تفسير سورة الأنفال الصفحة 180 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 180 من المصحف


وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِى ٱلْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَـَٔاوَىٰكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)


القول في تأويل قوله : وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)قال أبو جعفر: وهذا تذكيرٌ من الله عز وجل أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومناصحة. يقول: أطيعوا الله ورسوله، أيها المؤمنون, واستجيبوا له إذا دعاكم لما يحييكم، ولا تخالفوا أمرَه وإن أمركم بما فيه عليكم المشقة والشدة, فإن الله يهوِّنه عليكم بطاعتكم إياه، ويعجِّل لكم منه ما تحبون, كما فعل بكم إذ آمنتم به واتبعتموه وأنتم قليلٌ يستضعفكم الكفار فيفتنونكم عن دينكم، (1) وينالونكم بالمكروه في أنفسكم وأعراضكم، (2) تخافون منهم أن يتخطفوكم فيقتلوكم ويصطلموا جميعكم (3) =(فآواكم)، يقول: فجعل لكم مأوى تأوون إليه منهم (4) =(وأيدكم بنصره)، يقول: وقواكم بنصره عليهم حتى قتلتم منهم من قتلتم ببدر (5) =(ورزقكم من الطيبات)، يقول: وأطعمكم غنيمتهم حلالا طيبًا (6) =(لعلكم تشكرون)، يقول: لكي تشكروه على ما رزقكم وأنعم به عليكم من ذلك وغيره من نعمه عندكم. (7)* * *واختلف أهل التأويل في " الناس " الذين عنوا بقوله: (أن يتخطفكم الناس).فقال بعضهم: كفار قريش.* ذكر من قال ذلك.15914- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة قوله: (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس)، قال: يعني بمكة، مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من قريش وحلفائها ومواليها قبل الهجرة.15915- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الكلبي= أو قتادة أو كلاهما (8) =(واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون) أنها نزلت في يوم بدر, كانوا يومئذ يخافون أن يتخطفهم الناس, فآواهم الله وأيدهم بنصره.15916- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة, بنحوه.* * *وقال آخرون: بل عُني به غيرُ قريش.* ذكر من قال ذلك.15917- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرني أبي قال، سمعت وهب بن منبه يقول في قوله عز وجل: (تخافون أن يتخطفكم الناس)، قال: فارس.15918- . . . . قال ، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد: أنه سمع وهب بن منبه يقول, وقرأ: (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس)، و " الناس " إذ ذاك، فارس والروم.15919- . . . . قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض)، قال: كان هذا الحي من العرب أذلَّ الناس ذلا وأشقاهُ عيشًا, وأجوعَه بطونًا, (9) وأعراه جلودًا, وأبينَه ضلالا [مكعومين، على رأس حجر، بين الأسدين فارس والروم، ولا والله ما في بلادهم يومئذ من شيء يحسدون عليه]. (10) من عاش منهم عاش شقيًّا, ومن مات منهم رُدِّي في النار, يوكلون ولا يأكلون, والله ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشرَّ منهم منزلا (11) حتى جاء الله بالإسلام, فمكن به في البلاد, ووسَّع به في الرزق, وجعلكم به ملوكًا على رقاب الناس. فبالإسلام أعطى الله ما رأيتم, فاشكروا الله على نعمه, فإن ربكم منعمٌ يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله تبارك وتعالى. (12)* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب, قولُ من قال: " عُني بذلك مشركو قريش "، لأن المسلمين لم يكونوا يخافون على أنفسهم قبل الهجرة من غيرهم, لأنهم كانوا أدنى الكفار منهم إليهم, وأشدَّهم عليهم يومئذ، مع كثرة عددهم، وقلة عدد المسلمين.* * *وأما قوله: (فآواكم)، فإنه يعني: آواكم المدينة,وكذلك قوله: (وأيدكم بنصره)، بالأنصار.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:15920- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فآواكم)، قال: إلى الأنصار بالمدينة=(وأيدكم بنصره)، وهؤلاء أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم، أيدهم بنصره يوم بدر.15921- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة: (فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات)، يعني بالمدينة.---------------------الهوامش :(1) انظر تفسير " القليل " فيما سلف 1 : 329 8 : 439 ، 577 9 : 331 .(2) انظر تفسير " المستضعف " فيما سلف 12 : 542 13 : 76 ، 131 .(3) انظر تفسير " الخطف " فيما سلف 1 : 357 .(4) وانظر تفسير " المأوى " فيما سلف ص : 441 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .(5) انظر تفسير " أيد " فيما سلف 2 : 319 ، 320 5 : 379 6 : 242 11 : 213 ، 214 .(6) انظر تفسير " الرزق " فيما سلف من فهارس اللغة ( رزق ) .= و " الطيبات " فيما سلف منها ( طيب ) .(7) في المطبوعة : " لكي تشكروا " ، وفي المخطوطة : " لكي تشكرون " ، ورجحت ما أثبت .(8) هكذا في المخطوطة والمطبوعة : " أو كلاهما " ، وهو جائز .(9) في المطبوعة : " بطونًا " وأثبت ما في المخطوطة .(10) هذه الجملة بين القوسين لا بد منها ، فإن الترجمة أن فارس والروم هما المعنيان بهذا. وقد أثبتها من رواية الطبري قبل ، كما سيأتي في التخريج . وإغفال ذكرها في الخبر ، يوقع في اللبس والغموض .(11) قوله : " أشر منهم منزلا " لم ترد في الخبر الماضي ، وكان مكانها : " والله ما نعلم قبيلا يومئذ من حاضر الأرض كانوا أصغر حظًا ، وأدق فيها شأنًا ، منهم " .(12) الأثر : 15919 - مضى هذا الخبر بإسناده مطولا فيما سلف رقم : 7591 ، ومنه اجتلبت الزيادة والتصحيح .

يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓا۟ أَمَٰنَٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27)


القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله من أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله=(لا تخونوا الله) ، وخيانتهم الله ورسوله، كانت بإظهار من أظهر منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الإيمانَ في الظاهر والنصيحةَ, وهو يستسرُّ الكفر والغش لهم في الباطن, يدلُّون المشركين على عورتهم, ويخبرونهم بما خفى عنهم من خبرهم. (13)* * *وقد اختلف أهل التأويل فيمن نزلت هذه الآية, وفي السبب الذي نزلت فيه.فقال بعضهم: نزلت في منافق كتب إلى أبي سفيان يطلعه على سرِّ المسلمين.* ذكر من قال ذلك.15922- حدثنا القاسم بن بشر بن معروف قال، حدثنا شبابة بن سوار قال، حدثنا محمد بن المُحْرِم قال، لقيت عطاء بن أبي رباح فحدثني قال، حدثني جابر بن عبد الله: أن أبا سفيان خرج من مكة, فأتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا!" قال: فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان: " إن محمدًا يريدكم, فخذوا حذركم "! فأنزل الله عز وحل: (لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم). (14)وقال آخرون: بل نزلت في أبي لبابة، في الذي كان من أمره وأمر بني قريظة. (15)* ذكر من قال ذلك.15923 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني أبو سفيان, عن معمر, عن الزهري, قوله: " لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم "، قال: نزلت في أبي لبابة, بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إلى حلقه: إنه الذَّبح= قال الزهري: فقال، أبو لبابة: لا والله، لا أذوق طعامًا ولا شرابًا حتى أموتَ أو يتوب الله عليَّ! فمكث سبعة أيام لا يذوق طعامًا ولا شرابًا حتى خر مغشيًّا عليه, ثم تاب الله عليه. فقيل له: يا أبا لبابة، قد تِيبَ عليك! قال: والله لا أحُلُّ نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يَحُلّني. فجاءه فحله بيده. ثم قال أبو لبابة: إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت بها الذنب، وأن أنخلع من مالي! قال: " يجزيك الثلث أن تصدَّق به. (16)15924 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي قتادة يقول: نزلت: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " في أبي لبابة. (17)* * *وقال آخرون: بل نزلت في شأن عثمان رحمة الله عليه.* ذكر من قال ذلك.15925 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يونس بن الحارث الطائفي (18) قال، حدثنا محمد بن عبيد الله بن عون الثقفي, عن المغيرة بن شعبة قال: نزلت هذه الآية في قتل عثمان رحمة الله عليه: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول " الآية.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله نهى المؤمنين عن خيانته وخيانة رسوله، وخيانة أمانته= وجائز أن تكون نزلت في أبي لبابة= وجائز أن تكون نزلت في غيره, ولا خبر عندنا بأيِّ ذلك كان يجب التسليم له بصحته.فمعنى الآية وتأويلها ما قدمنا ذكره.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:15926 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول " قال: نهاكم أن تخونوا الله والرسول, كما صنع المنافقون.15927 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط. عن السدي: " لا تخونوا الله والرسول " الآية، قال: كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيفشونه حتى يبلغ المشركين.* * *واختلفوا في تأويل قوله: " وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ".فقال بعضهم: لا تخونوا الله والرسول, فإن ذلك خيانة لأمانتكم وهلاك لها.* ذكر من قال ذلك.15928 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم "، فإنهم إذا خانوا الله والرسول فقد خانوا أماناتهم.15929 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون "، أي لا تظهروا لله من الحق ما يرضى به منكم، ثم تخالفوه في السرِّ إلى غيره, فإن ذلك هلاك لأماناتكم، وخيانة لأنفسكم. (19)* * *قال أبو جعفر: فعلى هذا التأويل قوله: " وتخونوا أماناتكم "، في موضع نصب على الصرف (20)كما قال الشاعر: (21)لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُعارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ (22)ويروى: " وتأتي مثله ". (23)* * *وقال آخرون: معناه: لا تخونوا الله والرسول, ولا تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون.* ذكر من قال ذلك.15930 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم "، يقول: " لا تخونوا ": يعني لا تنقصُوها.* * *قال أبو جعفر: فعلى هذا التأويلُ: لا تخونوا الله والرسول, ولا تخونوا أماناتكم.واختلف أهل التأويل في معنى: الأمانة، التي ذكرها الله في قوله: " وتخونوا أماناتكم ".فقال بعضهم: هي ما يخفى عن أعين الناس من فرائض الله.* ذكر من قال ذلك.15931- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: " وتخونوا أماناتكم "، و " الأمانة ": الأعمال التي أمِن الله عليها العباد= يعني: الفريضة. يقول: " لا تخونوا "، يعني: لا تنقصوها.15932 - حدثنا علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله "، يقول: بترك فرائضه= " والرسول "، يقول: بترك سننه، وارتكاب معصيته= قال: وقال مرة أخرى: " لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم "، والأمانة: الأعمال، ثم ذكر نحو حديث المثنى.* * *وقال آخرون: معنى " الأمانات "، ههنا، الدِّين.* ذكر من قال ذلك.15933 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: " وتخونوا أماناتكم " دينكم= " وأنتم تعلمون "، قال: قد فعل ذلك المنافقون، وهم يعلمون أنهم كفار, يظهرون الإيمان. وقرأ: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [سورة النساء: 142]. قال: هؤلاء المنافقون، أمنهم الله ورسوله على دينه، فخانوا, أظهروا الإيمان وأسرُّوا الكفر.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذن: يا أيها الذين آمنوا، لا تنقصوا الله حقوقه عليكم من فرائضه، ولا رسوله من واجب طاعته عليكم, ولكن أطيعوهما فيما أمراكم به ونهياكم عنه, لا تنقصوهما= " وتخونوا أماناتكم ", وتنقصوا أديانكم, وواجب أعمالكم, ولازمَها لكم= " وأنتم تعلمون "، أنها لازمة عليكم، وواجبة بالحجج التي قد ثبتت لله عليكم.------------------الهوامش :(13) انظر تفسير " الخيانة " فيما سلف 9 : 190 .(14) الأثر : 15922 - " القاسم بن بشر بن معروف " ، شيخ الطبري ، مضى برقم 10509 ، 10531 .و " شبابة بن سوار الفزاري " ، ثقة ، مضى مرارًا : 37 ، 6701 ، 10051 ، وغيرها .و " محمد المحرم " ، هو : " محمد بن عمر المحرم " ، وقد ترجم صاحب لسان الميزان لثلاثة : " محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير المكي " ( ج 5 : 216 ) ، و " محمد بن عمر المحرم " ج ( 5 : 320 ، ) و " محمد المحرم " ( ج 5 : 439 ) ، وقال هم واحد ، وأن " محمد بن عمر " صوابه : " محمد ابن عمير " منسوبًا إلى جده . و " محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي " ، مضى برقم : 7484 .وترجم البخاري في الكبير 1 1 142 " محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي " ، عن عطاء ، وليس بذاك الثقة . ولم يذكر أنه " محمد المحرم " .ثم ترجم أيضًا في الكبير 1 1 248 " محمد المحرم " ، عن عطاء والحسن ، منكر الحديث . فكأنهما عنده رجلان .وترجم ابن أبي حاتم 3 2 300 " محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي " ، وضعفه ، ولم يذكر أنه " محمد المحرم " .ثم ترجم " محمد بن عمر المحرم " ، روى عن عطاء ، روى عنه شبابة ، وقال : " ضعيف الحديث ، واهي الحديث " ، ولم يذكر أنه الذي قبله .وترجم الذهبي في ميزان الاعتدال 3 : 77 " محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي " ، ويقال له : " محمد المحرم " .ثم ترجم في الميزان 3 : 113 " محمد بن عمر المحرم " عن عطاء ، وعنه شبابة ، وضعفه ، ولم يذكر أنه الذي قبله .وترجم عبد الغني بن سعيد في والمؤتلف والمختلف : 117 ، " محمد بن عبيد بن عمير المحرم " ، عن : " عطاء بن أبي رباح " .والظاهر أن الذي قاله الحافظ في لسان الميزان ، من أن هؤلاء جميعًا واحد ، هو الصواب إن شاء الله ، من أنهم جميعًا رجل واحد .وكان في المطبوعة : " محمد بن المحرم " ، غير ما كان في المخطوطة بزيادة " بن " بينهما .وهذا خبر ضعيف جدًا ، لضعف " محمد المحرم " ، وهو متروك الحديث . وقد ذكر الخبر ابن كثير في تفسيره 4 : 43 ، 44 ، ثم قال : " هذا الحديث غريب جدًا ، وفي سنده وسياقه نظر " .(15) في المطبوعة والمخطوطة : " في أبي لبابة ، الذي كان من أمره " ، والسياق يقتضي زيادة " في " كما أثبتها .(16) الأثر : 15923 - خبر أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري ، حين فعل ذلك يوم بنى قريظة ، وعرف أنه خان الله ورسوله ، في سيرة ابن هشام 3 : 247 ، 248 ، وفي غيره . ثم إنه لما عرف ذلك ارتبط في سارية المسجد ، وقال : " لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت " .ورواه الواحدي في أسباب النزول : 175 ، وروى بعضه مالك في الموطأ : 481 .(17) الأثر : 15924 - " عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري " . تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، مترجم في التهذيب .(18) الأثر : 15925 - " يونس بن الحارث الطائفي الثقفي " ، ضعيف ، إلا أنه لا يتهم بالكذب ، وقال ابن معين : " كنا نضعفه ضعفًا شديدًا " . وقال أحمد : " أحاديثه مضطربة " .مترجم في التهذيب ، والكبير 4 2 409 ، ولم يذكر فيه جرحًا ، وابن أبي حاتم 4 2 237 ، وضعفه .و " محمد بن عبيد الله بن سعيد " ، " أبو عون الثقفي " ثقة ، مضى برقم : 7595 ، 13965 ، 15659 .وكان في المطبوعة : " محمد بن عبد الله بن عون الثقفي " ، ومثله في المخطوطة . إلا أنه قد يقرأ " محمد بن عبيد الله " ، والصواب ما أثبت ، لأن يونس بن الحارث الطائفي ، يروي عن أبي عون الثقفي ، و " أبو عون " اسم جده " سعيد " لا " عون " .و " أبو عون الثقفي " ، لا أظنه روى عن المغيرة بن شعبة ، فالمغيرة مات سنة خمسين ، ويقال قبلها . والمذكور في ترجمته أنه يروي عن " عفان بن المغيرة بن شعبة " ، فهذا إسناد منقطع على الأرجح عندي .وقوله : " نزلت في قتل عثمان " ، يعني أن حكمها يشمل فعل عثمان رضي الله عنه، فإنه قتل خيانة لله ولرسوله ، وخيانة للأمانة ، إذ نقض القتلة بيعة له في أعناقهم ، رحم الله عثمان وغفر له .(19) الأثر : 15929 - سيرة ابن هشام 2 : 325 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 15873.(20) في المطبوعة : " على الظرف " ، وفي المخطوطة : " على الطرف " ، والصواب ما أثبت . وانظر معنى " الصرف " فيما سلف من فهارس المصطلحات .وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 408 .(21) هو المتوكل الليثي ، وينسب لغيره .(22) سلف البيت ، وتخريجه 1 : 569 3 : 552 .(23) يعني على غير النصب .

وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَٰدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)


القول في تأويل قوله : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين: واعلموا، أيها المؤمنون، أنما أموالكم التي خوَّلكموها الله، وأولادكم التي وهبها الله لكم، اختبارٌ وبلاء، أعطاكموها ليختبركم بها ويبتليكم، لينظر كيف أنتم عاملون من أداء حق الله عليكم فيها، والانتهاء إلى أمره ونهيه فيها. (24) = " وأن الله عنده أجر عظيم "، يقول: واعلموا أن الله عنده خيرٌ وثواب عظيم، على طاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم، في أمولكم وأولادكم التي اختبركم بها في الدنيا . وأطيعوا الله فيما كلفكم فيها، تنالوا به الجزيل من ثوابه في معادكم. (25)15934 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا المسعودي, عن القاسم, عن عبد الرحمن, عن ابن مسعود, في قوله: " إنما أموالكم وأولادكم فتنة "، قال: ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة, فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله من مُضِلات الفتن. (26)15935 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: " واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة "، قال: " فتنة "، الاختبار, اختبارُهم. وقرأ: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [سورة الأنبياء: 35] .--------------------الهوامش :(24) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف ص : 486 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(25) انظر تفسير " الأجر " فيما سلف من فهارس اللغة ( أجر ) .(26) الأثر : 15934 - انظر الأثر السالف رقم : 15912 ، والتعليق عليه .

يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن تَتَّقُوا۟ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَٔاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ (29)


القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله، إن تتقوا الله بطاعته وأداء فرائضه، واجتناب معاصيه, وترك خيانته وخيانة رسوله وخيانة أماناتكم= يجعل لكم فرقانًا "، يقول: يجعل لكم فصلا وفرْقا بين حقكم وباطل من يبغيكم السوء من أعدائكم المشركين، بنصره إياكم عليهم, وإعطائكم الظفر بهم = (27) " ويكفر عنكم سيئاتكم "، يقول: ويمحو عنكم ما سلف من ذنوبكم بينكم وبينه = (28) " ويغفر لكم "، يقول: ويغطيها فيسترها عليكم, فلا يؤاخذكم بها= (29) " والله ذو الفضل العظيم " ، يقول: والله الذي يفعل ذلك بكم, له الفضل العظيم عليكم وعلى غيركم من خلقه بفعله ذلك وفعل أمثاله. وإنّ فعله جزاءٌ منه لعبده على طاعته إياه, لأنه الموفق عبده لطاعته التي اكتسبها، حتى استحقّ من ربه الجزاء الذي وعدَه عليها. (30)* * *وقد اختلف أهل التأويل في العبارة عن تأويل قوله: " يجعل لكم فرقانا ".فقال بعضهم: مخرجًا.* * *وقال بعضهم: نجاة.* * *وقال بعضهم: فصلا.* * *= وكل ذلك متقارب المعنى، وإن اختلف العبارات عنها, وقد بينت صحة ذلك فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته. (31)* * *ذكر من قال: معناه: المخرج.15936 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن منصور، عن مجاهد: " إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا " قال: مخرجًا.15937- ......... قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد: " إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا "، قال: مخرجًا.15938- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام عن عنبسة, عن جابر, عن مجاهد: " فرقانا "، مخرجًا.15939- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد " فرقانا "، قال: مخرجًا في الدنيا والآخرة.15940- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.15941- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا هانئ بن سعيد, عن حجاج, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " فرقانًا "، قال: " الفرقان " المخرج.15942 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: " فرقانا "، يقول: مخرجًا.15943- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري, عن منصور, عن مجاهد: " فرقانا "، مخرجًا.15944- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن رجاء البصري قال، حدثنا زائدة, عن منصور, عن مجاهد, مثله.15945 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك: " فرقانا "، قال: مخرجًا.15946- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، سمعت عبيدا يقول، سمعت الضحاك يقول: " فرقانًا "، مخرجًا.15947- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.15948 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد, عن زهير, عن جابر، عن عكرمة، قال: " الفرقان "، المخرج.* * ** ذكر من قال: معناه النجاة.15949 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن جابر, عن عكرمة: " إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا "، قال: نجاة.15950 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل, عن رجل, عن عكرمة ومجاهد, في قوله: " يجعل لكم فرقانًا "، قال عكرمة: المخرج= وقال مجاهد: النجاة.15951- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " يجعل لكم فرقانًا "، قال: نجاة.15952 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " يجعل لكم فرقانًا "، يقول: يجعل لكم نجاة.15953 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " يجعل لكم فرقانًا "، أي: نجاة.* * ** ذكر من قال فصلا.15954 - ...................................... " يا أيها الذين آمنوا إذ تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا "، قال: فرقان يفرق في قلوبهم بين الحق والباطل, حتى يعرفوه ويهتدوا بذلك الفرقان. (32)15955 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا "، أي: فصلا بين الحق والباطل, ليظهر به حقكم، ويخفي به باطل من خالفكم. (33)و " الفرقان " في كلام العرب، مصدرٌ من قولهم: " فرقت بين الشيء والشيء أفرُق بينهما فَرْقًا وفُرْقانًا. (34)------------------------الهوامش :(27) انظر تفسير " الفرقان " فيما سلف 1 : 98 ، 99 3 : 448 6 : 162 ، 163 .(28) انظر تفسير " التكفير " فيما سلف من فهارس اللغة ( كفر ) .= وتفسير " السيئات " فيما سلف من فهارس ( سوأ ) .(29) انظر تفسير " المغفرة " فيما سلف من فهارس اللغة ( غفر ) .(30) انظر تفسير " الفضل " ، فيما سلف فهارس اللغة ( فصل ) .(31) يعني ما سلف 1 : 98 ، 99 .(32) الأثر : 15954 - إسناد هذا الخبر ساقط في المخطوطة ، جعل مكانه بياضًا نحوًا من سطر ونصف ، فجاء ناشر المطبوعة ووصل الكلام دون أن يشير إلى ذلك البياض . وظاهر أنه خبر قائم برأسه ، كما وضعته .(33) الأثر : 15955 - سيرة ابن هشام 2 : 325 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 15929 . وكان في المطبوعة : " يظهر " بغير لام ، وهي في المخطوطة تقرأ هكذا وهكذا ، وأثبت نص ما في السيرة ، باللام في أولها .(34) انظر ما سلف 1 : 98 ، 99 3 : 448 6 : 162 ، 163 .

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَٰكِرِينَ (30)


القول في تأويل قوله : وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مذكِّرَه نعمه عليه: واذكر، يا محمد, إذ يمكر بك الذين كفروا من مشركي قومك كي يثبتوك. (35)* * *واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " ليثبتوك ".فقال بعضهم: معناه ليقيِّدوك.* ذكر من قال ذلك:15956- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك "، يعني: ليوثقوك.15957 -............ قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " ليثبتوك "، ليوثِقوك.15958 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك " ، الآية, يقول: ليشدُّوك وَثاقًا. وأرادوا بذلك نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ بمكة.15959 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة ومقسم قالا قالوا: " أوثقوه بالوثاق ".15960 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ليثبتوك "، قال: الإثبات، هو الحبس والوَثَاق.* * *وقال آخرون: بل معناه الحبس.* ذكر من قال ذلك.15961 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، سألت عطاء عن قوله: " ليثبتوك "، قال: يسجنوك= وقالها عبد الله بن كثير.15962 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قالوا: " اسجنوه ".* * *وقال آخرون: بل معناه: ليسحروك.* ذكر من قال ذلك.15963 - حدثني محمد بن إسماعيل البصري المعروف بالوساوسي قال، حدثنا عبد المجيد بن أبي روّاد, عن ابن جريج, عن عطاء, عن عبيد بن عمير، عن المطلب بن أبي وَداعة: أن أبا طالب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يأتمر به قومك؟ قال: يريدون أن يسحروني ويقتلوني ويخرجوني! فقال: من أخبرك بهذا؟ قال: ربي! قال: نعم الرب ربك, فاستوص به خيرًا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أستوصي به! بل هو يستوصي بي خيرًا "! فنزلت: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك " ، الآية. (36)15964 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قال عطاء: سمعت عبيد بن عمير يقول: لما ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يثبتوه أو يخرجوه، قال له أبو طالب: هل تدري ما ائتمروا بك؟ قال: نعم! قال: فأخبره، قال: من أخبرك؟ قال: ربي! قال: نعم الرب ربك, استوص به خيرًا! قال: " أنا أستوصي به, أو هو يستوصي بي؟ (37)وكأنّ معنى مكر قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم به ليثبتوه، كما:-15965 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثني أبي قال، حدثنا محمد بن إسحاق, عن عبد الله بن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس= قال وحدثني الكلبي, عن زاذان مولى أم هانئ, عن ابن عباس: أن نفرًا من قريش من أشراف كل قبيلة, اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة, فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، (38) فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال شيخ من نجد, سمعت أنكم اجتمعتم, فأردت أن أحضركم، ولن يعدمكم مني رأيٌ ونصحٌ. (39) قالوا: أجل، ادخل! فدخل معهم, فقال: انظروا إلى شأن هذا الرجل, (40) والله ليوشكن أن يُواثبكم في أموركم بأمره. (41) قال: فقال قائل: احبسوه في وَثاق, ثم تربصوا به ريبَ المنون، حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء, زهير والنابغة, إنما هو كأحدهم! قال: فصرخ عدوُّ الله الشيخ النجدي فقال: والله، ما هذا لكم برأي ! (42) والله ليخرجنه ربه من محبسه إلى أصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم فيمنعوه منكم, فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم! قالوا: فانظروا في غير هذا. قال: فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم تستريحوا منه, فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع وأين وقع، إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم، وكان أمره في غيركم. فقال الشيخ النجدي: والله ما هذا لكم برأي, ألم تروا حلاوة قوله، وطلاقة لسانه، وأخذَ القلوب ما تسمع من حديثه؟ والله لئن فعلتم، ثم استعرَض العرب, لتجتمعن عليكم, ثم ليأتين إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم! قالوا: صدق والله! فانظروا رأيًا غير هذا ! قال: فقال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره! قالوا: وما هو؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلامًا وَسيطا شابًّا نَهْدًا, (43) ثم يعطى كل غلام منهم سيفًا صارمًا, ثم يضربوه ضربة رجل واحد, فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها, فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلها, فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل، (44) واسترحنا وقطعنا عنا أذاه. فقال الشيخ النجدي: هذا والله الرأي، القولُ ما قال الفتى, لا أرى غيره! قال: فتفرقوا على ذلك وهم مُجْمعون له، قال: فأتى جبريل النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه تلك الليلة, وأذِن الله له عند ذلك بالخروج, وأنزل عليه بعد قدومه المدينة " الأنفال "، يذكره نعمه عليه، وبلاءه عنده: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " ، وأنزل في قولهم: " تربصوا به ريبَ المنون " حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء : أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ، [ سورة الطور: 30]. وكان يسمى ذلك اليوم: " يوم الزحمة " للذي اجتمعوا عليه من الرأي. (45)15966 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى (46) قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة ومقسم, في قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك " قالا تشاوروا فيه ليلة وهم بمكة, فقال بعضهم: إذا أصبح فأوثقوه بالوثاق. وقال بعضهم: بل اقتلوه. وقال بعضهم: بل أخرجوه . فلما أصبحوا رأوا عليًّا رحمة الله عليه , فردَّ الله مكرهم.15967 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عيد الرزاق قال، أخبرني أبي, عن عكرمة قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار, أمر عليَّ بن أبي طالب, فنام في مضجعه, فبات المشركون يحرسونه، فإذا رأوه نائمًا حسبوا أنه النبي صلى الله عليه وسلم فتركوه. فلما أصبحوا ثاروا إليه وهم يحسبون أنه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هم بعليّ, فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري! قال: فركبوا الصعب والذَّلول في طلبه. (47)15968 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق, عن معمر قال، أخبرني عثمان الجزريّ: أن مقسمًا مولى ابن عباس أخبره، عن ابن عباس في قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك "، قال: تشاورت قريش ليلة بمكة, فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق= يريدون النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: بل اقتلوه. وقال بعضهم: بل أخرجوه. فأطلع الله نبيه على ذلك, فبات على رحمه الله على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة, (48) وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار, وبات المشركون يحرسون عليًّا يحسبون أنه النبي صلى الله عليه وسلم . فلما أصبحوا ثاروا إليه, فلما رأوا عليًّا رحمة الله عليه , ردّ الله مكرهم, فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري! فاقتصُّوا أثره، فلما بلغوا الجبل ومرُّوا بالغار, رأوا على بابه نسج العنكبوت، قالوا: لو دخل ههنا لم يكن نَسْجٌ على بابه! فمكث فيه ثلاثا. (49)15969 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "، قال: اجتمعت مشيخة قريش يتشاورون في النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد ما أسلمت الأنصار، وفَرِقوا أن يتعالى أمره إذا وجد ملجأ لجأ إليه. (50) فجاء إبليس في صورة رجل من أهل نجد, فدخل معهم في دار الندوة، فلما أنكروه قالوا: من أنت؟ فوالله ما كل قومنا أعلمناهم مجلسنا هذا! قال: أنا رجل من أهل نجد، أسمع من حديثكم وأشير عليكم! فاستحيَوْا، فخلَّوا عنه. فقال بعضهم: خذوا محمدًا إذا اضطجع على فراشه, (51) فاجعلوه في بيت نتربص به ريبَ المنون = و " الريب "، هو الموت, و " المنون "، هو الدهر = قال إبليس: بئسما قلت! تجعلونه في بيت، فيأتي أصحابه فيخرجونه، فيكون بينكم قتال! قالوا: صدق الشيخ! قال: أخرجوه من قريتكم! قال إبليس: بئسما قلت! تخرجونه من قريتكم، وقد أفسد سفهاءكم، فيأتي قرية أخرى فيفسد سفهاءهم، فيأتيكم بالخيل والرجال! قالوا: صدق الشيخ! قال أبو جهل= وكان أولاهم بطاعة إبليس=: بل نعمد إلى كل بطن من بطون قريش, فنخرج منهم رجلا فنعطيهم السلاح, فيشدُّون على محمد جميعًا فيضربونه ضربة رجل واحد, فلا يستطيع بنو عبد المطلب أن يقتلوا قريشًا, فليس لهم إلا الدية! قال إبليس: صدق, وهذا الفتى هو أجودكم رأيًا! فقاموا على ذلك. وأخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم، فنام على الفراش, وجعلوا عليه العيون. فلما كان في بعض الليل, انطلق هو وأبو بكر إلى الغار, ونام علي بن أبي طالب على الفراش, فذلك حين يقول الله: " ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك "= و " الإثبات "،: هو الحبس والوثاق= وهو قوله: وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا [ سورة الإسراء: 76]، يقول: يهلكهم.فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، لقيه عمر فقال له: ما فعل القوم؟ وهو يرى أنهم قد أهلكوا حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم, وكذلك كان يُصنع بالأمم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أخِّروا بالقتال ".15970 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " ليثبتوك أو يقتلوك "، قال: كفار قريش، أرادوا ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج من مكة.15971 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد نحوه.15972- حدثني ابن وكيع قال: حدثنا هانئ بن سعيد, عن حجاج, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد نحوه; إلا أنه قال: فعلوا ذلك بمحمد.15973 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك " ، الآية, هو النبي صلى الله عليه وسلم، مكروا به وهو بمكة.15974 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك "، إلى آخر الآية، قال: اجتمعوا فتشاوروا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: اقتلوا هذا الرجل. فقال بعضهم: لا يقتله رجل إلا قُتل به! قالوا: خذوه فاسجنوه، واجعلوا عليه حديدًا. قالوا: فلا يدعكم أهل بيته! قالوا: أخرجوه. قالوا: إذًا يستغوي الناس عليكم. (52)قال: وإبليس معهم في صورة رجل من أهل نجد، واجتمع رأيهم أنه إذا جاء يطوف البيت ويستلم، أن يجتمعوا عليه فيغمُّوه ويقتلوه, (53) فإنه لا يدري أهله من قتله, فيرضون بالعقل، فنقتله ونستريح ونعقِله! فلما أن جاء يطوف بالبيت، اجتمعوا عليه فغمُّوه، فأتى أبو بكر فقيل له ذاك, فأتى فلم يجد مدخلا. فلما أن لم يجد مدخلا قال: أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ، [سورة غافر: 28]. قال: ثم فرَّجها الله عنه. فلما أن حطّ الليل، (54) أتاه جبريل عليه السلام فقال، من أصحابك؟ فقال: فلان وفلان وفلان. فقال: لا نحن أعلم بهم منك، (55) يا محمد, هو ناموس ليل! (56) قال: وأخِذ أولئك من مضاجعهم وهم نيام، فأتى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقدِّم أحدهم إلى جبريل, فكحَله ثم أرسله, فقال: ما صورته يا جبريل؟ قال: كُفِيتَه يا نبي الله! ثم قدِّم آخر، فنقر فوق رأسه. بعصًا نقرة ثم أرسله، فقال: ما صورته يا جبريل؟ فقال: كُفِيته يا نبي الله! ثم أتي بآخر فنقر في ركبته, فقال: ما صورته يا جبريل؟ قال: كفيته! ثم أتي بآخر فسقاه مَذْقة, (57) فقال: ما صورته يا جبريل؟ قال: كفيته يا نبي الله! وأتي بالخامس، (58) فلما غدا من بيته، مرّ بنبّال فتعلق مِشْقَص بردائه، (59) فالتوى, فقطع الأكحل من رجله. (60) وأما الذي كحلت عيناه، فأصبح وقد عمي. وأما الذي سقي مَذْقةً، فأصبح وقد استسقى بطنه. وأما الذي نقر فوق رأسه، فأخذته النقبة = و " النقبة "، قرحة عظيمة (61)= أخذته في رأسه. وأما الذي طعن في ركبته, فأصبح وقد أقعد. فذلك قول الله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " .15975 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قوله: " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "، أي: فمكرت لهم بكيدي المتين، حتى خلّصك منهم. (62)15976 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة, قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا "، قال: هذه مكية= قال: ابن جريج، قال مجاهد: هذه مكية. (63)قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: واذكر، يا محمد، نعمتي عندك، بمكري بمن حاول المكرَ بك من مشركي قومك, بإثباتك أو قتلك أو إخراجك من وطنك, حتى استنقذتك منهم وأهلكتهم, فامض لأمري في حرب من حاربك من المشركين, وتولى عن إجابة ما أرسلتك به من الدين القيم, ولا يَرْعَبَنَّك كثرة عددهم, فإن ربّك خيرُ الماكرين بمن كفر به، وعبد غيره، وخالف أمره ونهيه.* * *وقد بينا معنى " المكر " فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (64)------------------------الهوامش :(35) انظر تفسير " المكر " فيما سلف 12 : 95 ، 97 ، 579 13 : 33(36) الأثر : 15963 - " محمد بن إسماعيل البصري " ، المعروف ب " الوساوسي " شيخ الطبري ، لم أجد النص على أنه "الوساوسي " ، والذي يروى عنه أبو جعفر في تاريخه ، في مواضع " محمد بن إسماعيل الضراري " ، وهو " محمد بن إسماعيل بن أبي ضرار الرازي " ، صدوق . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 2 190 ، وذكر في التهذيب أن أبا جعفر محمد بن جرير الطبري ، روى عنه ، ولم يذكر أنه يعرف بالوساوسي .وترجم ابن أبي حاتم لأخيه : " أحمد بن إسماعيل بن أبي ضرار الرازي " ، 1 1 41 ، فوجدت في لباب الأنساب 2 : 273 : " الوساوسي ، عرف بها " أحمد بن إسماعيل الوساوسي البصري " ، فدل هذا على ترجيح أن يكون " محمد بن إسماعيل بن أبي ضرار " يقال له " الوساوسي " أيضًا .و " عبد المجيد بن أبي رواد " ، هو " عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد الأزدي " ، روى عن ابن جريح وغيره . وثقه أحمد وابن معين . وغيرهما . وضعفه أبو حاتم وابن سعد . ومنهم من قال هو ثبت في حديثه عن ابن جريج ، ومنهم من قال : روى عن ابن جريج أحاديث لا يتابع عليها . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 1 64 ." وعبيد بن عمير بن قتادة الليثي " ثقة ، مضى برقم : 9180 ، 9181 ، 9189 ، 15621 .وكان في المخطوطة والمطبوعة : " عبيد بن عمير بن المطلب بن أبي وداعة " ، وهو خطأ لا شك فيه .و " المطلب بن أبي وداعة السهمي القرشي " ، له صحبة - مترجم في التهذيب ، والكبير 4 2 7 ، وابن أبي حاتم 4 1 385 ، ولم يذكر لعبيد بن عمير رواية عنه .وهذا الخبر رواه ابن كثير في تفسيره 4 : 46 ، 47 ، وقال : " وذكر أبي طالب في هذا ، غريب جدًا ، بل منكر لأن هذه الآية مدنية . ثم إن هذه القصة ، واجتماع قريش على هذا الائتمار والمشاورة على الإثبات أو النفي أو القتل ، إنما كانت ليلة الهجرة سواء . وكان ذلك بعد موت أبي طالب بنحو من ثلاث سنين ، لما تمكنوا منه واجترأوا عليه بسبب موت عمه أبي طالب ، الذي كان يحوطه وينصره ويقوم بأعبائه " .فلو صح ما قاله ابن كثير ، كان هذا الخبر من الأخبار التي دعتهم إلى أن يقولوا في " عبد المجيد ابن أبي رواد " أنه روى عن ابن جريج أحاديث لا يتابع عليها . ومع ذلك فإن حجاجًا قد روى عنه مثل رواية عبد المجيد . انظر التعليق على الأثر التالي ، فإني اذهب مذهبًا غير مذهب ابن كثير في الخبر . وانظر أيضًا رقم : 15976 ، فإن ابن جريج سيقول: إن هذه الآية مكية ، لا مدنية .(37) الأثر : 15964 - انظر التعليق على الأثر السالف . سلف ما قاله ابن كثير في نقد هذا الخبر . والذي دفعه أن يقول ما قال ، من انه كان ليلة الهجرة ، ما رواه ابن جرير في الأثر الذي يليه ، والذي ترجم له بقوله : " وكأن معنى مكر قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم به ليثبتوه ، كما حدثني ... " وساق خبر ائتمارهم به ليلة الهجرة .ولكن جائز أن يكون الخبران الأولان ، في شأن آخر ، وليلة أخرى ، بل أكاد أقطع أن الخبر الذي رواه ابن جريج ، لا علاقة له بأمر الهجرة ، وأن ابن كثير تابع للطبري فيما ظنه ظنًا وذلك أن ابن إسحاق وغيره ، رووا أن أشراف قريش اجتمعوا يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله ، وزعموا أنهم صبروا منه على أمر عظيم . فبينا هم في ذلك إذ طلع عليهم رسول الله ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفًا بالبيت ، فغمزوه ببعض القول . فعرف الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم . فلما مر بهم الثانية ، غمزوه بمثلها ، ثم مر الثالثة ، ففعلوا فعلتهم ، فوقف ثم قال : " أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بالذبح " . فاستكانوا ورفأوه بأحسن القول رهبة ورغبة . فلما كان الغد ، اجتمعوا في الحجر فقال بعضهم لبعض : " ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه ، حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه " . فبينا هم كذلك ، طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوثبوا إليه رجل واحد ، وأحاطوا به يقولون : " أنت الذي تقول كذا وكذا ؟ " ، لما كان من عيب آلهتهم ، فيقول : " نعم، أنا الذي أقول ذلك " ، فأخذ بعضهم بمجمع ردائه ، فقام أبو بكر دونه وهو يبكي ويقول : " أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله " ! ( سيرة ابن هشام 1 : 309 ، 310 ) ، وانظر الخبر التالي رقم : 15974 ، والتعليق عليه .وكان هذا قبل الهجرة بزمان طويل ، في حياة أبي طالب . فكأن هذا الخبر ، هو الذي قال عبيد بن عمير في روايته عن المطلب بن أبي وداعة أنه ائتمار قومه به . فإذا صح ذلك ، لم يكن لما قال ابن كثير وجه ، ولصح هذا الخبر لصحة إسناده .(38) في المخطوطة : " في صورة جليل " ، وفوق " جليل " حرف ( ط ) دليلا على الخطأ ، والصواب ما في المطبوعة ، مطابقًا لما في سيرة ابن هشام .(39) " لن يعدمكم " ، أي : لا يعدوكم ويخطئكم مني رأي ونصح .(40) في المطبوعة : " في شأن " ، وأثبت ما في المخطوطة .(41) في المطبوعة : " أن يواتيكم في أموركم " ، وهو لا معنى له ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهي غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت .(42) في المطبوعة : " رأي " بغير باء ، والصواب من المخطوطة .(43) " الوسيط " : حسيبًا في قومه ، من أكرمهم حسبًا ونسبًا ومجدًا . وكان في المطبوعة " وسطا ً " ، والصواب ما في المخطوطة . و " غلام نهد " : كريم ، ينهض إلى معالي الأمور. واصل " النهد " : المرتفع .(44) " العقل " ، الدية .(45) الأثر : 15965 - سيرة ابن هشام 2 : 124 - 128 ، وإسناد هناك " قال ابن إسحاق ، فحدثني من لا أتهم من أصحابنا ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد بن جبير أبي الحجاج ، وغيره ممن لا أتهم ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما " ، ثم ساق الخبر بغير هذا اللفظ .ومما اعترض به على هذا الخبر أن آية " سورة الطور " ، آية مكية ، نزلت قبل الهجرة بزمان ، وسياق ابن إسحاق للآية بعد الخبر ، يوهم أنها نزلت ليلة الهجرة ، أو بعد الهجرة ، وهذا لا يكاد يصح .(46) سقط من المطبوعة : " محمد " وكتب " بن عبد الأعلى " ، وهي ثابتة في المخطوطة .(47) " الصعب " من الإبل ، هو الذي لم يركب قط ، لأنه لا ينقاد لراكبه ، ونقيضه " الذلول " ، وهو السهل المنقاد . مثل لركوب كل مركب في طلب ما يريده المرء ، سهل المركب أو صعب .(48) في المخطوطة ، سقط من الناسخ " الليلة " ، وزادتها المطبوعة .(49) الأثر : 15968 - " عثمان الجزري " ، يقال له : " عثمان المشاهد " . روى عن مقسم ، روى عنه معمر ، والنعمان بن راشد . قال أبو حاتم : " لا أعلم روى عنه غير معمر ، والنعمان " . وسئل عنه أحمد فقال : " روى أحاديث مناكير ، زعموا أنه ذهب كتابه " . مترجم في ابن أبي حاتم 3 1 174 .وكان في المطبوعة : " عثمان الجريري " ، والمخطوطة ، كما أثبتها ، غير أنه غير منقوط .وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده برقم : 3251 ، وقال أخي : " في إسناده نظر ، من أجل عثمان الجزري ، كالإسناد 2562 " ، وقد استظهر هناك أن " عثمان الجزري " هو " عثمان بن ساج " ، ولكن ما قاله ابن أبي حاتم ، يرجح أن " عثمان الجزري " ، غير " عثمان بن ساج " .وقد وجدت بعد في مجمع الزوائد 7 : 27 ، هذا الخبر ، بنحوه ثم قال : " رواه أحمد والطبراني ، وفيه " عثمان بن عمرو الجزري " ، وثقه ابن حبان ، وضعفه غيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح " .ولا أزال أشك في أن " عثمان الجزري " ، غير " عثمان بن عمرو بن ساج "(50) " فرقوا " ، خافوا وفزعوا .(51) في المطبوعة : " إذا اصطبح على فراشه " ، لا أدري من أين جاء بها ! .(52) " يستغوي الناس " ، أي : يدعوهم إلى التجمع . يقال : " تغاووا عليه حتى قتلوه " ، إذا تجمعوا وتعاونوا في الشر . والأجود عندي : " يستعوى " ( بالعين المهملة ) . يقال : " استعوى فلان جماعة " ، إذا نعق بهم على الفتنة . ويقال : " تعاوى بنو فلان على فلان " و " تغاووا " ( بالغين المعجمة ) ، إذا تجمعوا عليه . و " استعوى القوم " ، استغاث بهم . وأصله من " العواء " ، عواء الكلب ، فتجاوبه كلاب الحي .(53) في المطبوعة والمخطوطة : " فيعموه " بالعين المهملة ، ولها وجه ضعيف عندي ، وصوابها بالغين المعجمة . يقال : " غم الشيء يغمه " ، إذا علاه وغطاه وستره حتى لا فرجة فيه ، ومنه قول النمر بن تولب ، يصف اجتماع المقاتلة العرب في الحرب :زَبَنَتْكَ أَرْكَانُ العَدُوِّ فأَصْبَحتْأَجَأ وَحَيَّة مِنْ قَرَارِ ديارهاوَكأَنَّهَا دَقَرَى , تَخَايَلَ نَبْتُهاأُنُفٌ يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحَارِهَاومنه قيل للغمة " غمة " ، وقيل : " سحاب أغم " ، لا فرجة فيه . وانظر بعد ذلك صفة اجتماعهم عليه صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ، وأن أبا بكر لم يجد مدخلا ، وقوله أيضًا : " ثم فرجها الله عنه " . فكل هذا يدل على صواب قراءتها كما أثبتها . وهذه الصفحة من المخطوطة ، يكاد أكثرها يكون غير منقوط .(54) في المطبوعة : " فلما أن كان الليل " ، غير ما في المخطوطة، وكان فيها " فلما أن حبط " وصواب قراءتها إن شاء الله ما أثبت. و " حط الليل " ، نزل وأطبق.(55) في المخطوطة : " فقال : فلان وفلان وفلان ، فقال لا . فقال جبريل عليه السلام : نحن أعلم بهم منك ... " ، أخشى أن يكون سقط من الكلام شيء ، والذي في المطبوعة اجتهاد من الناشر ، تركه على حاله .(56) في المطبوعة والمخطوطة : " هو ناموس ليل " ، والسياق يقتضي ما أثبت .و " الناموس " دويبة أغبر ، كهنة الذرة ، تلكع الناس وتلسعهم . وقولهم : " هم ناموس ليل " ، يعني حقارتهم وقلة شأنهم .(57) " المذقة " ، الطائفة من اللبن الممزوج بالماء .(58) لم يذكر ما فعل جبريل عليه السلام بالخامس ، وإن كان ذكر ما آل إليه أمره ، فأخشى أن يكون سقط من الكلام شيء .(59) في المطبوعة " مر " حذف الفاء ، وهو صواب ، فأثبتها من المخطوطة . و " المشقص " ، نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض .(60) " الأكحل " ، عرق الحياة ، ويقال له : " نهر البدن " ، وهو عرق في اليد ووسط الذراع ، وفي كل عضو منه شعبة ، لها اسم على حدة ، إذا قطع لم يرقأ الدم .(61) في المطبوعة : " النقدة " ، في الموضعين . وأما المخطوطة ، فالأولى ، يوشك أن يكتبها " النقبة " إلا أنه يزيد في رأس الباء ، ثم كتب بعد " النقدة " ولم أجد في القروح ما يقال له : " نقدة " .و " النقبة " ( بضم فسكون ) أول بدء الجرب ، ترى الرقعة مثل الكف بجنب البعير أو وركه أو بمشفرة ، ثم تتمشى فيه تشريه كله ، أي تملؤه كله . فلعل هذه هي المرادة هنا .(62) الأثر : 15975 - سيرة ابن هشام 1 : 325 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 15955 .وكان في المطبوعة والمخطوطة : " فمكرت لهم " ، وأثبت ما في سيرة ابن هشام ، وهي أجود .(63) الأثر : 15976 - انظر التعليق على الأثر السالف رقم : 15964 . كأنه يعني أن هذه الآية ، معنى بها أمر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة . والقطع بأن هذه الآية أو اللواتي تليها آيات نزلت بمكة ، أمر صعب ، لا يكاد المرء يطمئن إلى صوابه ، والاعتراض على ذلك له وجوه كثيرة لا محل لذكرها هنا .(64) انظر تفسير " المكر " فيما سلف 12 : 95 ، 97 ، 579 13 : 33 ، 491 .

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا قَالُوا۟ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَآ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ (31)


القول في تأويل قوله : وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (31)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واذا تتلى على هؤلاء الذين كفروا آياتِ كتاب الله الواضحةَ لمن شرح الله صدره لفهمه (65) =، قالوا جهلا منهم، وعنادًا للحق، وهم يعلمون أنهم كاذبون في قيلهم= " لو نشاء لقلنا مثل هذا "، الذي تُلِي علينا= " إن هذا إلا أساطير الأولين "، يعني: أنهم يقولون: ما هذا القرآن الذي يتلى عليهم إلا أساطير الأولين.و " الأساطير " جمع " أسطر ", وهو جمع الجمع, لأن واحد " الأسطر " " سطر ", ثم يجمع " السطر "، " أسطر " و " سطور ", ثم يجمع " الأسطر " " أساطير " و " أساطر ". (66)وقد كان بعضُ أهل العربية يقول: واحد " الأساطير "، " أسطورة ".* * *وإنما عنى المشركون بقولهم: " إن هذا إلا أساطير الأولين "، إنْ هذا القرآن الذي تتلوه علينا، يا محمد، إلا ما سطَّره الأولون وكتبوه من أخبار الأمم! كأنهم أضافوه إلى أنه أخذ عن بني آدم, وأنه لم يوحِه الله إليه.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:15977 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: " وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا " ، قال: كان النضر بن الحارث يختلف تاجرًا إلى فارس, فيمرّ بالعِباد وهم يقرءون الإنجيل ويركعون ويسجدون. (67) فجاء مكة, فوجد محمدًا صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه وهو يركع ويسجد, فقال النضر: " قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا!"، للذي سَمِع من العباد. فنزلت: " وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا "، قال: فقص ربُّنا ما كانوا قالوا بمكة, وقص قولهم: إذ قالوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ، الآية.15978 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: كان النضر بن الحارث بن علقمة، أخو بني عبد الدار، يختلف إلى الحيرة, فيسمع سَجْع أهلها وكلامهم. فلما قدم مكة, سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن, فقال: " قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إنْ هذا إلا أساطير الأولين "، يقول: أساجيع أهل الحيرة. (68)15979 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير قال: قتل النبيُّ من يوم بدر صبرًا: عقبةَ بن أبي معيط, وطعيمة بن عدي, والنضر بن الحارث. وكان المقداد أسر النضر, فلما أمر بقتله ، قال المقداد: يا رسول الله، أسيري! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول! فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، فقال المقداد: أسيري! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " واللهم اغْنِ المقداد من فضلك! " فقال المقداد: هذا الذي أردت! وفيه نزلت هذه الآية: " وإذا تتلى عليهم آياتنا "، الآية.15980- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَتل يوم بدر ثلاثة رهط من قريش صبرًا: المطعم بن عديّ, والنضر بن الحارث, وعقبة بن أبي معيط. قال: فلما أمر بقتل النضر، قال المقداد بن الأسود: أسيري، يا رسول الله! قال: إنه كان يقول في كتاب الله وفي رسوله ما كان يقول! قال: فقال ذلك مرتين أو ثلاثًا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اغْن المقداد من فضلك!" وكان المقداد أسر النضر. (69)-----------------الهوامش :(65) انظر تفسير " التلاوة " فيما سلف ص : 385 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(66) انظر تفسير " الأساطير " فيما سلف 11 : 308 - 310 .(67) " العباد " ، قوم من قبائل شتى من بطون العرب ، اجتمعوا على النصرانية قبل الإسلام ، فأنفوا أن يسموا بالعبيد ، فقالوا : " نحن العباد " ، ونزلوا بالحيرة . فنسب إلى " العباد " ، ومنهم عدى بن يزيد العبادي الشاعر .(68) " الأساجيع " جمع " أسجوعة " ، ما سجع به الكاهن وغيره . وانظر ما سلف رقم : 13157 .(69) الأثر : 15980 - هكذا جاء في رواية هذا الخبر " المطعم بن عدي " ، مكان " طعيمة بن عدى " ، وكأنه ليس خطأ من الناسخ ، لأن ابن كثير في تفسيره 4 : 51 ، قال : " وهكذا رواه هشيم ، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير أنه قال : المطعم بن عدي ، بدل طعيمة . وهو غلط ، لأن المطعم بن عدي لم يكن حيًا يوم بدر ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : لو كان المطعم بن عدي حيًا ، ثم سألني في هؤلاء النتنى ، لوهبتهم له ! يعني الأسارى ، لأنه كان قد أجار رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم رجع من الطائف " . وانظر التعليق على رقم : 15981 .

وَإِذْ قَالُوا۟ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32)


القول في تأويل قوله : وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واذكر، يا محمد، أيضًا ما حلّ بمن قال: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم "، إذ مكرت بهم, فأتيتهم بعذاب أليم= (70) وكان ذلك العذاب، قتلُهم بالسيف يوم بدر.* * *وهذه الآية أيضًا ذكر أنها نزلت في النضر بن الحارث.* ذكر من قال ذلك.15981 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا أبو بشر, عن سعيد بن جبير, في قوله: " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء "، قال: نزلت في النضر بن الحارث. (71)15982 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: " إن كان هذا هو الحق من عندك "، قال: قول النضر بن الحارث= (72) أو: ابن الحارث بن كَلَدة.15983- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك "، قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة، من بني عبد الدار.15984- ......قال، أخبرنا إسحاق قال، أخبرنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " إن كان هذا هو الحق من عندك "، قال: هو النضر بن الحارث بن كلدة.15985 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا طلحة بن عمرو, عن عطاء قال: قال رجل من بني عبد الدار, يقال له النضر بن كلدة: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم "، فقال الله: وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ [سورة ص: 16]، وقال: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [سورة الأنعام: 94]، وقال: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ [سورة المعارج: 1-2]. قال عطاء: لقد نزل فيه بضعَ عشرة آية من كتاب الله.15986 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: فقال= يعني النضر بن الحارث =: اللهم إن كان ما يقول محمد هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم! قال الله: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ .15987 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن ليث, عن مجاهد في قوله: " إن كان هذا هو الحق من عندك " الآية، قال: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ .15988 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك "، الآية قال: قال ذلك سُفَّهُ هذه الأمة وجهلتها, (73) فعاد الله بعائدته ورحمته على سَفَهة هذه الأمة وجهلتها. (74)15989 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: ثم ذكر غِرَّة قريش واستفتاحهم على أنفسهم, إذ قالوا: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك "، أي: ما جاء به محمد= " فأمطر علينا حجارة من السماء "، كما أمطرتها على قوم لوط = " أو ائتنا بعذاب أليم "، أي: ببعض ما عذبت به الأمم قبلنا. (75)* * *واختلف أهل العربية في وجه دخول " هو " في الكلام.فقال بعض البصريين: نصب " الحق ", لأن " هو " والله أعلم، حُوِّلت زائدة في الكلام صلةَ توكيدٍ، كزيادة " ما ", ولا تزاد إلا في كل فعل لا يستغني عن خبر, وليس هو بصفة، ل " هذا "، لأنك لو قلت: " رأيت هذا هو "، لم يكن كلامًا. ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة, ولكنها تكون من صفة المضمرة, نحو قوله: وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ [سورة الزخرف: 76] و خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [سورة المزمل: 20].لأنك تقول: " وجدته هو وإياي"، فتكون " هو " صفة. (76)وقد تكون في هذا المعنى أيضا غير صفة, ولكنها تكون زائدة، كما كان في الأول. وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم, فيرفع ما بعدها، إن كان بعدها ظاهرًا أو مضمرًا في لغة بني تميم, يقولون في قوله: " إن كان هذا هو الحق من عندك "، " ولكن كانوا هم الظالمون "، (77) و " تجدوه عند الله هو خيرٌ وأعظم أجرًا " (78) كما تقول: " كانوا آباؤهم الظالمون ", جعلوا هذا المضمر نحو " هو " و " هما " و " أنت " زائدًا في هذا المكان، ولم تجعل مواضع الصفة, لأنه فصْلٌ أراد أن يبين به أنه ليس ما بعده صفةً لما قبله, ولم يحتج إلى هذا في الموضع الذي لا يكون له خبر.* * *وكان بعض الكوفيين يقول: لم تدخل " هو " التي هى عماد في الكلام، (79) إلا لمعنى صحيح. وقال: كأنه قال: " زيد قائم "، فقلت أنت: " بل عمرو هو القائم " ف " هو " لمعهود الاسم، و " الألف واللام " لمعهود الفعل، (80) [ " والألف واللام "] التي هي صلة في الكلام، (81) مخالفة لمعنى " هو ", لأن دخولها وخروجها واحد في الكلام. وليست كذلك " هو ". وأما التي تدخل صلة في الكلام, فتوكيدٌ شبيه بقولهم: " وجدته نفسَه "، تقول ذلك, وليست بصفة " كالظريف " و " العاقل ". (82)--------------------الهوامش :(70) في المطبوعة والمخطوطة : " مكرت لهم " ، وليست بشيء .(71) الأثر : 15981 - " أبو بشر " ، هو " جعفر بن إياس " ، " جعفر بن أبي وحشية " ، مضى مرارًا كثيرة . وكان في تعليق ابن كثير ، الذي نقلته في التعليق على الخبر السالف " جعفر بن أبي دحية " ، وهو خطأ محض .(72) الأثر : 15982 - في المطبوعة : " النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة " .والصواب ما في المخطوطة ، لأن الاختلاف في نسبة هكذا : " النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار " أو : " النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار " انظر سيرة ابن هشام 2 : 320 ، 321 . وقد غير ما في المخطوطة بلا حرج ولا ورع .(73) في المطبوعة : " سفهة هذه الأمة " ، غير ما في المخطوطة ، طرح الصواب المحض يقال : " سفيه " ، والجمع " سفهاء " " وسفاه " ( بكسر السين ) و " سفه " ، بضم السين وتشديد الفاء المفتوحة . والذي في كتب اللغة أن " سفاه " و " سفه " ، و " سفائه " جمع " سفيهة " . وسيأتي في المخطوطة بعد قليل " سفهه " ، وكأنها جائزة أيضًا .(74) هكذا في المخطوطة أيضًا " سفهة " ، فتركتها على حالها . انظر التعليق السالف . وكأنه إتباع لقوله " جهلة " ، وهذا من خصائص العربية .(75) الأثر : 15989 - سيرة ابن هشام 2 : 325 ، وهو تبع الأثر السالف رقم : 15975 .وكان في المطبوعة : " ثم ذكر غيرة قريش " ، وهو لا معنى له ، صوابه من المخطوطة وابن هشام . يعني : اغترارهم بأمرهم ، وغفلتهم عن الحق .(76) " الصفة " ، هو " ضمير الفصل " ، وانظر التعليق التالي رقم : 4 .(77) في المطبوعة : " هم الظالمين " ، خالف المخطوطة وأساء .(78) في المطبوعة والمخطوطة : " هو خيرًا " ، ولا شاهد فيه ، وصوابه ما أثبت .(79) " العماد " ، اصطلاح الكوفيين ، والبصريون يقولون : " ضمير الفصل " ، ويقال له أيضًا : " دعامة " و " صفة " . انظر ما سلف 2 : 312 ، تعليق 2 ، ثم ص 313 ، 374 ثم 7 : 429، تعليق : 2 .(80) " الفعل " ، يعني الخبر .(81) ما بين القوسين ، مكانه بياض في المخطوطة ، ولكن ناشر المطبوعة ضم الكلام بعضه إلى بعض . وأثبت ما بين القوسين استظهارًا ، وكأنه الصواب إن شاء الله . وقوله : " صلة " ، أي : زيادة ، انظر تفسير ذلك فيما سلف 1 : 190، 405 ، 406 ، 548 4 : 282 5 : 460 ، 462 7 : 340 ، 341 .(82) انظر مبحث ضمير " العماد " في معاني القرآن للفراء 1 : 50 - 52 ، 104 ، 248 ، 249 ، 409 ، 410 .وما سلف من التفسير 2 : 312 ، 313 7 : 429 ، 430 ، وغيرها في فهارس مباحث العربية والنحو وغيرهما .

وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)


القول في تأويل قوله : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: تأويله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، أي: وأنت مقيم بين أظهرهم. قال: وأنزلت هذه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقيم بمكة. قال: ثم خرجَ النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم, فاستغفر من بها من المسلمين, فأنزل بعد خروجه عليه، حين استغفر أولئك بها: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) . قال: ثم خرج أولئك البقية من المسلمين من بينهم, فعذّب الكفار.* ذكر من قال ذلك.15990 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب, عن جعفر بن أبي المغيرة, عن ابن أبزى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة, فأنزل الله عليه: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة, فأنزل الله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) . قال: فكان أولئك البقية من المسلمين الذين بقوا فيها يستغفرون= يعني بمكة= فلما خرجوا أنزل الله عليه: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ . قال: فأذن الله له في فتح مكة, فهو العذاب الذي وعدهم.15991 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين, عن أبي مالك, في قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم= (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، يعني: من بها من المسلمين= وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ، يعني مكة, وفيهم الكفار. (83)15992- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن حصين, عن أبي مالك, في قول الله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) ، يعني: أهل مكة= (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ) ، وفيهم المؤمنون, يستغفرون، يُغفر لمن فيهم من المسلمين.15993- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الرازي، وأبو داود الحفري, عن يعقوب, عن جعفر, عن ابن أبزى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: بقية من بقي من المسلمين منهم. فلما خرجوا قال: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ . (84)15994 - ....... قال، حدثنا عمران بن عيينة, عن حصين, عن أبي مالك: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، قال: أهل مكة.15995 - ......وأخبرنا أبي, عن سلمة بن نبيط, عن الضحاك: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: المؤمنون من أهل مكة= وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، قال: المشركون من أهل مكة.15996- ......قال: حدثنا أبو خالد, عن جويبر, عن الضحاك:) وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (قال: المؤمنون يستغفرون بين ظهرانَيْهم.15997 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، يقول: الذين آمنوا معك يستغفرون بمكة, حتى أخرجك والذين آمنوا معك.15998 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قال: ابن عباس: لم يعذب قريةً حتى يخرج النبي منها والذين آمنوا معه، ويلحقه بحيث أُمِر= (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، يعني المؤمنين. ثم أعاد إلى المشركين فقال: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ .15999- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، قال: يعني أهل مكة.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما كان الله ليعذب هؤلاء المشركين من قريش بمكة وأنت فيهم، يا محمد, حتى أخرجك من بينهم= (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ) ، وهؤلاء المشركون، يقولون: " يا رب غفرانك!"، وما أشبه ذلك من معاني الاستغفار بالقول. قالوا: وقوله: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ، في الآخرة.* ذكر من قال ذلك.16000 - حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا عكرمة, عن أبي زميل, عن ابن عباس: إن المشركين كانوا يطوفون بالبيت يقولون: " لبيك، لبَّيك، لا شريك لك ", (85) فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: " قَدْ قَدْ!" (86) فيقولون: " إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك ", (87) ويقولون: " غفرانك، غفرانك!"، فأنزل الله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) . فقال ابن عباس: كان فيهم أمانان: نبيّ الله ، والاستغفار. قال: فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار= وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ ، قال: فهذا عذاب الآخرة. قال: وذاك عذاب الدنيا. (88)16001 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر, عن يزيد بن رومان، ومحمد بن قيس قالا قالت قريش بعضها لبعض: محمد أكرمه الله من بيننا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا الآية. فلما أمسوا ندموا على ما قالوا, فقالوا: " غفرانك اللهم!"، فأنزل الله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) إلى قوله: لا يَعْلَمُونَ .16002 - حدثني ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: كانوا يقولون = يعني المشركين =: والله إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفر, ولا يعذِّب أمة ونبيها معها حتى يخرجه عنها! وذلك من قولهم، ورسولُ لله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم. فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، يذكر له جَهالتهم وغِرَّتهم واستفتاحهم على أنفسهم, إذ قالوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ ، كما أمطرتها على قوم لوط. وقال حين نَعى عليهم سوء أعمالهم: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، أي: لقولهم: [" إنا نستغفر ومحمد بين أظهرنا "= وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ، وإن كنت بين أظهرهم]، وإن كانوا يستغفرون كما يقولون (89) = وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، أي: من آمن بالله وعبده, أي: أنت ومن تبعك. (90)16003 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار..................... قال، حدثنا أبو بردة, عن أبي موسى قال: إنه كان قبلُ أمانان، قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال: أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى, وأما الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة. (91)16004 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يونس بن أبي إسحاق, عن عامر أبي الخطاب الثوري قال: سمعت أبا العلاء يقول: كان لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أمَنَتَان: فذهبت إحداهما وبقيت الأخرى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، الآية. (92)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، يا محمد, وما كان الله معذب المشركين وهم يستغفرون أي: لو استغفروا. (93) قالوا: ولم يكونوا يستغفرون، فقال جل ثناؤه إذ لم يكونوا يستغفرون: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .* ذكر من قال ذلك.16005 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: إن القوم لم يكونوا يستغفرون, ولو كانوا يستغفرون ما عُذِّبوا. وكان بعض أهل العلم يقول: هما أمانان أنزلهما الله: فأما أحدهما فمضى، نبيُّ الله. وأما الآخر فأبقاه الله رحمة بين أظهركم, الاستغفارُ والتوبةُ.16006 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: قال الله لرسوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، يقول: ما كنت أعذبهم وهم يستغفرون, ولو استغفروا وأقرُّوا بالذنوب لكانوا مؤمنين, وكيف لا أعذبهم وهم لا يستغفرون؟ وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن محمد وعن المسجد الحرام؟16007 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال يقول: لو استغفروا لم أعذبهم.وقال آخرون: معنى ذلك: وما كان الله ليعذبهم وهم يُسلمون. قالوا: و " استغفارهم "، كان في هذا الموضع، إسلامَهم.* ذكر من قال ذلك.16008 - حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا عبد الملك بن الصباح قال، حدثنا عمران بن حدير, عن عكرمة, في قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: سألوا العذاب, فقال: لم يكن ليعذبهم وأنت فيهم, ولم يكن ليعذبهم وهم يدخلون في الإسلام.16009 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: (وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، قال: بين أظهرهم= وقوله: (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ، قال: يُسلمون.16010- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، بين أظهرهم= (مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: وهم يسلمون (94) = وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ ، قريش، عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . (95)16011- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا محمد بن عبيد الله, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، قال: بين أظهرهم= (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: دخولهم في الإسلام.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإسلام.* ذكر من قال ذلك.16012 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، يقول: ما كان الله سبحانه يعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم. ثم قال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، يقول: ومنهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان, وهو الاستغفار. ثم قال: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ، فعذبهم يوم بدر بالسيف.* * *وقال آخرون: بل معناه: وما كان الله معذبهم وهم يصلُّون.* ذكر من قال ذلك.16013 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، يعني: يصلُّون, يعني بهذا أهل مكة.16014 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا حسين الجعفي, عن زائدة, عن منصور, عن مجاهد في قول الله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: يصلون.16015 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، يعني: أهل مكة. يقول: لم أكن لأعذبكم وفيكم محمد. ثم قال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، يعني: يؤمنون ويصلون.16016 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, في قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال: وهم يصلون.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما كان الله ليعذب المشركين وهم يستغفرون.قالوا: ثم نسخ ذلك بقوله: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .* ذكر من قال ذلك.16017 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح, عن الحسين بن واقد, عن يزيد النحوي, عن عكرمة والحسن البصري قالا قال في " الأنفال ": (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، فنسختها الآية التي تليها: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ، إلى قوله: فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ، فقوتلوا بمكة, وأصابهم فيها الجوع والحَصْر.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب، قولُ من قال: تأويله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، يا محمد، وبين أظهرهم مقيم, حتى أخرجك من بين أظهرهم، لأنّي لا أهلك قرية وفيها نبيها= وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "، من ذنوبهم وكفرهم, ولكنهم لا يستغفرون من ذلك, بل هم مصرُّون عليه, فهم للعذاب مستحقون= كما يقال: " ما كنت لأحسن إليك وأنت تسيء إليّ", يراد بذلك: لا أحسن إليك، إذا أسأت إليّ، ولو أسأت إليّ لم أحسن إليك, ولكن أحسن إليك لأنك لا تسيء إليّ. وكذلك ذلك= ثم قيل: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، بمعنى: وما شأنهم، وما يمنعهم أن يعذبهم الله وهم لا يستغفرون الله من كفرهم فيؤمنوا به, (96) وهم يصدون المؤمنين بالله ورسوله عن المسجد الحرام؟وإنما قلنا: " هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب "، لأن القوم = أعني مشركي مكة = كانوا استعجلوا العذاب, فقالوا: اللهم إن كان ما جاء به محمد هو الحق, " فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " فقال الله لنبيه: " ما كنت لأعذبهم وأنت فيهم، وما كنت لأعذبهم لو استغفروا, وكيف لا أعذبهم بعد إخراجك منهم، وهم يصدون عن المسجد الحرام؟". فأعلمه جل ثناؤه أن الذي استعجلوا العذاب حائق بهم ونازل, (97) وأعلمهم حال نزوله بهم, وذلك بعد إخراجه إياه من بين أظهرهم. ولا وجه لإيعادهم العذابَ في الآخرة, وهم مستعجلوه في العاجل, ولا شك أنهم في الآخرة إلى العذاب صائرون. بل في تعجيل الله لهم ذلك يوم بدر، الدليلُ الواضحُ على أن القول في ذلك ما قلنا. وكذلك لا وجه لقول من وجَّه قوله: ( وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، إلى أنه عُنى به المؤمنين, وهو في سياق الخبر عنهم، وعما الله فاعل بهم. ولا دليل على أن الخبر عنهم قد تقضَّى, وعلى ذلك [كُنِي] به عنهم, (98) وأن لا خلاف في تأويله من أهله موجودٌ.وكذلك أيضًا لا وجه لقول من قال: ذلك منسوخ بقوله: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، الآية, لأن قوله جل ثناؤه: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَخبر، والخبر لا يجوز أن يكون فيه نسخ, وإنما يكون النسخ للأمر والنهي.-------------------الهوامش :(83) في المطبوعة : " وفيها الكفار " ، أما المخطوطة فتقرأ : " بغير مكة ، وفيهم الكفار " ، ولعل ما في المطبوعة أولى بالإثبات .(84) الأثر : 15993 - " إسحاق بن إسماعيل الرازي " هو : " حبويه ، أبو يزيد " سلف مرارًا ، آخرها رقم : 15311 .(85) في المطبوعة : " لبيك ، لا شريك لك لبيك " ، غير ما في المخطوطة .(86) " قد ، قد " ، أي حسبكم ، لا تزيدوا . يقال : " قدك " ، أي حسبك ، يراد بها الردع والزجر .(87) في المطبوعة ، زاد زيادة بلا طائل ، كتب : " فيقولون : لا شريك لك ، إلا شريك هو لك " .(88) الأثر : 16000 - " أبو زميل " هو : " سماك بن الوليد الحنفي اليمامي " ، مضى برقم : 13832 ، 15734 .(89) كانت هذه الجملة هكذا في المخطوطة والمطبوعة : " أي بقولهم ، وإن كانوا يستغفرون كما قال وهم يصدون ... " ، أسقط من الكلام ما لا بد منه وحرف . فأثبت الصواب بين الأقواس ، وفي سائر العبارة ، من سيرة ابن هشام .(90) الأثر : 16003 - سيرة بن هشام 2 : 325 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 15989 .(91) الأثر : 16004 - " الحسن بن الصباح البزار " ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 4442 ، 9857 .وهذا الإسناد قد سقط منه رواة كثيرون ، وكان في المخطوطة " بردة " فجعلها الناشر " أبو بردة " ، وأصاب وهو لا يدري .وهذا الخبر روى مثله مرفوعًا الترمذي في سننه في تفسير هذه السورة ، وهذا إسناده : " حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا ابن نمير ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عباد بن يوسف ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه قال ، قال رسول الله صلى لله عليه وسلم : أنزل الله علي أمانين لأمتي : " وما كان ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ، فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة .ثم قال الترمذي : " هذا حديث غريب ، وإسماعيل بن إبراهيم يضعف في الحديث " .أما خبر الطبري ، فلا شك أنه خبر موقوف على أبي موسى الأشعري .وكان في المطبوعة : " إنه كان فيكم أمانان " ، غير ما في المخطوطة ، وصواب قراءته ما أثبت .(92) الأثر : 16005 - " عامر ، أبي الخطاب الثوري " ، لم أجد له ذكر ، وأخشى أن يكون في اسمه تحريف .(93) في المخطوطة والمطبوعة : " أن لو استغفروا " ، وكأن الصواب ما أثبت .(94) في المخطوطة : " وهم مسلمون " ، والصواب ما في المطبوعة .(95) ( 2) كان في المطبوعة : سياق الآية بلا فصل ، وهو قوله : " قريش " ، التي أثبتها من المخطوطة . وكان في المخطوطة : " وهم مسلمون يعذبهم الله " ، بياض بين الكلامين وفي الهامش حرف ( ط ) دلالة على الخطأ .(96) انظر تفسير " مالك " فيما سلف 5 : 301 ، 302 9 : 7 .(97) في المطبوعة : " أن الذين استعجلوا العذاب حائق بهم " ، وفي المخطوطة كما أثبته إلا أنه كتب مكان " حائق " " حاق " ، وهو سهو .(98) في المطبوعة : " وعلى أن ذلك به عنوا ، ولا خلاف في تأويله " ، وفي المخطوطة ، كما أثبته ، إلا أنه سقط منه [ كني ] كما أثبته بين القوسين . وإن كنت أظن في الكلام سقطًا .هذا وقد ذكر أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ : 154 ، هذا الرأي ، ثم قال : " جعل الضميرين مختلفين ، وهو قول حسن ، وإن كان محمد بن جرير قد أنكره ، لأنه زعم أنه لم يتقدم للمؤمنين ذكر ، فيكنى عنهم . وهذا غلط ، لأنه قد تقدم ذكر المؤمنين في غير موضع من السورة .فإن قيل : لم يتقدم ذكرهم في هذا الموضع .فالجواب : أن في المعنى دليلا على ذكرهم في هذا الموضع . وذلك أن من قال من الكفار : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " ، إنما قال ذلك مستهزئًا ومتعنتًا . ولو قصد الحق لقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له = ولكنه كفر وأنكر أن يكون الله يبعث رسولا بوحي من الله ، أي : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، فأهلك الجماعة من الكفار والمسلمين . فهذا معنى ذكر المسلمين ، فيكون المعنى : كيف يهلك الله المسلمين ؟ فهذا المعنى : " ما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " يعني المؤمنين = " وما لهم ألا يعذبهم الله " ، يعني الكافرين " .

الصفحة السابقة الصفحة التالية