تفسير سورة البقرة الصفحة 31 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 31 من المصحف


ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَٰتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى ٱلْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا۟ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُوا۟ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُو۟لِى ٱلْأَلْبَٰبِ (197)


الحج أشهر معلوماتالقول في تأويل قوله تعالى : الحج أشهر معلومات يعني جل ثناؤه بذلك : وقت الحج أشهر معلومات . " والأشهر " مرفوعات بالحج , وإن كان له وقتا لا صفة ونعتا , إذ لم تكن محصورات بتعريف بإضافة إلى معرفة أو معهود , فصار الرفع فيهن كالرفع في قول العرب في نظير ذلك من المحل " المسلمون جانب والكفار جانب " , برفع الجانب الذي لم يكن محصورا على حد معروف , ولو قيل جانب أرضهم أو بلادهم لكان النصب هو الكلام . ثم اختلف أهل التأويل في قوله : الحج أشهر معلومات فقال بعضهم : يعني بالأشهر المعلومات : شوالا , وذا القعدة , وعشرا من ذي الحجة . ذكر من قال ذلك : 2844 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله قوله : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة . 2845 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان وشريك , عن خصيف , عن عكرمة , عن ابن عباس , مثله . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم عن ابن عباس , مثله . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن نصر السلمي , قال : ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة , عن داود بن حصين , عن عكرمة , عن ابن عباس أنه قال : أشهر الحج شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة . 2846 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : الحج أشهر معلومات وهن : شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة , جعلهن الله سبحانه للحج , وسائر الشهور للعمرة , فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج , والعمرة يحرم بها في كل شهر . * حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة . 2847 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن وأبو عامر قالا : ثنا سفيان , وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري عن المغيرة , عن إبراهيم , مثله . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : حدثنا أبو عوانة , عن مغيرة , عن إبراهيم والشعبي مثله . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان وإسرائيل , عن مغيرة , عن إبراهيم , مثله . 2849 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا إسرائيل , عن جابر , عن عامر , مثله . 2850 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , مثله . 2851 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 2852 - حدثني القاسم , قال : حدثنا الحسين , قال : ثني هشيم , قال : أخبرنا الحجاج , عن الحكم , عن مقسم , عن ابن عباس . وأخبرنا مغيرة , عن إبراهيم والشعبي . وأخبرنا يونس , عن الحسن . وأخبرنا جويبر , عن الضحاك . وأخبرنا حجاج , عن عطاء ومجاهد , مثله . 2853 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , قال : ثنا حماد , عن عبيد الله , عن نافع , عن ابن عمر , قال : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة في الحج أشهر معلومات . * حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا ورقاء , عن عبد الله بن دينار , عن ابن عمر , قال : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة . 2854 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , قال : شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة . * حدثني الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا حسين بن عقيل الخراساني , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول , فذكر مثله . وقال آخرون : بل يعني بذلك شوالا , وذا القعدة , وذا الحجة كله . ذكر من قال ذلك : 2855 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا يحيى بن سعيد , قال : ثنا ابن جريج , قال : قلت لنافع : أكان عبد الله يسمي أشهر الحج ؟ قال : نعم , شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : ثنا ابن جريج , قال : قلت لنافع : أسمعت ابن عمر يسمي أشهر الحج ؟ قال : نعم , كان يسمي شوالا , وذا القعدة , وذا الحجة . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك , عن إبراهيم بن مهاجر , عن مجاهد , عن ابن عمر , قال : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . 2856 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الحج أشهر معلومات , قال عطاء : فهي شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . 2857 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , مثله . 2858 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : الحج أشهر معلومات أشهر الحج : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . وربما قال : وعشر ذي الحجة . 2859 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . 2860 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , مثله . 2861 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني الليث , قال : ثني عقيل , عن ابن شهاب , قال : أشهر الحج : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . فإن قال لنا قائل : وما وجه قائلي هذه المقالة , وقد علمت أن عمل الحج لا يعمل بعد تقضي أيام منى ؟ قيل : إن معنى ذلك غير الذي توهمته , وإنما عنوا بقيلهم الحج ثلاثة أشهر كوامل , أنهن الحج لا أشهر العمرة , وأن شهور العمرة سواهن من شهور السنة . ومما يدل على أن ذلك معناهم في قيلهم ذلك ما : 2862 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا أيوب , عن نافع , قال : قال ابن عمر : أن تفصلوا بين أشهر الحج والعمرة فتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج , أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته . 2863 - حدثني نصر بن علي الجهضمي , قال : أخبرني أبي , قال : ثنا شعبة , قال : ما لقيني - أيوب أو قال : ما لقيت أيوب - إلا سألني عن حديث قيس بن مسلم , عن طارق بن شهاب , قال : قلت لعبد الله : امرأة منا قد حجت , أو هي تريد أن تحج , أفتجعل مع حجها عمرة ؟ فقال : ما أرى هؤلاء إلا أشهر الحج . قال : فيقول لي أيوب ومن عنده : مثل هذا الحديث حدثك قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أنه سأل عبد الله . 2864 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن ابن عون , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : إن العمرة في أشهر الحج ليست بتامة . قال : فقيل له : العمرة في المحرم ؟ فقال : كانوا لا يرونها تامة . 2865 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف , عن ابن عون , قال : سألت القاسم بن محمد عن العمرة في أشهر الحج , قال : كانوا لا يرونها تامة . 2866 - حدثنا ابن بيان الواسطي , قال : أخبرنا إسحاق عن عبد الله بن عون , عن ابن سيرين أنه كان يستحب العمرة في المحرم , قال : تكون في أشهر الحج . قال : كانوا لا يرونها تامة . 2867 - حدثنا ابن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن عون , عن محمد بن سيرين , قال : قال ابن عمر للحكم بن الأعرج أو غيره : إن أطعتني انتظرت حتى إذا أهل المحرم خرجت إلى ذات عرق فأهللت منها بعمرة . 2868 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا وهب بن جرير , قال : ثنا شعبة , عن أبي يعقوب , قال : سمعت ابن عمر يقول : لأن أعتمر في عشر ذي الحجة أحب إلي من أن أعتمر في العشرين . 2869 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن قيس بن مسلم , عن طارق بن شهاب , قال : سألت ابن مسعود عن امرأة منا أرادت أن تجمع مع حجها عمرة , فقال : اسمع الله يقول : الحج أشهر معلومات ما أراها إلا أشهر الحج . 2870 - حدثني أحمد بن المقدام , قال : ثنا حزام القطعي , قال : سمعت محمد بن سيرين يقول : ما أحد من أهل العلم شك أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج . ونظائر ذلك مما يطول باستيعاب ذكره الكتاب , مما يدل على أن معنى قيل من قال : وقت الحج ثلاثة أشهر كوامل , أنهن من غير شهور العمرة , وأنهن شهور لعمل الحج دون عمل العمرة , وإن كان عمل الحج إنما يعمل في بعضهن لا في جميعهن . وأما الذين قالوا : تأويل ذلك : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة , فإنهم قالوا : إنما قصد الله جل ثناؤه بقوله : الحج أشهر معلومات إلى تعريف خلقه ميقات حجهم , لا الخبر عن وقت العمرة . قالوا : فأما العمرة , فإن السنة كلها وقت لها , لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر في بعض شهور الحج , ثم لم يصح عنه بخلاف ذلك خبر . قالوا : فإذا كان ذلك كذلك , وكان عمل الحج ينقضي وقته بانقضاء العاشر من أيام ذي الحجة , علم أن معنى قوله : الحج أشهر معلومات إنما هو ميقات الحج شهران وبعض الثالث . والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال : إن معنى ذلك الحج شهران وعشر من الثالث ; لأن ذلك من الله خبر عن ميقات الحج ولا عمل للحج يعمل بعد انقضاء أيام منى , فمعلوم أنه لم يعن بذلك جميع الشهر الثالث , وإذا لم يكن معنيا به جميعه صح قول من قال : وعشر ذي الحجة . فإن قال قائل : فكيف قيل : الحج أشهر معلومات وهو شهران وبعض الثالث ؟ قيل إن العرب لا تمتنع خاصة في الأوقات من استعمال مثل ذلك , فتقول له اليوم يومان منذ لم أره . وإنما تعني بذلك يوما وبعض آخر , وكما قال جل ثناؤه : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه 2 203 وإنما يتعجل في يوم ونصف . وقد يفعل الفاعل منهم الفعل في الساعة , ثم يخرجه عاما على السنة والشهر , فيقول : زرته العام وأتيته اليوم , وهو لا يريد بذلك أن فعله أخذ من أول الوقت الذي ذكره إلى آخره , ولكنه يعني أنه فعله إذ ذاك وفي ذلك الحين , فكذلك الحج أشهر , والمراد منه الحج شهران وبعض آخر . فمعنى الآية إذا : ميقات حجكم أيها الناس شهران وبعض الثالث , وهو شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة .فمن فرض فيهن الحجالقول في تأويل قوله تعالى : فمن فرض فيهن الحج يعني بقوله جل ثناؤه : فمن فرض فيهن الحج فمن أوجب الحج على نفسه وألزمها إياه فيهن , يعني في الأشهر المعلومات التي بينها . وإيجابه إياه على نفسه العزم على عمل جميع ما أوجب الله على الحاج عمله وترك جميع ما أمره الله بتركه . وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي يكون به الرجل فارضا الحج بعد إجماع جميعهم , على أن معنى الفرض : الإيجاب والإلزام , فقال بعضهم : فرض الحج الإهلال . ذكر من قال ذلك : 2871 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا ورقاء , عن عبد الله المدني بن دينار , عن ابن عمر قوله : فمن فرض فيهن الحج قال : من أهل بحج . 2872 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن العلاء بن المسيب , عن عطاء , قال : التلبية . 2873 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , وحدثنا علي , قال : ثنا زيد جميعا , عن سفيان الثوري : فمن فرض فيهن الحج قال : فالفريضة الإحرام , والإحرام : التلبية . 2874 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن إبراهيم , يعني ابن مهاجر , عن مجاهد : فمن فرض فيهن الحج قال : الفريضة : التلبية . * حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا ورقاء عن عبد الله بن دينار , عن ابن عمر : فمن فرض فيهن الحج قال : أهل . 2875 - حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا شريك , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : الفرض التلبية , ويرجع إن شاء ما لم يحرم . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن فرض فيهن الحج قال : الفرض : الإهلال . 2876 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه : فمن فرض فيهن الحج قال : التلبية . 2877 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم , قال : ثنا أبو عمرو الضرير , قال : أخبرنا حماد بن سلمة , عن جبر بن حبيب , قال : سألت القاسم بن محمد عمن فرض فيهن الحج , قال : إذا اغتسلت ولبست ثوبك ولبيت , فقد فرضت الحج . وقال آخرون : فرض الحج إحرامه . ذكر من قال ذلك : 2878 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : فمن فرض فيهن الحج يقول : من أحرم بحج أو عمرة . 2879 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , وحدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , وحدثني المثنى , قال : ثنا أبو نعيم , قالوا جميعا : ثنا سفيان , عن مغيرة , عن إبراهيم : فمن فرض فيهن الحج قال : فمن أحرم . واللفظ لحديث ابن بشار . 2880 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك والحسن بن صالح , عن ليث , عن عطاء , قال : الفرض : الإحرام . 2881 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا الحجاج , عن عطاء وبعض أشياخنا عن الحسن في قوله : فمن فرض فيهن الحج قالا : فرض الحج : الإحرام . 2882 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : فمن فرض فيهن الحج فهذا عند الإحرام . * حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , عن ابن عباس : قال : الفرض : الإحرام . 2883 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا حسين بن عقيل الخراساني , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول , فذكر مثله . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , قال : أخبرنا المغيرة , عن إبراهيم : فمن فرض فيهن الحج قال : من أحرم . وهذا القول الثاني يحتمل أن يكون بمعنى ما قلنا من أن يكون الإحرام كان عند قائله الإيجاب بالعزم . ويحتمل أن يكون كان عنده بالعزم والتلبية , كما قال القائلون القول الأول . وإنما قلنا : إن فرض الحج الإحرام لإجماع الجميع على ذلك . وقلنا : إن الإحرام هو إيجاب الرجل ما يلزم المحرم أن يوجبه على نفسه , على ما وصفنا آنفا , لأنه لا يخلو القول في ذلك من أحد أمور ثلاثة : إما أن يكون الرجل غير محرم إلا بالتلبية وفعل جميع ما يجب على الموجب الإحرام على نفسه فعله , فإن يكن ذلك كذلك , فقد يجب أن لا يكون محرما إلا بالتجرد للإحرام , وأن يكون من لم يكن له متجردا فغير محرم . وفي إجماع الجميع على أنه قد يكون محرما وإن لم يكن متجردا من ثيابه بإيجابه الإحرام ما يدل على أنه قد يكون محرما وإن لم يلب , إذ كانت التلبية بعض مشاعر الإحرام , كما التجرد له بعض مشاعره . وفي إجماعهم على أنه قد يكون محرما بترك بعض مشاعر حجه ما يدل على أن حكم غيره من مشاعره حكمه . أو يكون إذ فسد هذا القول قد يكون محرما وإن لم يلب ولم يتجرد ولم يعزم العزم الذي وصفنا . وفي إجماع الجميع على أنه لا يكون محرما من لم يعزم على الإحرام ويوجبه على نفسه إذا كان من أهل التكليف ما ينبئ عن فساد هذا القول , وإذ فسد هذان الوجهان فبينة صحة الوجه الثالث , وهو أن الرجل قد يكون محرما بإيجابه الإحرام بعزمه على سبيل ما بينا , وإن لم يظهر ذلك بالتجرد والتلبية وصنيع بعض ما عليه عمله من مناسكه . وإذا صح ذلك صح ما قلنا من أن فرض الحج هو ما قرن إيجابه بالعزم على نحو ما بينا قبل .فلا رفثالقول في تأويل قوله تعالى : فلا رفث اختلف أهل التأويل في معنى الرفث في هذا الموضع , فقال بعضهم : هو الإفحاش للمرأة في الكلام , وذلك بأن يقول : إذا حللنا فعلت بك كذا وكذا لا يكني عنه , وما أشبه ذلك . ذكر من قال ذلك : 2884 - حدثنا أحمد بن حماد الدولابي ويونس . قالا : ثنا سفيان , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : سألت ابن عباس عن الرفث في قول الله : فلا رفث ولا فسوق قال : هو التعريض بذكر الجماع , وهي العرابة من كلام العرب , وهو أدنى الرفث . 2885 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن روح بن القاسم , عن ابن طاوس في قوله : فلا رفث قال : الرفث : العرابة والتعريض للنساء بالجماع . 2886 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن عون , قال : ثنا زياد بن حصين , قال : ثني أبي حصين بن قيس , قال : أصعدت مع ابن عباس في الحاج , وكنت له خليلا , فلما كان بعدما أحرمنا قال ابن عباس , فأخذ بذنب بعيره , فجعل يلويه , وهو يرتجز ويقول : وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال : فقلت : أترفث وأنت محرم ؟ قال : إنما الرفث ما قيل عند النساء . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن قتادة , عن رجل , عن أبي العالية الرياحي , عن ابن عباس أنه كان يحدو وهو محرم , ويقول : وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال : قلت : تتكلم بالرفث وأنت محرم ؟ قال : إنما الرفث ما قيل عند النساء . 2887 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول : الرفث : إتيان النساء والتكلم بذلك للرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم . 2888 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي , مثله . 2889 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو عاصم , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قلت لعطاء : أيحل للمحرم أن يقول لامرأته : إذا حللت أصبتك ؟ قال : لا , ذاك الرفث . قال : وقال عطاء : الرفث ما دون الجماع . * حدثنا ابن بشار , قال : ثني محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الرفث : الجماع وما دونه من قول الفحش . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء : قول الرجل لامرأته : إذا حللت أصبتك , قال : ذاك الرفث . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن الأعمش , عن زيادة بن حصين , عن أبي العالية , قال : كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم , وهو يرتجز ويقول : وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال : قلت : أترفث يا ابن عباس وأنت محرم ؟ قال : إنما الرفث ما روجع به النساء . 2890 - حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا سفيان ويحيى بن سعيد , عن ابن جريج , قال : أخبرنا ابن الزبير السبائي وعطاء , أنه سمع طاوسا قال : سمعت ابن الزبير يقول : لا يحل للمحرم الإعرابة . فذكرته لابن عباس , فقال : صدق . قلت لابن عباس : وما الإعراب ؟ قال : التعريض . 2891 - حدثنا عمرو بن علي , قال : حدثنا يحيى , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : أخبرني الحسن بن مسلم , عن طاوس أنه كان يقول : لا يحل للمحرم الإعرابة . قال طاوس : والإعرابة : أن يقول وهو محرم : إذا حللت أصبتك . 2892 - حدثني أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا فطر , عن زياد بن حصين , عن أبي العالية , قال : لا يكون رفث إلا ما واجهت به النساء . 2893 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن علقمة بن مرثد , عن عطاء قال : كانوا يكرهون الإعرابة ; يعني التعريض بذكر الجماع وهو محرم . * حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا أبو عاصم , عن ابن جريج , عن ابن طاوس أنه سمع أباه أنه كان يقول : لا تحل الإعرابة , والإعرابة : التعريض . 2894 - حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : سألت ابن عباس عن قول الله تعالى : فلا رفث قال : الرفث الذي ذكر ههنا ليس بالرفث الذي ذكر في : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم 2 187 ومن الرفث : التعريض بذكر الجماع , وهي الإعراب بكلام العرب . 2895 - حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا أبو معاوية : قال : ثنا ابن جريج , عن عطاء : أنه كره التعريب للمحرم . * حدثنا عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن ابن جريج , قال : أخبرني ابن طاوس أن أباه كان يقول : الرفث : الإعرابة مما رواه من شأن النساء , والإعرابة : الإيضاح بالجماع . * حدثنا عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن ابن جريج , قال : ثنا الحسن بن مسلم أنه سمع طاوسا يقول : لا يحل للمحرم الإعرابة . 2896 - حدثني علي بن داود , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : فلا رفث قال : الرفث : غشيان النساء والقبل والغمز , وأن يعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك . 2897 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن منصور , عن مجاهد قال : كان ابن عمر يقول للحادي : لا تعرض بذكر النساء . 2898 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر وابن جريج , عن ابن طاوس عن أبيه , عن ابن عباس , قال : الرفث في الصيام : الجماع , والرفث في الحج : الإعرابة , وكان يقول : الدخول والمسيس : الجماع . وقال آخرون : الرفث في هذا الموضع : الجماع نفسه . ذكر من قال ذلك : 2899 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن خصيف , عن مقسم , قال : الرفث : الجماع . 2900 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , مثله . * حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس قال : الرفث : إتيان النساء . * حدثنا عبد الحميد قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن التميمي , قال : سألت ابن عباس عن الرفث , فقال : الجماع . * حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن سفيان , عن عاصم الأحول , عن بكر بن عبد الله , عن ابن عباس قال : الرفث : هو الجماع , ولكن الله كريم يكني عما شاء . 2901 - حدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن الأعمش , عن زياد بن حصين , عن أبي العالية قال : سمعت ابن عباس يرتجز وهو محرم , يقول : خرجن يسرين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال شريك : إلا أنه لم يكن عن الجماع لميسا . فقلت : أليس هذا الرفث ؟ قال : لا إنما الرفث : إتيان النساء والمجامعة . * حدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , عن عون , عن زياد بن حصين , عن أبي العالية , عن ابن عباس بنحوه , إلا أن عونا صرح به . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا سفيان , عن عاصم , عن بكر , عن ابن عباس , قال : الرفث : الجماع . 2902 - حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله قوله : فلا رفث قال : الرفث : إتيان النساء . 2903 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا حماد بن مسعدة , قال : ثنا عوف , عن الحسن في قوله : فلا رفث قال : الرفث : غشيان النساء . 2904 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عمرو بن دينار : الرفث : الجماع فما دونه من شأن النساء . * حدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , عن ابن جريج , عن عمرو بن دينار بنحوه . 2905 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء في قوله : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . 2906 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو , عن عبد العزيز بن رفيع , عن مجاهد : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . 2907 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن سعيد , عن قتادة في قوله : فلا رفث قال : كان قتادة يقول : الرفث : غشيان النساء . * حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة , مثله . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : أخبرنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس , قال : الرفث : الجماع . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : أخبرنا إسرائيل , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس , قال : الرفث : الجماع . * حدثنا أحمد , ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن ليث , عن مجاهد , قال : الرفث : الجماع . 2908 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن سعيد بن جبير , قال : الرفث : المجامعة . 2909 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فلا رفث فلا جماع . 2910 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فلا رفث قال : جماع النساء . 2911 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن المغيرة , عن إبراهيم في قوله : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . * حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن الحجاج , عن عطاء بن أبي رباح , قال : الرفث : الجماع . 2912 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن إسحاق , عن نافع , عن ابن عمر , قال : الرفث : الجماع . 2913 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن يحيى بن بشر , عن عكرمة قال : الرفث : الجماع . * حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن النضر بن عربي , عن عكرمة , قال : الرفث : الجماع . 2914 - حدثنا ابن وكيع , قال : حدثنا أبي , عن حسين بن عقيل . وحدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم . وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قالا : أخبرنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , قال : الرفث : الجماع . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حجاج , عن عطاء , عن ابن عباس , مثله . قال : وأخبرنا عبد الملك , عن عطاء , مثله . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا يونس , عن الحسن , وأخبرنا مغيرة , عن إبراهيم قالا : مثل ذلك . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , وأخبرنا مغيرة , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله . * حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قال : الرفث : النكاح . * حدثنا أحمد بن حازم قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , قال : ثني ثوير , قال : سمعت ابن عمر يقول الرفث : الجماع . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : الرفث : غشيان النساء . قال معمر : وقال مثل ذلك الزهري عن قتادة . 2915 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : الرفث : إتيان النساء , وقرأ : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم 2 187 * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد في قوله : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . * حدثنا ابن حميد , ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم , مثله . والصواب من القول في ذلك عندي أن الله جل ثناؤه نهى من فرض الحج في أشهر الحج عن الرفث , فقال : فمن فرض فيهن الحج فلا رفث والرفث في كلام العرب : أصله الإفحاش في المنطق على ما قد بينا فيما مضى , ثم تستعمله في الكناية عن الجماع . فإذ كان ذلك كذلك , وكان أهل العلم مختلفين في تأويله , وفي هذا النهي من الله عن بعض معاني الرفث أم عن جميع معانيه , وجب أن يكون على جميع معانيه , إذ لم يأت خبر بخصوص الرفث الذي هو بالمنطق عند النساء من سائر معاني الرفث يجب التسليم له , إذ كان غير جائز نقل حكم ظاهر آية إلى تأويل باطن إلا بحجة ثابتة . فإن قال قائل : إن حكمها من عموم ظاهرها إلى الباطن من تأويلها منقول بإجماع , وذلك أن الجميع لا خلاف بينهم في أن الرفث عند غير النساء غير محظور على محرم , فكان معلوما بذلك أن الآية معني بها بعض الرفث دون بعض . وإذا كان ذلك كذلك , وجب أن لا يحرم من معاني الرفث على المحرم شيء إلا ما أجمع على تحريمه عليه , أو قامت بتحريمه حجة يجب التسليم لها . قيل : إن ما خص من الآية فأبيح خارج من التحريم , والحظر ثابت لجميع ما لم تخصصه الحجة من معنى الرفث بالآية , كالذي كان عليه حكمه لو لم يخص منه شيء , لأن ما خص من ذلك وأخرج من عمومه إنما لزمنا إخراج حكمه من الحظر بأمر من لا يجوز خلاف أمره , فكان حكم ما شمله معنى الآية بعد الذي خص منها على الحكم الذي كان يلزم العباد فرضه بها لو لم يخصص منها شيء ; لأن العلة فيما لم يخصص منها بعد الذي خص منها نظير العلة فيه قبل أن يخص منها شيء .ولا فسوقالقول في تأويل قوله تعالى : ولا فسوق اختلف أهل التأويل في معنى الفسوق التي نهى الله عنها في هذا الموضع , فقال بعضهم : هي المعاصي كلها . ذكر من قال ذلك : 2916 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , قال الفسوق : المعاصي . 2917 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2918 - حدثنا ابن بشار , قال : ثني محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الفسوق : المعاصي كلها , قال الله تعالى : وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم 2 282 * حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن جريج , عن عطاء , مثله . 2919 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا حماد بن مسعدة , قال : ثنا عوف , عن الحسن في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2920 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن جريج , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : الفسوق : المعصية . 2921 - حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن أبي بشر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : الفسوق : المعاصي كلها . * حدثني يعقوب قال : أخبرنا ابن عيينة , عن روح بن القاسم , عن ابن طاوس , عن أبيه في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2922 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2923 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , وحدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد جميعا , عن سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا فسوق قال : المعاصي . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 2924 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : حدثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن سعيد بن جبير , قال : الفسوق : المعاصي . قال : وقال مجاهد مثل قول سعيد . * حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن ليث , عن مجاهد , قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : عصيان الله . 2925 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن المغيرة , عن إبراهيم في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن الحجاج , عن عطاء بن أبي رباح , قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري وقتادة وابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا الحجاج , عن عطاء , عن ابن عباس : ولا فسوق قال : المعاصي . قال : وأخبرنا عبد الملك , عن عطاء , مثله . * حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , مثله . 2926 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن النضر بن عربي , عن عكرمة , مثله . 2927 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن يحيى بن بشر , عن عكرمة قال : الفسوق : معصية الله , لا صغير من معصية الله . * حدثني علي بن داود , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثنا معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ولا فسوق قال : الفسوق : معاصي الله كلها . * حدثني الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , وعن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : الفسوق : المعاصي . وقال مثل ذلك الزهري وقتادة . وقال آخرون : بل الفسوق في هذا الموضع ما عصي الله به في الإحرام مما نهى عنه فيه من قتل صيد وأخذ شعر وقلم ظفر , وما أشبه ذلك مما خص الله به الإحرام وأمر بالتجنب منه في خلال الإحرام . ذكر من قال ذلك : 2928 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول : الفسوق : إتيان معاصي الله في الحرم . * حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن إسحاق , عن نافع , عن ابن عمر , قال : الفسوق : ما أصيب من معاصي الله به , صيد أو غيره . وقال آخرون : بل الفسوق في هذا الموضع : السباب . ذكر من قال ذلك : 2929 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن إبراهيم بن مهاجر , عن مجاهد , عن ابن عمر , قال : الفسوق : السباب . 2930 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس , قال : الفسوق : السباب . * حدثني أحمد بن حازم الغفاري , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , قال : ثنا ثوير , قال : سمعت ابن عمر يقول : الفسوق : السباب . 2931 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام عن عمرو , عن عبد العزيز بن رفيع , عن مجاهد : ولا فسوق قال : الفسوق : السباب . 2932 - حدثنا موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي في قوله : ولا فسوق قال : أما الفسوق : فهو السباب . 2933 - حدثني المثنى , قال : ثنا المعلى بن أسد , قال : ثنا خالد , عن المغيرة , عن إبراهيم , قال : الفسوق : السباب . 2934 - حدثني المثنى , قال : ثنا معلى , قال : ثنا عبد العزيز , عن موسى بن عقبة , قال : سمعت عطاء بن يسار يحدث نحوه . 2935 - حدثنا القاسم , قال : ثني الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا يونس , عن الحسن , قال : وأخبرنا مغيرة , عن إبراهيم قالا : الفسوق : السباب . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , قال : الفسوق : السباب . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : السباب . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور عن إبراهيم , مثله . وقال آخرون : الفسوق : الذبح للأصنام . ذكر من قال ذلك : 2936 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في الفسوق : الذبح للأنصاب , وقرأ : أو فسقا أهل لغير الله به 6 145 فقطع ذلك أيضا قطع الذبح للأنصاب بالنبي صلى الله عليه وسلم حين حج فعلم أمته المناسك . وقال آخرون : الفسوق : التنابز بالألقاب . ذكر من قال ذلك : 2937 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا حسين بن عقيل , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول , فذكر مثله . وأولى الأقوال التي ذكرنا بتأويل الآية في ذلك , قول من قال : معنى قوله : ولا فسوق النهي عن معصية الله في إصابة الصيد وفعل ما نهى الله المحرم عن فعله في حال إحرامه وذلك أن الله جل ثناؤه قال : فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق يعني بذلك فلا يرفث , ولا يفسق : أي لا يفعل ما نهاه الله عن فعله في حال إحرامه , ولا يخرج عن طاعة الله في إحرامه . وقد علمنا أن الله جل ثناؤه قد حرم معاصيه على كل أحد , محرما كان أو غير محرم , وكذلك حرم التنابز بالألقاب في حال الإحرام وغيرها بقوله : ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب 49 11 وحرم على المسلم سباب أخيه في كل حال فرض الحج أو لم يفرضه . فإذ كان ذلك كذلك , فلا شك أن الذي نهى الله عنه العبد من الفسوق في حال إحرامه وفرضه الحج هو ما لم يكن فسوقا في حال إحلاله وقبل إحرامه بحجه ; كما أن الرفث الذي نهاه عنه في حال فرضه الحج , هو الذي كان له مطلقا قبل إحرامه ; لأنه لا معنى لأن يقال فيما قد حرم الله على خلقه في كل الأحوال : لا يفعلن أحدكم في حال الإحرام ما هو حرام عليه فعله في كل حال , لأن خصوص حال الإحرام به لا وجه له وقد عم به جميع الأحوال من الإحلال والإحرام . فإذ كان ذلك كذلك , فمعلوم أن الذي نهى عنه المحرم من الفسوق فخص به حال إحرامه , وقيل له : " إذا فرضت الحج فلا تفعله " , هو الذي كان له مطلقا قبل حال فرضه الحج , وذلك هو ما وصفنا وذكرنا أن الله جل ثناؤه خص بالنهي عنه المحرم في حال إحرامه مما نهاه عنه من الطيب واللباس والحلق وقص الأظفار وقتل الصيد , وسائر ما خص الله بالنهي عنه المحرم في حال إحرامه . فتأويل الآية إذا : فمن فرض الحج في أشهر الحج فأحرم فيهن , فلا يرفث عند النساء فيصرح لهن بجماعهن , ولا يجامعهن , ولا يفسق بإتيان ما نهاه الله في حال إحرامه بحجه , من قتل صيد , وأخذ شعر , وقلم ظفر , وغير ذلك مما حرم الله عليه فعله وهو محرم .ولا جدال في الحجالقول في تأويل قوله تعالى : ولا جدال في الحج اختلف أهل التأويل في ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : النهي عن أن يجادل المحرم أحدا . ثم اختلف قائلو هذا القول , فقال بعضهم : نهى عن أن يجادل صاحبه حتى يغضبه . ذكر من قال ذلك : 2938 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله : ولا جدال في الحج قال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2939 - حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن التميمي , قال : سألت ابن عباس عن الجدال , فقال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن عيينة , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , قال : الجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2940 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء , قال : الجدال : أن يماري الرجل أخاه حتى يغضبه . 2941 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عنبسة , عن سالم الأفطس , عن سعيد بن جبير : ولا جدال في الحج قال : أن تمحن صاحبك حتى تغضبه . 2942 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا هارون , عن عمرو , عن شعيب بن خالد , عن سلمة بن كهيل , قال : سألت مجاهدا عن قوله : ولا جدال في الحج قال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2943 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن جريج , عن عمرو بن دينار , قال : الجدال : هو أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2944 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا حماد بن مسعدة , قال : ثنا عوف , عن الحسن , قال : الجدال : المراء . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس , قال : الجدال : أن تجادل صاحبك حتى تغضبه . 2945 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن سعيد بن جبير , قال : الجدال : أن تصخب على صاحبك . * حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , عن سفيان , عن منصور , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : المراء . 2946 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , وحدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قالا : ثنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , قال : الجدال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2947 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا واقد الخلقاني , عن عطاء , قال : أما الجدال : فتماري صاحبك حتى تغضبه . 2948 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , قال : الجدال : المراء , أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2949 - حدثني المثنى , قال : ثنا المعلى بن أسد , قال : ثنا خالد , عن المغيرة , عن إبراهيم قال : الجدال : المراء . * حدثني المثنى , قال : ثنا المعلى , قال : ثنا عبد العزيز , عن موسى بن عقبة , قال : سمعت عطاء بن يسار يحدث نحوه . * حدثني ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن أبي جعفر , قال : ثنا شعبة , عن المغيرة , عن إبراهيم بمثله . * حدثني المثنى , قال : حدثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن الحجاج , عن عطاء بن أبي رباح , قال : الجدال : أن يماري بعضهم بعضا حتى يغضبوا . 2950 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن يحيى بن بشر , عن عكرمة : ولا جدال في الحج الجدال : الغضب , أن تغضب عليك مسلما , إلا أن تستعتب مملوكا فتعظه من غير أن تغضبه , ولا أمر عليك إن شاء الله تعالى في ذلك . 2951 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثني أبي , عن النضر بن عربي , عن عكرمة , قال : الجدال : أن تماري صاحبك حتى يغضبك أو تغضبه . 2952 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري وقتادة قالا : الجدال : هو الصخب والمراء وأنت محرم . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الجدال : ما أغضب صاحبك من الجدل . * حدثني علي , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ولا جدال في الحج قال : الجدال : المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك , فنهى الله عن ذلك . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم عن ابن عباس , قال : الجدال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن منصور , عن إبراهيم , قال : الجدال : المراء . * حدثنا الحسن , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري وقتادة قالا : هو الصخب والمراء وأنت محرم . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم : ولا جدال في الحج كانوا يكرهون الجدال . وقال آخرون منهم : الجدال في هذا الموضع معناه : السباب . ذكر من قال ذلك : 2953 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول : الجدال في الحج : السباب والمراء والخصومات . * حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن إسحاق , عن نافع , عن ابن عمر , قال : الجدال : السباب والمنازعة . 2954 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قال : الجدال : السباب . 2955 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , وحدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية جميعا , عن سعيد , عن قتادة , قال : الجدال : السباب . وقال آخرون منهم : بل عنى بذلك خاصا من الجدال والمراء , وإنما عنى الاختلاف فيمن هو أتم حجا من الحجاج . ذكر من قال ذلك : 2956 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي , قال : الجدال : كانت قريش إذا اجتمعت بمنى قال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم , وقال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم . وقال آخرون منهم : بل ذلك اختلاف كان يكون بينهم في اليوم الذي فيه الحج , فنهوا عن ذلك . ذكر من قال ذلك : 2957 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن جبير بن حبيب , عن القاسم بن محمد أنه قال : الجدال في الحج أن يقول بعضهم : الحج اليوم , ويقول بعضهم : الحج غدا . وقال آخرون : بل اختلافهم ذلك في أمر مواقف الحج أيهم المصيب موقف إبراهيم . ذكر من قال ذلك : 2958 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : ولا جدال في الحج قال : كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون , كلهم يدعي أن موقفه موقف إبراهيم . فقطعه الله حين أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بمناسكهم . وقال آخرون : بل قوله جل ثناؤه : ولا جدال في الحج خبر من الله تعالى عن استقامة وقت الحج على ميقات واحد لا يتقدمه ولا يتأخره , وبطول فعل النسيء . ذكر من قال ذلك : 2959 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن عبد العزيز بن رفيع , عن مجاهد في قوله : ولا جدال في الحج قال : قد استقام الحج ولا جدال فيه . 2960 - حدثني محمد بن عمرو , قال : أخبرنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ولا جدال في الحج قال : لا شهر ينسأ , ولا شك في الحج قد بين , كانوا يسقطون المحرم ثم يقولون صفران لصفر وشهر ربيع الأول , ثم يقولون شهرا ربيع لشهر ربيع الآخر وجمادى الأولى , ثم يقولون جماديان لجمادى الآخرة ولرجب , ثم يقولون لشعبان رجب , ثم يقولون لرمضان شعبان , ثم يقولون لشوال رمضان , ويقولون لذي القعدة شوال , ثم يقولون لذي الحجة ذا القعدة , ثم يقولون للمحرم ذا الحجة , فيحجون في المحرم ثم يأتنفون فيحسبون على ذلك عدة مستقبلة على وجه ما ابتدءوا , فيقولون المحرم وصفر وشهرا ربيع , فيحجون في المحرم ليحجوا في كل سنة مرتين , فيسقطون شهرا آخر , فيعدون على العدة الأولى , فيقولون صفران وشهرا ربيع نحو عدتهم في أول ما أسقطوا . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد نحوه . 2961 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : صاحب النسيء الذي ينسأ لهم أبو ثمامة رجل من بني كنانة . * حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا ابن إسحاق , عن أبي بشر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : لا شبهة في الحج قد بين الله أمر الحج . 2962 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي ولا جدال في الحج قال : قد استقام أمر الحج فلا تجادلوا فيه . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : لا شهر ينسأ , ولا شك في الحج قد بين . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن العلاء بن عبد الكريم , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : قد علم وقت الحج فلا جدال فيه , ولا شك . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن عبد العزيز والعلاء , عن مجاهد , قال : هو شهر معلوم لا تنازع فيه . * حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : لا شك في الحج . 2963 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حجاج , عن عطاء , عن ابن عباس : ولا جدال في الحج قال : المراء بالحج . 2964 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا جدال في الحج فقد تبين الحج . قال : كانوا يحجون في ذي الحجة عامين , وفي المحرم عامين , ثم حجوا في صفر عامين , وكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين , ثم وافقت حجة أبي بكر من العامين في ذي القعدة قبل حجة النبي صلى الله عليه وسلم بسنة , ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم من قابل في ذي الحجة ; فذلك حين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض " * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد في قوله : ولا جدال في الحج قال : بين الله أمر الحج ومعالمه فليس فيه كلام . وأولى هذه الأقوال في قوله ولا جدال في الحج بالصواب , قول من قال : معنى ذلك : قد بطل الجدال في الحج ووقته , واستقام أمره ووقته على وقت واحد , ومناسك متفقة غير مختلفة , ولا تنازع فيه ولا مراء وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أن وقت الحج أشهر معلومات , ثم نفى عن وقته الاختلاف الذي كانت الجاهلية في شركها تختلف فيه . وإنما اخترنا هذا التأويل في ذلك ورأيناه أولى بالصواب مما خالفه لما قد قدمنا من البيان آنفا في تأويل قوله : ولا فس

لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا۟ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ (198)


القول في تأويل قوله تعالى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ذكره: ليس عليكم أيها المؤمنون جناح.* * *و " الجناح "، الحرج، (56) كما:-3761 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، وهو لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده.* * *وقوله: " أن تبتغوا فضلا من ربكم "، يعني: أن تلتمسوا فضلا من عند ربكم.يقال منه: ابتغيت فضلا من الله - ومن فضل الله- أبتغيه ابتغاء "، إذا طلبته والتمسته،" وبغيته أبغيه بغيا "، (57) كما قال عبد بني الحسحاس:بغاك, وما تبغيه حتى وجدتهكأنك قد واعدته أمس موعدا (58)يعني طلبك والتمسك.* * *وقيل: إن معنى " ابتغاء الفضل من الله "، التماس رزق الله بالتجارة، وأن هذه الآية نزلت في قوم كانوا لا يرون أن يتجروا إذا أحرموا يلتمسون البر بذلك، فأعلمهم جل ثناؤه أن لا بر في ذلك، وأن لهم التماس فضله بالبيع والشراء.* ذكر من قال ذلك:3762 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: حدثنا المحاربي، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، قال: كانوا يحجون ولا يتجرون، فأنزل الله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: في الموسم.3763 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عمر بن ذر، قال: سمعت مجاهدا يحدث قال: كان ناس لا يتجرون أيام الحج، فنزلت فيهم " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ". (59)3764 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا أبو ليلى، عن بريدة في قوله تبارك وتعالى: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: إذا كنتم محرمين، أن تبيعوا وتشتروا.3765 - حدثنا طليق بن محمد الواسطي، قال: أخبرنا أسباط، قال: أخبرنا الحسن ابن عمرو، عن أبي أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا قوم نكرى، فهل لنا حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت، وتأتون المعرف وترمون الجمار، وتحلقون رؤوسكم؟ فقلنا: بلى! قال: جاء رجل إلى النبي: صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني عنه، فلم يدر ما يقول له، حتى نزل جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " إلى آخر الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنتم حجاج. (60)3766 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: أخبرنا أيوب، عن عكرمة، قال: كانت تقرأ هذه الآية: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3767 - حدثنا عبد الحميد، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن منصور بن المعتمر في قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: هو التجارة في البيع والشراء، والاشتراء لا بأس به.3768 - حدثت عن أبي هشام الرفاعي، قال: حدثنا وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3769 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن علي بن مسهر، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كان متجر الناس في الجاهلية عكاظ وذو المجاز، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك، حتى أنزل الله جل ثناؤه: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ".3770 - حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: حدثنا شعبة، عن أبي أميمة، قال: سمعت ابن عمر - وسئل عن الرجل يحج ومعه تجارة - فقرأ ابن عمر: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ". (61)3771 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم = وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا هشيم = قال: أخبرنا يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كانوا لا يتجرون في أيام الحج، فنزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ".3772 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس أنه قرأ: (62) " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3773 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج "، هكذا قرأها ابن عباس.3774 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا ليث، عن مجاهد في قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: التجارة في الدنيا، والأجر في الآخرة.3775 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: التجارة، أحلت لهم في المواسم. قال: فكانوا لا يبيعون، أو يبتاعون في الجاهلية بعرفة.3776 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3777 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا ضالة ليلة النفر، وكانوا يسمونها " ليلة الصدر "، ولا يطلبون فيها تجارة ولا بيعا، فأحل الله عز وجل ذلك كله للمؤمنين، أن يعرجوا على حوائجهم ويبتغوا من فضل ربهم.3778 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن الزبير يقرأ: (63) " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ". (64)3779 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: قال ابن عباس: كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام تركوا ذلك حتى نزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3780 - حدثنا أحمد بن حازم والمثنى، قالا حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن سوقة، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: كان بعض الحاج يسمون " الداج "، فكانوا ينزلون في الشق الأيسر من منى، وكان الحاج ينزلون عند مسجد منى، فكانوا لا يتجرون، حتى نزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، فحجوا. (65)3781 - حدثني أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عمر بن ذر، عن مجاهد قال: كان ناس يحجون ولا يتجرون، حتى نزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، فرخص لهم في المتجر والركوب والزاد.3782 - حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي، قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، هي التجارة. قال: اتجروا في الموسم.3783 - حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: كان الناس إذا أحرموا لم يتبايعوا حتى يقضوا حجهم، فأحله الله لهم.3784 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كانوا يتقون البيوع والتجارة أيام الموسم، يقولون: " أيام ذكر!" فأنزل الله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، فحجوا.3785 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3786 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، قال: لا بأس بالتجارة في الحج، ثم قرأ: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ".3787 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا على ضالة ولا ينتظرون لحاجة، وكانوا يسمونها " ليلة الصدر "، ولا يطلبون فيها تجارة . فأحل الله ذلك كله، أن يعرجوا على حاجتهم، وأن يطلبوا فضلا من ربهم.3788 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا مندل، عن عبد الرحمن بن المهاجر، عن أبي صالح مولى عمر، قال: قلت لعمر: يا أمير المؤمنين، كنتم تتجرون في الحج؟ قال: وهل كانت معايشهم إلا في الحج.3789 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن العلاء بن المسيب، عن رجل من بني تيم الله، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنا قوم نكرى فيزعمون أنه ليس لنا حج ! قال: ألستم تحرمون كما يحرمون، وتطوفون كما يطوفون، وترمون كما يرمون؟ قال: بلى! قال: فأنت حاج! جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألت عنه، فنزلت هذه الآية: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ". (66)3790 - حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: كانوا إذا أفاضوا من عرفات لم يتجروا بتجارة، ولم يعرجوا على كسير، ولا على ضالة، فأحل الله ذلك، فقال: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " إلى آخر الآية.3791 - حدثني سعيد بن الربيع الرازي، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فكانوا يتجرون فيها. فلما كان الإسلام كأنهم تأثموا منها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج. (67)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " فإذا أفضتم "، فإذا رجعتم من حيث بدأتم.* * *ولذلك قيل للذي يضرب القداح بين الأيسار: " مفيض "، لجمعه القداح، ثم إفاضته إياها بين الياسرين. (68) ومنه قول بشر بن أبي خازم الأسدي: (69)فقلت لها ردي إليه جنانهفردت كما رد المنيح مفيض (70)* * *ثم اختلف أهل العربية في" عرفات "، والعلة التي من أجلها صُرفت وهي معرفة، وهل هي اسم لبقعة واحدة أم هي لجماعة بقاع؟فقال بعض نحويي البصريين: هي اسم كان لجماعة مثل " مسلمات، ومؤمنات "، سميت به بقعة واحدة، فصرف لما سميت به البقعة الواحدة، إذ كان مصروفا قبل أن تسمى به البقعة، تركا منهم له على أصله. لأن " التاء " فيه صارت بمنزلة " الياء والواو " في" مسلمين ومسلمون "، لأنه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة " النون ". فلما سمي به ترك على حاله، كما يترك " المسلمون " إذا سمي به على حاله. (71) قال: ومن العرب من لا يصرفه إذا سمي به، ويشبه " التاء " بهاء التأنيث، وذلك قبيح ضعيف، واستشهدوا بقول الشاعر: (72)تنورتها من أذرعات وأهلهابيثرب أدنى دارها نظر عالي (73)ومنهم من لا ينون " أدرعات " وكذلك: " عانات "، وهو مكان.وقال بعض نحويي الكوفيين: إنما انصرفت " عرفات "، لأنهن على جماع مؤنث " بالتاء ". قال: وكذلك ما كان من جماع مؤنث " بالتاء "، ثم سميت به رجلا أو مكانا أو أرضا أو امرأة، انصرفت. قال: ولا تكاد العرب تسمي شيئا من الجماع إلا جماعا، ثم تجعله بعد ذلك واحدا.وقال آخرون منهم: ليست " عرفات " حكاية، ولا هي اسم منقول، (74) ولكن الموضع مسمى هو وجوانبه " بعرفات "، ثم سميت بها البقعة. اسم للموضع، ولا ينفرد واحدها. قال: وإنما يجوز هذا في الأماكن والمواضع، ولا يجوز ذلك في غيرها من الأشياء. قال: ولذلك نصبت العرب " التاء " في ذلك، لأنه موضع. ولو كان محكيا، لم يكن ذلك فيه جائزا، لأن من سمى رجلا " مسلمات " أو " مسلمين " لم ينقله في الإعراب عما كان عليه في الأصل، فلذلك خالف: " عانات، وأذرعات "، ما سمي به من الأسماء على جهة الحكاية.* * *قال أبو جعفر: واختلف أهل العلم في المعنى الذي من أجله قيل لعرفات " عرفات ". فقال بعضهم: قيل لها ذلك من أجل أن إبراهيم خليل الله صلوات الله عليه لما رآها عرفها بنعتها الذي كان لها عنده، فقال: قد عرفت، فسميت عرفات بذلك. وهذا القول من قائله يدل على أن عرفات اسم للبقعة، وإنما سميت بذلك لنفسها وما حولها، كما يقال: ثوب أخلاق، وأرض سباسب، فتجمع بما حولها. (75)* ذكر من قال ذلك:3792 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: لما أذن إبراهيم في الناس بالحج، فأجابوه بالتلبية، وأتاه من أتاه أمره الله أن يخرج إلى عرفات، ونعتها فخرج، فلما بلغ الشجرة عند العقبة، استقبله الشيطان يرده، فرماه بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، فطار فوقع على الجمرة الثانية، فصده أيضا، فرماه وكبر، فطار فوقع على الجمرة الثالثة، فرماه وكبر. فلما رأى أنه لا يطيقه، ولم يدر إبراهيم أين يذهب، (76) انطلق حتى أتى ذا المجاز، (77) فلما نظر إليه فلم يعرفه جاز، فلذلك سمي: " ذا المجاز ". ثم انطلق حتى وقع بعرفات، فلما نظر إليها عرف النعت، قال: " قد عرفت!" فسمي: " عرفات ". فوقف إبراهيم بعرفات، حتى إذا أمسى ازدلف إلى جمع، فسميت: " المزدلفة "، فوقف بجمع. (78)3793 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن سليمان التيمي، عن نعيم بن أبي هند، قال: لما وقف جبريل بإبراهيم عليهما السلام بعرفات، قال: " عرفت!"، فسميت عرفات لذلك.3794 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال ابن المسيب: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بعث الله جبريل إلى إبراهيم فحج به، فلما أتى عرفة قال: " قد عرفت!"، وكان قد أتاها مرة قبل ذلك، ولذلك سميت " عرفة ".* * *وقال آخرون: بل سميت بذلك بنفسها وببقاع أخر سواها.* ذكر من قال ذلك:3795 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع بن مسلم القرشي، عن أبي طهفة، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس قال: إنما سميت عرفات، لأن جبريل عليه السلام، كان يقول لإبراهيم: هذا موضع كذا، هذا موضع كذا، فيقول: " قد عرفت!"، فلذلك سميت " عرفات ". (79)3796 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء قال: إنما سميت عرفة أن جبريل كان يري إبراهيم عليهما السلام المناسك، فيقول: " عرفت، عرفت!" فسمي" عرفات ".3797 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن زكريا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس: أصل الجبل الذي يلي عرنة وما وراءه موقف، حتى يأتي الجبل جبل عرفة.وقال ابن أبي نجيح: عرفات: " النبعة " و " النبيعة " و " ذات النابت "، وذلك قول الله: " فإذا أفضتم من عرفات "، وهو الشعب الأوسط.وقال زكريا: ما سال من الجبل الذي يقف عليه الإمام إلى عرفة، فهو من عرفة، وما دبر ذلك الجبل فليس من عرفة.* * *وهذا القول يدل على أنها سميت بذلك نظير ما يسمى الواحد باسم الجماعة المختلفة الأشخاص.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك عندي أن يقال: هو اسم لواحد سمي بجماع، فإذا صرف ذهب به مذهب الجماع الذي كان له أصلا. وإذا ترك صرفه ذهب به إلى أنه اسم لبقعة واحدة معروفة، فترك صرفه كما يترك صرف أسماء الأمصار والقرى المعارف.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا أفضتم فكررتم راجعين من عرفة، إلى حيث بدأتم الشخوص إليها منه،" فاذكروا الله "، يعني بذلك: الصلاة، والدعاء عند المشعر الحرام.* * *وقد بينا قبل أن " المشاعر " هي المعالم، من قول القائل: " شعرت بهذا الأمر "، أي علمت، ف " المشعر "، هو المعلم، (80) سمي بذلك لأن الصلاة عنده والمقام والمبيت والدعاء، من معالم الحج وفروضه التي أمر الله بها عباده. وقد:-3798 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن زكريا، عن ابن أبي نجيح، قال: يستحب للحاج أن يصلي في منزله بالمزدلفة إن استطاع، وذلك أن الله قال: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم ".* * *فأما " المشعر ": فإنه هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى محسر.وليس مأزما عرفة من " المشعر ". (81)وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:3799 - حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: رأى ابن عمر الناس يزدحمون على الجبيل بجمع فقال: أيها الناس إن جمعا كلها مشعر.3800 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن نافع، عن ابن عمر أنه سئل عن قوله: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام "، قال: هو الجبل وما حوله.3801 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن ابن عباس قال: ما بين الجبلين اللذين بجمع مشعر.3802 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا الثوري، عن السدي، عن سعيد بن جبير، مثله.3803 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري= وحدثني أحمد بن حازم قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان= عن السدي، عن سعيد بن جبير، قال: سألته عن المشعر الحرام فقال: ما بين جبلي المزدلفة.3804 - حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: " المشعر الحرام " المزدلفة كلها= قال معمر: وقاله قتادة.3805 - حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، قال: أنبأنا الثوري، عن السدي، عن سعيد بن جبير: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام "، قال: ما بين جبلي المزدلفة هو المشعر الحرام.3806 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمر عن المشعر الحرام، فقال: إذا انطلقت معي أعلمتكه. قال: فانطلقت معه، فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه، حتى إذا هبطت أيدي الركاب، وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ أخذت فيه ! قلت: ما أخذت فيه؟ قال: كلها مشاعر إلى أقصى الحرم.3807 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل= وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل= عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: سألت عبد الله بن عمر، عن المشعر الحرام قال: إن تلزمني أركه. قال: فلما أفاض الناس من عرفة وهبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ قال: قلت: ها أنا ذاك، قال: أخذت فيه! قلت: ما أخذت فيه ! قال: حين هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال فهو مشعر إلى مكة.3808 - حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن عمارة بن زاذان، عن مكحول الأزدي، قال: سألت ابن عمر يوم عرفة عن المشعر الحرام؟ فقال: الزمني ! فلما كان من الغد وأتينا المزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام.3809 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا داود، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: المشعر الحرام: المزدلفة كلها.3810 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا داود، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أين المزدلفة؟ قال: إذا أفضت من مأزمي عرفة، فذلك إلى محسر. قال: وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة، ولكن مفاضاهما.قال: قف بينهما إن شئت، وأحب إلي أن تقف دون قزح. هلم إلينا من أجل طريق الناس!.3811 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: رآهم ابن عمر يزدحمون على قزح، فقال: علام يزدحم هؤلاء ؟ كل ما ههنا مشعر!.3812 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: المشعر الحرام المزدلفة كلها.3813 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3814 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام " وذلك ليلة جمع. قال قتادة: كان ابن عباس يقول: ما بين الجبلين مشعر.3815 - حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، قال: المشعر الحرام هو ما بين جبال المزدلفة = ويقال: هو قرن قزح. (82)3816 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام "، وهي المزدلفة، وهي جمع.* * ** وذكر عن عبد الرحمن بن الأسود ما:-3817 - حدثنا به هناد، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر الحرام.3818 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن السدي، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: المشعر الحرام: ما بين جبلي مزدلفة.3819 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا قيس، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عمر عن المشعر الحرام فقال: ما أدري؟ وسألت ابن عباس، فقال: ما بين الجبلين.3820 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل: عن أبي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: الجبيل وما حوله مشاعر.3821 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن ثوير، قال: وقفت مع مجاهد على الجبيل، فقال: هذا المشعر الحرام.3822 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا حسن بن عطية، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عباس، الجبيل وما حوله مشاعر.* * *قال أبو جعفر: وإنما جعلنا أول حد المشعر مما يلي منى، منقطع وادي محسر مما يلي المزدلفة، لأن:-3823 - المثنى حدثني قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عرفة كلها موقف إلا عرنة، وجمع كلها موقف إلا محسرا ". (83)3824 - حدثني يعقوب، قال: حدثني هشيم، عن حجاج، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير، أنه قال: كل مزدلفة موقف إلا وادي محسر.3825 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن حجاج، قال: أخبرني من سمع عروة بن الزبير يقول مثل ذلك.3826 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن هشام بن عروة، قال: قال عبد الله بن الزبير في خطبته: تعلمن أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، تعلمن أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر. (84)* * *قال أبو جعفر: غير أن ذلك وإن كان كذلك فإني أختار للحاج أن يجعل وقوفه لذكر الله من المشعر الحرام على قزح وما حوله، لأن:-3827 - أبا كريب حدثنا، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، عن زيد بن علي، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي قال: لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة، غدا فوقف على قزح، وأردف الفضل، ثم قال: هذا الموقف، وكل مزدلفة موقف.3828 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن زيد بن علي بن الحسين، عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه. (85)3829 - حدثنا هناد وأحمد الدولابي، قالا حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن ابن الحويرث، قال: رأيت أبا بكر واقفا على قزح وهو يقول: أيها الناس أصبحوا ! أيها الناس أصبحوا ! ثم دفع. (86)3830 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا هارون، عن عبد الله بن عثمان، عن يوسف بن ماهك، قال: حججت مع ابن عمر، فلما أصبح بجمع صلى الصبح، ثم غدا وغدونا معه حتى وقف مع الإمام على قزح، ثم دفع الإمام فدفع بدفعته.* * *وأما قول عبد الله بن عمر حين صار بالمزدلفة: " هذا كله مشاعر إلى مكة "، فإن معناه أنها معالم من معالم الحج ينسك في كل بقعة منها بعض مناسك الحج = لا أن كل ذلك " المشعر الحرام " الذي يكون الواقف حيث وقف منه إلى بطن مكة قاضيا ما عليه من الوقوف بالمشعر الحرام من جمع.* * *وأما قول عبد الرحمن بن الأسود: " لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر الحرام " فلأنه يحتمل أن يكون أراد: لم أجد أحدا يخبرني عن حد أوله ومنتهى آخره على حقه وصدقه. لأن حدود ذلك على صحتها حتى لا يكون فيها زيادة ولا نقصان، لا يحيط بها إلا القليل من أهل المعرفة بها. غير أن ذلك وإن لم يقف على حد أوله ومنتهى آخره وقوفا لا زيادة فيه ولا نقصان إلا من ذكرت، فموضع الحاجة للوقوف لا خفاء به على أحد من سكان تلك الناحية وكثير من غيرهم. وكذلك سائر مشاعر الحج، والأماكن التي فرض الله عز وجل على عباده أن ينسكوا عندها كعرفات ومنى والحرم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه: واذكروا الله أيها المؤمنون عند المشعر الحرام= بالثناء عليه، والشكر له على أياديه عندكم، وليكن ذكركم إياه بالخضوع لأمره، والطاعة له والشكر على ما أنعم عليكم من التوفيق، لما وفقكم له من سنن إبراهيم خليله بعد الذي كنتم فيه من الشرك والحيرة والعمى عن طريق الحق وبعد الضلالة= كذكره إياكم بالهدى، حتى استنقذكم من النار به بعد أن كنتم على شفا حفرة منها، فنجاكم منها. وذلك هو معنى قوله: " كما هداكم ".* * *وأما قوله: " وإن كنتم من قبله لمن الضالين "، فإن من أهل العربية من يوجه تأويل " إن " إلى تأويل " ما "، وتأويل اللام التي في" لمن " إلى " إلا ". (87)فتأويل الكلام على هذا المعنى: وما كنتم = من قبل هداية الله إياكم لما هداكم له من ملة خليله إبراهيم التي اصطفاها لمن رضي عنه من خلقه = إلا من الضالين.* * *ومنهم من يوجه تأويل " إن " إلى " قد ".فمعناه على قول قائل هذه المقالة: واذكروا الله أيها المؤمنون كما ذكركم بالهدى، فهداكم لما رضيه من الأديان والملل، وقد كنتم من قبل ذلك من الضالين.-------------------الهوامش :(56) انظر ما سلف في تفسير"الجناح" من الجزء 3 : 230 ، 231 .(57) انظر ما سلف في تفسير : "ابتغي" من الجزء 3 : 508 .(58) ديوانه : 41 وسيأتي في التفسير 4 : 15- 16/ 5 : 45 (بولاق) وهذا البيت متعلق بثلاثة أبيات قبله ، هو تمام معناها في ذكر الموت :رأيت المنايا لم يهبن محمداولا أحدا ولم يدعن مخلداألا لا أرى على المنون ممهلاولا باقيا إلا له الموت مرصداسيلقاك قرن لا تريد قتالهكمي إذا ما هم بالقرن أقصدابغاك وما تبغيه . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . .وقوله : "حتى وجدته" رواية الديوان"إلا وجدته" . ورواية الطبري عزيزة فهي شاهد قل أن نظفر به على أن"حتى" تأتي بمعنى"إلا" في الاستثناء وقد ذكر ذلك ابن هشام في المغني 1 : 111 قال بعد ذكر وجوه"حتى" : "وبمعنى إلا في لاستثناء ، وهذا أقلها وقل من يذكره" .(59) في المطبوعة : "فنزلت فيهم : لا جناح عليكم أن تبتغوا . . " وبين أنه خطأ وسهو .(60) الحديث : 3765 -طليق بن محمد بن السكن الواسطي شيخ الطبري : ثقة ، قال ابن حبان في الثقات : "مستقيم الحديث كالأثبات" . وهو من شيوخ النسائي وابن خزيمة وغيرهما . وهذا الباب باب"طليق" : نص الذهبي في المشتبه على أنه بفتح الطاء وتبعه الحافظ ابن حجر في تحرير المشتبه . ولم يذكرا غير هذا الضبط . ولكن الحافظ في التقريب ضبط أول اسم فيه"بالتصغير" بالنص على ذلك . وأنا أرجح أنه وهم منه ، رحمه الله .أسباط : هو ابن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة وهو ثقة من شيوخ أحمد وابن راهويه وغيرهما . الحسن بن عمرو الفقيمي -بضم الفاء- التميمي الكوفي : ثقة أخرج له البخاري في صحيحه ابو أمامة التيمي : تابعي ثقة . بينا ترجمته ومراجعها في شرح المسند : 6434 .والحديث رواه أحمد في المسند : 6434 عن أسباط بن محمد بهذا الإسناد . وقد فصلنا القول في تخريجه هناك . ونقله ابن كثير 1 : 463 عن المسند و 464 عن هذا الموضع من الطبري وسيأتي بإسناد آخر : 3789 .(61) الخبر : 3770 -أبو أميمة : الراجح الظاهر أنه"أبو أمامة التيمي" الماضي في الحديث 3765 ، وأن هذا الخبر مختصر من ذاك الحديث ولكنه موقوف على ابن عمر .وقد نقله ابن كثير 1 : 463 ، عن هذا الموضع من الطبري وقال : "وهذا موقوف ، وهو قوي جيد" .(62) في المطبوعة : "قال" مكان"قرأ" وهو سهو من الناسخ ، وانظر الأثر السالف : 3766 ، 3768 ، والآثار التي تلي هذا الأثر .(63) في المطبوعة : "سمعت ابن الزبير يقول" والصواب من مخطوطة تفسير عبد الرزاق ص : 21 .(64) الخبر : 3778 - أشار إليه الحافظ في الفتح 3 : 473 وذكر أنه رواه ابن عيينة وابن جريج عن عبيد الله بن أبي يزيد . ولم يذكر من خرجه وقد عرفنا من رواية الطبري أنه خرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة . وهو في تفسير عبد الرزاق ص : 21 ، بهذا الإسناد . وهو صحيح عبيد الله بن ألبي يزيد المكي : تابعي ثقة .(65) الداج : هم الذين مع الحجاج من الأجراء والمكارين والأعوان والخدم ، وظاهر أنهم كانوا لا يحجون مع الناس .(66) الحديث : 3789 -العلاء بن المسيب بن رافع الأسدي : ثقة مأمون ، كما قال ابن معين .والديث رواه أحمد في المسند : 6435 ، عن عبد الله بن الوليد العدني ، عن سفيان الثوري بهذا الإسناد . وقلنا في شرحه : إن إسناده صحيح ، وأن إبهام الرجل من بني تيم الله- لا يضر ، فقد عرف أنه"أبو أمامة التيمي" . كما مضى في : 3765 . وقد خرجناه مفصلا في المسند .(67) الحديث : 3791 -سعيد بن الربيع الرازي- شيخ الطبري : لم أجد له ترجمة . وقد ذكر في فهارس تاريخ الطبري بهذا الاسم ، فانتفت شبهة التحريف فيه . و"سفيان" -شيخه : هو ابن عيينة . ويشتبه"سعيد بن الربيع" براو آخر ، هو"سعيد بن الربيع الهروي الجرشي العامري" المترجم في التهذيب . ولكنه قديم الوفاة ، مات سنة 211 قبل ولادة الطبري . وهو من أقدم شيوخ البخاري .والحديث رواه البخاري 4 : 248 ، 269 ، و 8 : 139 (فتح) من طريق سفيان ابن عيينة بهذا الإسناد .ورواه أيضًا 3 : 473- 474 من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار . وذكره ابن كثير 1 : 462 ، من رواية البخاري .وهذا الحديث من أفراد البخاري -دون مسلم- كما نص على ذلك الحافظ في الفتح 3 : 475 . ولم أجده في مسند أحمد . وهو من الأحاديث الصحاح القليلة ، التي في أحد الصحيحين وليست في المسند .وقد مضى نحو معناه مختصرا : 3779 ، من رواية عبد الرزاق عن ابن عيينة ومضى كذلك مختصرا : 3771 ، 3784 ، من وجه آخر من رواية مجاهد عن ابن عباس . و 3772 ، 3785 ، من وجه ثالث ، من رواية عطاء عن ابن عباس .(68) القداح جمع قدح (بكسر فسكون) : هو السهم قبل أن ينصل ويراش ، كانوا يستقسمون بها في الميسر ، وهي الأزلام أيضًا . والأيسار جمع يس (بفتحين) وهم المجتمعون على الميسر من أشراف الحي . وفي المطبوعة : "المياسرين" والصواب ما أثبت . والياسر : الضارب بالقداح والمتقامر على الجزور اللاعب بالقداح .(69) في المطبوعة : "ابن أبي حازم" وهو خطأ .(70) لم أجد هذا البيت في مكان ، ومن القصيدة ثلاثة أبيات في الحيوان 6 : 343 من هذا الشعر ، وهي أبيات جياد . والمنيح : أحد القداح الأربعة التي ليس لها غرم ولا غنم في قداح الميسر ، ولكن قد يمنح صاحبه شيئا من الجزور . ولا أتبين معنى البيت حتى أعرف ما قبله ، وأعرف الضمائر فيه إلى من تعود .(71) هو قول الأخفش (اللسان : عرف) ومعجم البلدان (عرفات) وانظر سيبويه 2 : 17- 18 .(72) هو امرؤ القيس بن حجر .(73) ديوانه : 140 ، وسيبويه 2 : 18 والخزانة 1 : 26 وهو من قصيدته الرائعة المشهورة والضمير في قوله : "تنورتها" للمرأة التي يذكرها (انظر طبقات فحول الشعراء : 68 تعليق : 3) . وتنورالنار أبصرها من بعيد جعل المرأة تضيء له فيراها كالنار المشبوبة . وأذرعات : بلد بالشام . ويثرب : مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هذا اسمها في الجاهلية . يقول : لاح له نورها في الظلماء ، وهو بالشام وأهلها بالمدينة . ثم يقول : أقرب ما يرى منها لا يرى إلا من مكان عال في جو السماء . يصف بعد ما بينه وبينها ، ومع ذلك فقد لاحت له في الليل من هذا المكان البعيد ، وأتم المعنى في البيت لتالي :نظرت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقفال(74) الحكاية : الإتيان باللفظ على ما كان عليه من قبل ، وسيظهر معناها في الأسطر الآتية .(75) انظر ما سلف 1 : 433 .(76) في المطبوعة : "فلما رأى أنه لا يطيعه ، فلم يدر إبراهيم" والصواب ما أثبته عن نص الطبري آنفًا ، كما سيأتي في المراجع بعد .(77) في المطبوعة : "فانطلق" والصواب ما أثبت .(78) الأثر : 3792 -قد سلف تاما برقم : 2065 ، والتصويب السالف منه .(79) الخبر : 3795 - هذا إسناد مشكل ، لا أدري ما وجه صوابه . أما"وكيع بن مسلم القرشي" : فما وجدت راويا بهذا الاسم ولا ما يشبهه . والذي أكاد أجزم به أنه"وكيع بن الجراح" الإمام المعروف . وأن كلمة"بن" محرفة عن كلمة"عن" ثم يزيد الإشكال أن لم أجد من اسمه"مسلم القرشي" وإشكال ثالث ، أن"أبا طهفة" هذا لا ندري ما هو؟واليقين -عندي- أن الإسناد محرف غير مستقيم .(80) انظر ما سلف في الجزء 3 : 226 ، 227 (بولاق) تفسير"شعائر" .(81) المأزم : كل طريق ضيق بين جبلين . ومأزما عرفة : مضيق ين جمع وعرفة .(82) القرن : الجبل الصغير المستطيل المنقطع عن الجبل الكبير .(83) الحديث : 3823 -هذا حديث مرسل كما قال ابن كثير 1 : 467 وقد رواه مالك في الموطأ ص : 388"أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"- دون إسناد . وذكره ابن عبد البر في كتاب"التقصي" رقم : 839 . وقال : "وهذا الحديث يتصل من حديث جابر بن عبد الله ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث علي بن أبي طالب" . وحديث جابر رواه مسلم 1 : 348 ولكن ليس فيه استثناء"عرنة" و"محسر" ورواه ابن ماجه : 3012 من حديث جابر وفيه هذا الاستثناء . وإسناده ضعيف جدا .وانظر السنن الكبرى للبيهقي 5 : 115 ، والتلخيص الحبير ص : 216 ونصب الراية 3 : 60- 62 .(84) الخبر : 3826 -رواه مالك في الموطأ ص 388 ، بنحوه عن هشام بن عروة عن عبد الله بن الزبير .(85) الحديثان : 3827 ، 3828 -إبراهيم بن إسمعيل بن مجمع الأنصاري المدني : ضعيف قال ابن معين : "ليس بشيء" وقال البخاري : "كثير الوهم" . عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي : ثقة من أهل العلم . ين بن علي بن أبي طالب : ثقة معروف ، لا يحتاج إلى تعريف . وهو الذي تنسب إليه الزيدية من الشيعة . وكان حربا على الرافضة . وهو يروى عن عبيد الله بن أبي رافع مباشرة ، ولكنه روى هذا الحديث بعينه -كما سيأتي في التخريج- عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين عن عبيد الله . عبيد الله بن أبي رافع المدني ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعي ثقة . وكان كاتبا لعلي بن أبي طالب رضي اله عنه .وهذا الحديث مختصر من حديث مطول . وقد أخطأ فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع : فحذف من الإسناد [عن أبيه] بين زيد بن علي وعبيد الله بن أبي رافع . وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم"أردف الفضل" -في هذا الحديث . وإنما"أردف أسامة بن زيد" . وإرداف الفضل بن عباس كان في حادثة أخرى .والحديث رواه احمد في المسند : 1347 ، عن يحيى بن آدم عن سفيان -وهو الثوري-"عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي ، عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال : هذا الموقف وعرفة كلها موقف ثم أردف أسامة فجعل يعتق على ناقته ، والناس يضربون الإبل يمينا وشمالا ، لا يلتفت إليهم" . وهذا مختصر أيضًا . ورواه أبو داود : 1922 ، عن أحمد بن حنبل بهذا الإسناد واختصره قليلا .ورواه أحمد : 562 عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان بهذا الإسناد مطولا . وفيه -بعد إرداف أسامة-"ثم أتى قزح فوقف على قزح ، فقال : هذا الموقف وجمع كلها موقف . . . "- إلى آخره مطولا .ورواه عبد الله بن أحمد ، في زيادات المسند : 564 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي عن أبيه . و 613 من طريق مسلم بن خالد الزنجي ، عن عبد الرحمن المخزومي - بهذا الإسناد مطولا أيضًا .ورواه الترمذي 2 : 100- 101 ، مطولا من طريق أبي أحمد الزبيري عن الثوري وقال : "حديث حسن صحيح ، لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه من حديث عبد الرحمن بن الحارث ابن عياش . وقد رواه غير واحد عن الثوري مثل هذا" .(86) الخر : 3829 -سفيان : هو ابن عيينة . ابن المنكدر : هو محمد بن المنكدر التيمي : أحد الأئمة الأعلام من التابعين .سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع : ترجمه الحافظ في التعجيل ص : 154 وذكر أنه مخزومي وأشار إلى هذا الخبر من روايته . وقال : "وقع عند غيره : عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع" . ويريد : عند غير الشافعي ، لأن هذا الخبر رواه الشافعي كما سيأتي . وقد رمز لهذه الترجمة في التعجيل بحرف الألف ، وهو رمز"أحمد" في المسند . وهو خطأ مطبعي . وصحته"فع" رمز الشافعي . وعبد الرحمن ابن سعيد بن يربوع : مترجم في التهذيب 6 : 187 وابن سعد 5 : 111 وابن أبي حاتم 2/2/239 ، ولكن جميع روايات هذا الخبر فيها"سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع" . وأنا أرجح بما يظهر لي من الترجمتين : أن الراوي هنا غير المترجم في التهذيب ومن المحتمل أن راوي هذا الخبر ابن +الذي في التهذيب . خصوصا وأن ابن أبي حاتم ذكره في ترجمة"ابن الحويرث" راويا عنه . وإن لم يترجم هو ولا البخاري في الكبير ل"سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع" .ابن الحويرث : هو جبير بن الحويرث . ترجمه ابن أبي حاتم 1/1/512 وقال : "روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه . روى عنه سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع" . وكذلك ترجمه ابن عبد البر في الاستيعاب رقم : 317 ثم قال : "في صحبته نظر" . وترجمه ابن الأثير في أسد الغابة 1 : 270 وقال : "وقتل أبوه يوم فتح مكة قتله علي . وهذا يدل على أن لابنه جبير صحبة أو رؤية" . وكذلك رجح صحبته - الحافظ في الإصابة 1 : 235 والتعجيل : 66- 67 . وكلهم ذكر أباه باسم"الحويرث" إلا المصعب الزبيري في نسب قريش ص : 257 فإنه ذكره باسم"الحارث" و"الحويرث" هو الصواب الموافق لما في سيرة ابن هشام ، ص : 819 (طبعة أوربة) وطبقات ابن سعد 1/2/90 .وهذا الخبر رواه الشافعي في الأم 2 : 180 عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد بزيادة في آخره ولكن فيه : "عن أبي الحويرث" وكذلك ثبت في مسنده بترتيب الشيخ عابد السندي 1 : 256 . ووقع في مسند الشافعي المطبوع بهامش الجزء 6 من الأم : "عن جوبير بن حويرث" . وهذا الضطراب يدل على تحريف الاسم في بعض نسخ الأم ومسند الشافعي . خصوصا وأن الحافظ ابن حجر ذكر اسمه في التعجيل على الصواب ولم يذكر فيه خلافا ، لو كان هذا اختلاف رواية مع أنه رمز له برمز الشافعي وحده . ولعل هذا الخطأ كان في بعض نسخ الأم . ومسند الشافعي القديمة وأن هذا حمل البيهقي على أن يروي الخبر من غير طريق الشافعي خلافا لعادته الغالبة .فقد رواه البيهقي 5 : 125 ، من طريق سعدان بن نصر عن سفيان وهو ابن عيينة -بهذا الإسناد . ورواه ابن حزم في المحلى 3 : 215- 216 من طريق محمد بن المثنى عن سفيان به .(87) هذا توجيه الكوفيين انظر المعنى لابن هشام 1 : 191 وغيره .

ثُمَّ أَفِيضُوا۟ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُوا۟ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199)


القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، ومن المعني بالأمر بالإفاضة من حيث أفاض الناس؟ ومن " الناس " الذين أمروا بالإفاضة من موضع إفاضتهم؟فقال بعضهم: المعني بقوله: " ثم أفيضوا "، قريش ومن ولدته قريش، الذين كانوا يسمون في الجاهلية " الحمس "، أمروا في الإسلام أن يفيضوا من عرفات، وهي التي أفاض منها سائر الناس غير الحمس. وذلك أن قريشا ومن ولدته قريش، كانوا يقولون: " لا نخرج من الحرم ". فكانوا لا يشهدون موقف الناس بعرفة معهم، فأمرهم الله بالوقوف معهم.* ذكر من قال ذلك:3831 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه. عن عائشة قالت: كانت قريش ومن كان على دينها -وهم الحمس- يقفون بالمزدلفة يقولون: " نحن قطين الله!"، وكان من سواهم يقفون بعرفة. فأنزل الله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " (88)3832 - حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبان، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن عروة: أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان كتبت إلي في قول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: " إني أحمس " (89) وإني لا أدري أقالها النبي أم لا؟ غير أني سمعتها تحدث عنه. والحمس: ملة قريش- وهم مشركون- ومن ولدت قريش في خزاعة وبني كنانة. كانوا لا يدفعون من عرفة، إنما كانوا يدفعون من المزدلفة وهو المشعر الحرام، وكانت بنو عامر حمسا، وذلك أن قريشا ولدتهم، ولهم قيل: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "، وأن العرب كلها كانت تفيض من عرفة إلا الحمس، كانوا يدفعون إذا أصبحوا من المزدلفة. (90)3833 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: حدثنا أبو توبة، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان، عن حسين بن عبيد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كانت العرب تقف بعرفة، وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة، فأنزل الله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الموقف إلى موقف العرب بعرفة. (91)3834 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عبد الملك، عن عطاء: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " من حيث تفيض جماعة الناس.3835 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم، قال: حدثنا عمرو بن قيس، عن عبد الله بن طلحة، عن مجاهد قال: إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى السماء الدنيا في الملائكة، فيقول: هلم إلي عبادي، آمنوا بوعدي وصدقوا رسلي ! فيقول: ما جزاؤهم؟ فيقال: أن تغفر لهم. فذلك قوله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ".3836 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح = وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح = عن مجاهد: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "، قال: عرفة. قال: كانت قريش تقول نحن: " الحمس أهل الحرم، ولا نخلف الحرم، ونفيض عن المزدلفة "، فأمروا أن يبلغوا عرفة.3837 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ، قال قتادة: وكانت قريش وكل حليف لهم وبني أخت لهم، لا يفيضون من عرفات، إنما يفيضون من المغمس، ويقولون: " إنما نحن أهل الله، فلا نخرج من حرمه "، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات، وأخبرهم أن سنة إبراهيم وإسمعيل هكذا: الإفاضة من عرفات.3838 - حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ، قال: كانت العرب تقف بعرفات، فتعظم قريش أن تقف معهم، فتقف قريش بالمزدلفة، فأمرهم الله أن يفيضوا مع الناس من عرفات.3839 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ، قال: كانت قريش وكل ابن أخت وحليف لهم، لا يفيضون مع الناس من عرفات، يقفون في الحرم ولا يخرجون منه، يقولون: " إنما نحن أهل حرم الله فلا نخرج من حرمه "؛ فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس; وكانت سنة إبراهيم وإسمعيل الإفاضة من عرفات.3840 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، قال: كانت قريش - لا أدري قبل الفيل أم بعده - ابتدعت أمر الحمس، رأيا رأوه بينهم، (92) قالوا: نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت، وقاطنو مكة وساكنوها، (93) فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلنا، ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا، فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم " (94) وقالوا: قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم، فتركوا الوقوف على عرفة، والإفاضة منها، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم، ويرون لسائر الناس أن يقفوا عليها، وأن يفيضوا منها، إلا أنهم قالوا: نحن أهل الحرم، فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة، ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس - والحمس: أهل الحرم .ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكني الحل مثل الذي لهم بولادتهم إياهم، فيحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم. وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك. ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن، حتى قالوا: " لا ينبغي للحمس أن يأقطوا الأقط، ولا يسلئوا السمن وهم حرم، (95) ولا يدخلوا بيتا من شعر، ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حراما ". ثم رفعوا في ذلك (96) فقالوا: " لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل في الحرم، (97) إذا جاءوا حجاجا أو عمارا، ولا يطوفون بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس، فإن لم يجدوا منها شيئا طافوا بالبيت عراة ". فحملوا على ذلك العرب فدانت به، وأخذوا بما شرعوا لهم من ذلك، (98) فكانوا على ذلك حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله- حين أحكم له دينه وشرع له حجه: (99) " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " - يعني قريشا، و " الناس " العرب- فرفعهم في سنة الحج إلى عرفات، والوقوف عليها، والإفاضة منها. فوضع الله أمر الحمس- وما كانت قريش ابتدعت منه- عن الناس بالإسلام حين بعث الله رسوله. (100)3841 - حدثنا بحر بن نصر، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال: كانت قريش تقف بقزح، وكان الناس يقفون بعرفة، قال: فأنزله الله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ".* * *وقال آخرون: المخاطبون بقوله: " ثم أفيضوا "، المسلمون كلهم، والمعني بقوله: " من حيث أفاض الناس "، من جمع، وب " الناس "، إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام.* ذكر من قال ذلك.3842 - حدثت عن القاسم بن سلام، قال: حدثنا هارون بن معاوية الفزاري، عن أبي بسطام عن الضحاك، قال: هو إبراهيم. (101)قال أبو جعفر: والذي نراه صوابا من تأويل هذه الآية، أنه عنى بهذه الآية قريش ومن كان متحمسا معها من سائر العرب لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك تأويله.وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية: فمن فرض فيهن الحج، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، واستغفروا الله إن الله غفور رحيم، وما تفعلوا من خير يعلمه الله.وهذا، إذ كان ما وصفنا تأويله فهو من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم، على نحو ما تقدم بياننا في مثله، (102) ولولا إجماع من وصفت إجماعه على أن ذلك تأويله. لقلت: أولى التأويلين بتأويل الآية ما قاله الضحاك من أن الله عنى بقوله: " من حيث أفاض الناس "، من حيث أفاض إبراهيم. لأن الإفاضة من عرفات لا شك أنها قبل الإفاضة من جمع، وقبل وجوب الذكر عند المشعر الحرام. وإذ كان ذلك لا شك كذلك، وكان الله عز وجل إنما أمر بالإفاضة من الموضع الذي أفاض منه الناس، بعد انقضاء ذكر الإفاضة من عرفات، وبعد أمره بذكره عند المشعر الحرام، ثم قال بعد ذلك: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "= كان معلوما بذلك أنه لم يأمر بالإفاضة إلا من الموضع الذي لم يفيضوا منه، دون الموضع الذي قد أفاضوا منه، وكان الموضع الذي قد أفاضوا منه فانقضى وقت الإفاضة منه، لا وجه لأن يقال: " أفض منه ".فإذ كان لا وجه لذلك، وكان غير جائز أن يأمر الله جل وعز بأمر لا معنى له، كانت بينة صحة ما قاله من التأويل في ذلك، وفساد ما خالفه، لولا الإجماع الذي وصفناه، وتظاهر الأخبار بالذي ذكرنا عمن حكينا قوله من أهل التأويل.* * *فإن قال لنا قائل: وكيف يجوز أن يكون ذلك معناه: " والناس " جماعة،" وإبراهيم " صلى الله عليه وسلم واحد، والله تعالى ذكره يقول: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ؟قيل: إن العرب تفعل ذلك كثيرا، فتدل بذكر الجماعة على الواحد. (103) ومن ذلك قول الله عز وجل: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ [آل عمران: 173] والذي قال ذلك واحد، وهو فيما تظاهرت به الرواية من أهل السير- نعيم بن مسعود الأشجعي، (104) ومنه قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51] قيل: عنى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم= ونظائر ذلك في كلام العرب أكثر من أن تحصى. (105)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا أفضتم من عرفات منصرفين إلى منى فاذكروا الله عند المشعر الحرام، وادعوه واعبدوه عنده، كما ذكركم بهدايته فوفقكم لما ارتضى لخليله إبراهيم، فهداه له من شريعة دينه، بعد أن كنتم ضلالا عنه.* * *وفي ثُمَّ في قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ، من التأويل وجهان:أحدهما ما قاله الضحاك من أن معناه: ثم أفيضوا فانصرفوا راجعين إلى منى من حيث أفاض إبراهيم خليلي من المشعر الحرام، وسلوني المغفرة لذنوبكم، فإني لها غفور، وبكم رحيم. كما:-3843 - حدثني إسماعيل بن سيف العجلي، قال: حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي، قال: حدثنا ابن كنانة- ويكنى أبا كنانة-، عن أبيه، عن العباس بن مرداس السلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها، فأجابني أن قد غفرت، إلا ذنوبها بينها وبين خلقي. فأعدت الدعاء يومئذ، فلم أجب بشيء، فلما كان غداة المزدلفة قلت: يا رب، إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته، وتغفر لهذا الظالم! فأجابني أن قد غفرت. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلنا: يا رسول الله، رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه! قال: " ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذ هو يدعو بالويل والثبور، ويضع التراب على رأسه " (106)3844 - حدثني مسلم بن حاتم الأنصاري، قال: حدثنا بشار بن بكير الحنفي، قالا حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع، عن ابن عمر، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة، فقال: " أيها الناس إن الله تطول عليكم في مقامكم هذا، فقبل محسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، ووهب مسيئكم لمحسنكم، إلا التبعات فيما بينكم، أفيضوا على اسم الله. فلما كان غداة جمع قال: " أيها الناس، إن الله قد تطول عليكم في مقامكم هذا، فقبل من محسنكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم، والتبعات بينكم عوضها من عنده أفيضوا على اسم الله. فقال أصحابه: يا رسول الله، أفضت بنا بالأمس كئيبا حزينا، وأفضت بنا اليوم فرحا مسرورا ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني سألت ربي بالأمس شيئا لم يجد لي به، سألته التبعات فأبى علي، فلما كان اليوم أتاني جبريل قال: إن ربك يقرئك السلام ويقول التبعات ضمنت عوضها من عندي". (107)* * *فقد بين هذان الخبران أن غفران الله التبعات التي بين خلقه فيما بينهم، إنما هو غداة جمع، وذلك في الوقت الذي قال جل ثناؤه: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله "، لذنوبكم، فإنه غفور لها حينئذ، تفضلا منه عليكم، رحيم بكم.* * *والآخر منهما: ثُمَّ أَفِيضُوا من عرفة إلى المشعر الحرام، فإذا أفضتم إليه منها فاذكروا الله عنده كما هداكم.------------------------الهوامش :(88) الحديث : 3831 - محمد بن عبد الرحمن الطفاوي بضم الطاء المهملة : ثقة من شيوخ أحمد وابن المديني وغيرهما .والحديث رواه البخاري 8 : 139 (فتح) عن ابن المديني عن محمد بن خازم عن هشام به ، مطولا قليلا . وكذلك رواه مسلم 1 : 348 عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية وهو محمد بن خازم به .القطين اسم جماعة واحدهم قاطن والجمع قطان : وهم سكان الدار المقيمون بها لا يبرحونها وقولهم"نحن قطين الله" فيه محذوف أي : قطين بيت الله وحرمه . ولو حمل على قولهم : القطين هم الخدم لكان معناه : خدم الله والقائمون بأمر بيته ، بلا حاجة إلى تقدير محذوف . وهو جيد أيضًا .(89) انظر الآثار السالفة من رقم : 3077- 3087 ففيها خبر الأنصاري ومقالة رسول الله له .(90) الحديث : 3832 -أبان : هو ابن يزيد العطار وهو ثقة وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما .وهذا الحديث بهذا السياق -لم أجده في موضع آخر . ومعناه ثابت في الحديث الذي قبله ، وفي حديث مطول آخر ، رواه البخاري 3 : 411- 413 (فتح) . من طريق علي بن مسهر . ومسلم : 348ن من طريق أبي أسامة- كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه .وانظر أيضًا ما مضى في الطبري : 3077- 3087 .وقول عروة -هنا-"غير أني سمعتها تحدث عنه" : يريد به خالته"عائشة أم المؤمنين" وأنها تحدث ذلك عن رسول اله صلى الله عليه وسلم . وهذا واضح من سياق القول ومن سائر الروايات الأخر . ولعله عبر عنهما بالضمير لسبق ذكرهما في سؤال عبد الملك بن مروان الذي يجيبه بهذا القول .(91) الحديث : 3833 - أحمد بن محمد الطوسي شيخ الطبري : روى عنه في لتاريخ 1 : 8 ، 17 باسم"أحمد بن محمد بن حبيب" . ثم في 1 : 67 باسم"أحمد بن محمد الطوسي" كما هنا . ثم في 1 : 209 باسم"أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي" . فتعين أنه هو وهو مترجم لتهذيب وتاريخ بغداد 5 : 108- 109 ، باسم"أحمد بن محمد بن نيزك بن حبيب أبو جعفر يعرف بالطوسي" . وهو من شيوخ لترمذي وذكره ابن حبان في الثقات . و"نيزك" : بكسر النون وفتح الزاي بينهما ياء تحتية ، كما ضبط في التقريب والخلاصة .أبو توبة : هو الربيع بن نافع الحلبي سكن طرسوس وهو ثقة صدوق حجة كما قال أبو حاتم وهو من شيوخه وشيوخ الإمام أحمد وأبي داود وغيرهم .أبو إسحاق الفزاري : هو الحافظ الحجة شيخ الإسلام إراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن وهو الثقة المأمون الإمام . شيخه سفيان : هو الثوري .حسين بن عبيد اله : هو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وهو ضعيف ضعفه ابن معين وابن المديني وأبو حاتم وغيرهم . ولعله نسب هنا إلى جده بل لعل الأصل"بن عبد الله" فحرفها الناسخون . وإنما جزمت بأنه هو : لأنه هو الذي يروي عن عكرمة ويروي عنه الثوري كما في ترجمته عند ابن أبي حاتم 1/2/57 . ثم ما في هذه الطبقة من الرواة من يسمى"حسين بن عبيد الله" . بل ليس في التهذيب ولا في الكبير ولا عند ابن أبي حاتم من يدعي ذلك . نعم هناك رواة بهذا الاسم في لسان الميزان وكلهم متأخرون عن هذه الطبقة .وهذا الحديث لم أجده في غير الطبري ، ولم ينسبه السيوطي 1 : 227 لغيره .(92) في سيرة ابن هشام : "رأيا رأوه وأداروه" .(93) في سيرة ابن هشام : "وقطان مكة وساكنها" .(94) في سيرة ابن هشام : "بحرمتكم" .(95) في سيرة ابن هشام : "أن يأتقطوا" ائتقط الأقط : اتخذه والأقط : شيء يتخذ من اللبن المخيض ، يطبخ ثم يترك حتى يمصل وهو من ألبان الإبل خاصة . وسلأ السمن : طبخه وعالجه فأذاب زبده . والحرم (بضمتين) جمع حرام . رجل حرام : محرم .(96) رفعوا في ذلك : زادوا وغالوا .(97) في سيرة ابن هشام : "من الحل إلى الحرم" .(98) هذه الجملة غير موجودة بنصها في سيرة ابن هشام .(99) في المطبوعة : "حجته" وفي سيرة ابن هشام : "وشرع له سنن حجه" .(100) الأثر : 3840 -في سيرة ابن هشام 1 : 211- 216 وفي السيرة زيادات وقد أثبتنا الاختلاف آنفًا .(101) الخبر : القاسم بن سلام بتشديد اللام : هو أبو عبيد الإمام الحجة صاحب كتاب الأموال وغيره من المؤلفات .مروان بن معاوية الفزاري : مضت ترجمته : 1222 ، 3322 . ووقع في المطبوعة هنا"هارون""مروان" . وهو خطأ واضح . و"مروان الفزاري" من شيوخ القاسم بن سلام كما في ترجمته الممتعة في تاريخ بغداد 12 : 403- 406 .أبو بسطام : هو مقاتل بن حيان النبطي البلخي وهو ثقة بينا ذلك في المسند : 3107 .الضحاك : هو ابن مزاحم الهلالي الخراساني وهو ثقة ما ذكرنا في المسند : 2262 .وهذا الخبر أشار إليه ابن كثير 1 : 469 أنه"حكاه ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم فقط" . وهم السيوطي 1 : 227 ، فذكره من رواية الطبري عن ابن عباس؟ ولعله سبق ذهنه لكثرة رواية الضحاك عن ابن عباس؟؟(102) انظر فهرس المباحث العربية في الجزءين السالفين .(103) انظر فهرس المباحث العربية في الجزءين السالفين .(104) انظر الاستيعاب : 301 وابن سعد 2/1/42 وتاريخ الطبري 3 : 41- 42 ولكن الطبري لم يذهب هذا المذهب في تفسير الآية من سورة آل عمران 4 : 118- 121 (بولاق) .(105) سيعود الطبري بعد أسطر فيذكر تتمة تفسير هذا الشطر من الآية .(106) الحديث : 3843 - إسماعيل بن سيف العجلي : لم أستطع التحقق من معرفته . فلم أجد في كتب التراجم إلا"إسماعيل بن سيف أبو إسحاق"- هكذا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/1/176 وأنه سأل أباه عنه ، فقال : "هو مجهول" . وله ترجمة في لسان الميزان 1 : 409- 410 بل ثنتان ورجح الحافظ أنهما لشخص واحد . -فيما يظهر لي- من هذه الطبقة ولكني لا أجزم أنه هو شيخ الطبري هذا .عبد القاهر بن السري السلمي البصري : قال ابن معين : "صالح" وذكره ابن شاهين في الثقات .ابن كنانة : هو عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس ، كما تبين اسمه من التخريج -فيما يأتي- وكما ذكر في التراجم . وهو مجهول كما في التقريب والخلاصة . والمراد أنه مجهول الحال . وفي التهذيب : "قال البخاري" لم يصح حديثه" . ولم يترجم له ابن أبي حاتم في العبادلة ولا في الأبناء مع أنه ذكره في ترجمة أبيه ، كما سيأتي ولم أجد كنيته" أبا كنانة" إلا في هذا الموضع فستفاد منه .أبوه"كنانة بن العباس" : ترجمه البخاري في الكبير 4/1/236 قال : "كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه . روى عنه ابنه" . وبنحو ذلك ترجمه ابن أبي حاتم 3/2/169 . ولم يذكرا فيه جرحا ولم يسميا ابنه . وبنحو هذا ذكره ابن حبان في الثقات ص : / 317 ولم يسم ابنه أيضًا . ثم ذكره في كتاب المجروحين في الورقة : 192 قال : "كنانة بن العباس بن مرداس السلمي يروي عن أبيه روى عنه ابنه : منكر الحديث جدا فلا أدري : التخليط في حديثه منه ، أو من ابنه؟ أو من أيهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روى لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير"!! هكذا قال ابن حبان مهولا في غير موضع التهويل! فما ذكر العلماء الحفاظ لكنانة غير هذا الحديث الواحد . وما هو بمنكر المعنى وإن كان الإسناد إليه فيه ضعف بجهالة حال عبد الله ابن كنانة . وكنانة هذا قال فيه ابن مندة : "يقال إن لكنانة صحبة" ولذلك ذكره الحافظ في الإصابة 5 : 318 في القسم الثاني ممن لهم رؤية وأشار إلى خطأ ابن حبان بأنه ذكره في الثقات"ثم غفل فذره في الضعفاء" .والحديث رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند : 16276 (4 : 14- 15 حلبي) عن إبراهيم بن الحجاج الناجي . ورواه ابن ماجه : 3013 عن أيوب بن محمد الهاشمي . ورواه البيهقي 5 : 118 من طريق أبي داود الطيالسي -ثلاثتهم عن عبد القاهر بن السري"حدثنا عبد الله ابن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي" - إلخ ، كما في رواية ابن ماجه . وفي روايتي عبد الله بن أحمد والبيهقي : "حدثني ابن كنانة بن العباس بن مرداس" . وكذلك روى أبو داود في السنن : 5234- قطعة منه ، عن عيسى بن إبراهيم البركي ، وعن أبي الوليد الطيالسي كلاهما عن عبد القاهر بن السري . وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 127- 128 من رواية ابن ماجه ثم من رواية البيهقي . ثم نقل عن البيهقي أنه قال : "وهذا الحديث له شواهد كثيرة ، وقد ذكرناها في كتاب البعث . فإن صح بشواهده ففيه الحجة . وإن لم يصح ، فقد قال الله تعالى : (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) . وظلم بعضهم بعضا دون الشرك . انتهى" . وذكره السيوطي 1 : 230 ونسبه أيضًا للطبراني . والضياء المقدسي في المختارة .(107) الحديث : 3844 - مسلم بن حاتم أبو حاتم الأنصاري : ثقة من شيوخ أبي داود والترمذي وثقه الترمذي والطبراني .بشار بن بكير الحنفي : لم أجد له ترجمة بعد طول البحث والتتبع ، حتى لقد ظننته محرفا لولا أن وجدته مذكورا أيضًا في إسناد هذا الحديث في الحلية لأبي نعيم .عبد العزيز بن أبي رواد المكي : ثقة معروف بالورع والصلاح والعبادة . ومن تكلم فيه من أجل رأيه فلا حجة له .والحديث رواه أبو نعيم في الحلية 8 : 199 بإسنادين : من طريق أبي هشام عبد الرحيم بن هارون الغساني ومن طريق بشار بن بكير الحنفي -كلاهما عن عبد العزيز بن أبي رواد . ثم قال : "السياق لبشار بن بكير وحديث أبي هاشم فيه اختصار . . . غريب تفرد به عبد العزيز عن نافع ولم يتابع عليه" .وذكر المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 127 نحو معناه من حديث عبادة بن الصامت ثم قال : "رواه الطبراني في الكبير ورواته محتج بهم في الصحيح إلا أن فيهم رجلا لم يسم" . وكذلك ذكره الهيثمي في الزوائد 3 : 256- 257 . ثم ذكر كلاهما بعده حديثا بنحوه لأنس بن مالك ونسباه لأبي يعلى . وقال الهيثمي : "وفيه صالح المري وهو ضعيف" وكذلك ذكرهما السيوطي 1 : 230 دون بيان تعليلهما .

فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُۥ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنْ خَلَٰقٍ (200)


القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًاقال أبو جعفر: يعني بقول جل ثناؤه: " فإذا قضيتم مناسككم "، فإذا فرَغتم من حَجكم فذبحتم نَسائككم، فاذكروا الله (108)* * *يقال منه: " نسك الرجل يَنسُك نُسْكًا ونُسُكًا ونسيكة ومَنْسَكًا "، إذا ذبح نُسُكه، و " المنسِك " اسم مثل " المشرق والمغرب "، فأما " النُّسْك " في الدين، فإنه يقال منه: " ما كان الرجل نَاسكًا، ولقد نَسَك، ونَسُك نُسْكًا نُسُكًا ونَساكة "، (109) وذلك إذا تقرَّأ. (110)* * *وبمثل الذي قلنا في معنى " المناسك " في هذا الموضع قال مجاهد:3845 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإذا قَضَيتم مَناسككم "، قال: إهراقة الدماء. (111)3846 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.* * *وأما قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدَّ ذكرًا "، فإنّ أهل التأويل اختلفوا في صفة " ذكر القوم آباءهم "، الذين أمرَهم الله أن يجعلوا ذكرهم إياه كذكرهم آباءَهم أو أشد ذكرًا.فقال بعضهم: كان القوم في جاهليتهم بعد فراغهم من حجهم ومناسكهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فأمرهم الله في الإسلام أن يكون ذكرُهم بالثناء والشكر والتعظيم لربهم دون غيره، وأن يُلزموا أنفسهم من الإكثار من ذكره، نظيرَ ما كانوا ألزموا أنفسهم في جاهليتهم من ذكر آبائهم.* ذكر من قال ذلك:3847 - حدثنا تميم بن المنتصر، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن القاسم بن عثمان، عن أنس في هذه الآية، قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحج، فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف! ويقول بعضهم: كان أبي جزَّ نواصي بني فلان!.3848 - حدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان. عن عبد العزيز، عن مجاهد قال: كانوا يقولون: كان آباؤنا ينحرون الجُزُر، ويفعلون كذا! فنزلت هذه الآية: " اذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا ":3849 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، قال: كان أهل الجاهلية يذكرون فَعَال آبائهم.3850 - حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش، قال: كان أهل الجاهلية إذا فَرغوا من الحج قاموا عند البيت فيذكرون آباءَهم وأيامهم: كان أبي يُطعم الطعام! وكان أبي يفعل! فذلك قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم "= قال أبو كريب: قلت ليحيى بن آدم: عمن هو؟ قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل.3851 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرني حجاج عمن حدثه، عن مجاهد في قوله: " اذكروا الله كذكركم آباءكم "، قال: كانوا إذا قَضَوا مناسكهم وقفوا عند الجَمرة فذكروا آباءهم، وذكروا أيامهم في الجاهلية وفَعال آبائهم، فنزلت هذه الآية.3852 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد في قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم " قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم وَقفوا عند الجمرة، وذكروا أيامهم في الجاهلية وفعال آبائهم. قال: فنزلت هذه الآية.3853 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإذا قَضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم "، قال: تفاخرت العرب بَينها بفعل آبائها يوم النحر حين فَرَغوا فأمروا بذكر الله مكانَ ذلك.3854 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.3855 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم " قال قتادة: كان أهل الجاهلية إذا قضوا مناسكهم بمنىً قعدوا حِلَقًا فذكروا صنيعَ آبائهم في الجاهلية وفَعالَهم به، يخطب خطيبهم ويُحدِّث محدثهم، فأمر الله عز وجل المسلمين أن يذكروا الله كذكر أهل الجاهلية آباءهم أو أشد ذكرًا.3856 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا " قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم اجتمعوا فافتخروا، وذكروا آباءهم وأيامها، فأمروا أن يجعلوا مكان ذلك ذكرَ الله، يذكرونه كذكرهم آبائهم، أو أشد ذكرًا.3857 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خصيف، عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وَقفوا بعرفة، فنزلت هذه الآية.3858 - حدثنا القاسم، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير أنه سمع مجاهدًا يقول ذلك يومَ النحر، حين ينحرون. قال: قال " فاذكروا الله كذكركم آبائكم " قال: كانت العرب يوم النحر حين يفرُغون يَتفاخرون بفَعَال آبائها، فأمروا بذكر الله عز وجل مكانَ ذلك:* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فاذكروا الله كذكر الأبناءِ والصِّبيانِ الآباءَ.* ذكر من قال ذلك:3859 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عثمان بن أبي رواد، عن عطاء أنه قال في هذه الآية: " كذكركم آباءَكم " قال: هو قول الصبيّ: يا أباه!.3860 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا زهير، عن جويبر، عن الضحاك: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم " يعني بالذكر، ذكر الأبناء الآباء.3861 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال لي عطاء: " كذكركم آباءكم " : أبَهْ ! أمَّهْ !.3862 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا صالح بن عمر، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: كالصبي، يَلهج بأبيه وأمه.3863 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا "، يقول: كذكر الأبناء الآباءَ أو أشد ذكرًا.3864 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، يقول: كما يذكر الأبناء الآباء.3865 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عُبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " كذكركم آباءكم " يعني ذكر الأبناء الآباء.* * *وقال آخرون: بل قيل لهم: " اذكروا الله كذكركم آباءكم "، لأنهم كانوا إذا قضوا مناسكهم فدعوا ربَّهم، لم يذكروا غير آبائهم، فأمروا من ذكر الله بنظير ذكر آباءهم.* ذكر من قال ذلك:3866 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " فإذا قَضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، قال: كانت العرب إذا قَضت مناسكها، وأقاموا بمنى، يقومُ الرجل فيسأل الله ويقول: " اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة عَظيم القبة، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيتَ أبي!!"، ليس يذكر الله، إنما يذكر آباءه، ويسأل أن يُعطى في الدنيا.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول عندي في تأويل ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه أمرَ عباده المؤمنين بذكره بالطاعة له في الخضوع لأمره والعبادة له، بعد قَضاء مَناسكهم. وذلك " الذكر " جائز أن يكون هو التكبير الذي أمرَ به جل ثناؤه بقوله: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [ سورة البقرة :203 ] الذي أوجبه على من قضى نُسكه بعد قضائه نُسكه، فألزمه حينئذ مِنْ ذِكْره ما لم يكن له لازمًا قبل ذلك، وحثَّ على المحافظة عليه مُحافظة الأبناء على ذكر الآباء في الآثار منه بالاستكانة له والتضرع إليه بالرغبة منهم إليه في حوائجهم كتضرُّع الولد لوالده، والصبي لأمه وأبيه، أو أشد من ذلك، إذ كان ما كان بهم وبآبائهم من نعمة فمنه، وهو وليه.وإنما قلنا: " الذكر " الذي أمر الله جل ثناؤه به الحاجَّ بعد قضاء مَناسكه بقوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا ": " جائزٌ أن يكون هو التكبير الذي وَصفنا "، من أجل أنه لا ذكر لله أمرَ العباد به بعد قَضاء مَناسكهم لم يكن عليهم من فرضه قبل قضائهم مناسكهم، سوى التكبير الذي خصَّ الله به أيام منى.فإذ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أنه جل ثناؤه قد أوجبَ على خلقه بعد قَضائهم مناسكهم من ذكره ما لم يكن واجبًا عليهم قبل ذلك، وكان لا شيء من ذكره خَصّ به ذلك الوقت سوى التكبير الذي ذكرناه= كانت بَيِّنةً صحةُ ما قلنا من تأويل ذلك على ما وصفنا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا قَضيتم مناسككم أيها المؤمنون فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا، وارغبوا إليه فيما لديه من خير الدنيا والآخرة بابتهال وتمسكن، واجعلوا أعمالكم لوجهه خالصًا ولطلب مرضاته، وقولوا: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، ولا تكونوا كمن اشترى الحياةَ الدنيا بالآخرة، فكانت أعمالهم للدنيا وزينتها، فلا يسألون ربهم إلا متاعها، ولا حظَّ لهم في ثواب الله، ولا نصيبَ لهم في جناته وكريم ما أعدَّ لأوليائه، كما قال في ذلك أهل التأويل.3867 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل: " فمن الناس من يقول ربَّنا آتنا في الدنيا "، هب لنا غنمًا! هب لنا إبلا !" وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ".3868 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل، قال: كانوا في الجاهلية يقولون: " هبْ لنا إبلا!"، ثم ذكر مثله.3869 - حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش في قوله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ومَا له في الآخرة من خَلاق "، قال: كانوا = يَعني أهلَ الجاهلية = يقفون - يعني بعد قضاء مناسكهم - فيقولون: " اللهم ارزقنا إبلا! اللهم ارزقنا غنمًا!"، فأنزل الله هذه الآية: " فمن الناس من يقول ربّنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " = قال أبو كريب: قلت ليحيى بن آدم: عمن هو؟ قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل.3870 - حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن القاسم بن عثمان، عن أنس: " فمن الناس من يقول رَبنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، قال: كانوا يطوفون بالبيت عُراة فيدعون فيقولون: " اللهم اسقنا المطر، وأعطنا على عدونا الظفر، ورُدَّنا صَالحين إلى صالحين!".3871 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا " نَصرًا ورزقًا، ولا يسألون لآخرتهم شيئًا.3872 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3873 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة في قول الله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، فهذا عبدٌ نَوَى الدنيا، لها عملَ، ولها نَصِب.3874 - حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: " فمن الناس من يقول رَبنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، قال: كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقامت بمنى لا يذكر اللهَ الرجلُ منهم، وإنما يذكر أباه، ويسأل أن يُعطَي في الدنيا.3875 - حدثني يونس، قال: حدثنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ، قال كانوا أصنافًا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهلُ الكفر، وأهلُ النفاق. فمن الناس من يقول: " ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خَلاق " إنما حجوا للدنيا والمسألة، لا يريدون الآخرة، ولا يؤمنون بها= ومنهم من يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، الآية= قال: والصنف الثالث: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الآية.وأما معنى " الخلاق " فقد بيناه في غير هذا الموضع، وذكرنا اختلافَ المختلفين في تأويله والصحيحَ لدينا من معناه بالشواهد من الأدلة وأنه النصيب، بما فيه كفاية عن إعادته في هذا الموضع. (112)-------------------الهوامش:(108) انظر تفسير"قضى" فيما سلف 2 : 542 ، 543 .(109) انظر تفسير"نسك" فيما سلف من 3 : 75- 80/ ثم هذا الجزء وفي النسك الذي هو الذبح . مصادر لم تذكر في كتب اللغة .(110) تقرأ الرجل : تفقه وتنسك فهو قارئ ومتقرى وقراء (بضم القاف وتشديد الراء) .(111) "إهراقة" مصدر هراق الدم يهريقه ، هراقة وإهراقة وهو سفحه وصبه .(112) انظر ما سلف 2 : 452- 454 .

وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى ٱلْءَاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ (201)


القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى " الحسنة " التي ذكر الله في هذا الموضع.فقال بعضهم. يعني بذلك: ومن الناس مَن يقول: ربَّنا أعطنا عافية في الدنيا وعافية في الآخرة.* ذكر من قال ذلك:3876 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال أخبرنا عبد الرازق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً"، قال: في الدنيا عافيةً، وفي الآخرة عافية. قال قتادة: وقال رجل: " اللهم ما كنتَ معاقبي به في الآخرة فعجِّله لي في الدنيا "، فمرض مرضًا حتى أضنى على فراشه، (113) فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم شأنُه، فأتاه النبي عليه السلام، فقيل له: إنه دعا بكذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا طاقة لأحد بعقوبه الله، ولكن قُل: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة وقنا عَذاب النار ". فقالها، فما لبث إلا أيامًا= أو: يسيرًا =حتى بَرَأ.3877 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سعيد بن الحكم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني حميد، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: عاد رَسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد صار مثل الفرْخ المنتوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو الله بشيء؟- أو تسأل الله شيئًا؟ قال: قلت: " اللهم ما كنت مُعاقبي به في الآخرة فعاقبني به في الدنيا!". قال: سبحان الله! هل يستطيع ذلك أحد أو يطيقه؟ فهلا قلت: " اللهم آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنةً وقنا عذاب النار؟". (114)* * *وقال آخرون: بل عَنى الله عز وجل ب " الحسنة " - في هذا الموضع- في الدنيا، العلمَ والعبادة، وفي الآخرة: الجنة.* ذكر من قال ذلك:3878 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا عباد، عن هشام بن حسان، عن الحسن: " ومنهم من يقول رَبنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة "، قال: الحسنة في الدنيا: العلمُ والعبادةُ، وفي الآخرة: الجنة.3879 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الحسن في قوله: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنةً وقنا عذابَ النار "، قال: العبادة في الدنيا، والجنة في الآخرة.3880 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن واقد العطار، قال: حدثنا عباد بن العوام، عن هشام، عن الحسن في قوله: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة "، قال: الحسنة في الدنيا: الفهمُ في كتاب الله والعلم.3881 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت سفيان الثوري يقول[في] هذه الآية: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة "، قال: الحسنة في الدنيا: العلمُ والرزق الطيب، وفي الآخرة حَسنة الجنة.* * *وقال آخرون: " الحسنة " في الدنيا: المال، وفي الآخرة: الجنة.* ذكر من قال ذلك:3882 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: " ومنهم مَنْ يقول رَبنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "، قال: فهؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون.3883 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي" ومنهم من يَقول رَبنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة "، هؤلاء المؤمنون; أما حسنة الدنيا فالمال، وأما حَسنة الآخرة فالجنة.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر عن قوم من أهل الإيمان به وبرسوله، ممن حجَّ بَيته، يسألون ربهم الحسنة في الدنيا، والحسنة في الآخرة، وأن يقيهم عذاب النار. وقد تجمع " الحسنةُ" من الله عز وجل العافيةَ في الجسم والمعاش والرزق وغير ذلك، والعلم والعبادة.وأما في الآخرة، فلا شك أنها الجَّنة، لأن من لم يَنلها يومئذ فقد حُرم جميع الحسنات، وفارق جميع مَعاني العافية.وإنما قلنا إن ذلك أولى التأويلات بالآية، لأن الله عز وجل لم يخصص بقوله - مخبرًا عن قائل ذلك- من معاني" الحسنة " شيئًا، ولا نصب على خُصوصه دلالة دالَّةً على أن المراد من ذلك بعض دون بعض، فالواجب من القول فيه ما قلنا: من أنه لا يجوز أن يُخَصّ من معاني ذلك شيء، وأن يحكم له بعمومه على ما عَمَّه الله.* * *وأما قوله: " وقنا عذاب النار "، فإنه يعني بذلك: اصرف عنا عَذاب النار.* * *ويقال منه: " وقيته كذا أقيه وِقاية وَوَقاية ووِقاء " ، ممدودًا، وربما قالوا: " وقاك الله وَقْيًا " ، إذا دفعت عنه أذى أو مكروهًا.--------------------الهوامش :(113) أضنى الرجل : إذا لزم الفراش من الضنى وهو شدة المرض حتى ينحل الجسم .(114) الحديث : 3877 -سعيد بن الحكم : هو"سعيد بن أبي مريم الجمحي" مضت الإشارة إليه في : 22 وهو ثقة حجة . "يحيى بن أيوب" هو الغافقي أبو العباس المصري وهو ثقة حافظ أخرج له أصحاب الكتب الستة .حميد : هو ابن أبي حميد الطويل وهو تابعي ثقة ، سمع من أنس بن مالك ، وسمع من ثابت البناني عن أنس . وزعم بعضهم أنه لم يسمع من أنس إلا أحاديث قليلة وأن سائرها إنما هو"عن ثابت عن أنس" . ورد الحافظ ذلك ردا شديدا ، وقال : "قد صرح حميد بسماعه من أنس بشيء كثير . وفي صحيح البخاري من ذلك جملة" .وإنما فصلت هذا لأن رواية هذا الحديث هنا فيها تصريح حميد بسماعه من أنس . ولكنه رواه أحمد ومسلم من حديث حميد ، عن ثابت عن أنس . فلعله سمعه من أنس ومن ثابت عن أنس :فرواه أحمد في المسند : 12074 (3 : 107 حلبي) عن ابن أبي عدي وعبد الله بن بكر السهمي - كلاهما عن حميد عن ثابت عن أنس . وكذلك رواه مسلم 2 : 309 من طريق ابن أبي عدي عن حميد ثم من طريق خالد بن الحارث عن حميد .وذكره ابن كثير 1 : 472- 473 من رواية المسند . ثم قال : "انفرد بإخراجه مسلم" يعني انفرد به عن البخاري .وذكره السيوطي 1 : 233 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي شيبة والترمذي والنسائي وأبي يعلى وابن حبان وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب . ولكنه وهم فنسبه أيضًا للبخاري ولم أجده فيه ، مع جزم ابن كثير بانفراد مسلم بروايته .

أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا۟ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ (202)


القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " أولئك " الذين يقولون بعد قضاء مناسكهم: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، رغبةً منهم إلى الله جل ثناؤه فيما عنده، وعلمًا منهم بأن الخيرَ كله من عنده، وأن الفضل بيده يؤتيه من يَشاء. فأعلم جل ثناؤه أنّ لهم نصيبًا وحظًّا من حجِّهم ومناسكهم، وثوابًا جزيلا على عملهم الذي كسبوه، وبَاشروا معاناته بأموالهم وأنفسهم،خاصًّا ذلك لهم دون الفريق الآخر، الذين عانوا ما عانوا من نَصَب أعمالهم وتعبها، وتكلَّفوا ما تكلفوا من أسفارهم، بغير رغبةٍ منهم فيما عند رَبهم من الأجر والثواب، ولكن رجاء خسيس من عَرض الدنيا، وابتغاء عَاجل حُطامها. كما:-3884 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ، قال: فهذا عبد نوى الدنيا، لها عمل ولها نَصِب، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ، أي حظٌّ من أعمالهم.3885 - وحدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ، إنما حَجُّوا للدنيا والمسألة، لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، قال: فهؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون=" أولئك لهم نصيبٌ مما كسبوا والله سريع الحساب "، لهؤلاء الأجرُ بما عملوا في الدنيا.* * *وأما قوله: " والله سريع الحساب "، فإنه يعني جل ثناؤه: أنه محيط بعمل الفريقين كليهما اللذين من مسألة أحدهما: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ، ومن مسألة الآخر: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، فَمُحْصٍ له بأسرع الحساب، (115) ثم إنه مجازٍ كلا الفريقين على عمله.وإنما وصف جل ثناؤه نفسه بسرعة الحساب، لأنه جل ذكره يُحصى ما يُحصى من أعمال عباده بغير عَقد أصابع، ولا فكرٍ ولا رَوية، فِعلَ العَجَزة الضَّعَفة من الخلق، ولكنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يَعزب عنه مثقال ذرة فيهما، ثم هو مُجازٍ عبادَه على كل ذلك. فلذلك امتدح نفسه جل ذكره بسرعة الحساب، (116) وأخبر خلقه أنه ليس لهم بمِثْلِ، فيحتاجَ في حسابه إلى عَقد كف أو وَعْي صَدر.* * *---------------------------الهوامش :(115) قوله : "فمحص" عطف على قوله : "أنه محيط . . . "(116) في المطبوعة : "فلذلك جل ذكره امتدح بسرعة الحساب" ، والذي أثبت أشبه بالصواب إن شاء الله .

الصفحة السابقة الصفحة التالية