تفسير سورة الأنعام الصفحة 132 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 132 من المصحف


إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)


القول في تأويل قوله : إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يكبُرنّ عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك، وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربّهم والإقرار بنبوّتك, فإنه لا يستجيب لدعائك إلى ما تدعوه إليه من ذلك، (1) إلا الذين فتح الله أسماعهم للإصغاء إلى الحق، وسهَّل لهم اتباع الرُّشد, دون من ختم الله على سمعه، فلا يفقه من دعائك إياه إلى الله وإلى اتباع الحق إلا ما تفقه الأنعام من أصوات رُعاتها, فهم كما وصفهم به الله تعالى ذكره: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ [سورة البقرة: 171] =" والموتى يبعثهم الله " ، يقول: والكفارُ يبعثهم الله مع الموتى, فجعلهم تعالى ذكره في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتًا، ولا يعقلون دعاء، ولا يفقهون قولا إذ كانوا لا يتدبرون حُجج الله، ولا يعتبرون آياته، ولا يتذكرون فينزجرون عما هم عليه من تكذيب رُسل الله وخلافهم. (2)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك:13206 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " إنما يستجيب الذين يسمعون "، المؤمنون، للذكر =" والموتى " ، الكفار, حين يبعثهم الله مع الموتى.13207- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .13208 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " إنما يستجيب الذين يسمعون " ، قال: هذا مَثَل المؤمن، سمع كتاب الله فانتفع به وأخذ به وعقله. والذين كذَّبوا بآياتنا صم وبكم, وهذا مثل الكافر أصم أبكم, لا يبصر هدًى ولا ينتفع به.13209 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن سفيان الثوري, عن محمد بن جحادة, عن الحسن: " إنما يستجيب الذين يسمعون "، المؤمنون =" والموتى " ، قال: الكفار.13210- حدثني ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن محمد بن جحادة قال: سمعت الحسن يقول في قوله: " إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله " ، قال: الكفار.* * *وأما قوله: " ثم إليه يرجعون " ، فإنه يقول تعالى ذكره: ثم إلى الله يرجع المؤمنون الذين استجابوا لله والرسول, (3) والكفارُ الذين يحول الله بينهم وبين أن يفقهوا عنك شيئًا, فيثيب هذا المؤمن على ما سلف من صالح عمله في الدنيا بما وعد أهل الإيمان به من الثواب, ويعاقب هذا الكافرَ بما أوعدَ أهل الكفر به من العقاب, لا يظلم أحدًا منهم مثقال ذرة.---------------------الهوامش :(1) انظر تفسير"الاستجابة" فيما سلف 3: 483 ، 484/7 : 486 - 488.(2) في المطبوعة: "ولا يتذكرون فينزجروا" وفي المخطوطة: "ولا يتذكروا فينزجروا" والصواب ما أثبته.(3) في المطبوعة والمخطوطة: "ثم إلى الله يرجعون المؤمنون" ، وليس بشيء هنا ، والجيد ما أثبته.

وَقَالُوا۟ لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِۦ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)


القول في تأويل قوله : وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (37)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء العادلون بربهم، المعرضون عن آياته: " لولا نزل عليه آية من ربه " ، يقول: قالوا: هلا نزل على محمد آية من ربه؟ (4) كما قال الشاعر: (5)تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَل مَجْدِكُمْبَنِي ضَوْطَرَي, لَولا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا (6)بمعنى: هلا الكميَّ.* * *و " الآية "، العلامة. (7)* * *وذلك أنهم قالوا: مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا [سورة الفرقان : 7،8] . قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لقائلي هذه المقالة لك: " إنّ الله قادر على أن ينزل آية ", يعني: حجة على ما يريدون ويسألون=" ولكن أكثرهم لا يعلمون " ، يقول: ولكن أكثر الذين يقولون ذلك فيسألونك آية, (8) لا يعلمون ما عليهم في الآية إن نزلها من البلاء, ولا يدرون ما وجه ترك إنزال ذلك عليك, ولو علموا السبب الذي من أجله لم أنزلها عليك، لم يقولوا ذلك، ولم يسألوكه, ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.------------------الهوامش :(4) انظر تفسير"لولا" فيما سلف 2: 552 ، 553/10 : 448/ 11 : 262 ،(5) هو جرير.(6) مضى البيت وتخريجه وتفسيره وصواب نسبته فيما سلف 2: 552 ، 553.(7) انظر تفسير"الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي).(8) في المخطوطة: "ولكن أكثرهم الذين يقولون" ، والجيد ما في المطبوعة.

وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا طَٰٓئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلْكِتَٰبِ مِن شَىْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)


القول في تأويل قوله : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء المعرضين عنك، المكذبين بآيات الله: أيها القوم, لا تحسبُنَّ الله غافلا عما تعملون, أو أنه غير مجازيكم على ما تكسبون! وكيف يغفل عن أعمالكم، أو يترك مجازاتكم عليها، وهو غير غافل عن عمل شيء دبَّ على الأرض صغيرٍ أو كبيرٍ، (9) ولا عمل طائر طار بجناحيه في الهواء، بل جعل ذلك كله أجناسًا مجنَّسة وأصنافًا مصنفة, (10) تعرف كما تعرفون، وتتصرف فيما سُخِّرت له كما تتصرفون, ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها, ومُثْبَت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب, ثم إنه تعالى ذكره مميتها ثم منشرها ومجازيها يوم القيامة جزاءَ أعمالها. يقول: فالرب الذي لم يضيِّع حفظَ أعمال البهائم والدوابّ في الأرض، والطير في الهواء، حتى حفظ عليها حركاتها وأفعالها، وأثبت ذلك منها في أم الكتاب، وحشرها ثم جازاها على ما سلف منها في دار البلاء, أحرى أن لا يُضيع أعمالكم، ولا يُفَرِّط في حفظ أفعالكم التي تجترحونها، أيها الناس، حتى يحشركم فيجازيكم على جميعها, إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا, إذ كان قد خصكم من نعمه، وبسط عليكم من فضله، ما لم يعمَّ به غيركم في الدنيا, وكنتم بشكره أحقَّ، وبمعرفة واجبه عليكم أولى، لما أعطاكم من العقل الذي به بين الأشياء تميِّزون، والفهم الذي لم يعطه البهائم والطيرَ، الذي به بين مصالحكم ومضارِّكم تفرِّقون.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك:13211 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, قال ، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " أمم أمثالكم " ، أصناف مصنفة تُعرَف بأسمائها .13212- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد , مثله .13213- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " ، يقول: الطير أمة, والإنس أمة, والجن أمة.13214 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قوله: " إلا أمم أمثالكم " ، يقول: إلا خلق أمثالكم .13215- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنى حجاج, عن ابن جريج في قوله: " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " ، قال: الذرّة فما فوقها من ألوان ما خلق الله من الدواب .* * *وأما قوله: " ما فرطنا في الكتاب من شيء " ، فإن معناه: ما ضيعنا إثبات شيء منه، كالذي:-13216 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " ما فرطنا في الكتاب من شيء "، ما تركنا شيئًا إلا قد كتبناه في أم الكتاب.13217 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله : " ما فرطنا في الكتاب من شيء "، قال : لم نُغفِل الكتاب, ما من شيء إلا وهو في الكتاب. (11)13218- وحدثني به يونس مرة أخرى, قال في قوله: " ما فرطنا في الكتاب من شيء "، قال: كلهم مكتوبٌ في أم الكتاب .* * *وأما قوله: " ثم إلى ربهم يحشرون " ، فإن أهل التأويل اختلفوا في معنى " حشرهم "، الذي عناه الله تعالى ذكره في هذا الموضع. (12)فقال بعضهم: " حشرها "، موتها.* ذكر من قال ذلك:13219- حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن سعيد, عن مسروق, عن عكرمة, عن ابن عباس: " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم "، قال ابن عباس: موت البهائم حشرها. (13)13220- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " ثم إلى ربهم يحشرون " ، قال: يعني بالحشر، الموت .13221- حدثنا عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله : " ثم إلى ربهم يحشرون " ، يعني بالحشر: الموت.* * *وقال آخرون: " الحشر " في هذا الموضع، يعني به الجمعُ لبعث الساعة وقيام القيامة.* ذكر من قال ذلك:13222 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر = عن جعفر بن برقان, عن يزيد بن الأصم, عن أبي هريرة في قوله: " إلا أمم أمثالكم ما فرَّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون " ، قال: يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة, البهائمَ والدوابَّ والطيرَ وكل شيء, فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذَ للجمَّاء من القَرْناء, ثم يقول: " كوني ترابًا ", فلذلك يقول الكافر: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا [سورة النبأ: 40] . (14)13223 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر=، عن الأعمش, عمن ذكره، (15) عن أبي ذر قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ انتطحت عنزان, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون فيما انتطحتا؟ قالوا: لا ندري! قال: " لكن الله يدري, وسيقضي بينهما. (16)13224- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن سليم قال، حدثنا فطر بن خليفة, عن منذر الثوري, عن أبي ذر قال: انتطحت شاتان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أبا ذَرّ، أتدري فيم انتطحتا "؟ قلت: لا! قال: لكن الله يدري وسيقضي بينهما! قال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقلِّب طائرٌ جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علمًا.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ كل دابة وطائر محشورٌ إليه. وجائز أن يكون معنيًّا بذلك حشر القيامة = وجائز أن يكون معنيًّا به حشر الموت = وجائز أن يكون معنيًّا به الحشران جميعًا ، ولا دلالة في ظاهر التنزيل، ولا في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ ذلك المراد بقوله: " ثم إلى ربهم يحشرون " ، إذ كان " الحشر "، في كلام العرب الجمع, (17) ومن ذلك قول الله تعالى ذكره: وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ [سورة ص: 19] ، يعني: مجموعة. فإذ كان الجمع هو " الحشر "، وكان الله تعالى ذكره جامعًا خلقه إليه يوم القيامة، وجامعهم بالموت, كان أصوبُ القول في ذلك أن يُعَمَّ بمعنى الآية ما عمه الله بظاهرها = وأن يقال: كل دابة وكل طائر محشورٌ إلى الله بعد الفناء وبعد بعث القيامة, إذ كان الله تعالى ذكره قد عم بقوله: " ثم إلى ربهم يحشرون "، ولم يخصص به حشرًا دون حشر.* * *فإن قال قائل: فما وجهُ قوله: " ولا طائر يطير بجناحيه " ؟ وهل يطير الطائر إلا بجناحيه؟ فما في الخبر عن طيرانه بالجناحين من الفائدة؟قيل : قد قدمنا القول فيما مضى أن الله تعالى ذكره أنزل هذا الكتاب بلسان قوم، وبلغاتهم وما يتعارفونه بينهم ويستعملونه في منطقهم خاطبهم. فإذ كان من كلامهم إذا أرادوا المبالغة في الكلام أن يقولوا: " كلمت فلانًا بفمي", و " مشيت إليه برجلي", و " ضربته بيدي"، خاطبهم تعالى بنظير ما يتعارفونه في كلامهم، ويستعملونه في خطابهم, ومن ذلك قوله تعالى ذكره : (إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَي) [سورة ص: 23]. (18)-----------------------الهوامش :(9) انظر تفسير"دابة" فيما سلف 3: 275.(10) انظر تفسير"أمة" فيما سلف 10: 465 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(11) في المطبوعة: "لم نغفل ما من شيء . . ." ، أسقط"الكتاب" ، وهي ثابتة في المخطوطة.(12) انظر تفسير"الحشر" فيما سلف ص: 297 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(13) الأثر: 13219 -"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي" ، سلف قريبًا رقم: 13177 ، وكان هنا في المطبوعة والمخطوطة أيضًا"عبد الله بن موسى" ، وهو خطأ ، أشرت إليه فيما سلف.(14) الأثر: 13222 -"جعفر بن برقان الكلابي" ، ثقة ، مضى برقم: 4577 ، 7836.و"يزيد بن الأصم بن عبيد البكائي" ، تابعي ثقة ، مضى برقم: 7836.وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2: 316 ، من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن جعفر الجذري ، عن يزيد بن الأصم ، وقال: "جعفر الجذري هذا ، هو ابن برقان ، قد احتج به مسلم ، وهو صحيح على شرطه ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 308 ، 309 ، ثم قال: "وقد روي هذا مرفوعًا في حديث الصور". وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 11 ، وزاد نسبته لأبي عبيد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم. و"الجماء": الشاة إذا لم تكن ذات قرن. و"القرناء": الشاة الكبيرة القرن.(15) في المطبوعة والمخطوطة: "عن الأعمش ذكره" ، وهو سهو من الناسخ ، صوابه من تفسير ابن كثير. وقوله"عمن ذكره" كأنه يعني: "منذر الثوري" أو "الهزيل بن شرحبيل" كما يتبين من التخريج.(16) الأثران: 13223 ، 13224 -"إسحق بن سليمان الرازي العبدي" ، ثقة مضى برقم: 6456 ، 10238 ، 11240.و"فطر بن خليفة القرشي" ، ثقة ، مضى برقم: 3583 ، 6175 ، 7511. وكان في المطبوعة: "مطر بن خليفة" ، وهو خطأ ، صوابه في المخطوطة. و"منذر الثوري" ، هو: "منذر بن يعلى الثوري" ، ثقة ، قليل الحديث روى عن التابعين ، لم يدرك الصحابة. مضى برقم: 10839. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 153 ، مختصرًا من طريق ابن نمير ، عن الأعمش ، عن منذر ، عن أشياخ من التيم ، قالوا ، قال أبو ذر: "لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علمًا". ثم رواه أيضًا في المسند 5: 162 ، من ثلاث طرق ، مطولا ومختصرًا كالسالف ، أولها مطولا من طريق محمد بن جعفر ، عن سليمان ، عن منذر الثوري ، عن أشياخ لهم ، عن أبي ذر = ثم من الطريق نفسه مختصرًا كالسالف = ثم من طريق حجاج ، عن فطر ، عن المنذر ، بمعناه. قد تبين من رواية أحمد أن الذي روى عنه الأعمش في الإسناد الأول ، هو منذر الثوري نفسه.وإسناد هذه كلها إما منقطعة ، كإسناد أبي جعفر = أو فيها مجاهيل ، كأسانيد أحمد. ثم رواه أحمد في مسنده بغير هذا اللفظ ، (5 ، 172 ، 173) من طريق عبيد الله بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن ثروان ، عن الهزيل بن شرحبيل ، عن أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسًا وشاتان تقترتان ، فنطحت إحداهما الأخرى فأجهضتها. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل له: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: عجبت لها! والذي نفسي بيده ليقادن لها يوم القيامة".وكان في المسند: "عبد الرحمن بن مروان" ، وهو خطأ ، وإنما الراوي عن الهزيل ، هو"ابن ثروان". وهذا إسناد حسن متصل.(17) انظر تفسير"الحشر" فيما سلف ص: 346 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(18) في المطبوعة: ذكر الآية كقراءتها في مصحفنا ، هكذا: "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة" ، وليس هذا موضع استشهاد أبي جعفر ، والصواب في المخطوطة كما أثبته. وهي قراءة عبد الله بن مسعود ، وقد ذكرها أبو جعفر في تفسيره بعد (23: 91 ، بولاق) ثم قال: [وذلك على سبيل توكيد العرب الكلمة ، كقولهم: هذا رجل ذكر" ، ولا يكادون يفعلون ذلك إلا في المؤنث والمذكر الذي تذكيره وتأنيثه في نفسه ، كالمرأة والرجل والناقة ، ولا يكادون أن يقولوا: "هذه دار أنثى ، وملحفة أنثى" ، لأن تأنيثها في اسمها لا في معناها].

وَٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِى ٱلظُّلُمَٰتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ (39)


القول في تأويل قوله : وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين كذبوا بحجج الله وأعلامه وأدلته (19) =" صمٌّ"، عن سماع الحق =" بكم "، عن القيل به (20) =" في الظلمات " ، يعني: في ظلمة الكفر حائرًا فيها, (21) يقول: هو مرتطم في ظلمات الكفر, لا يبصر آيات الله فيعتبر بها, ويعلم أن الذي خلقه وأنشأه فدبَّره وأحكم تدبيره، وقدَّره أحسن تقدير، وأعطاه القوة، وصحح له آلة جسمه = لم يخلقه عبثًا، ولم يتركه سدًى, ولم يعطه ما أعطاه من الآلات إلا لاستعمالها في طاعته وما يرضيه، دون معصيته وما يسخطه. فهو لحيرته في ظلمات الكفر، وتردّده في غمراتها, غافلٌ عمَّا الله قد أثبت له في أمّ الكتاب، وما هو به فاعلٌ يوم يحشر إليه مع سائر الأمم. ثم أخبر تعالى ذكره أنه المضِلّ من يشاء إضلالَه من خلقه عن الإيمان إلى الكفر، والهادي إلى الصراط المستقيم منهم من أحبَّ هدايته، فموفّقه بفضله وطَوْله للإيمان به، وترك الكفر به وبرسله وما جاءت به أنبياؤه, وأنه لا يهتدي من خلقه أحد إلا من سبق له في أمّ الكتاب السعادة, ولا يضل منهم أحد إلا من سبق له فيها الشقاء, وأنّ بيده الخير كلُّه, وإليه الفضل كله, له الخلق والأمر. (22)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال قتادة:13225 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " صم وبكم "، هذا مثل الكافر، أصم أبكم, لا يبصر هدًى، ولا ينتفع به, صَمَّ عن الحق في الظلمات، لا يستطيع منها خروجًا، متسكِّع فيها.-------------------الهوامش :(19) انظر تفسير"الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي).(20) انظر تفسير"صم" و"بكم" فيما سلف 1: 328 - 331/3 : 315.(21) وحد الضمير بعد الجمع فقال: "حائرا فيها" ، يعني الكافر المكذب بآيات الله ، وهو جائز في مثل هذا الموضع من التفسير.(22) انظر تفسير"الضلال" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل).= وتفسير"الصراط المستقيم" فيما سلف 10: 429 ، تعليق: 4 ، والمراجع هناك.

قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَىٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ (40)


القول في تأويل قوله : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40)قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في معنى قوله: " أرأيتكم " .فقال بعض نحويي البصرة: " الكاف " التي بعد " التاء " من قوله: " أرأيتكم " إنما جاءت للمخاطبة, وتركت " التاء " مفتوحة = كما كانت للواحد. قال: وهي مثل " كاف "" رويدك زيدًا ", إذا قلت: أرود زيدًا = هذه " الكاف " ليس لها موضع مسمى بحرف، لا رفع ولا نصب, وإنما هي في المخاطبة مثل كاف " ذاك ". ومثل ذلك قول العرب: " أبصرَك زيدًا ", (23) يدخلون " الكاف " للمخاطبة.* * *وقال آخرون منهم: معنى: " أرأيتكم إن أتاكم " ، أرأيتم. قال: وهذه " الكاف " تدخل للمخاطبة مع التوكيد, و " التاء " وحدها هي الاسم, كما أدخلت " الكاف " التي تفرق بين الواحد والاثنين والجميع في المخاطبة، كقولهم: " هذا, وذاك, وتلك, وأولئك "، فتدخل " الكاف " للمخاطبة، وليست باسم, و " التاء " هو الاسم للواحد والجميع, تركت على حال واحدة, ومثل ذلك قولهم: " ليسك ثَمَّ إلا زيد ", يراد: ليس = و " لا سِيَّك زيد ", فيراد: ولا سيما زيد = و " بلاك " فيراد،" بلى " في معنى: " نعم " = و " لبئسك رجلا ولنعمك رجلا ". وقالوا : " انظرك زيدًا ما أصنع به " = و " أبصرك ما أصنع به "، بمعنى: أبصره. وحكى بعضهم: " أبصركُم ما أصنع به ", يراد: أبصروا = و " انظركم زيدًا "، أي انظروا. وحكي عن بعض بني كلاب: " أتعلمك كان أحد أشعرَ من ذي الرمة؟" فأدخل " الكاف ".وقال بعض نحويي الكوفة: " أرأيتك عمرًا " أكثر الكلام فيه ترك الهمز. قال: و " الكاف " من " أرأيتك " في موضع نصب, كأن الأصل: أرأيت نفسك على غير هذه الحال؟ قال: فهذا يثني ويجمع ويؤنث, فيقال: " أرأيتما كما " و " أرأيتموكم ". و " وَأَرَأَيْتُنَّكُنَّ"، (24) أوقع فعله على نفسه, وسأله عنها, ثم كثر به الكلام حتى تركوا " التاء " موحدة للتذكير والتأنيث والتثنية والجمع, فقالوا: " أرأيتكم زيدًا ما صنع ", و " أرأيتكنّ ما صنع ", فوحدوا التاء وثنوا الكاف وجمعوها، فجعلوها بدلا من " التاء "، (25) كما قال: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ [سورة الحاقة: 19]، و " هاء يا رجل ", و " هاؤما ", ثم قالوا: " هاكم ", اكتفى بالكاف والميم مما كان يثنى ويجمع. فكأن " الكاف " في موضع رفع، إذ كانت بدلا من " التاء ". وربما وحدت للتثنية والجمع والتذكير والتأنيث, وهي كقول القائل: " عليك زيدًا "," الكاف " في موضع خفض, والتأويل رفع. فأما ما يُجْلب فأكثر ما يقع على الأسماء, ثم تأتي بالاستفهام فيقال: " أرأيتك زيدًا هل قام ", لأنها صارت بمعنى: أخبرني عن زيد, ثم بيَّن عما يستخبر. فهذا أكثر الكلام. ولم يأت الاستفهام يليها. (26) لم يقل: " أرأيتك هل قمت ", لأنهم أرادوا أن يبيِّنوا عمن يسأل, ثم تُبيّن الحالة التي يسأل عنها. وربما جاء بالجزاء ولم يأت بالاسم, (27) فقالوا: " أرأيت إن أتيت زيدًا هل يأتينا " (28) = و " أرأيتك " أيضًا = و " أرأيتُ زيدًا إن أتيته هل يأتينا "، إذا كانت بمعنى: " أخبرني", فيقال باللغات الثلاث.* * *قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بالله الأوثانَ والأصنامَ: أخبروني، إن جاءكم، أيها القوم، عذاب الله, كالذي جاء من قبلكم من الأمم الذين هلك بعضهم بالرجفة, وبعضهم بالصاعقة = أو جاءتكم الساعة التي تنشرون فيها من قبوركم، وتبعثون لموقف القيامة, أغير الله هناك تدعون لكشف ما نزل بكم من البلاء، أو إلى غيره من آلهتكم تفزعون لينجيكم مما نزل بكم من عظيم البلاء؟ =" إن كنتم صادقين " ، يقول: إن كنتم محقّين في دعواكم وزعمكم أنّ آلهتكم التي تدعونها من دون الله تنفع أو تضر.-------------------الهوامش :(23) في المطبوعة: "انصرك زيدًا" بالنون ، والصواب بالباء كما سيأتي.(24) في المطبوعة فصل وكتب"أرأيتن كن" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو المطابق لما في معاني القرآن للفراء.(25) انظر معاني القرآن للفراء 1: 333 ، 334.(26) في المطبوعة ، مكان"يليها""ثنيها" وهو خطأ ، صوابه في المخطوطة.(27) في المطبوعة: "وربما جاء بالخبر" وهو خطأ ، صوابه في المخطوطة ، وإن كانت غير منقوطة ولا مهموزة. ومن أجل هذا التصرف ، تصرف في عبارة أبي جعفر كما سترى في التعليق التالي.(28) في المطبوعة: "فقالوا: أرأيت زيدًا هل يأتينا" ، حذف"إن أتيت" لسوء تصرفه كما في التعليق السابق.

بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)


القول في تأويل قوله : بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مكذِّبًا لهؤلاء العادلين به الأوثان: ما أنتم، أيها المشركون بالله الآلهةَ والأندادَ، إن أتاكم عذابُ الله أو أتتكم الساعة، بمستجيرين بشيء غير الله في حال شدة الهول النازل بكم من آلهة ووثن وصنم, بل تدعون هناك ربّكم الذي خلقكم، وبه تستغيثون، وإليه تفزعون، دون كل شيء غيره =" فيكشف ما تدعون إليه " ، يقول: فيفرِّج عنكم عند استغاثتكم به وتضرعكم إليه، عظيم البلاء النازل بكم إن شاء أن يفرج ذلك عنكم, لأنه القادر على كل شيء، ومالك كل شيء، دون ما تدعونه إلهًا من الأوثان والأصنام =" وتنسون ما تشركون " ، يقول: وتنسون حين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة بأهوالها، ما تشركونه مع الله في عبادتكم إياه, فتجعلونه له ندًّا من وثن وَصنم, وغير ذلك مما تعبدونه من دونه وتدعونه إلهًا.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُم بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)


القول في تأويل قوله : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: = متوعدًا لهؤلاء العادلين به الأصنامَ = ومحذِّرَهم أن يسلك بهم إن هم تمادَوا في ضلالهم سبيلَ من سلك سبيلهم من الأمم قبلهم، في تعجيل الله عقوبته لهم في الدنيا = ومخبرًا نبيَّه عن سنته في الذين خلوا قبلهم من الأمم على منهاجهم في تكذيب الرسل = : " لقد أرسلنا "، يا محمد،" إلى أمم "، يعني: إلى جماعات وقرون (29) =" من قبلك فأخذناهم بالبأساء "، يقول: فأمرناهم ونهيناهم, فكذبوا رسلنا، وخالفوا أمرنا ونهينا, فامتحناهم بالابتلاء =" بالبأساء ", وهي شدة الفقر والضيق في المعيشة (30) =" والضراء "، وهي الأسقام والعلل العارضة في الأجسام. (31)* * *وقد بينا ذلك بشواهده ووجوه إعرابه في" سورة البقرة "، بما أغني عن إعادته في هذا الموضع. (32)* * *وقوله: " لعلهم يتضرعون " يقول: فعلنا ذلك بهم ليتضرعوا إليّ, ويخلصوا لي العبادة, ويُفْردوا رغبتهم إليَّ دون غيري، بالتذلل منهم لي بالطاعة، والاستكانة منهم إليّ بالإنابة.* * *وفي الكلام محذوفٌ قد استغني بما دلّ عليه الظاهرمن إظهاره دون قوله: (33) " ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم "، وإنما كان سبب أخذه إياهم، تكذيبهم الرسل وخلافهم أمرَه = لا إرسال الرسل إليهم. وإذ كان ذلك كذلك, فمعلوم أن معنى الكلام: " ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك " رسلا فكذبوهم," فأخذناهم بالبأساء ".* * *و " التضرع ": هو " التفعل " من " الضراعة ", وهي الذلة والاستكانة.--------------------الهوامش :(29) انظر تفسير"أمة" فيما سلف ص: 344 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(30) انظر تفسير"البأساء فيما سلف 3: 349 - 252/ 4: 288.(31) انظر تفسير"الضراء" فيما سلف 3: 349 - 352/4 : 288/7 : 214.(32) انظر المراجع كلها في التعليقين السالفين.(33) في المطبوعة: "بما دل عليه الظاهر عن إظهاره من قوله" ، غير ما في المخطوطة ، وأثبت في المخطوطة بنصه ، وإن كنت أخشى أن يكون سقط من الناسخ كلام.

فَلَوْلَآ إِذْ جَآءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا۟ وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ مَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ (43)


القول في تأويل قوله : فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)قال أبو جعفر: وهذا أيضًا من الكلام الذي فيه متروك استغني بدلالة الظاهر عن ذكر ما تُرك. وذلك أنه تعالى ذكره أخبرَ عن الأمم التي كذّبت رسلها أنه أخذهم بالبأساء والضراء ليتضرعوا له, (34) ثم قال: " فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ", ولم يخبر عما كان منهم من الفعل عند أخذه إياهم بالبأساء والضراء. ومعنى الكلام: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ، فلم يتضرعوا," فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ".ومعنى: " فلولا "، في هذا الموضع، فهلا. (35) والعرب إذ أوْلَتْ" لولا " اسمًا مرفوعًا، جعلت ما بعدها خبرًا، وتلقتها بالأمر, (36) فقالت: " فلولا أخوك لزرتك " و " لولا أبوك لضربتك ", وإذا أوْلتها فعلا أو لم تُولها اسمًا, جعلوها استفهامًا فقالوا: " لولا جئتنا فنكرمك ", و " لولا زرت أخاك فنزورك ", بمعنى: " هلا "، كما قال تعالى ذكره: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ [سورة المنافقون: 10]. وكذلك تفعل ب " لوما " مثل فعلها ب " لولا ". (37)* * *فتأويل الكلام إذًا: فهلا إذ جاء بأسنا هؤلاء الأمم المكذبة رسلَها، الذين لم يتضرعوا عند أخذِناهم بالبأساء والضراء =" تضرعوا "، فاستكانوا لربهم، وخضعوا لطاعته, فيصرف ربهم عنهم بأسه، وهو عذابه.* * *وقد بينا معنى " البأس " في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (38)* * *=" ولكن قست قلوبهم " ، يقول: ولكن أقاموا على تكذيبهم رسلهم, وأصرُّوا على ذلك، واستكبروا عن أمر ربهم, استهانةً بعقاب الله، واستخفافًا بعذابه، وقساوةَ قلب منهم. (39) " وزين لهم الشيطانُ ما كانوا يعملون "، يقول: وحسن لهم الشيطان ما كانوا يعملون من الأعمال التي يكرهها الله ويسخطها منهم.----------------الهوامش :(34) في المطبوعة حذف"له" وهي في المخطوطة: "به" ، وهذا صواب قراءتها.(35) انظر تفسير"لولا" فيما سلف ص : 343 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(36) في المطبوعة: "وتلتها" ، غير ما في المخطوطة وأفسد الكلام.(37) انظر معاني القرآن للفراء 1: 334 ، 335.(38) انظر تفسير"البأس" فيما سلف 3: 354 ، 355/8 : 580.(39) انظر تفسير"قسا" فيما سلف 2: 233 - 237/10 : 126 ، 127.

فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَٰبَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُوا۟ بِمَآ أُوتُوٓا۟ أَخَذْنَٰهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)


القول في تأويل قوله : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فلما نسوا ما ذكروا به "، فلما تركوا العمل بما أمرناهم به على ألسن رسلنا، (40) كالذي:-13226 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: " فلما نسوا ما ذكروا به "، يعني: تركوا ما ذكروا به.13227 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله: " نسوا ما ذكروا به "، قال: ما دعاهم الله إليه ورسله, أبوْه وردُّوه عليهم.* * *=" فتحنا عليهم أبوابَ كل شيء "، يقول: بدلنا مكان البأساء الرخاء والسعة في العيش، ومكان الضراء الصحة والسلامة في الأبدان والأجسام، استدراجًا منَّا لهم، كالذي:-13228 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى = وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل = ، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء " ، قال: رخاء الدنيا ويُسْرها، على القرون الأولى.13229 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، قال: يعني الرخاء وسعة الرزق .13230 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط . عن السدي قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، يقول: من الرزق.* * *فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: " فتحنا عليهم أبوابَ كل شيء " ، وقد علمت أن بابَ الرحمة وباب التوبة [لم يفتحا لهم], لم تفتح لهم أبواب أخر غيرهما كثيرة؟ (41)قيل: إن معنى ذلك على غير الوجه الذي ظننتَ من معناه, وإنما معنى ذلك: فتحنا عليهم، استدراجًا منا لهم، أبوابَ كل ما كنا سددنا عليهم بابه، عند أخذنا إياهم بالبأساء والضراء ليتضرعوا, إذ لم يتضرعوا وتركوا أمر الله تعالى ذكره، لأنّ آخر هذا الكلام مردودٌ على أوله. وذلك كما قال تعالى ذكره في موضع آخر من كتابه: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ، [سورة الأعراف: 94-95] ، ففتح الله على القوم الذين ذكر في هذه الآية [أنهم نسوا ما] ذكرهم، (42) بقوله: " فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء " ، هو تبديله لهم مكانَ السيئة التي كانوا فيها في حال امتحانه إياهم، من ضيق العيش إلى الرخاء والسعة, ومن الضر في الأجسام إلى الصحة والعافية, وهو " فتح أبواب كل شيء " كان أغلق بابه عليهم، مما جرى ذكره قبل قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، فردّ قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، عليه.* * *ويعني تعالى بقوله: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا " ، يقول: حتى إذا فرح هؤلاء المكذّبون رسلهم بفتحنا عليهم أبوابَ السَّعة في المعيشة، والصحة في الأجسام، كالذي:-13231 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا " ، من الرزق .13232 - حدثنا الحارث قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدّث، عن حماد بن زيد قال: كان رجل يقول: رَحم الله رجلا تلا هذه الآية، ثم فكر فيها ماذا أريد بها: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة ".13233 - حدثني الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا ابن أبي رجاء رجل من أهل الشعر, عن عبد الله بن المبارك, عن محمد بن النضر الحارثي في قوله : " أخذناهم بغتة "، قال: أُمهلوا عشرين سنة. (43)* * *ويعني تعالى ذكره بقوله: " أخذناهم بغتة " ، أتيناهم بالعذاب فجأة، وهم غارُّون لا يشعرون أن ذلك كائن، ولا هو بهم حالٌّ، (44) كما:-13234 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة " ، قال: أعجبَ ما كانت إليهم، وأغَرَّها لهم. (45)13235 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي" أخذناهم بغتة " ، يقول: أخذهم العذابُ بغتةً .13236 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أخذناهم بغتة " ، قال: فجأة آمنين.* * *وأما قوله: " فإذا هم مبلسون "، فإنهم هالكون, منقطعة حججهم, نادمون على ما سلف منهم من تكذيبهم رسلَهم، كالذي:-13237- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط, عن السدي: " فإذا هم مبلسون "، قال: فإذا هم مهلكون، متغيِّر حالهم.13238 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا شيخ, عن مجاهد: " فإذا هم مبلسون "، قال: الاكتئاب. (46)13239 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: " فإذا هم مبلسون " ، قال: " المبلس " الذي قد نزل به الشرّ الذي لا يدفعه. والمبلس أشد من المستكين, وقرأ: فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ، [سورة المؤمنون: 76] . وكان أول مرة فيه معاتبة وبقيّة. (47) وقرأ قول الله: " أخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون " = فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ، حتى بلغ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، ثم جاء أمرٌ ليس فيه بقية. (48) وقرأ: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون "، فجاء أمر ليس فيه بقية. وكان الأوّل، لو أنهم تضرعوا كُشف عنهم .13240 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية بن الوليد, عن أبي شريح ضبارة بن مالك, عن أبي الصلت, عن حرملة أبي عبد الرحمن, عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت الله يعطي عبدَه في دنياه, إنما هو استدراج. ثم تلا هذه الآية: " فلما نسوا ما ذكِّروا به " إلى قوله: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . (49)13241- وحدثت بهذا الحديث عن محمد بن حرب, عن ابن لهيعة, عن عقبة بن مسلم, عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإذا رأيت الله تعالى ذكره يعطي العبادَ ما يسألون على معاصيهم إياه, فإنما ذلك استدراج منه لهم! ثم تلا " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء " الآية.* * *وأصل " الإبلاس " في كلام العرب، عند بعضهم: الحزن على الشيء والندم عليه = وعند بعضهم: انقطاع الحجة، والسكوت عند انقطاع الحجة = وعند بعضهم: الخشوع = وقالوا: هو المخذول المتروك, ومنه قول العجاج:يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا ?قَالَ: نَعَمْ! أَعْرِفُه! وَأَبْلَسَا (50)فتأويل قوله: " وأبلسا "، عند الذين زعموا أن " الإبلاس "، انقطاع الحجة والسكوت عنده, بمعنى: أنه لم يُحِرْ جوابًا. (51)وتأوَّله الآخرون بمعنى الخشوع, وترك أهله إياه مقيمًا بمكانه.والآخرون بمعنى الحزن والندم.يقال منه: " أبلس الرجل إبلاسًا ", ومنه قيل: لإبليس " إبليس ". (52)* * *---------------(40) انظر تفسير"النسيان" فيما سلف 2: 9 ، 473 - 480/5 : 164/6 : 132 ، 133 - 135/10 : 129.= وانظر تفسير"التذكير" فيما سلف 10: 130 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك.(41) في المطبوعة والمخطوطة: "أن باب الرحمة وباب التوبة لم يفتح لهم وأبواب أخر غيره كثيرة" إلا أن المخطوطة ليس فيها إلا"أبواب أخر" بغير واو ، ورجحت أنه سقط من الكلام ما أثبته ، وأن صوابه ما صححت من ضمائره.(42) هذه الزيادة بين القوسين ، يقتضيها السياق.(43) الأثر: 13233 -"ابن أبي رجاء" ، لم أعرفه ، وكان في المطبوعة: "من أهل الثغر" ، وحذف"رجل" ، وأثبت ما في المخطوطة. و"محمد بن النضر الحارثي" ، أبو عبد الرحمن العابد ، مترجم في الكبير1/1/252 ، وابن أبي حاتم 4/1/110 ، وحلية الأولياء 8: 217 ، وصفة الصفوة 3: 93. وهذا الخبر رواه أبو نعيم في الحلية 8: 220 من طريق أبي بكر بن مالك ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن محمد بن منبه ، ابن أخت ابن المبارك ، عن عبد الله بن المبارك.فأخشى أن يكون"ابن أبي رجاء" هو"محمد بن منبه" ابن أخت بن المبارك. وعسى أن توجد ترجمته"محمد بن منبه" ، فيعرف منها ما نجهل ، ويصحح ما في المخطوطة أهو"رجل من أهل الشعر" ، أم"من أهل الثغر" ، كما في المطبوعة.(44) انظر تفسير"بغتة" فيما سلف ص: 325.(45) في المطبوعة: "وأعزها لهم" (بالعين والزاي) والصواب"أغرها" ، من"الغرور" و"الغرة" (بالغين والراء المهملة).(46) في المطبوعة: "فإذا هم مبلسون قال: فإذا هم مهلكون" ، لا أدري من أين جاء بهذا. والذي في المخطوطة هو ما أثبت ، إلا أنه غير منقوط ، فرجحت قراءته كما أثبته. وسيأتي أن معنى"الإبلاس" ، الحزن والندم.(47) في المطبوعة: "معاتبة وتقية" ، ولا معنى لذلك هنا ، وفي المخطوطة: "ولقية" وصواب قراءتها ما أثبت. و"البقية" ، الإبقاء عليهم.(48) في المخطوطة والمطبوعة هنا في الموضعين : تقية" ، وهو خطأ ، انظر التعليق السالف.(49) الأثران: 13240 ، 13241 -"سعيد بن عمرو السكوني" ، مضى برقم: 5563 ، 6521. و"بقية بن الوليد الحمصي" ، مضى مرارًا ، أولها رقم: 152 ، وآخرها: 9224. وهو ثقة ، ولكنهم نعوا عليه التدليس. و"ضبارة بن مالك" نسب إلى جده هو"ضبارة بن عبد الله بن مالك بن أبي السليك الحضري الألهاني" ، "أبو شريح الحمصي" ، ويقال أيضًا"ضبارة بن أبي السليك" ، ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "يعتبر حديثه من رواية الثقات عنه". وذكره ابن عدي في الكامل وساق له ستة أحاديث مناكير. مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/343 ، وابن أبي حاتم 2/1/471. و"أبو الصلت" ، مذكور في ترجمة"ضبارة" في التهذيب ، وموصوف بأنه"الشامي" ، ولم أجد له ذكرًا فيما بين يدي من كتب التراجم. وأما "حرملة ، أبو عبد الرحمن" ، فهذا مشكل ، فإن"حرملة بن عمران بن قراد التجيبي المصري" ، كنيته"أبو حفص" ، لم أجد له كنية غيرها. ولا أستخير أن يكون ذلك خطأ من ناسخ ، فأخشى أن تكون"أبو عبد الرحمن" ، كنية أخرى له. وهو ثقة ، كان من أولى الألباب. مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/64 ، وابن أبي حاتم 1/2/273.و"عقبة بن مسلم التجيبي المصري" ، إمام المسجد العتيق ، مصري تابعي ثقة. مترجم في التهذيب. و"عقبة بن عامر الجهني" ، قديم الهجرة والسابقة والصحبة. وكان عالمًا فقهيًا فصيح اللسان ، شاعرًا ، كاتبًا ، وهو أحد من جمع القرآن. وهذا الخبر سيرويه أبو جعفر بعد من طريق ابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم ، ورواه أحمد في مسنده 4: 145 ، من طريق يحيى بن غيلان ، عن رشدين بن سعد ، عن حرملة بن عمران ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، بمثله. وخرجه الهيثمي في مجمع الزاوئد 7: 20 ، ونسبه لأحمد والطبراني ، ولم يذكر في إسناده شيئًا من صحة أو ضعف. وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 311 من رواية أحمد ، وأشار إلى طريق ابن جرير ، وابن أبي حاتم. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 12 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب.(50) مضى البيت وتخريجه وتفسيره فيما سلف 1: 509 ، ولم أشر هناك إلى مجيئه في التفسير في هذا الموضع ثم في 21: 18 (بولاق) ، وأزيد أنه في مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 192 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 335.(51) هو الفراء في معاني القرآن 1: 335 .(52) انظر ما قاله أبو جعفر في تفسير"إبليس" فيما سلف 1: 509 ، 510.

الصفحة السابقة الصفحة التالية