تفسير سورة ق الصفحة 520 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 520 من المصحف


وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا۟ فِى ٱلْبِلَٰدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)


القول في تأويل قوله تعالى : وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36)وقوله ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ) يقول تعالى ذكره: وكثيرا أهلكنا قبل هؤلاء المشركين من قريش من القرون,( هُمْ أَشَدَّ ) من قريش الذين كذّبوا محمدا( بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ ) يقول: فَخَرَّقُوا (1) البلادَ فساروا فيها, فطافوا وتوغَّلوا إلى الأقاصي منها; قال امرؤ القَيس:لقَدْ نَقَّبْتُ فِي الآفاقِ حتَّىرَضِيتُ مِنَ الغَنِيمَةِ بالإياب (2)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ ) قال: أثَّروا.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ ) قال: يقول: عملوا في البلاد ذاك النقْب.* ذكر من قال ذلك:وقوله ( هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ) يقول جلّ ثناؤه: فهل كان لهم بتنقبهم في البلاد من معدل عن الموت; ومَنْجي من الهلاك إذ جاءهم أمرنا.وأضمرت كان في هذا الموضع, كما أضمرت في قوله وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ بمعنى: فلم يكن لهم ناصر عند إهلاكهم. وقرأت القرّاء قوله ( فَنَقَّبُوا ) بالتشديد وفتح القاف على وجه الخبر عنهم. وذُكر عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ ذلك ( فَنَقِبُوا ) بكسر القاف على وجه التهديد والوعيد: أي طوّفوا في البلاد, وتردّدوا فيها, فإنكم لن تفوتونا بأنفسكم.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( مِنْ مَحِيصٍ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ )... حتى بلغ ( هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ) قد حاص الفَجرة فوجدوا أمر الله مُتَّبِعا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله ( فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ) قال: حاص أعداء الله, فوجدوا أمر الله لهم مُدْرِكا.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ) قال: هل من منجي.

إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)


القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)يقول تعالى ذكره: إن في إهلاكنا القرون التي أهلكناها من قبل قريش ( لَذِكْرَى ) يُتذَكَّر بها( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) يعني: لمن كان له عقل من هذه الأمة, فينتهي عن الفعل الذي كانوا يفعلونه من كفرهم بربهم, خوفا من أن يحلّ بهم مثل الذي حل بهم من العذاب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) : أي من هذه الأمة, يعني بذلك القلبِ: القلبَ الحيّ.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) قال: من كان له قلب من هذه الأمة.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) قال: قلب يعقل ما قد سمع من الأحاديث التي ضرب الله بها من عصاه من الأمم. والقلب في هذا الموضع: العقل. وهو من قولهم: ما لفلان قلب, وما قلبه معه: أي ما عقله معه. وأين ذهب قلبك؟ يعني أين ذهب عقلك.وقوله ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) يقول: أو أصغى لإخبارنا إياه عن هذه القرون التي أهلكناها بسمعه, فيسمع الخبر عنهم, كيف فعلنا بهم حين كفروا بربهم, وعصوْا رسله ( وَهُوَ شَهِيدٌ ) يقول: وهو متفهم لما يخبرُ به عنهم شاهد له بقلبه, غير غافل عنه ولا ساه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وإن اختلفت الفاظهم فيه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) يقول: إن استمع الذكر وشهد أمره, قال في ذلك: يجزيه إن عقله (3) .حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ) قال: وهو لا يحدّث نفسه, شاهد القلب.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) قال: العرب تقول: ألقى فلان سمعه: أي استمع بأذنيه, وهو شاهد, يقول: غير غائب.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) قال: يسمع ما يقول, وقلبه في غير ما يسمع.وقال آخرون: عنى بالشهيد في هذا الموضع: الشهادة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) يعني بذلك أهل الكتاب, وهو شهيد على ما يقرأ في كتاب الله من بعث محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) على ما في يده من كتاب الله أنه يجد النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مكتوبا.قال: ثنا ابن ثور, قال: قال معمر, وقال الحسن: هو منافق استمع القول ولم ينتفع.حدثنا أحمد بن هشام, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن السديّ, عن أبي صالح في قوله ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) قال: المؤمن يسمع القرآن, وهو شهيد على ذلك.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) قال: ألقى السمع يسمع ما قد كان مما لم يعاين من الأحاديث عن الأمم التي قد مضت, كيف عذّبهم الله وصنع بهم حين عَصوا رسله.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)


القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)يقول تعالى ذكره: ولقد خلقنا السموات السبع والأرض وما بينهما من الخلائق في ستة أيام, وما مسنا من إعياء.كما حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, عن أبي بكر, قال: جاءت اليهود إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقالوا: يا محمد أخبرنا ما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة؟ فقال: " خَلَقَ اللّهُ الأرْضَ يَوْمَ الأحَدِ وَالاثْنَيْنِ, وَخَلقَ الجِبالَ يَوْمَ الثُّلاثاءِ, وَخَلَقَ المَدائِنَ والأقْوَاتَ والأنهارَ وعُمْرانها وَخَرَابها يَوْمَ الأرْبِعاءِ, وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالمَلائِكَةَ يَوْمَ الخَمِيس إلى ثَلاثِ ساعاتٍ, يعْنِي مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ, وَخَلَقَ فِي أوَّلِ الثَّلاثِ السَّاعاتِ الآجالَ , وفي الثَّانِيَةِ الآفَة, وفي الثَّالِثَةِ آدَمَ, قالوا: صدقت إن أتممت, فعرف النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما يريدون, فغضب, فأنزل الله وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ .قال ثنا مهران, عن سفيان ( وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) قال: من سآمة.حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) يقول: من إزحاف (4) .حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه; عن ابن عباس : ( وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) يقول: وما مسنا من نَصَب.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) قال: نصب.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ )... الآية, أكذب الله اليهود والنصارى وأهل الفرى على الله, وذلك أنهم قالوا: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام, ثم استراح يوم السابع, وذلك عندهم يوم السبت, وهم يسمونه يوم الراحة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( مِنْ لُغُوبٍ ) قالت اليهود: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام, ففرغ من الخلق يوم الجمعة, واستراح يوم السبت, فأكذبهم الله, وقال ( وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) .حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) كان مقدار كلّ ألف سنة مما تعدّون.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) قال: لم يَمَسَّنا في ذلك عناء, ذلك اللغوب.

فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ (39)


القول في تأويل قوله تعالى : فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : فاصبر يا محمد على ما يقول هؤلاء اليهود, وما يفترون على الله, ويكذبون عليه, فإن الله لهم بالمِرصاد ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ) يقول: وصلّ بحمد ربك صلاة الصبح قبل طلوع الشمس وصلاة العصر قبل الغروب.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ) لصلاة الفجر, وقبل غروبها: العصر.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ) قبل طلوع الشمس: الصبح, وقبل الغروب: العصر.

وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَٰرَ ٱلسُّجُودِ (40)


وقوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) اختلف أهل التأويل في التسبيح الذي أمر به من الليل, فقال بعضهم: عني به صلاة العَتمة.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ ) قال: العَتَمة وقال آخرون: هي الصلاة بالليل في أيّ وقت صلى.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمارة الأسدي, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) قال: من الليل كله.والقول الذي قاله مجاهد في ذلك أقرب إلى الصواب, وذلك أن الله جلّ ثناؤه قال ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) فلم يَحُدَّ وقتا من الليل دون وقت. وإذا كان ذلك كذلك كان على جميع ساعات الليل. وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا, فهو بأن يكون أمرا بصلاة المغرب والعشاء, أشبه منه بأن يكون أمرا بصلاة العَتَمة, لأنهما يصلَّيان ليلا.وقوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) يقول: سبح بحمد ربك أدبار السجود من صلاتك.واختلف أهل التأويل في معنى التسبيح الذي أمر الله نبيه أن يسبحه أدبار السجود, فقال بعضهم: عُنِي به الصلاة, قالوا: وهما الركعتان اللتان يصليان بعد صلاة المغرب.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عنبسة, عن أبي إسحاق, عن الحارث, قال: سألت عليا, عن أديار السجود, فقال: الركعتان بعد المغرب.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا ابن جُرَيج, عن مجاهد, قال: قال عليّ رضي الله عنه ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا مصعب بن سلام, عن الأجلح, عن أبي إسحاق, عن الحارث. قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن الحارث, عن عليّ رضي الله عنه , في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: الركعتان بعد المغرب.قال: ثنا يحيى, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن الحارث, عن عاصم بن ضمرة, عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما, قال ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا حماد, قال: ثنا عليّ بن زيد, عن أوس بن خالد, عن أبي هريرة, قال: أدبار السجود: ركعتان بعد صلاة المغرب.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن علوان بن أبي مالك, عن الشعبيّ, قال: ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن جابر, عن عكرِمة, عن ابن عباس وإبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن إبراهيم بن مهاجر, عن إبراهيم, مثله.حدثنا ابن المثنى. قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن إبراهيم بن مهاجر, عن إبراهيم في هذه الآية ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) - وَإِدْبَارَ النُّجُومِ قال: الركعتان قبل الصبح, والركعتان بعد المغرب, قال شعبة: لا أدري أيتهما أدبار السجود, ولا أدري أيتهما إدبار النجوم.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: كان مجاهد يقول: ركعتان بعد المغرب.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: هما السجدتان بعد صلاة المغرب.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو فضيل, عن رشدين بن كُرَيب, عن أبيه, عن ابن عباس, قال: قال لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " يا ابْنَ عَبَّاس رَكْعَتانِ بَعْدَ المَغْرِب أدْبارَ السُّجُود ".حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: أخبرنا أبو زرعة, وهبة الله بن راشد, قال: أخبرنا حيوة بن شريح, قال: أخبرنا أبو صخر, أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصهباء البكريّ يقول: سألت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: هما ركعتان بعد المغرب.حدثني سعيد بن عمرو السكوني, قال: ثنا بقية, قال: ثنا جرير, قال: ثنا حمير بن يزيد الرحبي, عن كُرَيب بن يزيد الرحبي; قال: وكان جبير بن نفير يمشي إليه, قال: كان إذا صلى الركعتين قبل الفجر, والركعتين بعد المغرب أخفّ, وفسَّر إدبار النجوم, وأدبار السجود.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن عيسى بن يزيد, عن أبي إسحاق الهمداني, عن الحسن ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عنبسة, عن المُغيرة, عن إبراهيم, قال: كان يقال ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.قال: ثنا عنبسة, عن إبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.قال: ثنا جرير, عن عطاء, قال: قال عليّ: أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن البرّ, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: سُئل الأوزاعيّ عن الركعتين بعد المغرب, قال: هما في كتاب الله ( فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ).حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن حُمَيد, عن الحسن, عن عليّ رضي الله عنه في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: ركعتان بعد المغرب.وقال آخرون: عنى بقوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : التسبيح في أدبار الصلوات المكتوبات, دون الصلاة بعدها.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال ابن عباس في ( فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: هو التسبيح بعد الصلاة.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: كان ابن عباس يقول: التسبيح. قال ابن عمرو: في حديثه في إثر الصلوات كلها. وقال الحارث في حديثه في دُبر الصلاة كلها.وقال آخرون: هي النوافل في أدبار المكتوبات.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : النوافل.وأولى الأقوال في ذلك بالصحة, قول من قال: هما الركعتان بعد المغرب, لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك, ولولا ما ذكرت من إجماعها عليه, لرأيت أن القول في ذلك ما قاله ابن زيد, لأن الله جلّ ثناؤه لم يخصص بذلك صلاة دون صلاة, بل عمّ أدبار الصلوات كلها, فقال: وأدبار السجود, ولم تقم بأنه معنيّ به: دبر صلاة دون صلاة, حجة يجب التسليم لها من خبر ولا عقل.واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) فقرأته عامة قرّاء الحجاز والكوفة, سوى عاصم والكسائي ( وإدْبارِ السُّجُودِ ) بكسر الألف, على أنه مصدر أدبر يُدبر إدبارا. وقرأه عاصم والكسائي وأبو عمرو ( وأدْبارَ ) بفتح الألف على مذهب جمع دبر وأدبار.والصواب عندي الفتح على جمع دبر.

وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41)


القول في تأويل قوله تعالى : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة, يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب.وذُكر أنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا الوليد بن مسلم, عن سعيد بن بشر, عن قتادة, عن كعب, قال : ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال مَلك قائم على صخرة بيت المقدس ينادي: أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة; إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.حدثنا بشر; قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد; عن قتادة ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال: كنا نحدّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة, وهي أوسط الأرض.وحُدّثنا أن كعبا قال: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال: بلغني أنه ينادي من الصخرة التي في بيت المقدس.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال: هي الصيحة.حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا الوليد بن مسلم, قال: ثني بعض أصحابنا, عن الأغرّ, عن مسلم بن حيان, عن ابن بُريدة, عن أبيه بُريدة, قال: مَلك قائم على صخرة بيت المقدس, واضع أصبعيه في أذُنيه ينادي, قال: قلتُ: بماذا ينادي؟ قال: يقول يا أيها الناس هلموا إلى الحساب; قال: فيقبلون كما قال الله كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ .

يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَٰلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ (42)


وقوله ( يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ) يقول تعالى ذكره: يوم يسمع الخلائق صيحة البعث من القبور بالحق, يعني بالأمر بالإجابة لله إلى موقف الحساب.وقوله ( ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) يقول تعالى ذكره. يوم خروج أهل القبور من قبورهم.

إِنَّا نَحْنُ نُحْىِۦ وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ (43)


القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43)يقول تعالى ذكره: إنا نحن نُحيي الموتى ونميت الأحياء, وإلينا مصير جميعهم يوم القيامة ( تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ) يقول جلّ ثناؤه وإلينا مصيرهم يوم تشقَّق الأرض, فاليوم من صلة مصير.

يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44)


وقوله ( تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ ) يقول: تصدّع الأرض عنهم. وقوله ( سِرَاعًا ) ونُصبت سراعا على الحال من الهاء والميم فى قوله عنهم. والمعنى: يوم تشقَّق الأرض عنهم فيخرجون منها سراعا, فاكتفى بدلالة قوله ( يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ ) على ذلك من ذكره.قوله ( ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ) يقول: جمعهم ذلك جمع في موقف الحساب, علينا يسير سهل.

نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)


القول في تأويل قوله تعالى : نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)يقول تعالى ذكره: نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون بالله من فريتهم على الله, وتكذيبهم بآياته, وإنكارهم قُدرة الله على البعث بعد الموت. ( وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ) يقول: وما أنت عليهم بمسلط.كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم. قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ) قال: لا تتجبر عليهم.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ) فإن الله عزّ وجلّ كره الجبرية, ونهى عنها, وقدّم فيها. وقال الفرّاء: وضع الجبار في موضع السلطان من الجبرية; وقال: أنشدني المفضل:وَيَوْمَ الحَزْنِ إذْ حَشَدَتْ مَعَدّوكانَ النَّاسُ إلا نَحْنُ دِيناعَصَيْنا عَزْمَةَ الجَبَّارِ حَتَّىصَبَحْنا الجَوْفَ ألْفا مُعْلَمِينا (5)ويروى: " الجوف " وقال: أراد بالجبار: المنذر لولايته.قال: وقيل: إن معنى قوله ( وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ) لم تُبعث لتجْبُرَهم على الإسلام, إنما بعثت مذكِّرا, فذكِّر. وقال: العرب لا تقول فعال من أفعلت, لا يقولون: هذا خراج, يريدون: مُخْرِج, ولا يقولون: دخَال, يريدون: مُدْخِل, إنما يقولون: فعال, من فعلت; ويقولون: خراج, من خرجت; ودخال: من دخلت; وقتَّال, من قتلت. قال: وقد قالت العرب في حرف واحد: درّاك, من أدركت, وهو شاذّ.قال: فإن قلت الجبار على هذا المعنى, فهو وجه. قال: وقد سمعت بعض العرب يقول: جبره على الأمر, يريد: أجبره, فالجبار من هذه اللغة صحيح, يراد به: يقهرهم ويجبرهم.وقوله ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ) يقول تعالى ذكره: فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليه من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري.حدثني نصر بن عبد الرحمن الأوديّ, قال: ثنا حكام الرازي, عن أيوب, عن عمرو الملائي, عن ابن عباس, قال: قالوا يا رسول الله لو خوّفتنا؟ فنزلت ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ).حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن, عن عمرو بن قيس, قال: قالوا: يا رسول الله, لو ذكَّرتنا, فذكر مثله.آخر تفسير سورة ق

الصفحة السابقة