تفسير سورة الرحمن الصفحة 534 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 534 من المصحف


فِيهِمَا فَٰكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)


القول في تأويل قوله تعالى : فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)يقول تعالى ذكره : وفي هاتين الجنتين المدهامتَّين فاكهة ونخل ورمَّان.وقد اختلف في المعنى الذي من أجله أعيد ذكر النخل والرمان؛ وقد ذكر قبل أن فيهما الفاكهة، فقال بعضهم: أعيد ذلك لأن النخل والرمان ليسا من الفاكهة.وقال آخرون : هما من الفاكهة؛ وقالوا: قلنا هما من الفاكهة، لأن العرب تجعلهما من الفاكهة، قالوا: فإن قيل لنا: فكيف أعيدا وقد مضى ذكرهما مع ذكر سائر الفواكه؟ قلنا: ذلك كقوله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ، فقد أمرهم بالمحافظة على كلّ صلاة، ثم أعاد العصر تشديدا لها، كذلك أعيد النخل والرمَّان ترغيبا لأهل الجنة. وقال: وذلك كقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ، ثم قال وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ، وقد ذكرهم في أوّل الكلمة في قوله: مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن رجل، عن سعيد بن جُبير قال: " نخل الجنة جذوعها من ذهب، وعروقها من ذهب، وكرانيفها من زمرد، وسعفها كسوة لأهل الجنة، ورطبها كالدلاء، أشدّ بياضا من اللبن، وألين من الزبد، وأحلى من العسل، ليس له عَجَم ".قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن وهب الذماري، قال: " بلغنا أن في الجنة نخلا جذوعها من ذهب، وكرانيفها من ذهب، وجريدها من ذهب وسعفها، كسوة لأهل الجنة، كأحسن حلل رآها الناس قط، وشماريخها من ذهب، وعراجينها من ذهب، وثفاريقها من ذهب، ورطبها أمثال القلال، أشدّ بياضا من اللبن والفضة، وأحلى من العسل والسكر، وألين من الزُّبد والسَّمْن " .

فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69)


وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول : فبأيّ نعم ربكما تكذّبان، يقول: فبأيّ نعم ربكما التي أنعمها عليكم -بهذه الكرامة التي أكرم بها محسنكم- تكذّبان.

فِيهِنَّ خَيْرَٰتٌ حِسَانٌ (70)


وقوله: ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) يقول تعالى ذكره: في هذه الجنان الأربع اللواتي اثنتان منهنّ لمن يخاف مقام ربه، والأخريان منهنّ من دونهما المدهامتان خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ )، يقول: في هذه الجنان خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: خيرات في الأخلاق، حسان في الوجوه.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: الخيرات الحسان: الحور العين.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوام، عن قتادة ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.حدثنا أبو هشام، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي عبيد، عن مسروق، عن عبد الله ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: في كل خيمة زوجة.حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد بن الفرج الصّدَفيّ الدمياطي عن عمرو بن هاشم، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أمّ سلمة قالت " قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله: ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: خَيْرَاتُ الأخْلاقِ، حِسانُ الوُجُوهِ".

فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71)


قوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول: فبأيّ نِعم ربكما التي أنعم عليكما -بما ذكر- تكذّبان.

حُورٌ مَّقْصُورَٰتٌ فِى ٱلْخِيَامِ (72)


القول في تأويل قوله تعالى : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء الخيرات الحسان ) حُورٌ ) يعني بقوله حور : بِيض، وهي جمع حوراء، والحوراء: البيضاء.وقد بيَّنا معنى الحور فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو هشام، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد ( حُورٌ ) قال: بيض.قال: ثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد ( حُورٌ ) قال: بيض.قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، ( حُورٌ ) قال: النساء.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ ) الحوراء: العَيْناء الحسناء.حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، الحور: سواد في بياض.قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله : (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الحور: البيض قلوبهم وأنفسهم وأبصارهم .وأما قوله: ( مَقْصُورَاتٌ )، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم : تأويله؛ أنهنّ قُصِرْن على أزواجهنّ، فلا يبغين بهم بدلا ولا يرفعن أطرافهن إلى غيرهم من الرجال.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو هشام، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قُصِر طرفهنّ وأنفسهنّ على أزواجهنّ.حدثنا أبو هشام، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( مَقْصُورَاتٌ )، قال: قُصر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم.حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قَصَرْن أنفسَهنّ وأبصارهنّ على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم.حدثنا أبو هشام، قال: ثنا عبيد الله وابن اليمان، عن أبي جعفر، عن الربيع (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ.حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قصرن أنفسهنّ وقلوبهن وأبصارهنّ على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قصر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم.حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا جرير، عن منصور عن مجاهد، قوله: ( مَقْصُورَاتٌ ) قال: مقصورات على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم.وقال آخرون: عُنِي بذلك أنهنّ محبوسات في الحجال.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: محبوسات في الخيام.حدثنا جعفر بن محمد البزوري، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر، عن الربيع، بمثله.حدثنا أبو هشام الرفاعيّ، قال: ثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن مجاهد، عن ابن عباس ( مَقْصُورَاتٌ ) قال: محبوسات.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: أخبرنا أبو معشر السندي، عن محمد بن كعب، قال: محبوسات في الحِجال.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: لا يبرحن الخيام.حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا عثام بن عليّ، عن إسماعيل، عن أبي صالح، في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: عَذارى الجنة.حدثنا أبو كُرَيب وأبو هشام قالا ثنا عثام بن عليّ، عن إسماعيل، عن أبي صالح، مثله.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( مَقْصُورَاتٌ ) قال: المحبوسات في الخيام لا يخرجن منها.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: محبوسات، ليس بطوّافات في الطرق.والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وصفهنّ بأنهن مقصورات في الخيام، والقصر: هو الحبس. ولم يخصص وصفهنّ بأنهنّ محبوسات على معنى من المعنيين اللذين ذكرنا دون الآخر، بل عمّ وصفهنّ بذلك. والصواب أن يعمّ الخبر عنهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم، كما عمّ ذلك.وقوله: ( فِي الخِيام ) يعني بالخيام : البيوت، وقد تسمي العرب هوادج النساء خياما؛ ومنه قول لبيد:شاقَتْكَ ظُعْنُ الحَي يَوْم تَحَمَّلُوافَتَكَنَّسُوا قُطُنا تَصِرُّ خِيامُها (1)وأما في هذه الآية فإنه عُنِيَ بها البيوت.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى، عن سعيد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عبد الملك بن ميسرة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الدر المجوّف.حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك عن أبي الأحوص، عن عبد الله، مثله.حدثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: ثنا فضيل بن عياش، عن هشام، عن محمد، عن ابن عباس في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الخيمة لؤلؤة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب.حدثنا أبو هشام، قال: ثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس ( فِي الخِيامِ ) قال: بيوت اللؤلؤ.حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا إدريس الأودي، عن شمر بن عطية، عن أبي الأحوص، قال، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أتدرون ما حور مقصورات في الخيام؟ الخيام : درّ مجوّف.قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا مسعر، عن عبد الملك، عن أبي الأحوص في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: درّ مجوّف.وبه عن أبي الأحوص قال: الخيمة: درّة مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب.قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة،عن ابن عباس قال: الخيمة في الجنة من درّة مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف مصراع.حدثني أحمد بن المقدام، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة، عن خليد العصريّ قال: لقد ذكر لي أن الخيمة لؤلؤة مجوّفة، لها سبعون مِصْراعا، كلّ ذلك من درّ.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبير أنه قال: الخيام: درّ مجوّف.قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: الخيام: درّ مجوّف.حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا وكيع ويعلى عن منصور، عن مجاهد ( في الخيام )، قال: الدرّ المجوف.حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فِي الخِيامِ ) قال: خيام: درّ مجوّف.قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن حرب بن بشير، عن عمرو بن ميمون، قال: الخيام : الخيمة : درّة مجوّفة.حدثنا أبو هشام، قال: ثنا وكيع، عن سَلَمة بن نُبَيط، عن الضحاك، قال: الخيمة درّة مجوفة.حدثنا أبو هشام، قال: ثنا ابن اليمان، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب ( فِي الخِيامِ ): في الحجال. قال: ثنا عبيد الله وابن اليمان، عن أبي جعفر، عن الربيع ( فِي الخِيامِ ) قال: في الحجال.حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن مجاهد ( فِي الخِيامِ ) قال: خيام اللؤلؤ.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فِي الخِيامِ )، الخيام: اللؤلؤ والفضة، كما يقال والله أعلم.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ )، ذُكر لنا أن ابن عباس كان يقول : الخيمة: درّة مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة الآف باب من ذهب.وقال: قتادة: كان يقال: مسكن المؤمن في الجنة، يسير الراكب الجواد فيه ثلاث ليال، وأنهاره وجنانه وما أعدّ الله له من الكرامة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال، قال ابن عباس: الخيمة: درّه مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف باب من ذهب.&; 23-82 &;حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ )، قال: يقال: خيامهم في الجنة من لؤلؤ.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الخيام: الدرّ المجوّف.حدثنا محمد بن المثنى قال: ثني حِرْميّ بن عمارة، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عمارة، عن أبي مجلز " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال في قول الله (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: درّ مُجَوَّفٌ".حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول كان ابن مسعود يحدّث عن نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " هِيَ الدُّرّ المُجَوَّفُ " يعني الخيام في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ).حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: في خيام اللؤلؤ.

فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73)


وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول : فبأيّ نعم ربكما التي أنعم عليكما -من الكرامة، بإثابة محسنكم هذه الكرامة- تكذّبان.

لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَآنٌّ (74)


وقوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) يقول تعالى ذكره : لم يمسهنّ بنكاح فيدميهن إنس قبلهم ولا جانّ.وقرأت قرّاء الأمصار ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ ) بكسر الميم في هذا الموضع وفي الذي قبله. وكان الكسائيّ يكسر إحداهما. ويضمّ الأخرى.والصواب من القراءة في ذلك ؛ ما عليه قرّاء الأمصار لأنها اللغة الفصيحة، والكلام المشهور من كلام العرب.

فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75)


وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول : فبأيّ نِعمَ ربكما التي أنعم عليكم بها -مما وصف - تكذّبان.

مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ (76)


القول في تأويل قوله تعالى : مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)يقول تعالى ذكره : ينعم هؤلاء الذين أكرمهم جلّ ثناؤه هذه الكرامة، التي وصفها في هذه الآيات، في الجنتين اللتين وصفهما(مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ).واختلف أهل التأويل في معنى الرفرف، فقال بعضهم: هي رياض الجنة، واحدتها: رفرفة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير أنه قال فِي هذه الآية (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: رياض الجنة.حدثنا عباس بن محمد، قال: ثنا أبو نوح، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، مثله.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا سعيد بن جُبير، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: الرفرف: رياض الجنة.وقال آخرون: هي المحابس.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) يقول: المحابس.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي. قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ): قال: الرفرف فضول المحابس والبسط.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: هي البسط، أهل المدينة يقولون: هي البسط.حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كُهيل الحضرميّ، عن رجل يقال له غزوان، (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: فضول المحابس.قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن هارون، عن عنترة، عن أبيه، قال: فضول الفُرُش والمحابس.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن مروان، في قوله: (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: فضول المحابس.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: الرفرف الخضر: المحابس.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: محابس خضر.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: هي المحابس.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: الرفرف: المحابس.وقال آخرون : بل هي المرافق.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال، قال الحسن: الرفرف: مرافق خُضْر، وأما العبقريّ، فإنه الطنافس الثخان، وهي جماع واحدها :عبقرية .وقد ذُكر أن العرب تسمي كل شيء من البسط عبقريا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: الزرابيّ.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: العبقريّ: الزرابيّ الحسان.حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبَير، في قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: العبقريّ: عتاق الزرابيّ.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: العبقريّ، الزرابيّ.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: الزرابيّ.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: زرابيّ.حدثي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: العبقريّ: الطنافسي.وقال آخرون : العبقريّ :الديباج.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: هو الديباج. والقرّاء في جميع الأمصار على قراءة ذلك (عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) بغير ألف في كلا الحرفين . وذُكر عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خبر غير محفوظ، ولا صحيح السند ( على رفَارِفَ خُضْرٍ وعَباقِِرِيّ ) بالألف والإجراء . وذُكر عن زُهير الفرقبي أنه كان يقرأ ( على رَفارِفَ خُضْرٍ )، بالألف وترك الإجراء، ( وَعَبَاقِرِيّ حِسانٍ ) بالألف أيضا، وبغير إجراء . وأما الرفارف في هذه القراءة، فإنها قد تحتمل وجه الصواب. وأما العباقريّ، فإنه لا وجه له في الصواب عند أهل العربية، لأن ألف الجماع لا يكون بعدها أربعة أحرف، ولا ثلاثة صحاح. وأما القراءة الأولى التي ذُكرت عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلو كانت صحيحة، لوجب أن تكون الكلمتان غير مجراتين.

فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)


وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره : فبأيّ نِعم ربكما التي أنعم عليكم -من إكرامه أهل الطاعة منكم هذه الكرامة - تكذّبان.

تَبَٰرَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِى ٱلْجَلَٰلِ وَٱلْإِكْرَامِ (78)


وقوله (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ) يقول تعالى ذكره: تبارك ذكر ربك يا محمد، ( ذِي الجَلالِ ): يعني ذي العظمة، (والإكْرامِ ) يعني: ومن له الإكرام من جميع خلقه.كما حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) يقول: ذو العظمة والكبرياء.آخر تفسير سورة الرحمن عزّ و جلّ

الصفحة السابقة