تفسير سورة النازعات الصفحة 583 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 583 من المصحف


بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ وَٱلنَّٰزِعَٰتِ غَرْقًا (1)


القول في تأويل قوله تعالى : وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)أقسم ربنا جلّ جلاله بالنازعات، واختلف أهل التأويل فيها، وما هي، وما تنزع؟ فقال بعضهم: هم الملائكة التي تنزع نفوس بني آدم، والمنزوع نفوس الآدميين.* ذكر من قال ذلك:حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: ثنا النضر بن شُمَيل، قال: أخبرنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى، عن مسروق، عن عبد الله وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: الملائكة .حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق أنه كان يقول في النازعات: هي الملائكة .حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يوسف بن يعقوب، قال: ثنا شعبة، عن السُّدِّي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في النازعات قال: حين تنزع نفسه .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: تنزع الأنفس .حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: نزعت أرواحهم، ثم غرقت، ثم قذف بها في النار .وقال آخرون: بل هو الموت ينزع النفوس.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: الموت .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.وقال آخرون: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق.حدثنا الفضل بن إسحاق، قال: ثنا أبو قُتَيبة، قال: ثنا أبو العوّام، أنه سمع الحسن في وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: النجوم .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: النجوم .وقال آخرون: هي القسيّ تنزع بالسهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: القسيّ .وقال آخرون: هي النفس حين تُنزع.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدّي وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: النفس حين تَغرق في الصدر .والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالنازعات غرقا، ولم يخصص نازعة دون نازعة، فكلّ نازعة غرقا، فداخلة في قسمه، ملكا كان أو موتا، أو نجما، أو قوسا، أو غير ذلك. والمعنى: والنازعات إغراقا كما يغرق النازع في القوس.

وَٱلنَّٰشِطَٰتِ نَشْطًا (2)


وقوله: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا اختلف أهل التأويل أيضا فيهنّ، وما هنّ، وما الذي ينشط، فقال بعضهم: هم الملائكة، تنشِط نفس المؤمن فتقبضُها، كما ينشط العقال من البعير إذا حُلّ عنه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: الملائكة .وكان الفرّاء يقول: الذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنشطت، وكأنما أنشط من عقال، ورَبْطُها: نشطها، والرابط: الناشط؛ قال: وإذا رَبَطْتَ الحبل في يد البعير فقد نشطته تنشطه، وأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته.وقال آخرون: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا هو الموت يَنْشِط نفسَ الإنسان.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: الموت .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يوسف بن يعقوب، قال: ثنا شعبة عن السديّ، عن ابن عباس وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: حين تَنشِط نفسه .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدي وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: نشطها حين تُنشط من القدمين .وقال آخرون: هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: النجوم .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: هنّ النجوم .وقال آخرون: هي الأوهاق (6) .* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: الأوهاق .والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالناشطات نشطا، وهي التي تنشط من موضع إلى موضع، فتذهب إليه، ولم يخصص الله بذلك شيئا دون شيء، بل عم القسم بجميع الناشطات والملائكة تنشط من موضع إلى موضع، وكذلك الموت، وكذلك النجوم والأوهاق وبقر الوحش أيضا تَنْشُط، كما قال الطِّرِمَّاح:وَهَلْ بِحَلِيفِ الخَيْلِ مِمَّنْ عَهِدْتُهبِهِ غَيْرُ أُحْدانَ النَّوَاشِطِ رُوع (7)يعني بالنواشط: بقر الوحش، لأنها تنشط من بلدة إلى بلدة، كما قال رؤبة بن العجَّاج:تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغْلاةِ الْوَهْق (8)والهموم تنشط صاحبها، كما قال هِيمان بن قحافة:أمْسَتْ هُمُومِي تَنْشِطُ المَناشِطَاالشَّامَ بِي طَوْرًا وَطَوْرًا وَاسِطَا (9)فكل ناشط فداخل فيما أقسم به إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها بأن المعنيّ بالقسم من ذلك بعض دون بعض.----------------------------الهوامش :(6) الأوهاق : جمع وهق ، بسكون الهاء أو تحريكها ، وهي الحبل المغار يرمى فيه أنشوطة ، فتؤخذ فيه الدابة والإنسان .(7) البيت للطرماح بن حكيم ( ديوانه 115 ) قال شارحه في تفسيره : يعني بالنواشط : بقر الوحش . لأنها تنشط من بلدة إلى بلدة .(8) البيت لرؤبة الراجز ( ديوانه 104 ) و ( اللسان : نشط ) قال : وتنشطت الناقة الأرض : قطعتها . وفاعل تنشط : هو الناقة ، والهاء راجعة إلى الخرق المذكور . قال : يقول : تناولته وأسرعت رجع يديها . والمغلاة : البعيدة الخطو . والوهق : المباراة في السير . يريد أنها ناقة سريعة السير وجملة تنشطته خبر ، رب في أول الأرجوزة " وقاتم الأعماق " .(9) البيتان في ( اللسان : نشط ) لهيمان بن قحافة . قال : قال الأخفش : الحمار ينشط من بلد إلى بلد ، والهموم تنشط بصاحبها ، وقال هميان : " أمست همومي ... " البيت . يقول : صارت همومي تنقلني من بلد إلى بلد ، فمرة إلى الشام ، ومرة إلى واسط بالعراق .

وَٱلسَّٰبِحَٰتِ سَبْحًا (3)


وقوله: وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا يقول تعالى ذكره: واللواتي تسبح سبحا.واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات، فقال بعضهم: هي الموت تسبح في نفس ابن آدم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: الموت، هكذا وجدته في كتابي (10) .وقد حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: الملائكة، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي، فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحا، فإن مجاهدا كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سبَّاحة، كما يقال للفرس الجواد: إنه لسابح إذا مرّ يُسرعُ.وقال آخرون: هي النجوم تَسْبَح في فلكها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: هِي النجوم .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله .وقال آخرون: هي السفن.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: السفن .والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سبحا من خلقه، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض، فذلك (11) كل سابح، لما وصفنا قبل في النازعات (12) .--------------------الهوامش :(10) كأن جابرا يرى تفسير السابحات وهي جمع : بالموت وهو مفرد ، ليس بشيء ، ولذلك قال : هكذا وجدته في كتابي . لعله يريد : هكذا كتبته كما سمعته عن الشيوخ .(11) فذلك ... لعل أصل العبارة : فشمل ذلك ... إلخ .(12) أي في تأويل لفظ " النازعات " .

فَٱلسَّٰبِقَٰتِ سَبْقًا (4)


وقوله: فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا اختلف أهل التأويل فيها، فقال بعضهم: هي الملائكة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الملائكة .وقد حدثنا بهذا الحديث أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الموت .وقال آخرون: بل هي الخيل السابقة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب ، عن عطاء فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الخيل .وقال آخرون: بل هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: هي النجوم .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال : ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.والقول عندنا في هذه مثل القول في سائر الأحرف الماضية.

فَٱلْمُدَبِّرَٰتِ أَمْرًا (5)


وقوله: فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا يقول: فالملائكة المدبرة ما أمرت به من أمر الله ، وكذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا قال: هي الملائكة .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ (6)


وقوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ يقول تعالى ذكره: يوم ترجف الأرض والجبال للنفخة الأولى تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ تتبعها الأخرى بعدها، هي النفخة الثانية التي ردفت الأولى لبعث يوم القيامة.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ يقول: النفخة الأولى.

تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ (7)


وقوله: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ يقول: النفخة الثانية .حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ يقول: تتبع الآخرة الأولى، والراجفة: النفخة الأولى، والرادفة: النفخة الآخرة .حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قال: هما النفختان: أما الأولى فتميت الأحياء، وأما الثانية فتُحيي الموتى، ثم تلا الحسن: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ .حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قال: هما الصيحتان، أما الأولى فتُميت كل شيء بإذن الله، وأما الأخرى فتُحيي كل شيء بإذن الله، إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " بَيْنَهُما أرْبَعُونَ" قال أصحابه: والله ما زادنا على ذلك. وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " يُبْعَثُ فِي تِلْك الأرْبَعِينَ مَطَرٌ يُقال لَهُ الْحَياةُ، حتى تَطِيبَ الأرْضُ وتَهْتَزَّ، وتَنْبُتَ أجْسادُ النَّاسِ نَباتَ البَقْل، ثُمَّ تُنْفَخُ الثَّانِيَةُ، فإذَا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ" .حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد ابن أبي زياد عن رجل، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الصور، فقال أبو هريرة: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: " قَرْنٌ". قال: فكيف هو؟ قال: " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلاثُ نَفَخاتٍ: الأولى نَفْخَةُ الفَزَع، والثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْق، والثَّالِثَةُ نَفْخَةُ القِيام، فَيَفْزَعُ أهْلُ السَّمَاوَاتِ والأرْضِ إلا مَنْ شاء الله، ويأمر الله فيدِيمُها، ويطوّلها، ولا يفتر، وهي التي تقول: ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فَوَاق فيسير الله الجبال، فتكون سَرابًا، وتُرَجّ الأرضُ بأهلها رجًّا، وهي التي يقول: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عبيد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبيّ، عن أبيه، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ فقال: " جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه " .حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ : النفخة الأولى تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ : النفخة الأخرى.وقال آخرون: في ذلك ما حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ قال: ترجف الأرض والجبال، وهي الزلزلة وقوله: الرَّادِفَةُ قال: هو قوله: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً .وقال آخرون: ترجف الأرض، والرادفة: الساعة.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ الأرض، وفي قوله: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قال: الرادفة: الساعة .واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا فقال بعض نحويِّي البصرة: قوله وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا : قسم والله أعلم على إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى وإن شئت جعلتها على يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ وهو كما قال الله وشاء أن يكون في كل هذا، وفي كلّ الأمور. وقال بعض نحويي الكُوفة: جواب القسم في النازعات: ما تُرِك لمعرفة السامعين بالمعنى، كأنه لو ظهر كان لَتُبْعَثُنّ ولتحاسبنّ. قال: ويدل على ذلك أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً . ألا ترى أنه كالجواب لقوله: لَتُبْعَثُنَّ إذ قال: أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً ، وقال آخر منهم نحو هذا، غير أنه قال: لا يجوز حذف اللام في جواب اليمين، لأنها إذا حذفت لم يُعرف موضعها، وذلك أنها تلي كلّ كلام.والصواب من القول في ذلك عندنا، أن جواب القسم في هذا الموضع مما استغني عنه بدلالة الكلام، فترك ذكره.

قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8)


وقوله: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ يقول تعالى ذكره: قلوب خَلْقٍ من خلقه يومئذ، خائفة من عظيم الهول النازل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ يقول: خائفة .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: وَاجِفَةٌ : خائفة .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في وَاجِفَةٌ قال: خائفة .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ يقول: خائفة، وجفت مما عاينت يومئذ .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ قال: الواجفة: الخائفة.

أَبْصَٰرُهَا خَٰشِعَةٌ (9)


وقوله: ( أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ) يقول: أبصار أصحابها ذليلة مما قد علاها من الكآبة والحزن من الخوف والرعب الذي قد نزل بهم من عظيم هول ذلك اليوم.كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ) قال: خاشعة للذلّ الذي قد نزل بها .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ) يقول: ذليلة.

يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَافِرَةِ (10)


القول في تأويل قوله تعالى : يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)يقول تعالى ذكره: يقول هؤلاء المكذّبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم: إنكم مبعوثون من بعد الموت: أئنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا، وقبل مماتنا، وهو من قولهم: رجع فلان على حافرته: إذا رجع من حيث جاء؛ ومنه قول الشاعر:أحافِرَةً عَلى صَلَعٍ وشَيْبٍمَعاذَ اللهِ مِنْ سَفَهٍ وطَيْشٍ (13)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: الْحَافِرَةِ يقول: الحياة .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ يقول: أئنا لنحيا بعد موتنا، ونبعث من مكاننا هذا.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة يقول: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ أئنا لمبعوثون خلقا جديدا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة فِي الْحَافِرَةِ قال: أي مردودون خَلقا جديدا .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس أو محمد بن كعب القُرَظيّ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: في الحياة .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: في الحياة .وقال آخرون: الحافرة: الأرض المحفورة التي حُفرت فيها قبورهم، فجعلوا ذلك نظير قوله: مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ . يعني مدفوق، وقالوا: الحافرة بمعنى المحفورة، ومعنى الكلام عندهم: أئنا لمردودون في قبورنا أمواتا.حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: الْحَافِرَةِ قال: الأرض: نبعث خلقا جديدا، قال: البعث .حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: الأرض، نبعث خلقا جديدا .وقال آخرون: الحافرة: النار.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قول الله: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: الحافرة: النار، وقرأ قول الله تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ قال: ما أكثر أسماءها، هي النار، وهي الجحيم، وهي سَقَرُ، وهي جهنم، وهي الهاوية، وهي الحافرة، وهي لَظَى، وهي الحُطَمة.------------------الهوامش :(13) البيت في ( اللسان : حفر ) ولم ينسبه . والرواية فيه وفي تفسير الشوكاني ( 5 : 363 ) " من سفه وعار " قال : في اللسان : يقال : رجع على حافرته أي : الطريق الذي جاء منه . والحافرة الخلقة الأولى ، وفي التنزيل : أئنا لمردودون في الحافرة أي : في أول أمرنا . وأنشد ابن الأعرابي : " أحافرة ... " البيت . يقول : أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي وأمري الأول ، من الغزل أو الصبا ، بعد ما شبت وصلعت . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن : أئنا لمردودون في الحافرة : من حيث كنا ، يقال : رجع فلان في حافرته : من حيث جاء ، وعلى حافرته : من حيث كان . ا ه .

أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمًا نَّخِرَةً (11)


وقوله: أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً اختلفت القرّاء قي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والحجاز والبصرة نَخِرَةً بمعنى: بالية. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( ناخِرَةً ) بألف، بمعنى: أنها مجوّفة تنخَر الرياح في جوفها إذا مرّت بها. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: الناخرة والنخرة سواء في المعنى، بمنزلة الطامع والطمِع، والباخل والبَخِل؛ وأفصح اللغتين عندنا وأشهرهما عندنا نَخِرَةً ، بغير ألف، بمعنى: بالية، غير أن رءوس الآي قبلها وبعدها جاءت بالألف، فأعجب إليّ لذلك أن تُلْحق ناخرة بها ليتفق هو وسائر رءوس الآيات، لولا ذلك كان أعجب القراءتين إليّ حذف الألف منها.* ذكر من قال نَخِرَةً : بالية:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً فالنخرة: الفانية البالية .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد عِظَامًا نَخِرَةً قال: مرفوتة .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا تكذيبا بالبعث ( نَاخِرَةً ) بالية. قالوا: تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ يقول جلّ ثناؤه عن قيل هؤلاء المكذّبين بالبعث، قالوا: تلك: يعنون تلك الرجعة أحياء بعد الممات، إذًا: يعنون الآن، كرّة: يعنون رجعة، خاسرة: يعنون غابنة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:

قَالُوا۟ تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)


حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ : أي رجعة خاسرة .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ قال: وأيّ كرّة أخسر منها، أُحيوا ثم صاروا إلى النار، فكانت كرّة سوء.

فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَٰحِدَةٌ (13)


وقوله: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ يقول تعالى ذكره: فإنما هي صيحة واحدة، ونَفخة تنفخ في الصور، وذلك هو الزجرة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ قال: صيحة .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ قال: الزجرة: النفخة في الصور.

فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ (14)


وقوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) يقول تعالى ذكره: فإذا هؤلاء المكذبون بالبعث المتعجبون من إحياء الله إياهم من بعد مماتهم، تكذيبا منهم بذلك بالساهرة، يعني بظهر الأرض، والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض ساهرة، وأراهم سموا ذلك بها، لأن فيه نوم الحيوان وسهرها، فوصف بصفة ما فيه؛ ومنه قول أُميَّة بن أبي الصَّلْت:وفِيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍوَمَا فاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ (14)ومنه قول أخي نهم يوم ذي قار لفرسه:أَقْدِمْ " مِحاجُ" إنها الأساوِرَهوَلا يَهُولَنَّكَ رِجْلٌ نادِرَهْفإنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْثُمَّ تَعُودُ بَعْدَها فِي الْحَافِرَهْمِنْ بَعْدِ ما كُنْتَ عِظاما ناخِرَهْ (15)واختلف أهل التأويل في معناها، فقال بعضهم مثل الذي قلنا.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عكرِمة، عن ابن عباس، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: على الأرض، قال: فذكر شعرا قاله أُمية بن أبي الصلت، فقال:عِنْدَنا صَيْدُ بَحْرٍ وصَيْدُ ساهِرَةٍ (16)حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا أبو محصن، عن حصين، عن عكرِمة، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: الساهرة: الأرض، أما سمعت: لهم صيد بحر، وصيد ساهرة .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) يعني: الأرض .حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا عُمارة بن أبي حفصة، عن عكرِمة، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: فإذا هم على وجه الأرض، قال: أو لم تسمعوا ما قال أُمية بن أبي الصلت لهم:وفِيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍ..........حدثنا عمارة بن موسى، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا عمارة، عن عكرمة، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: فإذا هم على وجه الأرض، قال أمية:وفِيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍ..........حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) فإذا هم على وجه الأرض .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( بِالسَّاهِرَةِ ) قال: المكان المستوي .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما تباعد البعث في أعين القوم قال الله: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ يقول: فإذا هم بأعلى الأرض بعد ما كانوا في جوفها .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِالسَّاهِرَةِ ) قال: فإذا هم يخرجون من قبورهم فوق الأرض والأرض، الساهرة، قال: فإذا هم يخرجون .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة وأبي الهيثم، عن سعيد بن جُبير ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: بالأرض .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جُبير، مثله.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن حصين، عن عكرمة، مثله.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) : وجه الأرض .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: الساهرة ظهر الأرض فوق ظهرها .وقال آخرون: الساهرة: اسم مكان من الأرض بعينه معروف.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ بن سهل، قال: ثني الوليد بن مسلم، عن عثمان بن أبي العاتكة، قوله: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ قال: بالصُّقْع الذي بين جبل حسان وجبل أريحاء، يمدّه الله كيف يشاء .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: أرض بالشام .وقال آخرون: هو جبل بعينه معروف.* ذكر من قال ذلك:حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا الحسن بن بلال، قال: ثنا حماد، قال: أخبرنا أبو سنان، عن وهب بن منبه، قال في قول الله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: الساهرة: جبل إلى جنب بيت المقدس .وقال آخرون: هي جهنم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال : ثنا محمد بن مروان العقيلي، قال : ثني سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: في جهنم.

هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ (15)


القول في تأويل قوله تعالى : هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) .يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هل أتاك يا محمد حديث موسى بن عمران ،-----------------------الهوامش:(14) البيت لأمية بن أبي الصلت ( ديوانه : 52 واللسان : سهر ) وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 184 ) قال : " الساهرة " : الفلاة ، ووجه الأرض . قال أمية بن أبي الصلت : " وفيها لحم ساهرة ... " البيت . وفاهموا : تكلموا . وقال الفراء في معاني القرآن ( 456 ) وقوله : فإذا هم بالساهرة وهو وجه الأرض كأنها سميت بهذا الاسم ؛ لأن فيها الحيوان : نومهم وسهرهم . وبإسناده إلى ابن عباس أنه قال : الساهرة : الأرض . وأنشد : " ففيها لحم ساهرة ... " البيت . ا ه . ويصف الجنة بأنهم يطعمون فيها لحما من الصيد ولحم البحر ، وكل ما فاهت به أفواههم من شيء ، وجدوه حاضرا لديهم .(15) هذه خمسة أبيات من مشطور الرجز ، نسبها صاحب ( اللسان : نخر ) إلى الهمداني . قال ابن بري : وقال الهمداني يوم القادسية ورواية البيتين الأولين مختلفة شيئا وهي :أقْدِمْ أخا نَهْمٍ عَلى الأساوِرَهوَلا تَهُولَنْكَ رُءُوسٌ نادَرِهْوبعدهما بقية الأبيات ، كرواية المؤلف . ومحاج في رواية المؤلف بفتح الميم وكسرها : اسم فرس ، وأما على رواية ابن بري فإنه يخاطب رجلا . والأساورة : جمع أسوار بضم الهمزة وكسرها ؛ قيل كما في تاج العروس : هو قائد الفرس ، بمنزلة الأمير في العرب . وقيل : هو الملك الأكبر . وقيل : هو الجيد الرمي بالسهام . وقيل : هو الثابت على ظهر الفرس . والنادرة : التي ندرت عن الجسد وفارقته . وقصرك : نهاية أمرك وغايته ، والساهرة : الأرض أو الفلاة ، كما تقدم ذكره . والحافرة : الأولى قبل الموت . والناخرة بمعنى : النخرة ، وهي البالية . وفي ( اللسان : نخر ) في قوله تعالى : أئذا كنا عظاما نخرة وقرئ : ناخرة . قال : وناظرة أجود الوجهين ؛ لأن الآيات بالألف ، ألا ترى أن ناخرة مع الحافرة والساهرة أشبه بمجئ التأويل . قال : والناخرة والنخرة : سواء في المعنى ، بمنزلة الطامع والطمع . قال ابن بري . قال : الهمداني يوم القادسية : " أقدم أخا نهمٍ ... " الأبيات الخمسة . ا ه .(16) هذا كلام غير موزون ، وبيت أمية بن أبي الصلت تقدم قريبا ، ونعيده هنا كما وجدناه في ( ديوانه 52 ) .وفيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وَبحْرٍوما فاهُوا به أبَدا مُقِيمُ

الصفحة التالية