تفسير سورة الأنفال الصفحة 181 من القرآن الكريم

تفسير الصفحة رقم 181 من المصحف


وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوٓا۟ أَوْلِيَآءَهُۥٓ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا ٱلْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)


القول في تأويل قوله : وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِواختلف أهل العربية في وجه دخول " أن " في قوله: " وما لهم ألا يعذبهم الله ".فقال بعض نحويي البصرة: هي زائدة ههنا, وقد عملت كما عملت " لا " وهي زائدة, وجاء في الشعر: (1)لَوْ لَمْ تَكنْ غَطَفَانُ لا ذُنُوبَ لَهَاإلَيَّ, لامَ ذَوُو أحْسَابِهَا عُمَرَا (2)وقد أنكر ذلك من قوله بعض أهل العربية وقال: لم تدخل " أن " إلا لمعنى صحيح, لأن معنى: " وما لهم "، ما يمنعهم من أن يعذبوا. قال: فدخلت " أن " لهذا المعنى, وأخرج ب " لا ", ليعلم أنه بمعنى الجحد, لأن المنع جحد. قال: و " لا " في البيت صحيح معناها, لأن الجحد إذا وقع عليه جحد صار خبرًا. (3)وقال: ألا ترى إلى قولك: " ما زيد ليس قائما ", فقد أوجبت القيام؟ قال: وكذلك " لا " في هذا البيت. (4)* * *القول في تأويل قوله : وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء المشركين ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام, ولم يكونوا أولياء الله= " إن أولياؤه "، (5) يقول: ما أولياء الله= " إلا المتقون ", يعني: الذين يتقون الله بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه. (6)= " ولكن أكثرهم لا يعلمون " يقول: ولكن أكثر المشركين لا يعلمون أن أولياء الله المتقون، بل يحسبون أنهم أولياء الله .* * *وبنحو ما قلنا قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16018 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: " وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون "، هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .16019 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: " إن أولياؤه إلا المتقون "، مَن كانوا، وحيث كانوا.16020- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.16021 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون "، الذين يحرمون حرمته, (7) ويقيمون الصلاة عنده, أي: أنت= يعني النبي صلى الله عليه وسلم= ومن آمن بك= يقول: " ولكن أكثرهم لا يعلمون ". (8)---------------------الهوامش :(1) هو الفرزدق .(2) سلف البيت وتخريجه 5 : 302 ، 303 ، وروايته هناك: " إذن للام ذود أحسابها " ، وقد فسرته هناك ، وزعمت أن " الذنوب " بفتح الذال بمعنى : الحظ والنصيب عن الشرف والحسب والمروءة .أمَّا رواية البيت كما جاءت هنا ، وفي الديوان ، توجب أن تكون " الذنوب " جمع " ذنب " .فهذا فرق ما بين الروايتين والمعنيين .(3) يعني بقوله : " خبرًا " ، أي : إثباتًا .(4) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 163 - 166 ، وما سلف من التفسير 5 : 300 - 305 .(5) انظر تفسير " ولي " فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .(6) وتفسير " التقوى " فيما سلف من فهارس اللغة ( وقى ) .(7) في المطبوعة والمخطوطة مكان : " يحرمون حرمنه " ، " يخرجون منه " ، وهذا من عجائب التحريف من طريق الاختصار !! ، والصواب من سيرة ابن هشام .(8) الأثر : 16021 - سيرة ابن هشام 2 : 325 ، 326 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16003 .

وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلَّا مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا۟ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (35)


القول في تأويل قوله : وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء المشركين ألا يعذبهم الله، وهم يصدون عن المسجد الحرام الذي يصلون لله فيه ويعبدونه, ولم يكونوا لله أولياء, بل أولياؤه الذين يصدونهم عن المسجد الحرام، وهم لا يصلون في المسجد الحرام= " وما كان صلاتهم عند البيت "، يعني: بيت الله العتيق= " إلا مُكاء "، وهو الصفير.يقال منه: " مكا يمكو مَكوًا ومُكاءً" وقد قيل: إن " المكو ": أن يجمع الرجل يديه، ثم يدخلهما في فيه، ثم يصيح. ويقال منه: " مَكت است الدابة مُكاء "، إذا نفخت بالريح. ويقال: " إنه لا يمكو إلا استٌ مكشوفة ", ولذلك قيل للاست " المَكْوة ", سميت بذلك، (9) ومن ذلك قول عنترة:وَحَلِيلِ غَانِيَةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلاتَمْكُو فَرِيصَتُهُ كَشِدْقِ الأعْلَمِ (10)وقول الطِّرِمَّاح:فَنَحَا لأُِولاَها بِطَعْنَةِ مُحْفَظٍتَمْكُو جَوَانِبُهَا مِنَ الإنْهَارِ (11)بمعنى: تصوِّت.وأما " التصدية "، فإنها التصفيق, يقال منه: " صدَّى يصدِّي تصديةً", و " صفَّق "، و " صفّح "، بمعنى واحد.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16022 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبى, عن موسى بن قيس، عن حجر بن عنبس: " إلا مكاء وتصدية "، قال: " المكاء "، التصفير= و " التصدية "، التصفيق. (12)16023 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، " المكاء "، التصفير= و " التصدية "، التصفيق.16024 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، يقول: كانت صلاة المشركين عند البيت " مكاء "= يعني الصفير= و " تصدية "، يقول: التصفيق.16025 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا فضيل, عن عطية: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال: التصفيق والصفير.16026- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن قرة بن خالد, عن عطية, عن ابن عمر قال: " المكاء "، التصفيق, و " التصدية "، الصفير. قال: وأمال ابن عمر خدّه إلى جانب.16027 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا وكيع, عن قرة بن خالد, عن عطية, عن ابن عمر: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال: " المكاء " و " التصدية "، الصفير والتصفيق.16028- حدثني الحارث قال: حدثنا القاسم قال: سمعت محمد بن الحسين يحدث، عن قرة بن خالد, عن عطية العوفي, عن ابن عمر قال: " المكاء "، الصفير, و " التصدية ": التصفيق.16029 - حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا قرة, عن عطية, عن ابن عمر في قوله: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية "، قال: " المكاء " الصفير, و " التصدية "، التصفيق= وقال قرة: وحكى لنا عطية فعل ابن عمر, فصفر، وأمال خده، وصفق بيديه.16030 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني بكر بن مضر, عن جعفر بن ربيعة قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف يقول في قول الله: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " قال بكر: فجمع لي جعفر كفيه, ثم نفخ فيهما صفيرًا, كما قال له أبو سلمة.16031 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: " المكاء "، الصفير, و " التصدية "، التصفيق.16032- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سلمة بن سابور, عن عطية, عن ابن عمر: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال: تصفير وتصفيق. (13)16033- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا فضيل بن مرزوق, عن عطية, عن ابن عمر, مثله.16034- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا حبويه أبو يزيد, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفّرون ويصفقون, فأنزل الله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ [سورة الأعراف: 32] ، فأمروا بالثياب.16035 - حدثني المثنى قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد قال: كانت قريش يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف يستهزئون به, يصفرون به ويصفقون, فنزلت: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " .16036 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد: " إلا مكاء " ، قال: كانوا ينفخون في أيديهم, و " التصدية "، التصفيق.16037- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " إلا مكاء وتصدية " ، قال: " المكاء "، إدخال أصابعهم في أفواههم, و " التصدية " التصفيق, يخلِطون بذلك على محمد صلى الله عليه وسلم صلاتَه.16038 - حدثنا المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله= إلا أنه لم يقل: " صلاته ".16039- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قال: " المكاء "، إدخال أصابعهم في أفواههم, و " التصدية "، التصفيق. قال نفرٌ من بني عبد الدار، كانوا يخلطون بذلك كله على محمد صلاتَه.16040 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال: من بين الأصابع= قال أحمد: سقط عليَّ حرف ، وما أراه إلا الخَذْف (14) = والنفخ والصفير منها، وأراني سعيد بن جبير حيث كانوا يَمْكون من ناحية أبي قُبَيس. (15)16041- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن سليمان قال: أخبرنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير في قوله: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية "، قال: " المكاء "، كانوا يشبِّكون بين أصابعهم ويصفرون بها, فذلك " المكاء ". قال: وأراني سعيد بن جبير المكان الذي كانوا يمكون فيه نحو أبي قُبَيس.16042- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا محمد بن حرب قال، حدثنا ابن لهيعة, عن جعفر بن ربيعة, عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في قوله: " مكاء وتصدية "، قال: " المكاء " النفخ= وأشار بكفه قِبَل فيه= و " التصدية "، التصفيق.16043 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك قال: " المكاء "، الصفير, و " التصدية "، التصفيق.16044 - حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك, مثله.16045 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية "، قال: كنا نُحَدَّث أن " المكاء "، التصفيق بالأيدي, و " التصدية "، صياح كانوا يعارضون به القرآن.16046 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: " مكاء وتصدية "، قال: " المكاء "، التصفير, و " التصدية "، التصفيق.16047 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية "، و " المكاء "، الصفير, على نحو طير أبيض يقال له " المكَّاء "، يكون بأرض الحجاز، (16) و " التصدية "، التصفيق.16048 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية "، قال: " المكاء "، صفير كان أهل الجاهلية يُعلنون به. قال: وقال في " المكاء "، أيضًا: صفير في أيديهم ولعب.* * *وقد قيل في " التصدية ": إنها " الصد عن بيت الله الحرام ". وذلك قول لا وجه له، لأن " التصدية "، مصدر من قول القائل: " صدّيت تصدية ". وأما " الصدّ" فلا يقال منه: " صدَّيت ", إنما يقال منه " صدَدْت ", فإن شدَّدت منها الدال على معنى تكرير الفعل قيل: " صدَّدْتَ تصديدًا ". (17) إلا أن يكون صاحب هذا القول وجَّه " التصدية " إلى أنه من " صَدَّدت ", ثم قلبت إحدى داليه ياء, كما يقال: " تظنَّيْتُ" من " ظننت ", وكما قال الراجز: (18)تَقَضِّيَ البَازِي إذَا البَازِي كَسَرْ (19)يعني: تقضُّض البازي, فقلب إحدى ضاديه ياء, فيكون ذلك وجهًا يوجَّه إليه.* ذكر من قال ما ذكرنا في تأويل " التصدية ".16049 - حدثني أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية "، صدهم عن بيت الله الحرام.16050 - حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن سليمان قال: أخبرنا طلحة بن عمرو, عن سعيد بن جبير: " وتصدية " قال: " التصدية "، صدّهم الناس عن البيت الحرام.16051 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: " وتصدية "، قال: التصديد، عن سبيل الله, (20) وصدّهم عن الصلاة وعن دين الله.16052 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية "، قال: ما كان صلاتهم التي يزعمون أنها يُدْرَأ بها عنهم= " إلا مكاء وتصدية ", وذلك ما لا يرضى الله ولا يحبّ, ولا ما افترض عليهم، ولا ما أمرهم به. (21)* * *وأما قوله: " فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون "، فإنه يعني العذابَ الذي وعدهم به بالسيف يوم بدر. يقول للمشركين الذين قالوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ الآية, حين أتاهم بما استعجلوه من العذاب= " ذوقوا "، أي اطعموا, وليس بذوق بفم, ولكنه ذوق بالحسِّ, ووجود طعم ألمه بالقلوب. (22) يقول لهم: فذوقوا العذابَ بما كنتم تجحدون أن الله معذبكم به على جحودكم توحيدَ ربكم، ورسالةَ نبيكم صلى الله عليه وسلم .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16053 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون "، أي: ما أوقع الله بهم يوم بدر من القتل. (23)16054 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج: " فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون "، قال: هؤلاء أهل بدر، يوم عذبهم الله.16055 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " ، يعني أهل بدر، عذبهم الله يوم بدر بالقتل والأسر.-----------------الهوامش :(9) وتمام سياقه أن يقول : " سميت بذلك لصفيرها " .(10) من معلقته المشهورة الغالية . سيرة بن هشام 2 : 326 ، والمعاني الكبير : 981 ، واللسان ( مكا ) وبعد البيت .سَبَقَتْ يَدَايَ لَهُ بِعَاجِلِ طَعْنَةٍوَرَشَاشِ نَافِذَةٍ كَلَونِ العَنْدَمِ" الحليل " ، الزوج ، و " الغانية " : البارعة الحسن والجمال ، استغنت بجمالها عن التجمل . " مجدلا " ، صريعًا على الجدالة ، وهي الأرض . و " الفريصة " ، لحمة عند نغض الكتف ، في وسط الجنب ، عند منبض القلب ، وهما فريصتان، وهي التي ترعد عند الفزع ، فيقال للفزع : " أرعدت فرائصه " ، وإصابة الفريصة مقتل . و " الأعلم " ، الجمل المشقوق الشفة العليا. خرج إليه هذا القتيل ، مدلا بقوته وشبابه ، يحفزه أن ينال إعجاب صاحبته الغانية الجميلة به إذا قتل عنترة ، فلم يكد حتى عاجله بالطعنة التي وصف ما وصف من اتساعها كشدق البعير الأعلم .(11) ديوانه 149 ، والمعاني الكبير : 983 ، وهو بيت من قصيدة مدح بها خالد بن عبد الله القسري ، ولكن هذا البيت ، مفرد وحده لا صلة له بما قبله ، وهي قصيدة ناقصة بلا شك . وشرحه ابن قتيبة فقال : " نحا " انحرف ، و " المحفظ " ، المغضب . و " تمكو " ، تصفر ، وذلك عند سيلانها . و " الإنهار " ، سعة الطعنة ، ومنه قول قيس بن الخطيم ، يصف طعنة :طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ الْقَيْسِ طَعْنَةَ ثَائِرٍلَهَا نَفَذٌ لَوْلا الشُّعَاعُ أَضَاءَهَامَلَكْتُ بها كَفِّى فَأَنْهَرْتُ فَتْقَهَايَرَى قَائِمٌ مِنْ دُونِهَا مَا وَرَاءَهَا(12) الأثر : 16022 - " موسى بن قيس الحضرمي " ، " عصفور الجنة " ، مضى برقم : 16022 .و " حجر بن عنبس الحضرمي " ، " أبو العنبس " ، ويقال : " أبو السكن " ، قال ابن معين : " شيخ كوفي ثقة مشهور " ، تابعي ، وكان شرب الدم في الجاهلية ، شهد مع علي الجمل وصفين مترجم في التهذيب ، والكبير 12 68 ، وابن أبي حاتم 1 2 266 .(13) الأثر : 16032 - " سلمة بن سابور " ، روى عن عطية العوفي ، وعبد الوارث مولى . روى عنه أبو نعيم ، والفضل بن موسى ، وغيرهما . ضعفه ابن معين ، وثقه ابن حبان وقال : " كان يحيى القطان يتكلم فيه ، ومن المحال أن يلحق بسلمة ما جنت يدا عطية " . أما البخاري فاقتصر على قوله : " كان يحيى يتكلم في عطية " ، كأنه لا يريد استضعافه . مترجم في لسان الميزان 3 : 68 ، والكبير 2 2 84 ، وابن أبي حاتم 2 1 163 ، وضعفه ، وميزان الاعتدال 1 : 406 ، واقتصر فقال : " جرحوه " .(14) " الخذف " رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " الخذف " وقال : " إنه يفقأ عينًا ، ولا ينكي العدو ، ولا يحرز صيدًا " .(15) " أبو قبيس " ، اسم الجبل المشرف على بطن مكة .(16) " المكاء " ( بضم الميم وتشديد الكاف ) ، وجمعه " مكاكي " طائر نحو القنبرة ، إلا أن في جناحيه بلقًا . سمى بذلك ، لأنه يجمع يديه ، ثم يصفر فيهما صفيرًا حسنًا .(17) في المطبوعة والمخطوطة : " صددت تصدية " ، وهو خطأ ظاهر ، صوابه ما أثبت .(18) هو العجاج .(19) سلف البيت وتخريجه وشرحه 2 : 157 ، وسيأتي في التفسير 30 : 135 ( بولاق ) .(20) في المطبوعة : " التصدية " ، وفي المخطوطة توشك أن تقرأ هكذا وهكذا ، ورأيت الأرجح أن تكون " التصديد " ، فأثبتها .(21) الأثر : 16052 - سيرة ابن هشام 2 : 326 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16021(22) انظر تفسير " الذوق " فيما سلف ص 434 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(23) الأثر : 16053 - سيرة ابن هشام 2 : 326 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 1605.

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُمْ لِيَصُدُّوا۟ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)


القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ورسوله ينفقون أموالهم, (24) فيعطونها أمثالهم من المشركين ليتقوَّوا بها على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به, ليصدّوا المؤمنين بالله ورسوله عن الإيمان بالله ورسوله, (25) فسينفقون أموالهم في ذلك، ثم تكون نفقتهم تلك عليهم= " حسرة "، يقول: تصير ندامة عليهم, (26) لأن أموالهم تذهب, ولا يظفرون بما يأملون ويطمعون فيه من إطفاء نور الله, وإعلاء كلمة الكفر على كلمة الله, لأن الله مُعْلي كلمته, وجاعل كلمة الكفر السفلى, ثم يغلبهم المؤمنون, ويحشر الله الذين كفروا به وبرسوله إلى جهنم, فيعذبون فيها، (27) فأعظم بها حسرة وندامة لمن عاش منهم ومن هلك! أما الحيّ، فحُرِب ماله وذهبَ باطلا في غير دَرَك نفع، ورجع مغلوبًا مقهورًا محروبًا مسلوبًا. (28) وأما الهالك، فقتل وسُلب، وعُجِّل به إلى نار الله يخلُد فيها, نعوذ بالله من غضبه.وكان الذي تولَّى النفقةَ التي ذكرها الله في هذه الآية فيما ذُكر، أبا سفيان.* ذكر من قال ذلك:16056- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب القمي, عن جعفر, عن سعيد بن جبير في قوله: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم " الآية، " والذين كفروا إلى جهنم يحشرون "، قال: نزلت في أبي سفيان بن حرب. استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش من بني كنانة, (29) فقاتل بهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم , وهم الذين يقول فيهم كعب بن مالك:وَجِئْنَا إلَى مَوْجٍ مِنَ البَحْرِ وَسْطَهأَحَابِيشُ, مِنْهُمْ حَاسِرٌ وَمُقَنَّعُ (30)ثَلاثَةُ آلافٍ, ونَحْنُ نَصِيَّةٌثَلاثُ مِئِينَ إن كَثُرْنَ, فَأرْبَعُ (31)16057- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل, عن يعقوب القمي, عن جعفر, عن ابن أبزى: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله "، قال: نزلت في أبي سفيان, استأجر يوم أحد ألفين ليقاتل بهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، سوى من استجاش من العرب. (32)16058- ......قال، أخبرنا أبي عن خطاب بن عثمان العصفري, عن الحكم بن عتيبة: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله "، قال: نزلت في أبي سفيان. أنفق على المشركين يوم أحد أربعين أوقية من ذهب, وكانت الأوقية يومئذ اثنين وأربعين مثقالا. (33)16059 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله "، الآية ، قال: لما قدم أبو سفيان بالعير إلى مكة أشَّبَ الناس ودعاهم إلى القتال، (34) حتى غزا نبيَّ الله من العام المقبل. وكانت بدر في رمضان يوم الجمعة صبيحة سابع عشرة من شهر رمضان. وكانت أحد في شوال يوم السبت لإحدى عشرة خلت منه في العام الرابع.16060 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي قال: قال الله فيما كان المشركون، ومنهم أبو سفيان، يستأجرون الرجال يقاتلون محمدًا بهم: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله "، وهو محمد صلى الله عليه وسلم= " فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة " ، يقول: ندامة يوم القيامة وويلٌ (35) = " ثم يغلبون " .16061 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: " ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله " ، الآية حتى قوله: أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ، قال: في نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد.16062- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.16063 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، (36) [وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدث بعض الحديث عن يوم أحد. وقد اجتمع حديثهم كله فيما سقت من الحديث عن يوم أحد، قالوا: أو من قاله منهم: لما أصيب] يوم بدر من كفار قريش من أصحاب القليب ، (37) ورجع فَلُّهم إلى مكة, (38) ورجع أبو سفيان بعِيره, مشى عبد الله بن أبي ربيعة، (39) وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية، في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم ببدر, فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كان له في تلك العير من قريش تجارة, فقالوا: يا معشر قريش, إن محمدًا قد وَتَرَكم وقتل خيارَكم, (40) فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرًا بمن أصيب منا! ففعلوا. قال: ففيهم، كما ذكر عن ابن عباس، (41) أنزل الله: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم " إلى قوله: " والذين كفروا إلى جهنم يحشرون " . (42)16064 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله "، إلى قوله: " يحشرون " ، يعني النفرَ الذين مشوا إلى أبي سفيان، وإلى من كان له مال من قريش في تلك التجارة, فسألوهم أن يُقَوُّوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، (43) ففعلوا. (44)16065 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب, عن عطاء بن دينار في قول الله: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم "، الآية, نزلت في أبي سفيان بن حرب. (45)* * *وقال بعضهم: عني بذلك المشركون من أهل بدر.* ذكر من قال ذلك:16066 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله " الآية، قال: هم أهل بدر.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي ما قلنا, وهو أن يقال: إن الله أخبرَ عن الذين كفروا به من مشركي قريش، أنهم ينفقون أموالهم ليصدُّوا عن سبيل الله. لم يخبرنا بأيّ أولئك عَنى, غير أنه عم بالخبر " الذين كفروا ". وجائز أن يكون عَنَى المنفقين أموالهم لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأحد= وجائز أن يكون عنى المنفقين منهم ذلك ببدر= وجائز أن يكون عنى الفريقين. وإذا كان ذلك كذلك, فالصواب في ذلك أن يعمّ كما عم جل ثناؤه الذين كفروا من قريش.----------------------الهوامش :(24) انظر تفسير " الإنفاق " فيما سلف من فهارس اللغة ( نفق ) .(25) انظر تفسير " الصد " فيما سلف 12 : 559 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(26) انظر تفسير " الحسرة " فيما سلف 3 : 295 7 : 335 11 : 325 .(27) انظر تفسير " الحشر " فيما سلف ص : 472 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(28) في المطبوعة : " محزونًا مسلوبًا " ، والسياق يتقضى ما أثبت ." محروب " ، مسلوب المال .(29) " الأحابيش " ، هم بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، وعضل ، والديش ، من بني الهون بن خزيمة ، والمطلق ، والحيا ، من خزاعة . وسميت " الأحابش " ، لاجتماعها وانضمامها محالفة قريش ، في قتال بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة . ( انظر المحبر : 246 ، 267 ) و ( نسب قريش : 9 ) .(30) سيرة ابن هشام 3 : 141 ، طبقات فحول الشعراء : 183 ، نسب قريش : 9 وغيرها.ويعني بقوله : " فجئنا إلى موج " ، جيش الكفار يوم أحد ، يموج موجه . وكان عدة المشركين بأحد ثلاثة آلاف . و " الحاسر " ، الذي لا درع له ، ولا بيضة على رأسه . و " المقنع " ، الدارع الذي ليس لبس سلاحه ، ووضع البيضة على رأسه .(31) " نصية " ، أي : خيار أشراف ، أهل جلد وقتال . يقال : " انتصى الشيء " ، اختار ناصيته ، أي أكرم ما فيه . وكان في المطبوعة : " ونحن نظنه " ، وهو خطأ صرف ، وهي في المخطوطة ، كما كتبتها غير منقوطة .وهكذا جاء الرواية في المخطوطة : " إن كثرن فأربع " ، كأنه يعني أنهم كانوا ثلاثمئة ، فإن كثروا فأربعمئة . وهو لا يصح ، لأن عدة المسلمين يوم أحد كانت سبعمئة . فصواب الرواية ما أنشده ابن إسحاق وابن سلام ." إنْ كَثُرْنَا وَأَرْبَعُ "(32) " استجاش " ، طلب منه الجيش وجمعه على عدوه .(33) الأثر : 16058 - " خطاب بن عثمان العصفري " ، لم أجد له ترجمة في غير ابن أبي حاتم 1 2 286 ، وقال : " خطاب العصفري " روى عن الشعبي ، روى عنه وكيع ، ومحمد بن ربيعة ، وأبو نعيم . سمعت أبي يقول ذلك .وسألته عنه فقال : " شيخ " . ولم يذكر أن اسم أبيه " عثمان " .(34) في المطبوعة : " أنشد الناس " ، وهو لا معنى له . وفي المخطوطة : " أنسب " ، غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت . و " التأشيب " ، التحريش بين القوم ، و " التأشيب " ، التجميع ، يقال : " تأشب به أصحابه " ، أي : اجتمعوا إليه وطافوا به . أراد أنه جمعهم وحرضهم على القتال .(35) في المطبوعة : " وويلا " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب أيضًا .(36) في المطبوعة والمخطوطة : " الحصين بن عبد الرحمن وعمرو بن سعد بن معاذ " ، وهو خطأ ، فقد مضى مرارًا مثله . وصوابه من سيرة ابن هشام .(37) هذه الزيادة بين القوسين من سيرة ابن هشام ، وإنما فعلت ذلك ، لأن المطبوعة خالفت المخطوطة لخطأ فيها ، فكتب في لمطبوعة : " قالوا : أما أصابت المسلمين يوم بدر ... " ، وكان في المخطوطة : " قالوا : لما أصيبت قريش ، أو من قاله منهم ، يوم بدر " ، وهو غير مستقيم ، فرجح قوله : " أو من قال منهم " ، أن الناسخ قد عجل في نقل بقية الإسناد ، وخلط الكلام فاضطرب . فلذلك أثبته بنصه من السيرة .(38) " الفل " ( بفتح الفاء ) : المنهزمون ، الراجعون من جيش قد هزم .(39) في المطبوعة : " عبد الله بن ربيعة " ، خطأ محض .(40) " وتر القوم " ، أدرك فيهم مكروهًا بقتل أو غيره . و " الموتور " الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه .(41) الذي في سيرة ابن هشام : " قال ابن إسحاق ، ففيهم ، كما ذكر لي بعض أهل العلم " ، ولم يسند الكلام إلى ابن عباس .(42) الأثر : 16063 - سيرة ابن هشام 3 : 64 .(43) في المطبوعة : " أن يعينوهم "، وفي سيرة ابن هشام : " يقووهم بها " ، بزيادة .(44) الأثر : 16064 سيرة ابن هشام 2 : 327 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16053 .(45) الأثر : 16065 - " سعيد بن أبي أيوب مقلاص المصري " ، مضى مرارًا آخرها رقم : 13178 . وكان في المخطوطة : " سعيد بن أيوب " ، وصححه ناشر المطبوعة .و " عطاء بن دينار الهذلي المصري " ، مضى أيضًا برقم : 160 ، 13178 ، بمثل هذا الإسناد .

لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُۥ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُۥ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُۥ فِى جَهَنَّمَ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ (37)


القول في تأويل قوله : لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يحشر الله هؤلاء الذين كفروا بربهم, وينفقون أموالهم للصدّ عن سبيل الله، إلى جهنم, ليفرق بينهم= وهم أهل الخبث، كما قال وسماهم " الخبيث " = وبين المؤمنين بالله وبرسوله, وهم " الطيبون "، كما سماهم جل ثناؤه. فميَّز جل ثناؤه بينهم بأن أسكن أهل الإيمان به وبرسوله جناته, وأنزل أهل الكفر نارَه. (46)* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16067 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " ليميز الله الخبيث من الطيب " فميَّز أهل السعادة من أهل الشقاوة.16068 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي قال: ثم ذكر المشركين, وما يصنع بهم يوم القيامة, فقال: " ليميز الله الخبيث من الطيب "، يقول: يميز المؤمن من الكافر، فيجعل الخبيث بعضه على بعض .* * *ويعني جل ثناؤه بقوله: " فيجعل الخبيث بعضه على بعض "، فيحمل الكفار بعضهم فوق بعض = " فيركمه جميعا "، يقول: فيجعلهم ركامًا, وهو أن يجمع بعضهم إلى بعض حتى يكثروا, كما قال جل ثناؤه في صفة السحاب: ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا [سورة النور: 43]، أي مجتمعًا كثيفًا، وكما:-16069 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: " فيركمه جميعًا "، قال: فيجمعه جميعًا بعضه على بعض.* * *وقوله: " فيجعله في جهنم " يقول: فيجعل الخبيث جميعًا في جهنم= فوحَّد الخبر عنهم لتوحيد قوله: " ليميز الله الخبيث " , ثم قال: " أولئك هم الخاسرون "، فجمع، ولم يقل: " ذلك هو الخاسر ", فردَّه إلى أول الخبر.ويعني ب " أولئك "، الذين كفروا, وتأويله: هؤلاء الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله " هم الخاسرون "، ويعني بقوله: " الخاسرون " الذين غُبنت صفقتهم، وخسرت تجارتهم. (47) وذلك أنهم شَرَوْا بأموالهم عذابَ الله في الآخرة, وتعجَّلوا بإنفاقهم إياها فيما أنفقوا من قتال نبيّ الله والمؤمنين به، الخزيَ والذلَّ.------------------الهوامش :(46) انظر تفسير " الخبيث " فيما سلف ص : 165 ، تعليق : 3 ، 4 ، والمراجع هناك .= وتفسير " الطيب " فيما سلف من فهارس اللغة ( طيب ) .(47) انظر تفسير " خسر " فيما سلف 12 : 579 ، تعليق : 2 ،المراجع هناك .

قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِن يَنتَهُوا۟ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا۟ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلْأَوَّلِينَ (38)


القول في تأويل قوله : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (38)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " قل "، يا محمد، " للذين كفروا "، من مشركي قومك= " إن ينتهوا "، عما هم عليه مقيمون من كفرهم بالله ورسوله، وقتالك وقتال المؤمنين، فينيبوا إلى الإيمان (48) = يغفر الله لهم ما قد خلا ومضى من ذنوبهم قبل إيمانهم وإنابتهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله بإيمانهم وتوبتهم (49) = " وإن يعودوا "، يقول: وإن يعد هؤلاء المشركون لقتالك بعد الوقعة التي أوقعتها بهم يوم بدر= فقد مضت سنتي في الأولين منهم ببدر، ومن غيرهم من القرون الخالية، (50) إذ طغوا وكذبوا رسلي ولم يقبلوا نصحهم، من إحلال عاجل النِّقَم بهم, فأحلّ بهؤلاء إن عادوا لحربك وقتالك، مثل الذي أحللت بهم. (51)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16070- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: " فقد مضت سنة الأولين "، في قريش يوم بدر، وغيرها من الأمم قبل ذلك.16071 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.16072 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.16073 - حدثني ابن وكيع قال: (52) حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " فقد مضت سنة الأولين "، قال: في قريش وغيرها من الأمم قبل ذلك.16074 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال في قوله: " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا " لحربك= " فقد مضت سنة الأولين "، أي: من قُتل منهم يوم بدر. (53)16075 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: " وإن يعودوا "، لقتالك= " فقد مضت سنة الأولين "، من أهل بدر.--------------------الهوامش :(48) انظر تفسير " الانتهاء " فيما سلف : 455 ، تعليق : 1 والمراجع هناك .(49) انظر تفسير " سلف " فيما سلف 6 : 14 8 : 138 ، 150 11 : 48 .(50) انظر تفسير " سنة " فيما سلف 7 : 228 8 : 209 .(51) في المطبوعة : " اللذين أحلت بهم " ، وفي المخطوطة سيئة الكتابة ، صوابها ما أثبت .(52) في المطبوعة : " حدثنا المثنى قال ، حدثنا ابن وكيع ... " ، وهو خطأ ظاهر ، وصوابه من المخطوطة.(53) الأثر : 16074 - سيرة ابن هشام 2: 327 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16064 .

وَقَٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِ فَإِنِ ٱنتَهَوْا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)


القول في تأويل قوله : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: وإن يعد هؤلاء لحربك, فقد رأيتم سنتي فيمن قاتلكم منهم يوم بدر, وأنا عائد بمثلها فيمن حاربكم منهم, فقاتلوهم حتى لا يكون شرك، ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له, فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض= وهو " الفتنة " (54) = " ويكون الدين كله لله "، يقول: حتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله خالصةً دون غيره. (55)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16076 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "، يعني: حتى لا يكون شرك.16077 - حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم, عن يونس, عن الحسن في قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " ، قال: " الفتنة "، الشرك.16078 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "، يقول: قاتلوهم حتى لا يكون شرك= " ويكون الدين كله لله "، حتى يقال: " لا إله إلا الله ", عليها قاتل نبي الله صلى الله عليه وسلم , وإليها دَعا.16079 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "، قال: حتى لا يكون شرك.16080 - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا مبارك بن فضالة, عن الحسن في قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "، قال: حتى لا يكون بلاء.16081 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " ، أي: لا يفتن مؤمن عن دينه, ويكون التوحيد لله خالصًا ليس فيه شرك, ويُخلع ما دونه من الأنداد. (56)16082 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "، قال: حتى لا يكون كفر= " ويكون الدين كله لله "، لا يكون مع دينكم كفر.16083 - حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبان العطار قال: حدثنا هشام بن عروة, عن أبيه: أن عبد الملك بن مروان كتبَ إليه يسأله عن أشياء, فكتب إليه عروة: " سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإنك كتبت إليّ تسألني عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة, وسأخبرك به, ولا حول ولا قوة إلا بالله. كان من شأن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة, أن الله أعطاه النبوة, فنعم النبيُّ ! ونعم السيد! ونعم العشيرة! فجزاه الله خيرًا، وعرّفنا وجهه في الجنة, وأحيانَا على ملته, وأماتنا عليها, وبعثنا عليها. وإنه لما دعا قومه لما بعثه الله له من الهدى والنور الذي أنزل عليه, لم يَبْعُدوا منه أوّلَ ما دعاهم إليه, (57) وكادوا يسمعون له، (58) حتى ذكر طواغيتهم. وقدم ناس من الطائف من قريش، لهم أموال, أنكر ذلك ناسٌ, واشتدّوا عليه, (59) وكرهوا ما قال, وأغروا به من أطاعهم, فانصفق عنه عامة الناس فتركوه, (60) إلا من حفظه الله منهم، وهم قليل. فمكث بذلك ما قدّر الله أن يمكث, ثم ائتمرت رؤوسهم بأن يفتنوا من اتبعه عن دين الله من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم, فكانت فتنةً شديدة الزلزال (61) , فافتتن من افتتن, وعصم الله من شاء منهم. فلما فُعِل ذلك بالمسلمين، أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى أرض الحبشة. وكان بالحبشة ملك صالح يقال له " النجاشي"، لا يُظلم أحد بأرضه, (62) وكان يُثْنَى عليه مع ذلك [صلاح] ، (63) وكانت أرض الحبشة متجرًا لقريش، يَتْجَرون فيها, ومساكن لتِجَارهم (64) يجدون فيها رَفاغًا من الرزق وأمنًا ومَتْجَرًا حسنًا، (65) فأمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب إليها عامتهم لما قُهِروا بمكة, وخاف عليهم الفتن. (66) ومكث هو فلم يبرح. فمكث ذلك سنوات يشتدُّون على من أسلم منهم. (67) ثم إنه فشا الإسلام فيها, ودخل فيه رجال من أشرافهم ومَنَعتهم. (68) فلما رأوا ذلك، استرخوْا استرخاءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه. (69) وكانت الفتنة الأولى هي أخرجت من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل أرض الحبشة، مخافتَها، وفرارًا مما كانوا فيه من الفتن والزلزال. فلما استُرْخي عنهم، ودخل في الإسلام من دخل منهم, تُحُدِّث باسترخائهم عنهم. (70) فبلغ ذلك من كان بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قد استُرْخِيَ عمن كان منهم بمكة، وأنهم لا يفتنون. فرجعوا إلى مكة، وكادوا يأمنون بها, (71) وجعلوا يزدادون، ويكثرون. وأنه أسلم من الأنصار بالمدينة ناس كثير, وفشا بالمدينة الإسلام, وطفق أهل المدينة يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة. فلما رأت ذلك قريش , تذامرَتْ على أن يفتنوهم ويشتدّوا عليهم, (72) فأخذوهم، وحرصوا على أن يفتنوهم, فأصابهم جَهْدٌ شديد. وكانت الفتنة الآخرة. فكانت ثنتين: فتنة أخرجت من خرج منهم إلى أرض الحبشة، حين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وأذن لهم في الخروج إليها= وفتنة لما رجعوا ورأوا من يأتيهم من أهل المدينة. ثم إنه جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من المدينة سبعون نقيبًا، (73) رؤوس الذين أسلموا, فوافوه بالحج, فبايعوه بالعقبة, وأعطوه عهودهم على أنّا منك وأنت منا, (74) وعلى أن من جاء من أصحابك أو جئتنا، فإنا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا. فاشتدت عليهم قريش عند ذلك. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يخرجوا إلى المدينة, وهي الفتنة الآخرة التي أخرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وخرج هو, وهي التي أنزل الله فيها: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " . (75)16084 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد, عن أبيه, عن عروة بن الزبير: أنه كتب إلى الوليد: ما بعد, فإنك كتبتَ إليّ تسألني عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة, وعندي، بحمد الله ، من ذلك علم بكل ما كتبتَ تسألني عنه, وسأخبرك إن شاء الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, ثم ذكر نحوه. (76)16085- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا قيس, عن الأعمش, عن مجاهد: قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ، قال: " يَسَاف " و " نائلة "، صنمان كانا يعبدان. (77)* * *وأما قوله: " فإن انتهوا "، فإن معناه: فإن انتهوا عن الفتنة, وهي الشرك بالله, وصارُوا إلى الدين الحق معكم (78) = " فإن الله بما يعملون بصير " ، يقول: فإن الله لا يخفى عليه ما يعملون من ترك الكفر والدخول في دين الإسلام، (79) لأنه يبصركم ويبصر أعمالكم، (80) والأشياء كلها متجلية له، لا تغيب عنه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين.* * *وقد قال بعضهم: معنى ذلك، فإن انتهوا عن القتال.* * *قال أبو جعفر: والذي قلنا في ذلك أولى بالصواب, لأن المشركين وإن انتهوا عن القتال, فإنه كان فرضًا على المؤمنين قتالهم حتى يسلموا.--------------------الهوامش :(54) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف : 486 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(55) وتفسير " الدين " فيما سلف 1 : 155 ، 156 6 :273 - 275 ، وغيرها في فهارس اللغة ( دين ) .(56) الأثر : 16081 - هذا نص ابن هشام في سيرته ، من روايته عن ابن إسحاق ، فأنا أكاد أقطع أن هذا الخبر ملفق من خبرين :أولهما هذا الإسناد الأول ، سقط نص خبره .والآخر إسناد أبي جعفر إلى ابن إسحاق، وهو هذا ، حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق في قوله:.. "، ثم هذا السياق الذي هنا، وهو نص ما في ابن هشام .انظر سيرة ابن هشام 2: 327، وهو تابع الأثر السالف رقم: 12074 .(57) في المطبوعة : " لم ينفروا منه " غير ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما في التاريخ .(58) في المطبوعة : " وكانوا يسمعون " ، غير ما في المخطوطة ، وهو مطابق للتاريخ .(59) في المطبوعة : " أنكر ذلك عليه ناس " ، زاد " عليه " ، وفي التاريخ : " أنكروا ذلك عليه " ، ليس فيه " ناس " .(60) في المطبوعة : " فانعطف عنه " ، غير ما في المخطوطة عبثًا ، وهو مطابق لما في التاريخ و " انصفق عنه الناس " ، رجعوا وانصرفوا . و " انصفقوا عليه " : أطبقوا واجتمعوا ، أصله من " الصفقة " ، وهو الاجتماع على الشيء . وإنما غير المعنى استعمال الحرف ، في الأول " عنه " ، وفي الأخرى " عليه " . وهذا من محاسن العربية .(61) في المخطوطة : " شدودة الزلزال " ، وهو سهو من الناسخ .(62) في المخطوطة : " لا يظلم بأرضه " ، وصححها لناشر وتصحيحه مطابق لما في التاريخ .(63) الزيادة بين القوسين من تاريخ الطبري .(64) قوله : " ومساكن لتجارهم " ، ليست في التاريخ ، وفي المطبوعة : " لتجارتهم " ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة ، وابن كثير .(65) في المطبوعة : " رتاعًا من الرزق " ، خالف المخطوطة ، لأنها غير منقوطة ، وهي مطابقة لما في التاريخ . و " الرفاغ " مصدر " رفغ " ( بفتح فضم ) ، وهو قياس العربية ، والذي في المعاجم " رفاغة " . يقال : " إنه لفي رفاغة من العيش " ، و " رفاغية " ( على وزن : ثمانية ) : سعة من العيش وطيب وخصب . و " عيش رافغ " .(66) في المطبوعة والمخطوطة : " وخافوا عليهم الفتن " ، والجيد ما أثبته من التاريخ .(67) في التاريخ : " فمكث بذلك سنوات " ، وهي أجود .(68) إلى هذا الموضع ، انتهي ما رواه أبو جعفر في تاريخه 2 : 220 ، 221، إلا أنه لم يذكر في ختام الجملة " ومنعتهم " .وقوله : " ومنعتهم " ( بفتحات ) ، جمع " مانع " ، مثل " كافر " و " كفرة " ، وهم الذين يمنعون من يرديهم بسوء .وانظر تخريج الخبر في آخر هذا الأثر .(69) " الاسترخاء " ، السعة والسهولة . " استرخوا عنهم " ، أرخوا عنهم شدة العذاب والفتنة .(70) في المطبوعة : " تحدث بهذا الاسترخاء عنهم " ، وفي المخطوطة هكذا : " تحددوا استرخائهم عنهم " ، وأثبت الصواب من تفسير ابن كثير .(71) من أول قوله : " فلما رأوا ذلك استرخوا ... " ، إلى هذا الموضع ، لم يذكره أبو جعفر في تاريخه ، ثم يروي ما بعده ، كما سأبينه بعد في التعليق .(72) في المطبوعة والمخطوطة : " توامرت على أن يفتنوهم " ، وأثبت ما في التاريخ . أما ابن كثير في تفسيره فنقل : " توامروا على أن يفتنوهم " . وفي المطبوعة وحدها : " ويشدوا عليهم " ، وأثبت ما في التاريخ وابن كثير .و " تذامر القوم " ، حرض بعضهم بعضًا وحثه على قتال أو غيره . و " ذمر حزبه تذميرًا " ، شجعه وحثه ، مع لوم و استبطاء .(73) في المطبوعة : " سبعون نفسًا " ، وفي المخطوطة ؛ " سبعين نفسًا " ، غير منقوطة ، والصواب ما أثبته من تاريخ الطبري ، وتفسير ابن كثير .(74) في المطبوعة والمخطوطة : " وأعطوه على أنا منك .. " ، سقط من الكلام " عهودهم " ، أثبتها من التاريخ ، وفي تفسير ابن كثير " وأعطوه عهودهم ومواثيقهم " .(75) الأثر : 16083 - " أبان العطار " ، هو " أبان بن يزيد العطار " ، وقد سلف شرح هذا الإسناد : 15719 ، 15821 ، وغيرهما إسناد صحيح .وكتاب عروة إلى عبد الملك بن مروان قد رواه أبو جعفر مفرقًا في تفسيره ، وفي تاريخه ، فما رواه في تفسيره آنفًا رقم : 15719 ، 15821 أما في تاريخه ، فقد رواه مفرقًا في مواضع ، هذه هي 2 : 220 ، 221 ، 240 ، 241 ، 245 ، 267 - 269 ثم 3 : 117 ، 125 ، 132 ، وعسى أن أستطيع أن ألم شتات هذا الكتاب من التفسير والتاريخ ، حتى أخرج منه كتاب عروة إلى عبد الملك كاملا ، فهو من أوائل الكتب التي كتبت عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .وهذا الخبر نفسه ، مفرق في موضعين من التاريخ 2 : 220 ، 221 كما أشرت إليه في ص : 443 تعليق : 1 ثم 2 : 240 ، 241.ونقله ابن كثير عن هذا الموضع من التفسير في تفسيره 4 : 61 ، 62 .ثم انظر التعليق على الأثر التالي .(76) الأثر : 16084 - " عبد الرحمن بن أبي الزناد " ، هو " عبد الرحمن بن عبد الله ابن ذكوان " ، مضى برقم : 1695 ، 9225 ، وقال أخي السيد أحمد أنه ثقة ، تكلم فيه بعض الأئمة . ثم قال : وقد وثقه الترمذي وصحح عدة من أحاديثه ، بل قال في السنن 3 : 59 : " هو ثقة حافظ " .وممن ضعف " عبد الرحمن بن أبي الزناد " ابن معين قال : " ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث ،ليس بشيء " . وقال أحمد: " مضطرب الحديث " ، وقال ابن المديني " كان عند أصحابنا ضعيفًا " ، وقال ابن المديني : " ما حدث به بالمدينة فهو صحيح ، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون " . وقال ابن سعد : " كان كثير الحديث ، وكان يضعف لروايته عن أبيه " .وأبوه " عبد الله بن ذكوان " ، أبو الزناد ، ثقة ، روى له الجماعة.وقد روى " عبد الرحمن بن أبي الزناد " ، أن الذي كتب إليه عروة ، هو " الوليد بن عبد الملك ابن مروان " ، والإسناد السالف أصح واوثق ، أنه كتب إلى " عبد الملك بن مروان " ، فأنا أخشى أن يكون هذا الخبر مما اضطربت فيه رواية " ابن أبي الزناد " ، عن أبيه .(77) " إساف " ( بكسر اللف وفتحها ) و " يساف " ( بكسر الياء وفتحها ) ، واحد . وقد مضى ذلك في الخبر : 10433 ، والتعليق عليه 9 : 208 ، تعليق : 1 .وكان في المخطوطة هنا : " ساف ونافلة " ، وهو خطأ محض .(78) انظر تفسير " الانتهاء " فيما سلف ص : 536 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(79) انظر تفسير " بصير " فيما سلف من فهارس اللغة ( بصر ) .(80) في المطبوعة : " يبصركم " ، والصواب من المخطوطة .

وَإِن تَوَلَّوْا۟ فَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَىٰكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ (40)


القول في تأويل قوله : وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإن أدبر هؤلاء المشركون عما دعوتموهم إليه، أيها المؤمنون من الإيمان بالله ورسوله، وترك قتالكم على كفرهم, فأبوا إلا الإصرار على الكفر وقتالكم, فقاتلوهم، وأيقنوا أنّ الله معينكم عليهم وناصركم (81) = " نعم المولى "، هو لكم, يقول: نعم المعين لكم ولأوليائه (82) = " ونعم النصير " ، وهو الناصر. (83)* * *16086 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " وإن تولوا " ، عن أمرك إلى ما هم عليه من كفرهم ، فإن الله هو مولاكم الذي أعزكم ونصركم عليهم يوم بدر، في كثرة عددهم وقلة عددكم= " نعم المولى ونعم النصير " . (84)* * *------------------------الهوامش:(81) انظر تفسير " التولي " فيما سلف ( 9 : 141 ) تعليق : ... ، والمراجع هناك .(82) انظر تفسير " المولى " فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .(83) انظر تفسير " النصير " فيما سلف 10 : 481 ، تعليق : 5 ، والمراجع هناك .(84) الأثر : 18086 - سيرة ابن هشام 2 : 327 ، مع اختلاف يسير في سياقه ، وهو تابع الأثريين السالفين : 16074 ، 16081 ، وانظر التعليق على هذا الأثر الأخير ، وما استظهرته هناك .

الصفحة السابقة الصفحة التالية