع، عبادتُها غيرَ من يستحق عبادته، (1) وتركها طاعة من يجب عليها طاعته ، (ما في الأرض) ، من قليل أو كثير ، (لافتدت به) ، يقول: لافتدت بذلك كلِّه من عذاب الله إذا عاينته (2) ، وقوله: (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) ، يقول: وأخفتْ رؤساء هؤلاء المشركين من وضعائهم وسفلتهم الندامةَ حين أبصرُوا عذاب الله قد أحاط بهم، وأيقنوا أنه واقع بهم ، ( وقضي بينهم بالقسط)، يقول: وقضى الله يومئذ بين الأتباع والرؤساء منهم بالعدل (3) ، (وهم لا يظلمون)، وذلك أنه لا يعاقب أحدًا منهم إلا بجريرته ، ولا يأخذه بذنب أحدٍ، ولا يعذِّب إلا من قد أعذر إليه في الدنيا وأنذر وتابع عليه الحجج.------------------------الهوامش :(1) في المطبوعة : " من يستحق عبادة " ، غير ما في المخطوطة .(2) انظر تفسير " الافتداء " فيما سلف من فهارس اللغة ( فدى ) .(3) انظر تفسير " القسط " فيما سلف ص : 99 ، تعليق : 1، والمراجع هناك .

أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ أَلَآ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55)


القول في تأويل قوله تعالى : أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (55)قال أبو جعفر: يقول جل ذكره: ألا إنّ كل ما في السموات وكل ما في الأرض من شيء ، لله مِلْك، لا شيء فيه لأحدٍ سواه . يقول: فليس لهذا الكافربالله يومئذٍ شيء يملكه فيفتدي به من عذاب ربّه، وإنما الأشياء كلها للذي إليه عقابه. ولو كانت له الأشياء التي هي في الأرض ثم افتدى بها ، لم يقبل منه بدلا من عذابه ، فيصرف بها عنه العذاب، فكيف وهو لا شيء له يفتدى به منه ، وقد حقَّ عليه عذاب الله؟ يقول الله جل ثناؤه: (ألا إن وعد الله حق)، يعني أن عذابه الذي أوعد هؤلاء المشركين على كفرهم حقٌّ، فلا عليهم أن لا يستعجلوا به ، فإنه بهم واقع لا شك ، (ولكن أكثرهم لا يعلمون) ، يقول: ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون حقيقةَ وقوع ذلك بهم، فهم من أجل جهلهم به مكذِّبون.* * *

هُوَ يُحْىِۦ وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56)


القول في تأويل قوله تعالى : هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الله هو المحيي المميت ، لا يتعذّر عليه فعلُ ما أراد فعله من إحياء هؤلاء المشركين إذا أراد إحياءهم بعد مماتهم ، ولا إماتتهم إذا أراد ذلك، وهم إليه يصيرون بعد مماتهم ، فيعاينون ما كانوا به مكذبين من وعيدِ الله وعقابه.* * *

يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57)


القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لخلقه: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم) ، يعني : ذكرى تذكركم عقابَ الله وتخوّفكم وعيده (4) ، (من ربكم)، يقول: من عند ربكم ، لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يفتعلها أحد، فتقولوا: لا نأمن أن تكون لا صحةَ لها. وإنما يعني بذلك جلّ ثناؤه القرآن، وهو الموعظة من الله.وقوله: (وشفاء لما في الصدور)، يقول: ودواءٌ لما في الصدور من الجهل، يشفي به الله جهلَ الجهال، فيبرئ به داءهم ، ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به ، (وهدى)، يقول: وهو بيان لحلال الله وحرامه، ودليلٌ على طاعته ومعصيته ، (ورحمة)، يرحم بها من شاء من خلقه، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى، وينجيه به من الهلاك والردى. وجعله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين به دون الكافرين به، لأن من كفر به فهو عليه عمًى، وفي الآخرة جزاؤه على الكفر به الخلودُ في لظًى.----------------------الهوامش :(4) انظر تفسير " الموعظة " فيما سلف 8 : 528 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا۟ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58)


القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل) يا محمد لهؤلاء المكذِّبين بك وبما أنزل إليك من عند ربك ، (5) (بفضل الله)، أيها الناس ، الذي تفضل به عليكم، وهو الإسلام، فبيَّنه لكم ، ودعاكم إليه ، (وبرحمته)، التي رحمكم بها، فأنزلها إليكم، فعلَّمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتابه، وبصَّركم بها معالم دينكم، وذلك القرآن ، (فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)، يقول: فإن الإسلام الذي دعاهم إليه ، والقرآن الذي أنزله عليهم، خيرٌ مما يجمعون من حُطَام الدنيا وأموالها وكنوزها.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:17668- حدثني علي بن الحسن الأزدي قال ، حدثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري في قوله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) ، قال: بفضل الله القرآن (وبرحمته) أن جعَلَكم من أهله. (6)17669- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال ، حدثنا فضيل، عن منصور، عن هلال بن يساف: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) ، قال: بالإسلام الذي هداكم، وبالقرآن الذي علّمكم.17670- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال ، حدثنا ابن يمان قال ، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف: (قل بفضل الله وبرحمته)، قال: بالإسلام والقرآن ، (فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)، من الذهب والفضَّة.17671- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، في قوله: (قل بفضل الله وبرحمته) ، قال: " فضل الله " ، الإسلام، و " رحمته "، القرآن.17672- حدثني علي بن سهل قال ، حدثنا زيد قال ، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، في قوله: (قل بفضل الله وبرحمته)، قال: الإسلام والقرآن.17673- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف مثله.17674- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن منصور، عن هلال، مثله.17675- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، أما فضله فالإسلام، وأما رحمته فالقرآن.17676- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (قل بفضل الله وبرحمته)، قال: فضله: الإسلام، ورحمته القرآن.17677- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قل بفضل الله وبرحمته)، قال: القرآن.17678- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وبرحمته) ، قال: القرآن.17679- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، قوله: (هو خير مما يجمعون) ، قال: الأموال وغيرها.17680- حدثنا علي بن داود قال ، حدثني أبو صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (قل بفضل الله وبرحمته) يقول: فضله: الإسلام، ورحمته: القرآن.17681- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن منصور، عن هلال: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) ، قال: بكتاب الله ، وبالإسلام ، (هو خير مما يجمعون).* * *وقال آخرون: بل " الفضل ": القرآن ، و " الرحمة "، الإسلام.*ذكر من قال ذلك:17682- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)، قال: (بفضل الله)، القرآن، (وبرحمته)، حين جعلهم من أهل القرآن.17683- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا جعفر بن عون قال ، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، قال: " فضل الله "، القرآن، و " رحمته "، الإسلام.17684- حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون، قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، قوله: (قل بفضل الله وبرحمته) قال: (بفضل الله) القرآن، (وبرحمته)، الإسلام.17685- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، قال: كان أبي يقول: فضله القرآن، ورحمته الإسلام.* * *واختلفت القراء في قراءة قوله: (فبذلك فليفرحوا).فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار: (فَلْيَفْرَحُوا) بالياء ( هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) بالياء أيضًا على التأويل الذي تأولناه ، من أنه خبر عن أهل الشرك بالله. يقول: فبالإسلام والقرآن الذي دعاهم إليه ، فليفرح هؤلاء المشركون، لا بالمال الذي يجمعون، فإن الإسلام والقرآن خيرٌ من المال الذي يجمعون، وكذلك:-17686- حدثت عن عبد الوهاب بن عطاء، عن هارون، عن أبي التيّاح: (فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)، يعني الكفار.* * *ورُوي عن أبيّ بن كعب في ذلك ما:-17687- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أسلم المنقري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب : أنه كان يقرأ: (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، بالتاء.17688- حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن الأجلح، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب ، مثل ذلك.* * *وكذلك كان الحسن البصري يقول: غير أنه فيما ذُكر عنه كان يقرأ قوله: ( هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )، بالياء; الأول على وجه الخطاب، والثاني على وجه الخبر عن الغائب.* * *وكان أبو جعفر القارئ، فيما ذكر عنه، يقرأ ذلك نحو قراءة أبيّ ، بالتاء جميعًا.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قراء الأمصار من قراءة الحرفين جميعًا بالياء: ( فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) لمعنيين:أحدهما: إجماع الحجة من القراء عليه.والثاني: صحته في العربية، وذلك أن العرب لا تكاد تأمر المخاطب باللام والتاء، وإنما تأمره فتقول: " افعل ولا تفعل ".وبعدُ، فإني لا أعلم أحدًا من أهل العربية إلا وهو يستردئ أمر المخاطب باللام، ويرى أنها لغة مرغوب عنها ، غير الفراء، فإنه كان يزعم أن الّلام في الأمر [هي البناء الذي خلق له] ، (7) واجهتَ به أم لم تُوَاجِهْ، إلا أن العرب حذفت اللام من فعل المأمور المواجَه ، لكثرة الأمر خاصةً في كلامهم، كما حذَفوا التاء من الفعل. قال: وأنت تعلم أن الجازم والناصب لا يقعان إلا على الفعل الذي أوله الياء والتاء والنون والألف، فلما حُذِفت التاء ذهبت اللام ، وأُحدِثَت الألف في قولك: " اضرب " و " افرح "، لأن الفاء ساكنة، فلم يستقم أن يستأنف بحرف ساكنٍ، فأدخلوا ألفًا خفيفة يقع بها الابتداء، كما قال: ادَّارَكُوا ، [سورة الأعراف: 38] (8)و اثَّاقَلْتُمْ ، [سورة التوبة: 38]. (9)وهذا الذي اعتلّ به الفراء عليه لا له، وذلك أن العَرب إن كانت قد حذفت اللام في المواجَه وتركتها، فليس لغيرها إذا نطق بكلامها أن يُدْخِل فيها ما ليس منه ما دام متكلِّمًا بلغتها. فإن فعل ذلك ، كان خارجًا عن لغتها، وكتابُ الله الذي أنزله على محمد بلسانها، (10) فليس لأحدٍ أن يتلوه إلا بالأفصح من كلامها، وإن كان معروفًا بعضُ ذلك من لغة بعضها، فكيف بما ليس بمعروف من لغة حيّ ولا قبيلة منها؟ وإنما هو دعوى لا تثبتُ بها [حجّة] ولا صحة . (11)---------------------الهوامش :(5) في المطبوعة والمخطوطة : " لهؤلاء المشركين بك " ، وهو فاسد جدًا ، ورجحت أن الصواب ما أثبت .(6) الأثر: 17668- " علي بن الحسن الأزدي " شيخ الطبري ، مضى برقم : 10258، وأننا لم نجد له ترجمة . وكان في المطبوعة هنا "بن الحسين" وهو خطأ ، وقع مثله عندنا في هامش التعليق علىالأثر المذكور 9: 98، تعليق: 1(7) في المطبوعة : " أن اللام في ذي التاء الذي خلق له " ، وهو كلام ساقط بمرة واحدة . وكان في المخطوطة : " أن اللام هي البناء . . . " ، والزيادة التي بين القوسين من عندي ، لأن الناسخ أسقط : كما هو ظاهر . واستظهرت ذلك من كتاب الفراء ، وهذا كله نصه ، كما سيأتي .(8) في المطبوعة : " ادراكتم " ، وفي المخطوطة " قالوا : ادراكوا واثاقلتم " ، وأثبت نص الفراء .(9) هذا كله نص الفراء في معاني القرآن 1 : 469 .(10) في المطبوعة : " وكلام الله " ، والجيد ما في المخطوطة .(11) في المطبوعة : " لا ثبت بها ولا حجة " ، وفي المخطوطة : " لا تثبت بها ولا صحة " فزدت " حجة " بين القوسين ، لاقتضاء السياق إياها .

قُلْ أَرَءَيْتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَٰلًا قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)


القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قل) يا محمد لهؤلاء المشركين: (أرأيتم) أيها الناس ، (ما أنزل الله لكم من رزق)، يقول: ما خلق الله لكم من الرزق فخَوَّلكموه، وذلك ما تتغذون به من الأطعمة ، (فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، يقول: فحللتم بعضَ ذلك لأنفسكم، وحرمتم بعضه عليها، وذلك كتحريمهم ما كانوا يحرِّمونه من حُروثهم التي كانوا يجعلونها لأوثانهم، كما وصفهم الله به فقال: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا [سورة الأنعام: 136].ومن الأنعام ما كانوا يحرّمونه بالتبحير والتسيبب ونحو ذلك، مما قدّمناه فيما مضى من كتابنا هذا. (12)يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد (آلله أذن لكم) بأن تحرِّموا ما حرَّمتم منه (أم على الله تفترون) ، : أي تقولون الباطل وتكذبون؟ (13)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:17689- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: إن أهل الجاهلية كانوا يحرمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها، وهو قول الله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالا) وهو هذا. فأنزل الله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ الآية [سورة الأعراف: 32].17690- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبى قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم) إلى قوله: (أم على الله تفترون)، قال: هم أهل الشرك.17691- حدثني القاسم، قال، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: (فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، قال: الحرث والأنعام ، قال ابن جريج قال ، مجاهد: البحائر والسُّيَّب .17692- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فجعلتم منه حرامًا وحلالا) قال: في البحيرة والسائبة.17693- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالا)، الآية، يقول: كل رزق لم أحرِّم حرَّمتموه على أنفسكم من نسائكم وأموالكم وأولادكم ، آلله أذن لكم فيما حرمتم من ذلك ، أم على الله تفترون؟17694- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالا)، فقرأ حتى بلغ: (أم على الله تفترون)، وقرأ : وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا [سورة الأنعام: 139]، وقرأ: وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ حتى بلغ: لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا [سورة الأنعام: 138] فقال: هذا قوله: جعل لهم رزقًا، فجعلوا منه حرامًا وحلالا وحرموا بعضه وأحلوا بعضه. وقرأ: ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ ، أيّ هذين حرم على هؤلاء الذين يقولون وأحل لهؤلاء، نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا ، إلى آخر الآيات، [سورة الأنعام: 144].17695- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، هو الذي قال الله: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا إلى قوله: سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ، [سورة الأنعام: 136].-------------------------الهوامش :(12) انظر ما سلف 11 : 116 - 134 .(13) انظر تفسير " الافتراء " فيما سلف من فهارس اللغة ( فرى ) .

وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)


القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (60)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما ظن هؤلاء الذين يتخرَّصون على الله الكذبَ فيضيفون إليه تحريم ما لم يحرّمه عليهم من الأرزاق والأقوات التي جعلها الله لهم غذاءً، أنَّ الله فاعلٌ بهم يوم القيامة بكذبهم وفريتهم عليه؟ أيحسبون أنه يصفح عنهم ويغفر؟ كلا بل يصليهم سعيرًا خالدين فيها أبدًا ، (إن الله لذو فضل على الناس) ، يقول: إن الله لذو تفضُّل على خلقه بتركه معاجلة من افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا ، وإمهاله إياه إلى وروده عليه في القيامة ، (ولكن أكثرهم لا يشكرون) ، يقول: ولكن أكثر الناس لا يشكرونه على تفضُّله عليهم بذلك ، وبغيره من سائر نعمه.* * *

وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا۟ مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكْبَرَ إِلَّا فِى كِتَٰبٍ مُّبِينٍ (61)


القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وما تكون)، يا محمد ، (في شأن) ، يعني: في عمل من الأعمال ، (وما تتلوا منه من قرآن)، يقول: وما تقرأ من كتاب الله من قرآن (14)(ولا تعملون من عمل)، يقول: ولا تعملون من عمل أيها الناس ، من خير أو شر ، (إلا كنَّا عليكم شهودًا) ، يقول: إلا ونحن شهود لأعمالكم وشئونكم ، إذ تعملونها وتأخذون فيها. (15)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك رُوي القول عن ابن عباس وجماعة.ذكر من قال ذلك:17696- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إذ تفيضون فيه) ، يقول: إذ تفعلون.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تشيعون في القرآن الكذبَ.*ذكر من قال ذلك:17697- حدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك: (إذ تفيضون فيه) ، يقول: تشيعون في القرآن من الكذب. (16)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تفيضون في الحق.*ذكر من قال ذلك:17698- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إذ تفيضون فيه)، في الحق ما كان.17699- . . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.17700- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.* * *قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه، لأنه تعالى ذكره أخبر أنه لا يعمل عباده عملا إلا كان شاهدَه، ثم وصل ذلك بقوله: (إذ يفيضون فيه) ، فكان معلومًا أن قوله: (إذ تفيضون فيه) إنما هو خبرٌ منه عن وقت عمل العاملين أنه له شاهد ، لا عن وَقْت تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، لأن ذلك لو كان خبرًا عن شهوده تعالى ذكره وقتَ إفاضة القوم في القرآن، لكانت القراءة بالياء: " إذ يفيضون فيه " خبرًا منه عن المكذبين فيه.فإن قال قائل: ليس ذلك خبرًا عن المكذبين، ولكنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، (17) أنه شاهده إذْ تلا القرآن.، فإن ذلك لو كان كذلك لكان التنزيل : (إذ تفيضون فيه) ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم واحدٌ لا جمع، كما قال: (وما تتلوا منه من قرآن)، فأفرده بالخطاب ، ولكن ذلك في ابتدائه خطابَه صلى الله عليه وسلم بالإفراد ، ثم عَوْده إلى إخراج الخطاب على الجمع نظير قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ، [سورة الطلاق: 1] ، وذلك أن في قوله: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ، دليلا واضحًا على صرفه الخطابَ إلى جماعة المسلمين مع النبي صلى الله عليه وسلم مع جماعة الناس غيره، لأنه ابتدأ خطابه ، ثم صرف الخطابَ إلى جماعة الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم فيهم.، وخبرٌ عن أنه لا يعمل أحدٌ من عباده عملا إلا وهو له شاهد ، (18) يحصى عليه ويعلمه كما قال: (وما يعزب عن ربك) ، يا محمد ، عمل خلقه، ولا يذهب عليه علم شيء حيث كان من أرض أو سماء.* * *وأصله من " عزوب الرجل عن أهله في ماشيته "، وذلك غيبته عنهم فيها، يقال منه: " عزَبَ الرَّجل عن أهله يَعْزُبُ ويَعْزِبُ".* * *، لغتان فصيحتان، قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء. وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، لاتفاق معنييهما واستفاضتهما في منطق العرب، غير أني أميل إلى الضم فيه ، لأنه أغلب على المشهورين من القراء.* * *وقوله: (من مثقال ذرة)، يعني: من زنة نملة صغيرة.* * *يحكى عن العرب: " خذ هذا فإنه أخف مثقالا من ذاك، أي: أخفُّ وزنًا. (19)* * *و " الذرّة " واحدة : " الذرّ"، و " الذرّ"، صغار النمل. (20)* * *قال أبو جعفر: وذلك خبَرٌ عن أنه لا يخفى عليه جل جلاله أصغر الأشياء، وإن خف في الوزن كلّ الخفة، ومقاديرُ ذلك ومبلغه، ولا أكبرها وإن عظم وثقل وزنه، وكم مبلغ ذلك . يقول تعالى ذكره لخلقه: فليكن عملكم أيها الناس فيما يرضي ربَّكم عنكم، فإنّا شهود لأعمالكم، لا يخفى علينا شيء منها، ونحن محصُوها ومجازوكم بها.* * *واختلفت القراء في قراءة قوله: ( ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ) .فقرأ ذلك عامة القراء بفتح الراء من (أَصْغَرَ) و (أَكْبَرَ) على أن معناها الخفض، عطفًا بالأصغر على الذرة ، وبالأكبر على الأصغر، ثم فتحت راؤهما ، لأنهما لا يُجْرَيان.* * *وقرأ ذلك بعض الكوفيين: [وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ] رفعًا، عطفًا بذلك على معنى المثقال، لأن معناه الرفع. وذلك أن (مِنْ) لو ألقيت من الكلام ، لرفع المثقال، وكان الكلام حينئذٍ: " وما يعزُب عن ربك مثقالُ ذرة ولا أصغرُ من مثقال ذرة ولا أكبرُ" ، وذلك نحو قوله: مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ، و غَيْرُ اللَّهِ ، [سورة فاطر: 3]. (21)* * *قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب، قراءةُ من قرأ بالفتح ، على وجه الخفض والردّ على الذرة، لأن ذلك قراءة قراء الأمصار ، وعليه عَوَامٌّ القراء، وهو أصحُّ في العربية مخرجًا ، وإن كان للأخرى وجهٌ معروفٌ.* * *وقوله: (إلا في كتاب) ، يقول: وما ذاك كله إلا في كتاب عند الله ، (مبين) ، عن حقيقة خبر الله لمن نظر فيه. (22) أنه لا شيء كان أو يكون إلا وقد أحصاه الله جل ثناؤه فيه، وأنه لا يعزُب عن الله علم شيء من خلقه حيث كان من سمائه وأرضه.* * *17701- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وما يعزب) ، يقول: لا يغيب عنه.17702- حدثني محمد بن عمارة قال ، حدثنا عبد الله قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس: (وما يعزب عن ربك)، قال: ما يغيب عنه.------------------------الهوامش:(14) انظر تفسير " التلاوة " فيما سلف من فهارس اللغة ( تلا . ) .(15) انظر تفسير " الإفاضة " فيما سلف 4 : 170 .(16) في المطبوعة : " فتشيعون " بالفاء ، لم يحسن قراءة المخطوطة .(17) في المطبوعة : " ولكن خطاب " ، بحذف الهاء ، وأثبتها من المخطوطة .(18) قوله : " وخبر عن أنه لا يعمل أحد " معطوف على قوله في أول هذه الفقرة : " إنما هو خبر عن وقت عمل العاملين . . . " .(19) انظر تفسير " المثقال " فيما سلف 8 : 360 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 278 ، وهو نص كلامه .(20) انظر تفسير " الذرة " فيما سلف 8 : 360 ، 361 .(21) لم يذكر أبو جعفر قراءة الرفع في هذه الآية ، في موضعها من تفسير " سورة فاطر " ، فيما سيأتي 22 : 77 ( بولاق ) ، وسأشير إلى ذلك في موضعه هناك . وهذا دليل آخر على اختصار أبي جعفر ، تفسيره في مواضع ، كما أشرت إليه في كثير من تعليقاتي .(22) انظر تفسير " مبين " فيما سلف من فهارس اللغة ( بين )

الصفحة السابقة الصفحة التالية